أكبر متجر تجزئة في العالم يتجه لإطلاق شركة تكنولوجيا مالية

سلسلة متاجر ولمارت الأمريكية
سلسلة متاجر ولمارت الأمريكية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اقتربت شركة "ولمارت إنك" للتو من أن تصبح أكبر كابوس لشركة "جي بي مورغان تشيس آند كو"، فمن خلال إغراء اثنين من كبار المصرفيين في شركة "غولدمان ساكس غروب إنك" لإدارة شركتها الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، فإن أكبر متجر للتجزئة في العالم يكتسب المزيد من الثقل حيث يسعى لأن يصبح متجراً شاملاً لتلبية الاحتياجات المالية للمستهلكين.

وأثارت هذه الخطوة الخوف في وول ستريت، والتي كانت تتوسل للجهات التنظيمية لوقف الجهود الأخيرة من قبل شركات تجارة التجزئة والشركات الناشئة للبدء في تقديم منتجات مصرفية أساسية لملايين المستهلكين.

غزو مجال التكنولوجيا المالية

وقال إسحاق بولانسكي، المحلل في كومباس بوينت ريسيرش آند تريدنج: هذه هي التعيينات الجوهرية التي يجب أن تكون بمثابة إشارة جلية تماماً على جدية ولمارت فيما يتعلق بغزوها لمجال التكنولوجيا المالية، مضيفاً، سياج الحماية التنظيمي الذي كان يحمي البنوك التجارية التقليدية يتبخر باطراد والمخاطر التنافسية عميقة.

ومن أجل قيادة هذه الخطوة، جلبت شركة ولمارت عمر إسماعيل، أحد المخضرمين القدامى في بنك غولدمان ساكس منذ فترة طويلة، والذي كان مهندساً رئيسياً لخدمات القروض الاستهلاكية في السنوات الأخيرة.

سيُحضِرُ إسماعيل معه ديفيد ستارك، الذي وقع شراكة بنك غولدمان مع شركة أبل إنك، وأشرف على تقارب علاقاتها مع شركة جيت بلو إيرويز كورب وشركة أمازون. كوم.

قد يكون تعيين إسماعيل تمهيداً لتقديم ولمارت طلباً ليصبح بنكاً خاصاً وفقاً لقاعدة شركة تأمين الودائع الفيدرالية أواخر العام الماضي، التي مَهَّدْت الطريق للشركات غير المالية للحصول على تصاريح مزاولة أعمال مصرفية.

وكانت البنوك مصرة على أن هذه التصاريح الجديدة لما يسمى بشركات القروض الصناعية (قروض للشركات وليس الأفراد) تسمح للشركات بالدخول إلى مجال الخدمات المصرفية بينما تتجنب متطلبات رأس المال والسيولة الأخرى التي تضطر إلى اتباعها (البنوك التقليدية).

وقال متحدث باسم شركة تجارة التجزئة يوم الأحد إن الشركة لا تخطط حالياً للتقدم بطلب للحصول على ما يسمى بحالة شركة القروض الصناعية (ILC).

طموحات "ولمارت"

ومع ذلك، فإن أي هجمات مباغتة إضافية في مجال التمويل قد تساعد شركة تجارة التجزئة على تعزيز أرباحها بعد مواجهة التكاليف المرتفعة المرتبطة بتفشي فيروس كوفيد-19 وأجور الموظفين وتحسينات سلسلة التوريد.

وانخفضت أسهم "ولمارت" بنحو 10% هذا العام، حتى بعد أن حققت أداءً جيداً في عام 2020 خلال فترة وباء كورونا، مستفيدة من الاستثمارات لتنمية أعمالها عبر الإنترنت في السنوات الأخيرة.

وبدأ دوج ماكميلون، الرئيس التنفيذي لشركة "ولمارت" في مداعبة بعض طموحاته، حيث أخبر المحللين قبل أسابيع فقط، أن العملاء يطلبون من شركة تجارة التجزئة تقديم منتجات مالية بتكلفة معقولة، وإنه يريد إيجاد طرق "لاستثمار" البيانات الهائلة لدى شركة تجارة التجزئة.

