كيف تمنع عائلتك من تدمير ثروتك؟.. إليك بعض النصائح

الميراث قد يسبّب مشكلات بين الأبناء، ومن الضروري ترتيب هذه الأمور مبكّراً
الميراث قد يسبّب مشكلات بين الأبناء، ومن الضروري ترتيب هذه الأمور مبكّراً المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا تكون الثروة عادةً أحد الأمور المثيرة للمشكلات في العائلات، لكن الجشع يمكنه أن يدمّر عائلات بأكملها، وسواء كانت الصراعات متعلقة بميراث، أو مجرد خلافات حول كيفية استثمار المال، فإن الألم والغضب يتعاظمان عندما يتورط في الأمر عدد من الأقارب.

ويمكن أن تثير الخلافات المتعلقة بالشؤون المالية، مشكلات لا حصر لها في مختلف الأوساط الاجتماعية، وذلك حتى في الأسر التي لا يمكن وصفها بالمفكَّكة.

وفي استطلاع أجرته مؤسسة "أميريبرايس فاينانشيال" (Ameriprise Financial) في عام 2017، قال نحو 15% من الأشقاء إنهم تورطوا في صراعات تتصل بقضايا مثل الإرث وتحقيق العدالة المالية.

وأمثلة القضايا المالية العائلية كثيرة، منها تلك المتعلقة بالكاتبة الأمريكية بروك أستور، حين أُدينَ ابنها الوحيد باختلاس الملايين من ممتلكاتها بعد أن منح نفسه الحق في الحصول على علاوة بمقدار مليون دولار، مقابل إدارة أموال والدته التي كانت تعاني مرض ألزهايمر.

ومن القضايا الأخرى أيضاً، كانت تلك الخاصة بوريثة مراهقة تُدعى "بريتزكر"، رفعت دعوى قضائية ضد والدها وأسرتها الأوسع نطاقاً، متهمة إياهم بسرقة صناديقها الائتمانية.

وفي شهر فبراير من عام 2021 فقط، حُكم على اثنين من المستشارين الماليين في مؤسسة "جيه بي مورغان" بسبب مخالفات ارتكباها خلال إدارتهما أموال جدَّتهما، بيفرلي شوتنستاين، التي تزيد ثروتها على 80 مليون دولار. وذكر أحد الأقارب أن المشكلات المثارة في العائلة هي نتاج "سموم الثروة الموروثة".

التواصل مهمّ جدّاً

مع ذلك، لا يجب أن تتخذ الأمور دائماً المنحى ذاته، فبعض العثرات الواضحة يمكن تجنبها، للموازنة بين إدارة المال والعائلة.

ويُعتبر التواصل أمراً مهمّاً بشكلٍ خاصّ في الوقت الحالي، إذ نعيش خلال فترة الوباء الصعبة، وفي ظلّ انعزال عديد من كبار السن في المنازل. وهم يمثلون الفئة الأكثر عرضة للاستغلال المالي.

ومع أنه قد يصعب على الآباء والأبناء البالغين التحدث عن تخطيط الممتلكات مستقبلاً، فإن هذا الحديث قد يجنّب العائلة كثيراً من الصعاب المستقبلية. ويُفضَّل دائماً التعامل مع التوترات بمرحلة مبكرة، وقبل أن تؤدي إلى تمزيق العائلة لاحقاً.

وبالتأكيد ليس من السهل إثارة موضوع تخطيط إدارة الممتلكات بعد الوفاة مع أحد أحبائك، لكن محاولة أن تكون استباقياً في التخطيط تُعَدُّ وسيلة للحدّ من القلق والمعاناة في المواقف التي يزداد بها مستوى التوتر بالفعل، مثل دخول أحد الوالدين في غيبوبة أو تشخيص إصابته بمرضٍ ما أو وقوعه ضحية لحادثة.

لذا إليك بعض الطرق التي يمكن اتّباعها لمحاولة التحدث مع أحبائك عن الترتيبات المالية المستقبلية:

من المؤكد أن هذا النوع من المحادثات سيُساعدك على وضع توقعات واقعية، وتجنُّب أي مفاجآت غير مرغوبٍ فيها في ما بعد.

فقد قال أكثر من نصف المشاركين في استطلاع أجرته شركة "تشارلز شواب كوربوريشن" (Charles Schwab Corp) عام 2018، إنهم يتوقعون أن يترك لهم آباؤهم ميراثاً، إلا أن بيانات جُمعت من 1989 إلى 2007 أظهرت أن 21% فقط من الناس، في المتوسط، حصلوا بالفعل على ميراث، أياً كان نوعه.

