مفاجأة.. قيود الصين على "اَنت" ليست وليدة اللحظة

"اَنت" تواجه قيود تنظيمية أكثر صرامة من السلطات الصينية
"اَنت" تواجه قيود تنظيمية أكثر صرامة من السلطات الصينية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لم تكن القيود التي فرضتها الصين على شركات التكنولوجيا المالية، والتي أعاقت طرح أسهم"آنت غروب كو" مفاجئة للعاملين بالقطاع، إذ إنها كانت قيد الدراسة منذ سنوات، وفق ما قالته مدير تنفيذي في أكبر شركة تأمين صينية من حيث القيمة السوقية.

ومثلها مثل "آنت"، كانت شركة "بينغ أن أنشورانس غروب" في خِضَم التخطيط لطرح وحدة تكنولوجيا مالية تابعة لها عندما بدأ المشرعون سن مجموعة من القواعد لاحتواء قطاع الإقراض عبر الإنترنت المزدهر، ونجحت في إدراج وحدتها التابعة "لوفاكس هولدينغ ليمتد" في بورصة نيويورك قبل أيام من الكشف عن الضوابط الكاسحة في نوفمبر، والتي تلاها مباشرة التعليق المفاجئ لطرح "آنت".

وقالت جيسيكا تان، المدير التنفيذي المشارك لشركة "بينغ آن" في مقابلة، رغم أن خطوات تشديد التنظيمات دفعت المستثمرين للتخلص من أسهم التكنولوجيا المالية الصينية، وقادت إلى تخفيضات عميقة في التقييمات، فإن اللاعبين في القطاع رؤوها قادمة.

وتبلغ تان من العمر 43 عاماً، وتشرف على وحدات التكنولوجيا في "بينغ آن" بما فيهم "لوفاكس" و "وإن كونكت فاينانشال تكنولوجي كو".

وقالت تان خلال زيارة لبلدها الأم سنغافورة: "لم يُلْقِ المشرعون الصينيون التنظيمات علينا فجأة، ويقولون هذا ما سنفعله، وكل تنظيم تم الإعلان عنه لم يكن مفاجئاً لأي أحد منا، بما في ذلك "آنت" التي تعرف هذه التنظيمات أيضاً".

ورغم التحذيرات، شعر المستثمرون والبنوك العالمية بالمفاجأة، عندما أوقفت السلطات طرح "آنت" بقيمة 35 مليار دولار، عشية الطرح، وأشاروا إلى تغيّر البيئة التنظيمية، وخلق الطرح الأولي للجمهور نوبة جنون، وفاقت طلبات الاكتتاب 3 تريليون دولار، وتم تداول الأسهم في السوق الموازية بعلاوة 50% عن سعر طرحها الرسمي.

ويتعين على "آنت" ولوفاكس" ومنافسيهم حالياً الامتثال للقواعد الجديدة التي تحدّ من التوسع وتجبر الشركات على زيادة رأس المال لتمويل نشاط الإقراض.

وقالت تان، مستشهدة بتحذيرات في وثائق الطرح الأولي للجمهور لشركة "لوفاكس": "هذه التنظيمات كانت قيد المناقشة في العامين الماضيين، ونحن جميعاً نعلمها"، وأضافت: "بالنسبة لنا، كما قد امتثلنا بالفعل مع التنظيمات، وبالتالي لا نتوقع أي تغير".

تحذير "لوفاكس"

حذرت "لوفاكس" في نشرة الطرح من أن قطاعات ائتمان التجزئة وإدارة الثروات في الصين "قد لا تتطور حسبما نتوقع"، وأن الأطر التنظيمية "لا تزال غير معلومة في المستقبل القريب".

وقالت مصادر مطلعة، إنه خلال جولة الترويج السابقة للإدراج في أكتوبر، قالت الشركة إنها تخطط لزيادة مخصصات خسائر القروض التي تحملها مع شركاء الإقراض إلى 20% من 2% بسبب الاشتراطات التنظيمية المحتملة.