ومع وجود أكثر من 150 مليون عميل و5300 متجر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، يعمل العديد منها على مدار أربع وعشرين الساعة طوال أيام الأسبوع، سيكون لدى شركة "ولمارت" على الفور قاعدة عملاء وشبكة من الفروع التي تنافس تلك الموجودة في مصرف "جي بي مورغان" ومصرف "بنك أوف أمريكا كورب" ومؤسسة الخدمات المصرفية "ويلز فارغو آند كو".

وقال "جون توملينسون"، المحلل في شركة الأبحاث "إم سيانس" (M Science)، في مقابلة: "إن الهدف هو تحقيق الدخل من الأصول الأكثر قيمة ووفرة البيانات والعلاقة التي تربطهم بالعملاء في جميع أنحاء العالم".

وتقدر شركة الأبحاث أن الشخص العادي يذهب إلى متاجر شركة "ولمارت" أو موقعها على الإنترنت حوالي 30 مرة في السنة، أي ما يقرب من ضِعف عدد الزيارات التي تلقتها شركة "تارجت كورب" (Target Corp).

وأضاف توملينسون: "أي شيء يؤدي إلى علاقة أعمق مع أعمالهم الأساسية، والتي تتمثل في بيع الأشياء للمستهلكين، هو هدفهم الأول".

خطر على البنوك

يأسف المصرفيون لقرار وكالة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC) الذي يقولون إنه يسهل على شركات مثل "أمازون.كوم إنك" أو شركة "ولمارت" الوصول إلى عالم أعمالهم.

ووافقت الوكالة على قاعدة نهائية تضفي الطابع الرسمي على سنوات من ممارسة الوكالة في السماح بتصاريح مزاولة قروض صناعية، وهو ما يفتح المسار (للشركات).

وقال ثلاثة من مجموعات بنوك ومستهلكين في شهر ديسمبر الماضي: "التأثير الحقيقي لهذه القاعدة هو الإشارة إلى أن هذا التصريح هو خيار الباب الخلفي القابل للتطبيق لدخول الأعمال المصرفية دون التزامات الإشراف الموحد من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي".

وتابعوا: "هذه القاعدة تتعارض مع اتجاه الفصل الراسخ منذ فترة طويلة بين البنوك والتجارة".

إذا جرى تقديم طلب للحصول على تصريح حالة القروض الصناعية (ILC) في المستقبل، فلن تكون هذه هي المرة الأولى التي سعت فيها شركة "ولمارت" لأن تصبح بنكاً.

ففي عام 2005، تقدمت شركة تجارة التجزئة بطلب لتكون بنكاً صناعياً (لإقراض الشركات) في ولاية يوتا الأمريكية.

وسرعان ما أصبح التقدم بالطلب حدثاً ملتهباً لمنتقدي ممارسات الأعمال الأوسع لشركة "ولمارت"، مثل معاملتها للعمال وكمية السلع التي جرى الحصول عليها من الصين.

وتعرضت سمعة شركة "ولمارت" في ذلك الوقت لانتقادات شديدة وسط مزاعم بالتمييز بين الجنسين وللكشف عن أن عدداً كبيراً من موظفيها وأطفالهم كانوا إما على برنامج الرعاية الصحية "ميديكير" أو غير مؤمن عليهم.

في ذلك الوقت، قالت شركة "ولمارت" إنها لا تسعى لفتح فروع للنشاط المصرفي؛ وبدلاً من ذلك، كانت تأمل في استخدام تصاريح المزاولة لمعالجة معاملات بطاقات الائتمان والخصم داخلياً، وهي خطوة كان من شأنها توفير حوالي 30 مليون دولار سنوياً في ذلك الوقت. وبعد عامين والعديد من التأجيلات، سحبت شركة "ولمارت" طلبها للخروج من دائرة الضوء.

وعلى الرغم من هذه النكسة، استمرت شركة "ولمارت" في الدفع نحو نشاط الخدمات المالية حيثما أمكنها ذلك.

وتتيح مواقع "موني سنتر" (MoneyCenter) التابعة للشركة للمستهلكين صرف الشيكات وتلقي خدمات إعداد الضرائب وتحويل الأموال إلى الخارج.