وفي هذا الإطار، نذكر هنا بعض الأسباب التي يمكن أن تتسبب في انقسام العائلات بسبب الخلافات المالية، بالإضافة إلى بعض طرق الوقاية من حدوث ذلك.

قريبي مدير أموالي

من الطبيعي أن ترغب في مساعدة ابن أو ابنة أخ/أخت أو حفيد عندما يبدؤون مشروعاً ما. لكن إذا كان هذا المشروع في مجال الخدمات المالية، فإن فكرة أن تصبح عميلاً لديهم، قد تتحول إلى كارثة، وذلك حسب المخطّط المالي تيموثي سوبوليسكي، رئيس مركز التخطيط المالي في "أمهيرست" بنيويورك.

ويقول سوبوليسكي: "في أحيان كثيرة، على سبيل المثال، يحصل الشاب على وظيفة في مجال التأمين على الحياة، وهو مجال يرتفع فيه معدل استبدال الموظفين باستمرار، مع توفير قليل من التدريب المناسب".

وأضاف: "غالباً ما يميل هؤلاء الأشخاص إلى إتمام الصفقات التي يكون لهم حصة أو علاقة بها، وذلك لأن هذا هو ما تعلموه، أو ربما لأنهم يحتاجون إلى تحقيق نسبة مبيعات معينة للحفاظ على مستحقاتهم أو حتى وظائفهم".

وبالتأكيد، حال هذا المجال ليس أفضل حالاً بكثير من عالم الوساطة، وفقاً لما قاله سوبوليفسكي.

ففي حين أن تمتع أحد أفراد العائلة بخبرة وموثوقية كمستشار مالي قد يكون نعمة كبيرة، فإن إيجاد طرف محايد لإدارة أموال العائلة، قد يكون حجر أساس في منع النزاعات.

وفي كلتا الحالتين، ننصح باختيار مستشار يتّسم بالأمانة، وممن يدركون أن عليهم وضع مصالح العميل قبل مصالحهم الشخصية عند إسداء مشورة أو إدارة المحافظ الاستثمارية.

ويقول ديفيد فوستر، المستشار المالي ومؤسس شركة "غيت واي ويلث مانجمنت" (Gateway Wealth Management) في سانت لويس، إنه في حال عيّنت أحد أقاربك لإدارة أموالك، فعليك التزام تذكُّر هذه القاعدة الأساسية: لا تعتمد على أي شخص ستشعر بعدم الارتياح في حال اضطرارك إلى تسريحه، وأحياناً عليك التفكير في حجز استشارة واحدة فقط".

وأوضح فوستر السبب الكامن خلف هذه النصيحة، قائلاً: "بهذه الطريقة، لن تشعر بأي شعور مُؤذٍ أو تضرّ بمحفظتك الاستثمارية، في حال قررت عدم العمل مع هذا الشخص بصفة مستمرة".

مشاركة في المراقبة

ومن المؤكد أن أحد أفضل السُّبل التي يمكن اتباعها للتصدي للاستغلال المالي المُحتمَل لكبار السن المستضعفين، هو التأكد من حصولهم على فريقٍ موثوق به من العائلة والمستشارين الذين يعملون معاً كنظام متوازن، حسبما تقول إليزابيث لووي، التي كانت المدعي العام في قضية الكاتبة بروك آستور، باعتبارها رئيسة وحدة إساءة معاملة المسنين في مكتب المدعي العام في مانهاتن.

وقالت لووي: "معظم القضايا التي أحيلت إلى وحدتي، إذا لم يأتِ من ضباط الشرطة، فإنه يكون من أفراد الأسرة، أو من المحاسب القانوني المعتمد للعائلة، أو محامٍ مدني، لكن ليس من أحد البنوك".

وأوضحت لووي، التي شاركت في تأسيس خدمة مراقبة الحسابات "إيفرسيف" (EverSafe): "كلما زاد عدد الأشخاص الذين يمكنك مشاركتهم في مراقبة ممتلكاتك، كان ذلك أفضل".

وتأكد أيضاً من أهمية أن تكون على دراية بالمكان الذي فيه الحسابات المالية لوالديك. وتنصح بأن تطلب أيضاً إضافتك كجهة اتصال موثوقة يمكن للبنك التواصل معها، دون خرق قوانين الخصوصية، إذا اشتبهوا في حدوث حالة احتيال في حساب أحد الوالدين، أو شعروا بالقلق إزاء أي قصور محتمل.

مراقبة الإنفاق ومنع الاستغلال

كلما تقدمنا في العمر، كان اتخاذ القرارات المالية أصعب، ولو لم يكن ذلك واضحاً. وقد تلاحظ كتابة أحد الآباء المسنين شيكات متعددة لنفس المؤسسة الخيرية، أو أن يشتري بشكلٍ متكرر المكملات الغذائية نفسها عبر الطلب البريدي. بالتالي قد تشعر بضرورة المساعدة على إدارة حسابات أحد الوالدين لمنع استنزافهم مالياً.

