اندماج "جنرال إلكتريك" و"إيركاب" سيخلق أكبر مُؤجِّر طائرات بالعالم

عمّال يجمعون أحد محركات "جنرال إلكتريك" (GE) في مصنع الشركة في لافاييت بولاية إنديانا الأمريكية
عمّال يجمعون أحد محركات "جنرال إلكتريك" (GE) في مصنع الشركة في لافاييت بولاية إنديانا الأمريكية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كشفت مصادر مطَّلعة أنَّ شركة "جنرال إلكتريك" (General Electric Co) تقترب من إبرام اتفاق لدمج أعمالها في قطاع تأجير الطائرات مع شركة "إيركاب هولدينغز" (AerCap Holdings NV) الإيرلندية، في صفقةٍ، لو تمَّت، ستجمع أكبر شركتين لتمويل وتأجير الطائرات عالمياً في سوقٍ تعاني من جائحة كورونا.

وقد يتمُّ الإعلان عن الصفقة اليوم الإثنين، وفق أحد المصادر الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لاستمرار المحادثات، في حين أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال"، البارحة الأحد، أنَّه من المتوقَّع أن تبلغ قيمة الصفقة أكثر من 30 مليار دولار. وسيمتلك الكيان الناتج عن عملية دمج "جي إي كابيتال إيفيشن سيرفيسيز" (GE Capital Aviation Services)، أو "جيكاس" (Gecas) مع و"إيركاب"، مما يناهز 3000 طائرة مملوكة أو مدارة أو تحت الطلب.

وسيؤدي هذا الدمج إلى تسريع الخطة التي يقوم بها لاري كالب، الرئيس التنفيذي لشركة "جنرال إلكتريك" (GE)، التي تهدف إلى إعادة تنظيم الشركة الصناعية الأمريكية الكبرى بعد مرحلة انهيار ملحمية.

وبرغم عدم وضوح شروط الاتفاقية المحتملة مع "إيركاب"، إلاّ أنَّ بيع شركة "جيكاس" يمكن أن يدرَّ أموالاً على "جنرال إلكتريك" تقدَّر بحوالي 25 مليار دولار، بحسب "بلومبرغ إنتيليجنس" في تقرير عام 2019. وفي العام الماضي، أكملت "جنرال إلكتريك" بيع أعمالها في مجال المستحضرات الصيدلانية الحيوية إلى شركة "داناهير" (Danaher Corp)، التي عمل فيها كالب سابقاً، مقابل 21.4 مليار دولار.

وفي مقابلة، قال جورج فيرغسون، المحلل في بلومبيرغ إنتيليجنس: "بالنسبة لـ"جنرال إلكتريك"، فإنَّ عالم الأعمال القديم، حين كنت تحتاج إلى شركة تأجير لدعم نشاطك الصناعي، قد انتهى. أما بالنسبة إلى "إيركاب"، قد يكون هذا عرضاً لا يمكنها رفضه".

ورفضت "جنرال إلكتريك" التعليق، فيما لم يتسنَ الوصول إلى ممثِّلي "إيركاب" للتعليق على الأمر عند التواصل معهم يوم الأحد خارج ساعات العمل العادية.

آلام قطاع الطيران

تبلغ القيمة السوقية لشركة "إيركاب"، المدرَجة في بورصة نيويورك، ومقرُّها دبلن، 6.6 مليار دولار. وارتفعت أسهمها بنسبة 11% هذا العام حتى 5 مارس، بعد انخفاض نسبته 26% العام الماضي، وقفز سهم "جنرال إلكتريك" بنسبة 26% هذا العام، بعد انخفاض نسبته 3.2% عام 2020 .

وأثَّرت جائحة كورونا على قطاع السفر، مما دفع شركات الطيران في أنحاء العالم كافةً إلى إلغاء طلبيات شراء وتأجيل مواعيد استلام طائرات، وجدولة مدفوعات استئجار طائرات أيضاً.

وبالنظر إلى وزن الشركتين في قطاع تمويل وتأجير وإدارة الطائرات العالمي، فإنَّه من المرجَّح أن تخضع المجموعة المشتركة للتدقيق من قِبل سلطات مكافحة الاحتكار، والجهات التنظيمية الأخرى، والشركاء التجاريين.

