"بتكوين".. هل حان وقت الردة عن "العبادة" الاستثمارية الجديدة؟

تخطط شركة كوينباس للاكتتاب العام
تخطط شركة كوينباس للاكتتاب العام المصدر: بلومبرغ
Jared Dillian
Jared Dillian

Jared Dillian is the editor and publisher of The Daily Dirtnap, investment strategist at Mauldin Economics, and the author of "Street Freak" and "All the Evil of This World." He may have a stake in the areas he writes about.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تخطِّط شركة "كوينباس" (Coinbase Global Inc) للاكتتاب العام ضمن قائمة مباشرة تقدِّر قيمة أكبر بورصة للأصول الرقمية في الولايات المتحدة بحوالي 100 مليار دولار، وهذه الخدمة التي تقدِّمها الشركة هي المبدأ الأساسي نفسه لوساطة الأوراق المالية، مما يمنح مستثمري التجزئة إمكانية الوصول إلى أسواق العملات المشفرة، ولكن هنا تنتهي أوجه التشابه.

وتعاني "كوينباس" من انقطاعات متكررة في الخدمة، وخدمة عملاء غير موجودة، وتكاليف معاملات باهظة للغاية، وبرغم أنَّ كل هذه عيوب معروفة جيداً، فهي تظل الخيار الأكثر قابلية للتطبيق بالنسبة للمستثمرين الأفراد.

لقد كنت متفائلاً في "بتكوين" منذ عامين، وفتحت حساباً في "كوينباس" في سبتمبر 2019. واشتريت ما يعادل 80000 دولار من "بتكوين" على مدار أسبوع تقريباً. لم أكلف نفسي عناء التحقق من جدول الرسوم مسبقاً، معتقداً أنَّه سيكون هيكل عمولة منخفض مماثل لما قد أحصل عليه من "تشارلز شواب" (Charles Schwab).

لكنني كنت مخطئاً، فقد أنفقت حوالي 1200 دولار على تلك التداولات بمعدَّل عمولة بلغ 1.49%. لقد صدمت قليلاً، لأنَّ الآن بحوزتنا أموال الإنترنت الجديدة والمذهلة، لكنَّ الرسوم أعلى مما كنت سأدفعه في سوق الأوراق المالية في عام 1981. لكنني تجاهلت الأمر، معتقداً أنَّ الرسوم ستنخفض بمرور الوقت.

التكلفة الحقيقية

ولنقفز سريعاً لشهر يناير 2021، عندما كنت مستعداً لإغلاق هذا التداول. فبحلول هذه المرحلة، تحوَّلت أموالي هناك من 80 ألف دولار إلى حوالي 310 آلاف دولار. لكن الرسوم لم تتغير، ودفعت 5000 دولار عند خروجي.

إنَّ هذا بالنسبة لـ"كوينباس" ليس بالعمل السيئ. فلا عجب إذاً في طرح "كوينباس" للاكتتاب العام بمثل هذا التقييم المرتفع. وهنا نذكر أنَّ هناك رسوماً أقل للمتداولين النشطين الذين لديهم أرصدة كبيرة على "كوينباس برو" (Coinbase Pro)، لكنني كنت أنوي القيام بتداول واحد فقط، لذلك لم أعتقد أنَّ الأمر يستحق العناء.

و يتمثَّل الاختلاف الرئيسي بين" كوينباس"، و سماسرة الخصم في الأوراق المالية في أنَّ "كوينباس" تحصل فعلياً على جميع إيراداتها - 1.28 مليار دولار في عام 2020 - من العمولات والرسوم. وهذا يختلف عن شركات السمسرة في الأوراق المالية، التي تحصل على معظم إيراداتها من صافي إيرادات الفوائد، ثم إقراض الأوراق المالية والهامش، وأخيراً الدفع مقابل تسوية الطلبات.

إنَّهم لا يحصلون على أيٍّ من عائداتهم من الأعمال القائمة على الرسوم في هذه الأيام. وأعتقد أنَّه يمكن تفسير ذلك على أنَّه شيء جيد؛ رسوم "كوينباس" شفافة، وتمثِّل التكلفة الحقيقية للنشاط التجاري، في حين يمثِّل الدفع مقابل تسوية الطلبات "ضريبة خفية" على التداول.

