أباطرة التكنولوجيا يفضلون إدراج شركاتهم في أمريكا.. لماذا؟

 تقدمت شركة التجارة الإلكترونية الكورية الجنوبية كوبانغ بطلب اكتتاب عام أولي في الولايات المتحدة
تقدمت شركة التجارة الإلكترونية الكورية الجنوبية كوبانغ بطلب اكتتاب عام أولي في الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تسير عملاقة التجارة الإلكترونية الكورية الجنوبية "كوبانغ " (Coupang Inc) على مسار أن تصبح أكبر طرح لشركة كورية في عشر سنوات، ومثله مثل أغلب الطروحات التكنولوجية الرئيسية هذه الأيام، فإنَّ الأمر يحدث في الولايات المتحدة.

وهناك ثلاثة أسباب رئيسية تفسِّر لماذا تعدُّ الولايات المتحدة خياراً أفضل لشركة التجزئة الإلكترونية المدعومة من قبل الملياردير ماسايوشي سون، مالك "سوفت بنك غروب"؟، ربما كان السبب الأبرز هو أنَّ نيويورك تقدِّم علاوة هائلة على التقييم، كما أنَّ لديها سوقاً أعمق، وأكثر سيولة، ويسمح بحقوق تصويت متفاوتة، مما سيفيد مؤسس "كوبانغ"، بوم كيم، الذي ترك دراسة الأعمال في جامعة هارفارد.

و كانت الولايات المتحدة وجهة الطروحات الأولية للجمهور لشركات التكنولوجيا الكبير مراراً، وشهدت 2020 أكبر طرحين في نيويورك لشركة "إير بي إن بي إنك"، وشركة "دورداش "، وكذلك طرح عمالقة التجارة الإلكترونية الصينيين مثل "علي بابا"، و"جيه دي دوت كوم " أسهمهما هناك.

وتسعى "كوبانغ" لجمع ما يصل إلى 3.6 مليار دولار من طرحها، مما قد يكسبها قيمة تزيد على 50 مليار دولار، وبالتالي قد تكون أكبر طرح أولي عام من قبل شركة كورية منذ أن حوَّلت "سامسونغ " وحدتها التأمينية للملكية العامة في الموطن في 2010.

سر "التشيبول"

ويقول سو يونغ غو، أستاذ التسويق في جامعة سوكميونغ، إنَّه إذا طرحت شركة التجارة الإلكترونية الخاسرة أسهمها في كوريا - التي ستسمح بداية من الشهر الجاري للشركات غير المربحة بالتحوُّل للملكية العامة - كانت ستقتنص تقييماً بحد أقصى 10 مليارات دولار، مضيفاً "تاريخ الرأسمالية في كوريا الجنوبية قصير، لذا لا يعطي الكوريون تقييمات عالية لشركات خاسرة".

ويبلغ عمر سوق الأسهم الكورية الجنوبية أقل من 70 عاماً، وتهيمن عليه "التشيبول"، أي المجموعات الصناعة المملوكة من قبل العائلات، ومع ذلك، سيتمُّ اختبار شهية المستثمرين الكوريين تجاه الشركات الناشئة المحلية التي يقودها روَّاد الأعمال في الأشهر المقبلة من خلال الاكتتابات العامة الأولية لشركة "كرافتون (Krafton Inc)، مبتكر اللعبة الناجحة PUBG، وشركة "ككاو" (Kakao)، أكبر بنك على الهاتف المحمول في البلاد، وعلى عكس "كوبانغ" فالشركتان مربحتان.

ومنيت "كوبانغ" بخسائر في السنوات الثلاث الماضية، مسجَّلة عجزًا تراكمياً قدره 4.12 مليار دولار حتى ديسمبر، وفقاً لأوراق تقدِّمها بطلب الطرح في البورصة، ولكن بفضل الزيادة الكبيرة في التسوق عبر الإنترنت أثناء الوباء، تمكَّنت من مضاعفة إيراداتها تقريباً، لتصل إلى 12 مليار دولار العام الماضي.

الخمسة الكبار

وسيضع التقييم البالغ 51 مليار دولار شركة "كوبانغ" بين الشركات الخمس الأكثر قيمة في كوريا، التي تعدُّ "سامسونغ إلكترونيكس" أكبرها. ومن بين الشركات الناشئة الكبيرة الأخرى في كوريا ذات النفوذ المتزايد في مجال التجارة الإلكترونية هناك تكتل الإنترنت "نيفر كورب" (Naver Corp) بقيمة 58 مليار دولار ، وتطبيق المراسلة "ككاو كورب" (Kakao Corp) بقيمة 39 مليار دولار، وكلتاهما مدرجتان في سيول، ولكنَّهما كانتا مربحتين عندما تمَّ طرحهما للاكتتاب العام، وكلتاهما مدعومتان من قبل روَّاد أعمال، وغير مرتبطين بالتشيبول، مثل: مجموعة "سامسونغ".

