"باراماونت+" تسعى لاستعادة إمبراطوريتها القديمة.. فهل تنجح؟

باراماونت+
باراماونت+ المصدر: فياكون
Tara Lachapelle
Tara Lachapelle

Tara Lachapelle is a Bloomberg Opinion columnist covering the business of entertainment and telecommunications, as well as broader deals. She previously wrote an M&A column for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

الأخبار السارة تقول إن خدمة بثّ فيديو أخرى تستحق الاشتراك فيها. و الأخبار السيئة هي أن خدمة بث فيديو أخرى تستحق الاشتراك فيها.

وسيتحول تطبيق "سي بي إس أول أكسس" (CBS All Access) في 4 مارس، إلى "باراماونت+" (Paramount+)، وهي خدمة تشبه "نتفلكس" (Netflix) إلى حد كبير تقدّمها شركة "فياكوم سي بي إس" (ViacomCBS Inc). وتتمتع هذه الخدمة بميزة إضافية تتمثل في بثّ الأخبار، والمباريات الرياضية الحية. وخلال عرض تقديمي للمستثمرين مساء الأربعاء الماضي، قالت الشركة إن تكلفة النسخة الخالية من الإعلانات ستبقى عند مبلغ 9.99 دولاراً شهرياً، في حين ستُقدَّم خطة مدعومة بالإعلانات في يونيو مقابل 4.99 دولار شهرياً.

ويأتي هذا التطبيق تتويجاً لإتمام لمّ الشمل الدرامي بين "فياكوم" و"سي بي إس"، الذي كان محفوفاً بالاقتتال الداخلي بين الشركتين، وفضيحة "أنا أيضاً" (#MeToo)، والمشهد التليفزيوني المتغير بسرعة، الذي بدا في بعض الأحيان أنه سيترك أصحاب البرامج في وضع لا يُحسدون عليه.

وانضمّت شركتا "فياكوم" و"سي بي إس" معاً مرة أخرى في أواخر عام 2019. وبسبب تلك الصفقة، تمتلك "باراماونت+" نطاقاً واسعاً من البرامج التي تحتاج إليها لتتمكن من المنافسة ضدّ شركات مثل "نتفلكس" (Netflix Inc)، وخدمة "ديزني+" (Disney+) التي تقدّمها شركة "والت ديزني" (Walt Disney Co)، وخدمة "إتش بي أو ماكس" التي تقدّمها شركة "إيه تي آند تي" (AT&T Inc).

تحوُّل ملحوظ

ويُعَدّ هذا تحولاً ملحوظاً لـ"باراماونت" نفسها. ومن خلال تسمية الخدمة الجديدة باسم استوديو صناعة الأفلام العريق، تأمل قيادة شركة "فياكوم سي بي إس" أن يساعدها اسم "باراماونت" العالمي وشعارها الأيقوني -الجبل المتوج بالنجوم- على اللحاق بركب منافسيها بسرعة أكبر. وما من شكّ في أن "باراماونت" حقّقت الشهرة من خلال إنتاجها برامج حصدت نجاحات ساحقة مثل إصدارها فيلم "تايتانيك" (Titanic) عام 1997، في حين كافحت في العقد اللاحق كأصل سيئ الإدارة وغير محبوب في "فياكوم"، لدرجة أن رئيسها التنفيذي السابق حاول بيع جزء من الاستوديو. وتُعَدّ "باراماونت" الآن الركيزة الأساسية لاستراتيجية البثّ لدى الشركة التي تبلغ قيمتها 40 مليار دولار. وفي هذا الصدد قالت رئيسة مجلس الإدارة "شاري ريدستون": "هذه ليست شركة "فياكوم" الخاصة بوالدك، وكذلك ليست شركة والدي أيضاً"، إذ إن والد شاري ريدستون هو الراحل سومنر، الذي توُفّي في شهر أغسطس عن عمر ناهز 97 عاماً، اشتهر بكونه صانع الصفقات الجريء الذي جمع كل هذه الأعمال منذ فترة طويلة وفككها لاحقاً (ومن هنا نُشير إلى لمّ شملها مجدداً).

شكوك حول المنافسة

وطوال العرض التقديمي يوم الأربعاء، ركّز الشعار حول امتلاك "باراماونت+" لـ"جبل من المحتوى"، إذ قال الرئيس التنفيذي بوب باكيش: "هل تتساءلون عن حجم هذا الجبل؟ إنه أكبر بكثير مما تعتقدون". وهو محق بذلك، إذ تشير مجموعة برامج "فياكوم سي بي إس" الواسعة، ونذكر منها "إم تي في" (MTV)، و"نيكلوديون" (Nickelodeon)، و"كوميدي سنترال" (Comedy Central)، و"بت" (BET)، وأخبار "سي بي إس"، وبرامج تليفزيون الواقع، والرسوم المتحركة، ومباريات الدوري الوطني لكرة القدم، وما إلى ذلك، إلى أنها تشبه شركات مثل "ديزني" أكثر من شبهها بالشبكات المتخصصة الأصغر التي تجتمع معها في كثير من الأحيان خلال مناقشات الصناعة.

