"الفيدرالي" يضغط على البنوك الأمريكية للتخلي عن "الليبور"

البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يكثِّف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تدقيقه لجهود البنوك للتخلُّص من اعتمادها على سعر الفائدة السائد بين المصارف في لندن، وقد بدأ في تجميع المزيد من الأدلة التفصيلية حول التقدُّم الذي تمَّ إحرازه، ذلك وفقاً لما ذكره العديد من الأشخاص المطَّلعين على الأمر.

وذكرت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها نظراً لحساسية هذه الاستفسارات أنَّ البنوك مطالبة بتقديم معلومات محددة عن مدى تعرُّضها لسعر "الليبور" (سعر الفائدة السائد بين بنوك لندن)، وخططها لتعديل العقود المرتبطة بهذا المعيار، والأحكام الاحتياطية التي يتمُّ استخدامها لتسهيل التحوُّل إلى أسعار بديلة.

ويُنظر إلى هذه الخطوة جزئياً على أنَّها وسيلة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي للتعبير عن مدى إلحاح هذا الانتقال، ولكنَّه سيكون ملموساً في الأشهر المقبلة، كمقدمة لإجراء إشرافي أيضاً.

فضيحة التزوير الشهيرة

وبحسب ما أشار الاحتياطي الفيدرالي، فإنَّه أمام البنوك أقل من عامٍ قبل أن يتوقَّف عن السماح لهم بالدخول في عقود جديدة مرتبطة بـ"الليبور"، وهو ما يعدُّ حجر الأساس للنظام المالي الذي يتمُّ إلغاؤه تدريجياً من قِبل صانعي السياسة العالميين بسبب الافتقار إلى التداول الأساسي، ويأتي ذلك أيضاً بعد فضيحة التزوير الشهيرة، ومع ذلك، فإنَّ هذا المعدَّل - الذي يدعم تريليونات الدولارات من الأصول - أثبت أنَّه من الصعب إزاحته.

وأشار المسؤولون في العام الماضي إلى أنَّهم سيؤجِّلون نهاية مهلة محددة لمدة 18 شهراً، وسط مخاوف بشأن الاستقرار المالي الناجم جزئياً عن عدم جاهزية الصناعة بعد لهذا الانتقال.

ورفض المتحدِّث باسم الاحتياطي الفيدرالي التعليق حول الأمر، في حين مُنعت البنوك من الحديث عن هذه الاتصالات الإشرافية السرية الجارية.

من جهته قال "غراهام برويد"، وهو مؤسس شركة الاستشارات "برويد بارتنرز إل إل سي" (Broyd Partners LLC)، وعضو سابق في لجنة الأسعار المرجعية البديلة، وهي الهيئة المدعومة من بنك الاحتياطي الفيدرالي التي توجِّه عملية التحول من "الليبور" في الولايات المتحدة: "يمكننا أن نتوقَّع من المنظِّمين تحديد الثغرات في برامج البنوك، لأنَّ البنوك ستكون بحاجة إلى خطط وإجراءات واضحة لتُسلمها في وقتٍ لاحق من هذا العام، التي بدونها من المتوقَّع أن تكون هناك عواقب تنظيمية".

الاحتياطي الفيدرالي يشدد على البنوك

ومن الجدير بالذكر أنَّ البنوك قد تلقَّت أسئلة وطلبات للحصول على بيانات خلال الأشهر الأخيرة إما خطياً أو عبر اجتماعات مع ممثِّلي بنك الاحتياطي الفيدرالي، وفقاً لما ذكره بعض الأشخاص المطَّلعين. وهذه الاستفسارات موجهة نحو "وول ستريت" والمُقرضين الإقليميين، أكثر من أن تكون موجهة نحو البنوك المجتمعية الصغيرة.

وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في البنوك، إنَّ التقارير واسعة النطاق حول التقدُّم المُحرز بخصوص هذا التحوّل لم تعد مجدية بعد الآن، إذ يطلب المسؤولون المزيد من المعلومات مع كل استفسار يقومون به.

من جهة أخرى، قلل مسؤول تنفيذي في بنك آخر من أهمية هذا التحوُّل، قائلاً إنَّ المنظمين العالميين كانوا يُسألون عن تعرضات "الليبور" منذ بعض الوقت، وفي حين أنَّ حجم هذه الطلبات من الاحتياطي الفيدرالي هو جديد، إلا أنَّ حجم التحدي الذي يواجه القطاع المالي كان متوقَّعاً منذ فترة طويلة.

وكانت "بيث هاماك"، وهي أمينة الصندوق العالمي في" غولدمان ساكس غروب" قد تحدَّثت في عام 2018 عن الجهود التي ستقوم بها هذه الصناعة على نطاق أوسع.

وقالت:"سيكون انتقالاً مؤلماً حقاً، وصعب التحقيق، نظراً لوجود الكثير من الأشخاص والعديد من المنتجات التي تَعدُّ هذا المعيار مرجعاً – لأنَّه جزء أساسي من سوقنا"، مضيفة، "نأمل أن يكون التأثير الناتج عن هذا التحوُّل هو التحسُّن فيما يتعلَّق بالسلامة والصلابة".

