طيران "كاثي" تخسر 2.8 مليار دولار في أسوأ أعوامها على الإطلاق

كاثي باسفيك عملاقة الطيران الأسيوي تلقت ضربات موجعة قبل كورونا  دفعتها لتطبيق إجراءات قاسية منها خفض رواتب المديرين التنفيذين و برنامج إجازات غير مدفوعة للموظفين
كاثي باسفيك عملاقة الطيران الأسيوي تلقت ضربات موجعة قبل كورونا دفعتها لتطبيق إجراءات قاسية منها خفض رواتب المديرين التنفيذين و برنامج إجازات غير مدفوعة للموظفين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أعلنت شركة طيران "كاثي باسيفيك" تسجيل خسائر سنوية 21.65 مليار دولار هونغ كونغ (2.8 مليار دولار) عن العام 2020 الذي وصفته الشركة بأنه "أكثر 12 شهراً واجهت فيها تحديات على مدار تاريخها الممتد لأكثر من 70 عاماً". ويأتي هذا الأداء وسط تصاعد الاضطرابات غير المسبوقة التي شهدتها حركة السفر حول العالم نتيجة لتفشي جائحة كورونا.

وذكر باتريك هيلي رئيس مجلس إدارة الشركة أن التوقعات ليست أفضل بكثير من الوضع الحالي؛ حيث قال في بيان صحافي:

لم يتضح لنا كيف سيتطور الوباء وما هي تداعياته

وأغلقت هونغ كونغ حدودها بشكل شبه كامل أمام غير المقيمين وفرضت حجراً صحياً إلزامياً لمدة 21 يوماً على المسافرين العائدين من الخارج.

وتتوقع كاثي أن تعمل بطاقة تشغيلية أقل من 50% من حيث عدد المسافرين في العام 2021.

وأعلنت الشركة عن استمرارها في تطبيق الإجراءات المتحفظة تجاه الحفاظ على السيولة وخفض التكلفة من تخفيض رواتب المديرين التنفيذين خلال العام الجاري، كما طالبت كاثي موظفيها تقديم "برنامج اجازة خاصة" خلال النصف الأول من العام 2021، الذي وافق عليه 80% من الموظفين. كما سبق أن ألزم برنامج الإجازات الموظفين بتقديم إجازة غير مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أسابيع خلال فترة محددة.

وجمعت كاثي 39 مليار دولار هونغ كونغ من برنامج إعادة الرسملة في يوليو الماضي، لتبلغ السيولة القابلة للاستخدام دون قيود 28.6 مليار دولار هونغ كونغ بنهاية العام 2020، كما أصدرت الشركة سندات قابلة للتحول لأسهم بقيمة 6.74 مليار دولار هونغ كونغ خلال العام الحالي لتأمين المزيد من السيولة.

2020 عام صعب

شهدت كاثي أداءً واعداً مطلع العام 2020، وسط زيادة طفيفة في حركة الطيران التي تعرضت لركود خلال النصف الثاني من العام 2019، نتيجة الاضطرابات الناتجة عن الاحتجاجات المناهضة لحكومة هونغ كونغ، والتي أدت لتراجع أعداد زائري المدينة. لكن الظروف تدهورت مع بدء تفشي ظهور فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية في نهاية شهر يناير.

وفي تلك الأثناء، وبالتحديد في يوم 22 يناير وفي خطوة استباقية، أصدرت كاثي بياناً صحافياً ذكرت فيه بشكل واضح أنه: "نظراً لتطور المعلومات الواردة من السلطات الصحية، يسمح لأفراد وطاقم موظفي الخطوط الأمامية في المطار بارتداء أقنعة الوجه الطبية أثناء تأدية مهامهم وفقاً لتقديرهم".

وبالنظر إلى انتشار أقنعة الوجه في كل مكان في الوقت الحالي، فقد كان توجه استباقي من الشركة، ومؤشراً على الفوضى التي بدأت تضرب صناعة السفر جواً على مستوى العالم.

وبعد يوم واحد من ذلك البيان، علقت شركة الطيران الإقليمية التابعة، "كاثي دراغون" رحلاتها الجوية من وإلى مدينة ووهان لمدة شهر. وفي يوم 26 يناير قامت الشركة بتمديد تعليق الطيران حتى نهاية مارس، وزادت الأمور سوءاً مع تفشي الوباء، الأمر الذي انتهى بتعطل خطوط السفر وصناعة الطيران.

أضرار بالغة

وكشفت الناقل الوطني لهونغ كونغ عن مدى الضرر الذي أصاب الشركة خلال العام 2020 بعد ظهر الأربعاء الماضي. وكانت الشركة قد حذرت من تسجيل نتائج سيئة

بعدما تكبدت خسائر بلغت 9.87 مليار دولار هونغ كونغ خلال النصف الأول، فيما زادت خسائر النصف الثاني في الفترة من يوليو حتى ديسمبر لتبلغ 11.8 مليار دولار هونغ كونغ.

