الحماس المُفرط لتكنولوجيا البطاريات الحديثة يصطدم بتحديات الواقع

بطاريات السيارات الكهربائية الحديثة لا تزال تواجه تحديات
بطاريات السيارات الكهربائية الحديثة لا تزال تواجه تحديات المصدر: غيتي إيمجز
Anjani Trivedi
Anjani Trivedi

Anjani Trivedi is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies in Asia. She previously worked for the Wall Street Journal.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في ظل تدفُّق مليارات الدولارات لصناعة السيارات الكهربائية، ينتظر المستثمرون بفارغ الصبر الإنجاز المقبل في تكنولوجيا البطاريات الذي من شأنه أن يرسِّخ التبني المستقبلي للمركبات الخضراء، ولكن ربما ينتظر المستثمرون طويلاً، نظراً لهول التحديات الفنية لصناعة بطاريات أفضل (وبالتالي مركبات كهربائية) حتى أنَّ التوقُّعات المرتبطة بهم أكثر انفصالاً عن أرض الواقع.

وتعدُّ مثل هذه الحماسة المُفرطة في غير محلها، فقد تكون تكاليف البطاريات، التي تشكِّل حوالي نصف تكلفة السيارة الكهربائية، انخفضت في الوقت الذي ارتفعت فيه كثافة طاقتها، مما يسمح للسيارات بالسير مسافة أطول، ولكن برغم هذه التحسينات، لم نقترب بأيِّ شكل من الأشكال من التكلفة المعقولة أو السلامة المضمونة أو حتى من تحقيق التوقُّعات المتفائلة في الأعوام الماضية.

تحديات أمام تكنولوجيا البطاريات الحديثة

وفي الواقع، يزداد تركيب البطاريات ذات التكنولوجيات الأقدم، والأكثر أماناً، والأرخص، في الوقت الذي تحاول فيه شركات صناعة السيارات ركوب موجة الإقبال على المركبات الكهربائية.

ويعدُّ المسار الواضح للبطاريات الأفضل أصعب وأطول من جميع التقديرات الوردية.

فقد أُجبرت التكنولوجيا مراراً على اللحاق بتوقُّعات المستثمرين، وفي الصين، أكبر سوق في العالم للسيارات الكهربائية، إذ تنمو المبيعات بقوة؛ شكَّل تركيب بطاريات (فوسفات الحديد- الليثيوم) المعروفة باسم (LFP) - التكنولوجيا الأشهر في العقد الماضي - 38% من السوق، بارتفاع من 33% العام السابق، وتتخلَّف تلك البطاريات عن الأنواع الأحدث بنسبة 30% فيما يتعلَّق بكثافة الطاقة.

وفي الحقيقة تعدُّ وحدات نقل الطاقة تلك معقَّدة للغاية، وحتى مع إحراز بعض التقدُّم الواعد، تظل عقبة التطبيق التجاري قائمة.

وأكبر تلك العقبات، هي تعزيز كثافة الطاقة ومعها السلامة، فكلما امتلكت البطارية طاقة، ازدادت المسافة التي تستطيع السيارة أن تقطعها، ولكنَّها أيضا تسرِّع وتيرة تدهور قدرة البطارية، وبالتالي تقصِّر عمرها، كما أنَّ العديد من البطاريات عالية الطاقة تتكوَّن من مكوِّنات كيميائية غير مستقرة، مما يجعلهم أكثر عرضة بشكل خطير للاشتعال.

وللتغلب على مثل هذه التحديات، تحاول الشركات صناعة بطاريات صلبة، التي تكون آمنة أكثر، وأرخص بالأخير، في حين تعتزم شركات آخرى تعزيز كثافة البطارية من خلال استخدام نيكل أكثر، وكوبالت أقل، وهي عملية مكلفة، وتواجه مشكلات اضطرابات المعروض.