ويذكر أنَّ بعض المصادر أشارت إلى أنَّ المسؤولين يطلبون من البنوك أيضاً تفاصيل حول موعد استحقاق عقودهم القائمة على "الليبور".

يأتي التحقيق بعد أن حذَّر بنك الاحتياطي الفيدرالي البنوك في نوفمبر من أنَّ الدخول في صفقات جديدة مرتبطة بـ"ليبور" بعد 2021 سيُشكِّل مخاطر كبيرة، وأنَّه سيفحص ممارساتها وفقاً لذلك. كما قال صانعو السياسة، إنَّ الفشل في الاستعداد لنهاية "ليبور" يمكن أن يقوِّض الاستقرار المالي.

وفي هذا الصدد، قال "مارك تشورازاك"، الشريك في شركة المحاماة "شيأرمان آند ستيرلنغ" (Shearman & Sterling) التي تتخذ من نيويورك مقرَّاً لها: "لقد طلب المنظمون بشكل دوري معلومات حول خطط البنوك الكبرى للتحوُّل من "ليبور"، لكن طلبات الحصول على بيانات حول أنواع معينة من التعرُّضات لمؤشر "ليبور" أصبحت أكثر تحديداً، وأصبح الاحتياطي الفيدرالي مهتماً بشدة بالتقدم المُحرز في كل ربع من العام في مؤسسات معينة."

ومن المُحتمل أن يُصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي ما يعرف بـ (MRAs)، وهي الأمور التي تتطلَّب الاهتمام، أو أنه سيصدر (MRIAs)، وهي الأمور التي تتطلَّب اهتماماً فورياً – وذلك يعتمد على الردود التي يتلقاها على استفساراته.

ويتطلَّب هذا بشكل عام رداً على مستوى مجلس الإدارة، بما في ذلك تقديم جدول زمني للقيام بالإجراءات التصحيحية. ويتبع ذلك إما تحقيقات أو إجراءات إنفاذ القانون، إذا لم يكن بنك الاحتياطي الفيدرالي راضياً.

جرس إنذار

كان مجلس فحص المؤسسات المالية الفيدرالية، وهو مجموعة مشتركة بين الوكالات مؤلَّفة من منظِّمين، قد قال سابقاً، إنَّ الجهود الإشرافية حول "ليبور" ستزداد في عامي 2020 و2021، خاصة بالنسبة للشركات التي تتعرَّض لانكشاف كبير أو هي تتبع عمليات أقل تطوراً فيما يخص هذا التحوّل.

ومع ذلك، قد تكون هذه الاستفسارات بمثابة جرس إنذارٍ للبنوك، ولا سيَّما بعض المُقرضين الإقليميين، بعد ما اعتبره بنك الاحتياطي الفيدرالي تساهلاً كبيراً يتمثَّل بالإلغاء التدريجي المخطط لاستحقاق "ليبور" بالدولار حتى منتصف عام 2023 للسماح للشركات بمعالجة العقود القديمة الصعبة.

من جهته قال "برادلي زيف"، مدير التشغيل في شركة الاستشارات الإدارية "سيا بارتنرز"(Sia Partners) إنَّه "يمكن أن تُشكِّل الرقابة التنظيمية المعززة تحديات حقيقية أمام البنوك الأصغر حجماً، وبالنسبة للمؤسسات التي لم تبذل بعد جهوداً جادة نحو التحوُّل، قد تكون الحاجة إلى تحديث الأنظمة أو توحيد العقود أو جمع البيانات أمراً صعباً في هذه المرحلة."

من جهة أخرى رفض التعليق ممثل عن "أيه أر أر سي" (ARRC)، التي يتكوَّن أعضاؤها من البنوك، ومديري الأصول، وشركات التأمين، والمنظمات التجارية الصناعية.

وحول هذا الانتقال قال "إيان ماكيندري"، المتحدِّث باسم جمعية المصرفيين الأمريكيين: "يعدُّ الانتقال بعيداً عن "ليبور" مهمة كبيرة، تستعد البنوك لها وتأخذها على محمل الجد". ففي ظل وجود تريليونات الدولارات "في العقود المعلقة التي

لا تحتوي على لهجة احتياطية صلبة، فليس من المستغرب أن يسأل المنظِّمون المؤسسات المالية عن خططهم".

ووفقاً لما قالته "آن بومونت"، وهي الشريكة في شركة المحاماة "فريدمان كابلان سيلر وأدلمان إل إل بي" (Friedman Kaplan Seiler & Adelman LLP)، فإنَّه

لاينبغي أن يكون لدى البنوك الكبرى سوى القليل من المشاكل فيما يتعلَّق بالاستفسارات الأكثر تحديداً التي يستسفرها بنك الاحتياطي الفيدرالي".

وأضافت "بومونت": "كانت البنوك تقود زمام المبادرة في التحضير، إنَّهم ينفقون الكثير من الموارد على هذا، ولقد كانوا على علم بأنَّ هذا سيأتي منذ زمن طويل، لذلك إذا لم يتمكَّنوا من الردِّ بطريقة جوهرية في هذه المرحلة، فسيكون ذلك بمثابة إشارة حمراء".