بعد ارتفاع عوائد السندات الأمريكية.. البنوك المركزية تسعى لتهدئة المستثمرين

وفي الوقت الذي تتجه الأسواق إلى تسعير أصولها على أساس توقعات ارتفاع التضخم والفائدة، ترى البنوك المركزية الرئيسية الممثلة في الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك انكلترا ضرورة استمرار التيسير لفترة طويلة لحين تعافي الاقتصادات تدريجياً. في إشارة إلى تزايد احتمالات ذلك الصراع خلال الأسبوع الجاري.
وفي الوقت الذي تتجه الأسواق إلى تسعير أصولها على أساس توقعات ارتفاع التضخم والفائدة، ترى البنوك المركزية الرئيسية الممثلة في الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك انكلترا ضرورة استمرار التيسير لفترة طويلة لحين تعافي الاقتصادات تدريجياً. في إشارة إلى تزايد احتمالات ذلك الصراع خلال الأسبوع الجاري. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سارعت البنوك المركزية حول العالم من آسيا إلى أوروبا لتهدئة الأسواق التي أصابها القلق، على أثر ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأعلى مستوى على مدار عام، الأمر الذي دفع صانعي السياسات النقدية إلى الإعلان عن شراء المزيد من السندات، والتلميح بتدخلات مباشرة لوقف الارتفاعات.

وأعلن بنك الاحتياطي الأسترالي عن مشتريات لسندات بما يفوق ملياري دولار، دون الإعلان عن جدول زمني، في الوقت الذي أعلنت فيه كوريا الجنوبية عن خطط لشراء السندات خلال الأشهر القليلة المقبلة.

كما قالت إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، إن البنك قد يحتاج لمزيد من التحفيز، إذا تسببت زيادة عوائد السندات في إبطاء معدلات النمو.

وقد نجحت استجابة البنوك المركزية في تهدئة مستثمري السندات، ولكن من غير المرجح أن تلتئم الفجوة بين المتداولين والبنوك المركزية حول توقعات التعافي الاقتصادي، وهو ما يثير قلق صانعي السياسات النقدية بشأن التضخم الناتج عن التحفيز، وانعكاس ذلك على التداولات، فيما يعرف بزخم تداولات الانكماش المنتشرة بالفعل في كافة الأسواق في الوقت الحالي، حيث تتخوف البنوك المركزية من أن تنتقل تلك الحالة إلى الاقتصادات التي لم تتعافى بعد، من تداعيات جائحة كورونا.

وقال فينشو فاراثان، رئيس قسم الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي في بنك ميزوهو في سنغافورة: "نحتاج إلى السيطرة على التضخم الناتج عن التحفيز لذلك تسعى البنوك المركزية إلى وقف الارتفاع الحاد في العوائد". وأضاف:

مصداقية البنوك المركزية على المحك، فإذا كانوا يريدون الحفاظ على سياسة للتكيّف مع الأوضاع الحالية عليهم اتخاذ ما يلزم جراء الأسواق التي يخرج أدائها عن السيطرة

محاولات وقف ارتفاع عوائد السندات

في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بادر بنك الاحتياطي الأسترالي لوقف ارتفاع عوائد السندات، وهو ما يسعى إليه بنك اليابان أيضاً. حيث قدم الاحتياطي الأسترالي عرضاً لشراء سندات بقيمة 3 مليارات دولار أسترالي (2.4 مليار دولار) لوقف بيع السندات، الأمر الذي أدى إلى محو مكاسب عائد السندات الأسترالية لأجل 3 سنوات، كما انخفضت عوائد سندات الخزانة من أعلى مستوياتها عند 1.6%، والتي سجلتها ليلة الخميس، وسط إقبال كبير من المستثمرين الآسيويين.