ومع ذلك، فهو عمل غريب يتخلله العديد من المخاطر. إنَّ أحد المخاطر التي تمَّ الكشف عنها في نشرة الاكتتاب الخاصة بالطرح العام الأولي هو احتمال الكشف عن هوية "ساتوشي ناكاموتو"، الشخص المجهول أو الأشخاص الذين قاموا بإنشاء "بتكوين".

فهناك "محفظة" بـ1.1 مليون "بتكوين"، تبلغ قيمتها حوالي 50 مليار دولار، يفترض أنَّها مملوكة أو مسيطَر عليها من قبل "ناكاموتو". وإذا تمَّ بيع العملة أو نقلها من تلك المحفظة، فسيؤدي ذلك إلى حدوث فوضى عارمة - وربما ستكون أكبر أزمة ثقة تضرب أي فئة من فئات الأصول على الإطلاق، فهوية الرجل الغامض أمر مضحك يجب الكشف عنه في ملفِّ الاكتتاب العام الخاص، وهذا الأمر يظهر طبيعة ما يشبه "الجماعة الدينية" عندما يتعلَّق الأمر بالاستثمار في "بتكوين".

المؤمنون الجدد

إنني لم أكن مؤمناً أنَّ "بتكوين" تحديداً ستحدث ثورة في التمويل أو ستغير طريقة تفكيرنا تجاه العملات أو وسائل التبادل. أنا تاجر، وأعتقد أنَّها كانت فرصة جيدة لكسب المال. ولقد كان موقفي علنياً بشأن شراء "بتكوين" في عام 2019، وشعرت أنَّه من أجل أن أكون مسؤولاً، يجب أن أكون صاحب موقف علني بشأن قيامي ببيعها في شهر يناير.

ولقد قمت حينها بالتغريد حول هذا الموضوع، وقوبلت بسيل من الانتقادات – شملت ثلاثة أيام دون انقطاع من الناس الذين يذكرون اسمي على الإنترنت بعبارات مثل: "استمتع بالبقاء فقيراً"، وأشياء أخرى غير قابلة لأن أذكرها هنا. ولاحقاً، تجاوز الأمر قليلاً الحديث الجاهل في ساحة "تويتر"، وانتقل إلى منطقة مخيفة إلى حدٍّ ما.

ويظهر الناس عادةً هذه المشاعر فقط تجاه موضعين: السياسة والدين. لكنَّ "بتكوين" عبرت إلى المنطقة الدينية، مع الإيمان بقوة خارقة للطبيعة اسمها "ساتوشي"، ومفهوم الخطيئة، وطريقة الخلاص، والأساطير والروايات المركزية، والطقوس، حتى التعبيرات المادية مثل "لامبورغينيز"، نحن نعلم ما يحدث عندما تهدد دين الناس - فهناك أناس يموتون بسبب هذا الأمر.

إنَّ "بتكوين" هي "عبادة استثمارية"، ولكن في مرحلة ما عليك أن تترك الطائفة، مما يجعلك مرتداً. يعدُّ مصطلح "HODL" (لا تبيع عملات الـ"بتكوين") أساسياً في صلب "هذا الدين".

مستقبل العملة المشفرة

يمكنني التفكير في عدد من الأسباب التي تجعل "بتكوين" ينخفض - حتى إلى الصفر - وأنا أفضل عدم تجربة تلك الرحلة مع استثماراتي. إذ ليس هناك شك في ذهني بأنَّ النقود الرقمية هي المستقبل، لكنَّها قد تتضمَّن أو لا تشمل الـ"بتكوين"، وسيكون ذلك سيئاً لكثير من مستثمري "بتكوين"، و "كوينباس".

هناك مقولة مفادها أنَّ أفضل طريقة لكسب المال خلال الفقاعة هي بيع الفؤوس لعمال مناجم الذهب. وهذا هو عمل "كوينباس"، لكن "بتكوين" تظهر هشاشة أكثر بكثير مما يعترف به أو يدركه المؤمنون الحقيقيون.

إنَّ كل شيء يعتمد على الثقة في "بتكوين"، وللثقة طريقة مضحكة في الاختفاء في لمح البصر.