ويقول جيفري كونكلر، الشريك في شركة "كارلايل باتشين آند ميرفي" (Carlile Patchen & Murphy) ومقرها مدينة كولومبوس بولاية أوهايو، إن والدة أحد عملائه كانت تُستغل بطريقة وحشية، فقد كانت تكتب شيكات بعشرات الآلاف من الدولارات لمنظمات بدت كأنها جمعيات خيرية، لكنها لم تكن كذلك.

ولحماية والدتها من المخادعين، حوّلت الابنة، التي تمتلك توكيلاً رسمياً، بعض أموال والدتها إلى صندوق ائتماني بإمكان الأم الاستفادة منه. ويتم استخدام هذا المال في تغطية تكاليف الرعاية الصحية للأم، لكنها لا تستطيع كتابة أي شيكات على الحساب.

ويوصي المستشارون الماليون أيضاً بالحصول على ما يسمى "توكيلاً رسمياً دائماً"، بخاصة أن صلاحية التوكيل العادي الخالي من هذا التصنيف تنتهي بمجرد أن يصبح شخص ما غير كفء من الناحية العقلية، لكن التوكيل الدائم مستمرّ ووجوده ليس مرهوناً بأي شيء.

تجنب المشكلات بين الأشقاء

في بعض الأسر، يحصل أحد الأشقاء على دعم مستمر من الوالدَين في أثناء حياتهما. لذا قد يشعر البقية بأن شقيقهم لا يجب أن يحصل على حصة متساوية معهم من الميراث بعد وفاة الوالدين، فيما قد يساهم شقيق آخر من وقته وجهده بحصة أكبر في رعاية الوالدين المسنين، في حين يقدّم الآخرون قليلاً من وقتهم لذلك. وفي حين قد يؤدّي أحد الأشقاء دوراً جيداً منفّذاً للوصية، فقد لا يرغب شخص آخر في المشاركة، أو يشعر بعدم ملاءمته للمهمة.

ولتجنب الاستياء، يمكن للوالدين اللجوء إلى محامٍ معنيّ بتقسيم الميراث لتسوية الأمور تماماً، أو لشرح أسباب عدم تساوي الأوضاع للأبناء.

ورغم أن بعض الأسر تعتبر الأشقاء في أحيان كثيرة منفّذين مشاركين لتجنب تفضيل شخص على آخر، أو اختيار الأكبر سنّاً لهذه المهمة، ينبغي العلم أن أحد الأشقاء قد لا يمتلك المهارات أو المزاج المناسب لهذا الدور.

لذلك اختر الابن الذي تتناسب مهاراته مع المهمة، مع إيضاح سبب ذلك. تقول ميليسا وايز، مستشارة الثروة في مكتب "ريجنت أتلانتيك" (RegentAtlantic) في موريستاون بولاية نيوجيرسي: "كونك منفّذاً للوصية قد يشكل أمراً هامّاً، لذا إذا لم يؤدِّ شخص مهامه المطلوبة، فقد تعتقد أنك تقدّم معروفاً بجعله منفّذاً للوصية. لكن هذه الخطوة قد لا تتسبب إلا في مزيد من المتاعب في النهاية".

وعلى الأسر محاولة الاتفاق على تقسيم المهامّ العائلية بين أبنائها، بدءاً من الأعمال العاطفية والجسدية والعقلية والمالية، فقد يتعامل أحد الأشقاء مع قضايا الرعاية الصحية، فيما يتعامل الآخر مع الشؤون المالية، ويمكن لآخَر تكريس حبه ووقته لأحد الوالدين، أو تقديم أنواع أخرى من الدعم.

قوة التوكيل الرسمي

أما الأقارب الذين يعتمدون عليك مالياً، فقد يكون في المصالح تضارب بينك وبينهم إذا مُنحوا توكيلاً رسمياً لإدارة أموالك وعمِلَ أحدهم ممثلاً قانونياً لك خلال حياتك، كما أن الرعاية الباهظة الثمن التي قد تحتاج إليها قد تعني أموالاً أقلّ بالنسبة إليهم عند وفاتك.

وهذا يعني أنك قد ترغب في اختيار شخص مستقلّ مالياً عنك، وذلك وفقاً لتوصيات ويز، التي قالت أيضاً: "ستحصل على نصيحة أكثر موضوعية من الخارج، كما أن هذا الشخص بالتحديد لن يعتمد على الميراث من أموالك لتمويل تقاعده، وبالتالي سيقدّم لك رعاية عالية الجودة إذا كنت بحاجة إليها".