في المقابل، لم يتخذ بنك اليابان أي إجراء، واكتفى تارو آسو، وزير المالية بالتحذير من ارتفاع العائد القياسي بضع نقاط أساس أعلى عن المستهدف، الذي أعلن عنه البنك المركزي. وقال آسو:

المهم بالنسبة لنا عدم حدوث قفزات مفاجئة في العوائد ارتفاعاً أو هبوطاً. نحن بحاجة إلى التأكد من عدم فقدان ثقة الأسواق لإدارتنا للأوضاع المالية

بينما قال لاحقاً، هاروهيكو كورودا محافظ بنك اليابان، إن البنك لن يغير المعدَّل المستهدف بشأن عوائد السندات في الوقت الذي يسعى فيه إلى الإبقاء على منحنى عائد السندات الحكومية منخفضاً.

في أوروبا، ارتفع عائد السندات الألمانية يوم الجمعة، بينما انخفض عائد سندات أجل 30 عاماً ستة نقاط أساس لتصل إلى 0.19%، بينما عكست السندات الإيطالية الاتجاه، وارتفعت عند بدء التداولات، فيما انخفض عائد سندات أجل 10 سنوات نقطة أساس واحدة لتصل إلى 0.79%.

وتتزامن تلك التحركات مع تصعيد مسؤولي البنك المركزي الأوروبي من تصريحاتهم التي تنتقد تفاؤل السوق المفرط بشأن تعافي اقتصاد منطقة اليورو.

وقال شنابل المسؤول عن عمليات السوق المفتوحة لدى البنك المركزي الأوروبي: "ارتفاع المعدّلات الحقيقية للعوائد طويلة الأجل في مرحلة مبكرة من التعافي بما يعكس تحسُّن التوقعات في المستقبل، قد يدفع إلى إيقاف سياسة الدعم الحيوية للاقتصاد في وقت مبكر وبشكلٍ مفاجئ، رغم استمرار حالة ضعف الاقتصاد". وأضاف شنابل: "يجب على الحكومة مواصلة السياسات الداعمة للاقتصاد".

وأشار كي يامازاكي، مدير صناديق استثمار في شركة "سوميتومو ميتسوي" لإدارة الأصول ومقرها طوكيو، إلى أن البنوك المركزية حول العالم ستسعى إلى احتواء أي زيادة في عوائد السندات مجدداً.

وقال يامازاكي: "قَبِلَ مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بارتفاع العوائد الأخير، لكن حالة السوق الحالية التي يسيطر عليها حالة من عدم الرغبة في تحمل المخاطر، قد تدفعهم إلى إطلاق التصريحات التي تهدأ من السوق".

موجز لسوق السندات

- انخفاض عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات 4 نقاط أساس إلى 1.48%

- انخفاض عوائد سندات الخزانة الأسترالية أجل 3 سنوات نقطة أساس واحدة إلى 0.12%

- ارتفاع عائد سندات الخزانة اليابانية لأجل 10 سنوات إلى 0.175% مسجلاً أعلى مستوى منذ يناير 2016، عندما أعلن بنك اليابان عن أسعار فائدة سلبية.

- انخفاض عائد السندات الألمانية لأجل 30 عاماً 6 نقاط أساس إلى 0.19%.

إلى متى سيستمر البيع؟

يبقى السؤال الأكثر أهمية لغالبية المستثمرين، إلى أي مدى سيستمر البيع؟ فلم يكن يتوقع الكثيرون في وول ستريت تجاوز عوائد سندات الخزانة 1.5% بسرعة كبيرة. في الوقت الذي تؤدي فيه كل موجة إلى الإسراع لوقف الخسائر وتحفيز عمليات البيع على المكشوف.

وفي الوقت الذي تتجه الأسواق إلى تسعير أصولها على أساس توقعات ارتفاع التضخم والفائدة، ترى البنوك المركزية الرئيسية الممثلة في الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا ضرورة استمرار التيسير لفترة طويلة لحين تعافي الاقتصادات تدريجياً. في إشارة إلى تزايد احتمالات ذلك الصراع خلال الأسبوع الجاري.

وقال جون بيرس، كبير مسؤولي الاستثمار في "يونسبور مانجمنت" ومقرها سيدني: "البيع يولد المزيد من البيع. ولا يبدو أن الأمر سيتوقف على المدى القصير".