وعلى عكس "إيه إم سي نيتوركس" (AMC Networks Inc)، و"ديسكفري" (Discovery Inc)، و"فوكس" (Fox Corp)، تقدم "فياكوم" شيئاً للجميع. ولكن بالنظر إلى أساس القيمة السوقية، فلا يزال حجمها أقرب إلى أي من هذه الكيانات الصغيرة وبعيداً عن شركات مثل "ديزني" التي تبلغ قيمتها 358 مليار دولار، أو "نتفلكس" التي تبلغ قيمتها 245 مليار دولار، مما يعكس شكوك عديد من المستثمرين حول إمكانية ازدهار "فياكوم سي بي إس" في خدمة البث. وليس من المفيد أن يكون هذا أحد مخططات "فياكوم سي بي إس" التي قدمتها يوم الأربعاء.

وإذا كانت توقعات "باراماونت+" الخاصة بالشركة تتوقف على دفع الأسر لمقابل خمس خدمات بثّ أو أكثر في وقت واحد، فستلاقي مصيراً آخر، إلا أن تقييمي المبكر لـ"باراماونت+" هو أنه لا شيء يمنعها من أن تكون بديلاً مناسباً لبعض الخدمات الأخرى الموجودة في حال استمرت في إضافة مواد جذابة.

موقف شوتايم

من ناحية أخرى، كان الكشف عن "باراماونت+" مليئاً بالحنين إلى الماضي، إذ تعمل الشركة على توسيع امتياز "ستار تريك" (Star Trek)، وإعادة إبراز البرامج المفضلة القديمة مثل "فريجر" (Frasier)، و"آي كارلي" (iCarly)، و"ذا ريل وورلد" (The Real World). ويبقى استوديو تليفزيون "باراماونت" جوهرة التاج التي قد تحدّد في النهاية عدد الأشخاص الذين يشتركون في التطبيق ويلتزمونه. وحتى الآن كان نهج شركة "فياكوم سي بي إس" يتمثل في بيع أعمالها لمن يدفع أعلى سعر، وذلك جزئياً لمساعدة الشركة على الخروج من وضع مالي كان محفوفاً بالمخاطر. وعلى هذا النحو فإن "باراماونت" هو الاستوديو الذي يقف وراء عديد من العروض الناجحة التي تُعرَض عبر الخدمات الأخرى، بما في ذلك "13 ريزونز واي" (13 Reasons Why)، و"إيميلي إن بارس" (Emily in Paris) على "نتفلكس"، و"جاك رايان" (Jack Ryan) على "أمازون برايم فيديو" (Amazon Prime Video). وحاليّاً، ستنشئ شركة "باراماونت" سلسلة حصرية لتطبيقها الخاص، وهذا أمر واعد.

لهذا فمن المخيب للآمال أيضاً أن "فياكوم سي بي إس" تُبقي "شوتايم" (Showtime) خدمة منفصلة. وأظن أنه ليس من المجدي حتى الآن أن تتخلى الشركة عن رسوم الاشتراك المنفصلة التي يدفعها مستخدمو "شوتايم"، كما أنها تحمي إطلاق "باراماونت+" –المحتمَل أن يكون غير ناجح– من تآكل قيمة أصل "شوتايم". ولكن يمكن للمرء أن يتصور تطوير عرض واحد يجمع "باراماونت+" و"شوتايم"، يكون جذاباً لبعض المستخدمين بقدر جاذبية "نتفلكس".

استعادة الإمبراطورية

وعلى عكس شركة "وارنر براذرز" (Warner Bros) التابعة لشركة "إيه تي آند تي"، التي تعرض جميع أفلامها هذا العام على "إتش بي أو ماكس" في نفس اليوم الذي تصل فيه إلى دور السينما، فإن "باراماونت+" ليست مستعدة تماماً للتخلي عن شباك التذاكر. فمن المقرَّر عرض الجزء الثاني من فيلم "أكوايت بليس، الجزء الثاني" (A Quiet Place, Part II) في دور السينما في شهر سبتمبر، وسيُضاف إلى "باراماونت+" بعد 45 يوماً. والشيء نفسه ينطبق على فيلم "ميشن إمبوسيبل" (Mission Impossible) القادم في شهر نوفمبر. ولكن مرة أخرى، إذا حققت "باراماونت+" أهداف المشتركين أو تجاوزتها، فإن هذه السياسة قد تتغير.

وتخطّط "فياكوم سي بي إس" لامتلاك ما يصل إلى 75 مليون عميل في خدمة البثّ على مستوى العالم بحلول عام 2024، بما في ذلك من تطبيق "بلوتو تي في" (Pluto TV) الذي أصبح رائداً في البثّ المجاني. كما تتوقع الشركة أكثر من 7 مليارات دولار من الإيرادات المتدفقة من الإعلانات ورسوم الاشتراك بحلول عام 2024، صعوداً من 2.6 مليار دولار العام الماضي، مع زيادة استثماراتها السنوية في البرمجة من مليار دولار إلى 5 مليارات دولار.

وقال سمنر ريدستون ذات مرة وهو يستمتع بنجاحه بشراء "باراماونت" بعد جهد جهيد: "هذه الصفقة التي يسمّونها (صفقة من الجحيم)، أصبحت صفقة رائعة". وبعد عقدين من الزمان، ما زالت المسألة مطروحة للنقاش، ولكن من المحتمل أن تنجح "باراماونت" في استعادة الإمبراطورية التي بناها هو فيما مضى.