قرارات "أوبك+" واللعبة الأخطر مع منتجي النفط الصخري الأمريكي

ولم تتفق مجموعة "أوبك+" ككل على تأجيل زيادة مستويات الإنتاج المستهدفة فحسب؛ فروسيا وكازاخستان حصلتا على زيادات صغيرة لمقابلة الارتفاع الموسمي في الطلب على ما يبدو؛ ومددت السعودية تخفيضاتها الطوعية الإضافية لشهر آخر، وستستمر التخفيضات إلى نهاية أبريل على الأقل، ثم ترتفع تدريجياً حينها.
ولم تتفق مجموعة "أوبك+" ككل على تأجيل زيادة مستويات الإنتاج المستهدفة فحسب؛ فروسيا وكازاخستان حصلتا على زيادات صغيرة لمقابلة الارتفاع الموسمي في الطلب على ما يبدو؛ ومددت السعودية تخفيضاتها الطوعية الإضافية لشهر آخر، وستستمر التخفيضات إلى نهاية أبريل على الأقل، ثم ترتفع تدريجياً حينها. المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

"انتهى الحفر للأبد". كانت هذه وجهة النظر التي عبر عنها وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الأسبوع الماضي بعد اجتماع تحالف منتجي البترول المعروف بـ"أوبك+".

وكان الوزير -الذي يستمتع بمفاجأة سوق النفط- متحمساً للغاية، وشجَّع زملاءه، وأقنعهم بقبول نهجه الحريص، لشهر إضافي، في زيادة المعروض الذي سحبوه من السوق في مايو الماضي، وحثَّهم على الحذر أثناء إعادة فتح صنابير الإنتاج، مؤكِّداً وجهة النظر بأنَّ تعافي الطلب سيظل هشاً حتى تزداد حملات التطعيم بلقاح كوفيد.

ولم تتفق مجموعة "أوبك+" ككل على تأجيل زيادة مستويات الإنتاج المستهدفة فحسب؛ فروسيا وكازاخستان حصلتا على زيادات صغيرة لمقابلة الارتفاع الموسمي في الطلب على ما يبدو؛ ومددت السعودية تخفيضاتها الطوعية الإضافية لشهر آخر، وستستمر التخفيضات إلى نهاية أبريل على الأقل، ثم ترتفع تدريجياً حينها.

وكانت سوق البترول تتوقَّع زيادة في الإنتاج قدرها 1.5 مليون برميل يومياً في أبريل، وما تم الحصول هو عُشر هذا الرقم فقط. وقفز خام برنت فوراً قرب 70 دولاراً للبرميل، وهو مستوى غير مشهود منذ مايو 2019.

لا طفرة ثالثة في النفط الصخري

والمذهل هو أنَّ الأمير عبد العزيز يشعر بقلق واضح من أنَّ استهلاك البترول لن يتحرك بالتماشي مع توقُّعات محللي منظمة "أوبك" نفسها، ويفضِّل خفض المعروض في السوق على المخاطرة بانهيار آخر في الأسعار. وحتى إذا عادت أسعار البترول إلى مستويات ما قبل الوباء، فلا يزال واثقاً من أنَّ ذلك لن يثير طفرة ثالثة في إنتاج البترول الصخري. وربما يكون محقاً في هذا الأمر.

وكما جادلت في هذا المقال، ومقال سابق، فإنَّ الطفرة الثانية للبترول الصخري كانت تقترب بالفعل من نهايتها قبل ظهور الوباء بشهور عدَّة، ثم استسلم المنتجون في وجه انهيار الأسعار أثناء أزمة الفيروس.

وانخفض إنتاج البترول في سبع مناطق رئيسية لإنتاج البترول الصخري بمقدار 2.4 مليون برميل يومياً، أي أكثر من الربع في الأشهر الستة من نوفمبر 2019 إلى مايو 2020، وبدأت أسعار البترول التراجع في يناير 2020، ولم يزدد زخم الهبوط حتى مارس، مما يعني أنَّ التراجع في الإنتاج لم يكن ناتجاً عن الأسعار الأقل.

رهان الأسعار

قبل الاجتماع، لم يكن من الواضح كيف سيتمكن الأمير السعودي من إقناع زملائه وزراء البترول في "أوبك+" من تبدد تهديد عودة ازدهار قطاع البترول الصخري. وكان نظيره الروسي، أليكساندر نوفاك، قد حذَّر في ديسمبر الماضي من أن "النطاق السعري بين 45 و50 دولاراً للبرميل هو السعر المثالي الذي ينبغي أن تبدأ المجموعة عنده فتح صنابير الإنتاج، وإلا لن تتمكن أبداً من استعادة الإنتاج، في حين سيرفعه آخرون".

ويبدو أن السعوديين مستعدون للرهان على أن نوفاك على خطأ، حتى إذا وصلت الأسعار إلى 65 أو 75 دولاراً للبرميل، ويرجحون أن ترتفع الأسعار بأكثر من ذلك.

وتحسَّن نشاط الحفر واستكمال الآبار قليلاً في سبع مناطق رئيسية لإنتاج البترول الصخري من أدنى مستويات الصيف الماضي. لكن لم يعد حتى إلى المستويات المنخفضة المشهودة بين الطفرتين الأولى والثانية.

وأجبر المستثمرون والبنوك على حد السواء الشركات العاملة في البترول الصخري على الانسحاب من الاستراتيجية السابقة، وهي النمو بأي ثمن إلى استراتيجيات تحقق أرباح للمساهمين، وتخفض مستوى الديون.

وقال الأمير عبدالعزيز لزملائي في "بلومبرغ نيوز" بعد اجتماع يوم الخميس: "حصلت شركات البترول الصخري على حصتها العادلة من المغامرة، والآن تستمع لمطالب مساهميها".

في انتظار التعافي

قلَّصت الشركات بدءاً من "إكسون موبيل" خطط إنتاجها في الأصول الصخرية، وخفَّضت العملاقة الأمريكية مستوى الإنتاج المستهدف في 2025 من عمليات حوض بريميان بنسبة 30% إلى 700 ألف برميل يومياً، وقلَّصت عدد الحفَّارات التي تستخدمها إلى 10 من 55 قبل الوباء.

لكن كلما صعدت الأسعار، وظلت عند تلك المستويات المرتفعة، ازدادت احتمالات تغيُّر الحسابات، خاصة بالنظر إلى أن منتجي البترول الصخري ربما يكونون حالياً في وضع يمكنهم من ربط أسعار الإنتاج المستقبلي عند مستوى عالٍ بما يكفي لتوليد أرباح وزيادة الإنتاج. ويتداول خام برنت بالفعل فوق 60 دولاراً للبرميل حتى نهاية العام المقبل، مما يعطي الشركات الكثير من المجال لتحويط الإنتاج، وتحقيق الربح.

ويأمل الأمير عبدالعزيز أن يكون تعافي الطلب كافٍ له ولحلفائه لفتح صنابير إنتاجهم الخاصة بحلول الوقت الذي يعيد فيه منتجو البترول الصخري تشغيل آبارهم. أما في الوقت الحالي، فكان عزاؤه الوحيد للعملاء، الذين يريدون المزيد من النفط السعودي، مثل الهند، هو إخبارهم أن يسحبوا بعض المخزونات التي بنوها بأسعار رخيصة العام الماضي.