كما يقدم عملاق تجارة التجزئة أيضاً مجموعة من بطاقات الائتمان والخصم المدفوعة مسبقاً من خلال شراكات مع بنوك مثل "كابيتال وان فاينانشال كورب" (Capital One Financial Corp) وشركة "جرين دوت كورب" (Green Dot Corp).

شركة الخدمات المالية الناشئة

وكانت شركة "ولمارت" حتى الآن صامتة بشأن خططها لشركة التكنولوجيا المالية الجديدة، والتي شكَّلتها مع شركة رأس المال الاستثماري "رابيت كابيتال" (Ribbit Capital).

ومن المقرر أن يضم مجلس إدارة الشركة الجديدة "جون فورنر"، الرئيس والمدير التنفيذي لأنشطة شركة "ولمارت" في الولايات المتحدة، و"بريت بيغز"، الرئيس المالي لشركة تجارة التجزئة، بالإضافة إلى "ماير مالكا"، الشريك الإداري لشركة "رابيت كابيتال".

أسَّس "مالكا"، وهو مواطن فنزويلي، شركة "رابيت" في عام 2012 بعد أن أسَّس في وقتٍ سابقٍ خمس شركات للخدمات المالية، بما في ذلك أول شركة له في سن 18 عاماً، في الولايات المتحدة وأوروبا وأمريكا اللاتينية.

وتحدث "مالكا" كثيراً عن العيش في ظل التضخم المفرط في وطنه، الأمر الذي جعل عملة فنزويلا عديمة القيمة وأدى إلى فشل العديد من البنوك في البلاد.

وساهمت شركة "رابيت" بالفعل في العديد من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية الأكثر نجاحاً في العالم مثل الشركة المصرفية الناشئة "ريفولوت" (Revolut) وشركة "كريدت كارما" (Credit Karma)، والتي تُتيح للمستهلكين التحقق من درجات الائتمان الخاصة بهم ومقارنة المنتجات المالية.

وفي بعض الحالات، كان للشركة حصص في شركات تتعامل معها شركة "ولمارت" بالفعل، وذلك مثل شركة "أفيرم"(Affirm)، المُقرض لبرامج التقسيط التي توفر التمويل فعلاً لعملاء شركة "ولمارت" عبر الإنترنت.

وقال مالكا في شهر يناير الماضي: "عندما نجمع بين معرفتنا العميقة بالأعمال المالية القائمة على التكنولوجيا وقدرتنا على التحرك بسرعة مع مهمة شركة "ولمارت" ونطاقها، يمكننا إنشاء وتقديم عروض مالية لا يمكن منافستها".

القدرة على تحمل التكاليف هي المفتاح

ويمكن أن تساعد قدرة "ولمارت" على تحمل التكاليف على اجتيازها متطلبات الجهات التنظيمية الرئيسية وأعضاء الكونغرس الذين أصبحوا قلقين بشكلٍ متزايدٍ بشأن الرسوم التي تفرضها البنوك على المستهلكين مقابل مراجعة الحسابات والخدمات الأساسية الأخرى.

ويمكن النظر إلى رسوم السحب على المكشوف وهي الرسوم التي تقدرها البنوك عندما ينفق المستهلك أكثر مما لديه في حسابه، حيث تجمع أكبر البنوك في البلاد 17 مليار دولار سنوياً من رسوم السحب على المكشوف.

وقد وجدت الجهات التنظيمية أن الكثير من هذه الأموال تأتي من مجموعة ثانوية من المستهلكين الذين يسحبون من حساباتهم مرة واحدة أو أكثر كل شهر.

وقال "بيرت إلي"، مستشار مصرفي في مدينة الإسكندرية بولاية فرجينيا: "السؤال الكبير هو، ما هو هدفهم؟".

وأضاف: "مهما كانت نوايا شركة تجارة التجزئة، فإن القطاع المصرفي في حالة تأهب قصوى".

وأوضح قائلاً: "في اللحظة التي يبدأ فيها الحديث عن "ولمارت" والخدمات المصرفية، ستنطلق معها أجراس الإنذار".