لماذا يجب على بايدن الضغط على ألمانيا بشأن "نوردستريم 2"؟

المستشارة الألمانية ميركل والرئيس الأمريكي جو بايدن
المستشارة الألمانية ميركل والرئيس الأمريكي جو بايدن المصدر: غيتي إيميجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

رأي بلومبرغ - مجلس التحرير

اختارت إدارة "بايدن" عدم فرض عقوبات جديدة في هذه الفترة على "نورد ستريم 2"، وهو خط الأنابيب الذي سيضاعف كمية الغاز الطبيعي الذي تنقله روسيا مباشرة إلى أوروبا.

في الوقت الحالي، يسمح هذا القرار للولايات المتحدة بتجنب المواجهة مع ألمانيا، وهي الداعم الرئيسي للمشروع. كما أن هذا القرار يخاطر بإثارة غضب الكونغرس، ومنح انتصار جيوسياسي لـ"فلاديمير بوتين".

ولا يزال بإمكان الإدارة إنقاذ نتيجة مقبولة، لكن يتعين عليها البدء الآن. ففي مقابل الامتناع عن تطبيق عقوبات جديدة، يجب على الولايات المتحدة الضغط على ألمانيا لكي تقبل تحمل مسؤولية أكبر للدفاع عن أوروبا ضد عدوانية "بوتين".

وبمجرد اكتماله، سيسمح خط الأنابيب الذي تبلغ تكلفته 11 مليار دولار لشركة "غازبروم" الروسية المملوكة للدولة، بتوصيل 110 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً تحت بحر البلطيق إلى مراكز في ألمانيا.

ونتيجة لذلك، قد تتمكن "غازبروم" من التوقف عن إرسال الغاز عبر أوكرانيا وبولندا، وهو ما يحرم هذه البلدان من رسوم العبور التي تأخذها مقابل الإمدادات التي تمر عبر أراضيها، ما يجعلها أكثر عرضة لانقطاع الغاز الروسي، وبالتالي الضغط السياسي.

وسيزيد "نورد ستريم 2" من إمدادات أوروبا من الغاز الطبيعي الرخيص، ولكن على حساب زيادة الاعتماد على روسيا والتبني الأبطأ للطاقة النظيفة.

وتاريخياً، عارضت إدارتان أمريكيتان، ومعظم حلفاء الناتو، وحزب الخضر الألماني – وهو وفقاً لأحد المقاييس ثاني أكثر الأحزاب شعبية في البلاد – هذا المشروع، لكن المستشارة "أنغيلا ميركل" رفضت التخلي عنه. وأدى عنادها إلى قيام الكونغرس الأمريكي بتمرير تشريع من الحزبين في عام 2019 يطالب بفرض عقوبات على الشركات المشاركة في بناء خط الأنابيب.

وبالتالي، استهدف المشرّعون أيضاً شركات التأمين والشركات المحتمل مشاركتها في "نورد ستريم 2". وأقنع التهديد بفرض عقوبات أمريكية العديد من الشركات الغربية على التراجع، مما أدى إلى توقف البناء فعلياً لمدة عام تقريباً. وفي ديسمبر، استأنفت "غازبروم" العمل في خط الأنابيب، الذي اكتمل الآن بنسبة 94%. وما لم يحدث مزيد من التعطيل، يمكن الانتهاء من مد جميع الأنابيب اللازمة في وقت لاحق من هذا العام.

العلاقات الأمريكية الألمانية

كرر كل من "بايدن" ووزير خارجيته "أنتوني بلينكن"، علانية رغبتهما في إلغاء "نورد ستريم 2"، وكلاهما يواجهان ضغوطاً متزايدة من كلا الحزبين في الكونغرس للتحرك بشكل أكثر حسماً ضد خط الأنابيب. لكن إدارة "بايدن" تريد أيضاً عكس مسار التدهور في العلاقات الأمريكية-الألمانية الذي حدث في عهد "ترمب".

وإجمالاً، فإن "بايدن" محق في الامتناع عن فرض عقوبات جديدة من جانب واحد، حتى لا يثير غضب أعضاء تحالف "ميركل" الذين يدعمون استكمال خط الأنابيب ويشعرون بحساسية تجاه التدخل الأمريكي. وهذا بدوره يمكن أن يعرض رغبة ألمانيا في التعاون بشأن أولويات السياسة الخارجية الأخرى لإدارة "بايدن " للخطر .

إن الحل الذي يحترم السيادة الألمانية ويعزز دفاعات أوروبا، هو حل ممكن ويصب في مصلحة الطرفين. يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الإصرار على أنه حتى إذا تم الانتهاء من "نورد ستريم 2"، يتعين على روسيا أن تحافظ على تدفق الغاز عبر أوكرانيا بعد عام 2024، مع أحكام لفرض عقوبات على صادرات الغاز الروسية إلى الاتحاد الأوروبي.

ويجب منح الموردين غير الروس إمكانية الوصول إلى خط الأنابيب الجديد، مما يقلل من سيطرة شركة "غازبروم" على السوق الأوروبية.

ويتعين على ألمانيا مساعدة أوكرانيا ودول المواجهة الأخرى في تحديث البنية التحتية للطاقة لديها، وبناء منشآت جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك من الولايات المتحدة.

وكجزء من هذا التفاهم، يجب على "بايدن" أيضاً السعي للحصول على التزام ألماني لزيادة الإنفاق الدفاعي والمساعدة في صد سلوك روسيا المزعزع للاستقرار في أوروبا.

ولا ينبغي أن يحجب احترام السيادة الألمانية حقيقة أن الولايات المتحدة شريك في الدفاع عن أوروبا ضد العدوان الروسي، وهذا ما يعطي الولايات المتحدة مصلحة مشروعة - ويجب على "بايدن" أن يوضح أن لصبر الولايات المتحدة حدود، وإذا فشلت المفاوضات مع برلين في إحراز تقدم، يجب على الإدارة المضي قُدماً في العقوبات التي فرضها الكونغرس ضد الأطراف المشاركة في استكمال خط الأنابيب، بما في ذلك الكيانات الألمانية العامة والخاصة التي تلقت دعماً من "غازبروم".

وعلى حد تعبير "بايدن"، فإن خط الأنابيب هو "صفقة سيئة لأوروبا". إنه على حق. وإنها أيضاً صفقة سيئة بالنسبة للولايات المتحدة، ولتحسينها، يجب أن يكون بايدن بناءً وحازماً.