و سيسمح الإدراج في الولايات المتحدة لـ"كوبانغ" بتجاوز القيمة السوقية المجمعة لتجار التجزئة الستة المملوكين للتشيبول الذين يحاولون توسيع وجودهم في التجارة الإلكترونية، وهم: "إي-مارت " (E-Mart Inc)، و"لوتي شوبينغ " (Lotte Shopping Co)، و"جي إس ريتيل " (GS Retail Co)، و"شينسيغاي (Shinsegae Inc)، و"بي جي إف ريتيل " ( BGF Retail Co)، و"هيونداي ديبارتمنت ستور " (Hyundai Department Store Co).

نفوذ أكبر للمؤسسين

وتعدُّ السيولة عامل جذب آخر لسوق الولايات المتحدة التي تسمح للشركات بجمع الأموال بشكل متكرر من خلال مبيعات الأسهم الثانوية، وتبلغ قيمة سوق الأسهم الكورية 2.12 تريليون دولار، وهو جزء بسيط من السوق الأمريكية البالغة قيمته 44.2 تريليون دولار، وفقاً لبيانات "بلومبرغ".

وقال سيو سانغ-يونغ، المحلل في "كيووم سيكيوريتيز" في سول: "من الأسهل على المستثمرين التخارج من حصصهم في الولايات المتحدة، كما أنَّ أحجام التداول أكبر بكثير". .

ثمَّة سبب آخر، يتمثَّل في أنَّ الإدراج في الولايات المتحدة يعطي نفوذاً أكبر للمؤسسين.

ولا تسمح كوريا بحقوق التصويت غير المتكافئة، التي تفضِّلها شركات التكنولوجيا مثل "ألفابيت"، و"فيسبوك "، الذين يرون فيها وسيلة للمؤسسين للتركيز على المدى البعيد، ولكنَّ الولايات المتحدة تسمح بذلك، حتى لو كان هيكل الملكية في حدِّ ذاته مثيراً للجدل، لأنَّه يفتقر إلى حماية المساهمين، وسيحصل كيم، مؤسس "كوبانغ" البالغ من العمر 42 عاماً،على 76.7% من حقوق التصويت للشركة مع امتلاكه 10.2% فقط من أسهمها القائمة.

سخاء شديد

وقال كيم سونغ جون، المتحدِّث باسم بورصة كوريا للأوراق المالية: "كنا نرغب في إدراج "كوبانغ" في كوريا.. لكنَّنا نحترم اختيار الشركة".

ومع ذلك، فإنَّ تفويت فرصة الشراء في واحدة من أهم الشركات في البلاد في أكبر اكتتاب عام أولي لشركة آسيوية منذ إدراج مجموعة "علي بابا" في نيويورك بقيمة 25 مليار دولار في عام 2014، يثير قلق مستثمري التجزئة الذين هيمنوا على سوق الأسهم الكورية منذ انتشار الوباء.

ويقول كيم دونغ جو، المدير التنفيذي لشركة "إرودا ديسكريشينري انفستمنت" (Iruda Discretionary Investment)، وهي شركة استثمارية مقرّها سول، و تقدِّم خدماتها للمستثمرين الأفراد الذين يسعون لشراء الأسهم الأجنبية: "يشعر المتداولون الأفراد بالحزن بالتأكيد لعدم قدرتهم على الشراء في الطرح العام الأولي".

وتفتخر "كوبانغ" بقدرتها على توصيل الطلبية في اليوم نفسه أو في ساعات الصباح المبكرة قبل بزوغ الشمس، كما أنَّها منحت موظفي المخازن، و15 ألف عامل من عمال التوصيل بدوامهم الكامل حصةً في الشركة بقيمة إجمالية 90 مليون دولار قبل الاكتتاب العام، وهو سخاء فريد يأتي في الوقت الذي وقعت فيه سلسلة من الوفيات بين عمال التوصيل بسبب الإرهاق الشديد، مع ارتفاع الطلبات بحدَّة عبر الإنترنت، مما تسبَّب في ضجة وطنية.

وقال كيم في رسالة إلى المساهمين في ملف الاكتتاب العام لشركة "كوبانغ": "نعتقد أنَّنا أوَّل شركة في كوريا جعلت موظفي الخطوط الأمامية مساهمين".