تقدم محدود

ويعدُّ التقدُّم المحرز حتى الآن محدوداً، وفي الوقت نفسه، يعمل المستثمرون والمحللون على تحسين أجزاء البطارية الفردية، مثل الكاثود، والأنودات (المهبط والمصعد).

وعادة ما يُغَضَّ الطرف عن الجوانب السلبية لهذه التطورات التكنولوجية، فعلى سبيل المثال، تعدُّ بطاريات الحالة الصلبة التي يمكنها تخزين المزيد ذات كثافة طاقة منخفضة، مما يعني أنَّ قدرتها على توصيل الطاقة بطيئة، في حين أنَّ البطاريات ذات المحتوى العالي من النيكل تكون أقل استقراراً كيميائياً، وعلاوة على ذلك، من المعروف أنَّ بطاريات الحالة الصلبة تقوم ببعث معادن الكبريتيدات.

ولننظر إلى شركة "كوانتوم سبيس كورب"، الشركة الناشئة المدعومة من "فولكس واغن"، و"سوروس فاند ماندجمنت"، فهي تحاول صنع بطاريات صلبة أكثر سلامة، وأرخص من المعادن والليثيوم، وأعلنت مؤخراً أنَّها حقَّقت انجازاً تقنياً، ولكن لا يزال الإنتاج على نطاق واسع يتطلَّب التعامل مع مشكلات مثل كيفية صناعة بطاريات أكبر متعددة الطبقات خارج بيئة المختبر المتحكم فيها، ومنيت الشركة بخسارة صافية تبلغ 1.1 مليار دولار في 2020، وتستهدف أوَّل إنتاج تجاري في 2024.

وعود متفائلة من شركات السيارات

وتعدُّ تغذية شركات السيارات للضجة جزءاً من المشكلة كذلك، وعلى سبيل المثال، قالت شركة "نيو إنك" الصينية في يناير، إنَّها ستطرح بطاريات صلبة جاهزة للإنتاج ذات كثافة أعلى ونطاق يزيد على ألف كيلومتر (621 ميل) بنهاية العام المقبل، وهي إمكانيات متفائلة بالنظر إلى مكان "كوانتوم سبيس" وغيرها.

وفي الوقت نفسه، عادت "نيو" إلى البطاريات ذات محتويات النيكل الأقل بسبب "اعتبارات الأداء والتكلفة"، مثلما أشار المحللون في "غولدمان ساكس غروب" مؤخراً.

وبرغم التراجع في أسعار البطاريات، لا تزال التكاليف عالية، وتحاول الشركات رفع الإنتاج والسعة الإنتاجية، مما يعني المزيد من الاستثمار الرأسمالي، ومع ذلك، يصبح إجمالي الإنفاق الرأسمالي على السوق العالمية للمركبات الكهربائية التي تعمل ببطاريات الليثيوم أقل كفاءة وفقاً لمقياس الدولارات لكل كيلو وات ساعة، كما أنَّ ارتفاع أسعار السلع الرئيسية المكونة للبطاريات، مثل النيكل، والليثيوم، والكوبالت

لا يساعد على خفض تكاليف التطوير كذلك.

وبالرغم من كل التطورات التكنولوجية، وطرازات السيارات الكهربائية الجديدة التي تدخل السوق، هناك مسألة السلامة، فالسيارات تشتعل حرفياً.

وأعلنت شركة "هيونداي موتورز" مراراً عن حرائق ترتبط بالبطارية في مركبتها الكهربائية طراز "كونا" منذ طرحها في 2018، وسحبت سابقاً بعض السيارات لتحديث النظام، ولكنَّ بطارياتها اشتعلت أيضاً، والآن ستغيِّر الشركة أنظمة البطاريات في آلاف السيارات من هذا الطراز.

وعانت "تسلا" من مشكلات اشتعال البطاريات في الصين كذلك، على أنَّ شركة صناعة البطاريات ذكرت أن لا علاقة لها بالأمر.

وبالرغم من كل التقييمات الهائلة في السوق، ربما حان الوقت لإمعان النظر في وضع تكنولوجيا البطاريات.