ومن شأن الشراكة أن تسرِّع عملية تحوُّل "جنرال إلكتريك" بعيداً عن نموذج أعمالها القديم المتمثِّل في استخدام منصة التأجير القوية، لرفع مبيعات الطائرات التجارية التي تستخدم محرِّكات الشركة. كما تمَّ تقليص الذراع المالية لـ"جنرال إلكتريك" بشكل كبير منذ أن أصابها الشلل تقريباً خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008.

وخلال السنوات الأخيرة، تخلى كالب عن الأصول كجزء من جهود التحوُّل الأوسع التي يبذلها في "جنرال إلكتريك"، بعد الانهيار الذي قضى على أكثر من 200 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال عامي 2017 و2018. وتحت قيادته، تُركت محفظة "جيكاس" في وضع شبيه بحالة "القائم بالأعمال"، بحسب قول فيرغسون.

بيع الأصول

عام 2019، وافقت "جنرال إلكتريك" على بيع أعمال تمويل الطائرات مقابل 3.6 مليار دولار لشركتيّ "أبولو غلوبال مانيجمينت" (Apollo Global Management) و"آثين هولدينغ ليميتيد" (Athene Holding Ltd)، فقد قلَّصت الشركة المُصنِّعة المتعثرة ذراع الإقراض الضخم لديها. وفي العام نفسه، سرَّع كالب من خطة بيع حصة "جنرال إلكتريك" في مزوِّد خدمات حقول النفط "بيكر هيوز" (Baker Hughes)، في محاولة لإعادة تركيز الإمبراطورية الصناعية المترامية الأطراف.

وأدى بيع الأصول إلى زيادة السيولة النقدية التي استخدمتها "جنرال إلكتريك" في سداد عبء الديون المتضخم، الذي يعدُّ أحد أهم أولويات كالب في مسيرة التحوُّل. وخفَّضت الشركة ديوناً بنحو 30 مليار دولار منذ عام 2019، بما في ذلك 16 مليار دولار العام الماضي، وبلغ إجمالي قروض "جنرال إلكتريك" حوالي 75 مليار دولار نهاية عام 2020.

ومن المحتمل أن تؤدي الصفقة مع "جيكاس" إلى تعظيم مكانة إينغاس كيلي، الرئيس التنفيذي القوي لشركة "إيركاب"، المعروف بـ"غاس"، الذي ظهر إلى دائرة الضوء عالمياً عام 2014، من خلال استحواذ "إيركاب" على شركة "آي إل إف سي" (ILFC)، المتخصصة في مجال التأجير من مجموعة "أميريكان إنترناشيونال غروب" (American International Group)، بقيمة 6.7 مليار دولار.

ويرى فيرغسون أنَّه من خلال تجميع الأصول، قد يكون الكيان الجديد قادراً على الوصول إلى أسواق رأس المال بتكلفة أقل مما يمكن أن تقوم به "جيكاس" تحت مظلَّة شركة "جنرال إلكتريك".

وتملَّكت شركة "جيكاس" أصولاً بنحو 35.9 مليار دولار نهاية العام الماضي، منها حوالي 1650 طائرة مملوكة، أو تحت الإدارة أو قيد الطلب. وبحسب ملف الشركة لدى السلطات التنظيمية، تمتلك "إيركاب"، التي تبلغ أصولها 42 مليار دولار، 939 طائرة، وتدير 105 طائرات. كما طلبت 286 طائرة شملت طرازات إيرباص "إس إي 320 نيو"، وبوينغ "737 ماكس".

وأفصح غريغ كونلون، الرئيس التنفيذي لشركة "جيكاس"، في مؤتمر اقتصاديات الطيران بشهر يناير، أنَّ الشركة كانت تبحث في عمليات دمج، أو تملُّك، أو بيع المحفظة، مُضيفاً أنَّه يلحظ فرصاً في طائرات الشحن، وتأجير المحركات. وبدوره، قال كيلي في المؤتمر نفسه، إنَّ عدداً أقل من عملاء شركات الطيران يسعون إلى تأجيل عمليات استئجار الطائرات.