واشترطت قواعد الإقراض متناهي الصغر عبر الإنترنت المقترحة والمعلنة في 2 نوفمبر على مشغلي المنصات أن يقدموا 30% على الأقل من التمويل للقروض المقدمة بشكل مشترك مع الشركاء مثل البنوك، وعُلق طرح "آنت" في اليوم التالي، قبل يومين فقط من الطرح المخطط في هونغ كونغ وشنغهاي.

وقالت "آنت"، عملاقة التكنولوجيا المالية التابعة لجاك ما، في بيان بالبريد الإلكتروني، إنها لم تكن على دراية بمشروع اللوائح التنظيمية، حتى تم الإعلان عنها لالتماس التعليقات العامة، وأضافت أنها أفصحت بالكامل في نشرة الطرح عن جميع المخاطر المادية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالتغييرات التنظيمية المحتملة.

وتضمنت النشرة تحذيرات مطولة بشأن النظام الصيني "شديد التعقيد والمتطور باستمرار"، كما حددت استجابة "آنت" في هذا الوقت للقواعد المحتملة على الشركات المالية القابضة التي من المتوقع أن تخضع للمزيد من التدقيق.

وتستمر الحملة التنظيمية الصينية في الضغط على قطاع التكنولوجيا المالية مع الإعلان عن المزيد من القواعد، وأعلنت السلطات عن المزيد من الاشتراطات الجديدة على الإقراض المشترك الشهر الماضي، وحددت سقفا لا يزيد عن 50% من القروض القائمة للبنوك، وتراجعت أسهم وحدتي "بينغ آن" في نيويورك الأسبوع الماضي نتيجة موجة البيع في أسهم التكنولوجيا.

وقال كيفين كويك، محلل في "سانفورد سي بيرنستاين" في سنغافورة، إن تحركات الأسعار تظهر أن المستثمرين لا يزالون قلقون من تشديد البيئة التنظيمية، مضيفاً "رغم أن التنظيمات الأحدث تؤثر بشكل أكبر على "آنت" نظراً لحجمها، فإن المستثمرين بشكل عام يتوقعون أن حملة التشديد لم تنتهِ حتى الآن".

واضطرت "لوفاكس"، التي كانت في وقت من الأوقات من بين أكبر المقرضين عبر الإنترنت، إلى التحول إلى عملاقة تقدم خدمات إدارة الثروت وقروض التجزئة بعدما أطلقت الصين حملة كاسحة على القطاع منذ ثلاث سنوات.

قفزة في الأرباح

أعلنت "لوفاكس" عن ارتفاع بنسبة 17% في أرباح الربع الرابع، مع تراجع التكاليف الضريبية، وحتى بعد خفض الفائدة على القروض للتماشي مع القواعد الجديدة، كما أنها توقعت أن يرتفع صافي الدخل بنسبة 48% في الربع الأول مقارنة بالأشهر الثلاثة التي تسبقها.

ونمت شركة "بينغ آن" في مناطق أخرى من آسيا وغيرها، وتوسعت "وان كونكت فاينانشال" في 14 دولة، وأحدثها في أبو ظبي والفلبين وماليزيا، وتطلع الشركة لتوظيف 100 شخص في جنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى عدد الموظفين الحالي البالغ 400 موظف، بعدما ارتفعت الإيرادات بنسبة 40% العام الماضي، حسبما قالت تان.

وقالت تان، التي أسست وحدة التكنولوجيا المالية منذ خمس سنوات: "الاتجاه الواضح الآن هو أن جميع المؤسسات المالية ستنفق بقدر أكبر على التكنولوجيا" وستساعد "وان كونكت" في ملء الفجوات بالبرمجيات والابتكارات وتقدمها للشركات التي لم تتمكن من القيام بذلك بنفسها".