وبلغ صافي الخسارة نتيجة المنح الحكومية للحد من تداعيات جائحة كورونا 2.7 مليار دولار هونغ كونغ. كما تضمنت الخسائر 4.1 مليار دولار هونغ كونغ مخصصات خسائر انخفاض القيمة والمرتبطة بخروج 34 طائرة من الخدمة أو إعادتها إلى المؤجرين، بالإضافة إلى 4 مليارات دولار هونغ كونغ تكلفة إعادة هيكلة بعض أصول الشركات التابعة، ويتضمن ذلك 1.6 مليار دولار هونغ كونغ نتيجة شطب استحقاقات ضريبية مؤجلة على شركتها التابعة كاثي دراغون.

وعلى الرغم من إعادة الرسملة في يوليو وتطبيق سياسة خفض التكاليف من تسريح العمال، وخفض الأجور، وإعادة جدولة الرحلات، لا تزال تكاليف "كاثي" الشهرية تصل إلى 1.5 مليار دولار هونغ كونغ. وقد تراجع سعر سهم الشركة 29% خلال العام 2020 وسط انخفاض أعداد المسافرين بنحو 99% مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.

تسليمات مؤجلة

اتفقت كاثي مع إيرباص على تأجيل تسلم طائرات A350-900s و A350-1000s من العام 2020 حتى العام 2023، وكذلك تأجيل تسلم طائرات A321neos إلى 2025 بدلاً من 2020. كما تجري الشركة مفاوضات متقدمة مع بوينج لتأجيل تسلم طائرات 9-777.

وتسلمت الناقلة الجوية 10 طائرات جديدة في العام 2020، من بينها أول طائرة من طراز A321neo، كما قامت بإجراء تعديلات على 4 طائرات بوينج من طراز 777-300ER لتوفير سعة إضافية تسمح بتحولها لطائرة نقل بضائع. كما تقوم الشركة بتحويل تشغيل بعض طائرات وحدتها التابعة كاثي دراغون إلى شركتها التابعة "إتش كيه إكسبرس" للطيران منخفض التكلفة.

وتوقع أندرو لي، المحلل في غيفيريس، استمرار خسائر كاثي حتى مع تخفف قيود السفر والحجر الصحي وعودة السفر الدولي، حيث أشار إلى أن هناك 82 طائرة من أسطول الشركة يتوقف في مواقع خارج هونغ كونغ.

وكتب لي في مذكرة: "رغم ذلك نحتفظ بتوصيتنا بشراء سهم الشركة عند 8 دولارات هونغ كونغ كسعر مستهدف بدعم من تقديراتنا إلى وصول الشركة لأدنى مستويات التشغيل بانخفاض سنوي 99% خلال يناير".

جاءت الخسائر السنوية للعام 2020 على خلفية التقارير الشهرية المتشائمة التي استمرت طوال العام، وسط عدم إظهار أية مؤشرات على التعافي من تداعيات الجائحة.

وقال رونالد لام رئيس إدارة العملاء والعمليات التجارية في بيان بشأن إحصاءات السفر خلال شهر ديسمبر: "تشهد أنشطة نقل الركاب تحديات كبيرة "، وحمل البيان الصادر عن الشركة في شهر أكتوبر تفائل إلى حد ما بعد الإعلان عن فتح السفر مع سنغافورة والذي تم وصفه وقتها بأنه "تطور مشجع للغاية"، لكن سرعان ما تم إلغاء تنفيذ ذلك وتم تأجيل الاتفاق بسبب تفشي فيروس كورونا داخل هونغ كونغ.

جدول زمني لتعامل :"كاثي باسيفيك" مع الأزمة

- 28 يناير: تعمل كاثي باسيفيك وكاثي دراغون على خفض سعة رحلاتهما من وإلى الصين بنسبة 50% أو أكثر في الفترة من 30 يناير إلى نهاية مارس.

- 17 فبراير: أداء يتدهور بسرعة في الاسبوع الأخير من يناير مع تفشي حاد لفيروس كورونا وقد زاد معدل الغاء الحجوزات بشكل كبير خلال فترة وجيزة.

- 16 مارس: التحدي الذي نواجهه الآن غير مسبوق.

- 16 أبريل: انخفاض سريع للطلب من الركاب في نهاية مارس مع تطبيق قيود على وصول غير المقيمين إلى هونغ كونغ متضمناً ركاب الترانزيت.

- 15 مايو: ما نشهده يمثل أكبر تحدي أمام صناعة الطيران على الإطلاق.

- 14 أغسطس: يتعين علينا التعامل مع الركود العالمي الذي يلوح في الأفق وكذلك التوترات الجيوسياسية إلى جانب جائحة كوفيد-19.

- 14 سبتمبر: نجتاز العاصفة في الوقت الحالي لكننا ببساطة لن ننجو منها ما لم تتكيف كافة شركات الطيران مع قواعد جديدة لسوق السفر.

- 19 أكتوبر: نتوقع الوصول إلى طاقة تشغيلية خلال العام 2020 تمثل 10% من عدد المسافرين نسبة إلى مستويات ما قبل الجائحة وتصل إلى أقل من 50 % على مدار العام 2021.

- 5 نوفمبر: سنواصل تخفيض رواتب المسؤولين التنفيذيين طوال العام 2021 وسنقوم بتقديم خطة اجازة خاصة طوعية ثالثة للموظفين من غير طاقم الطائرة ولن تكون هناك زيادات في الرواتب للعام 2021.

- 16 ديسمبر: مازلنا لا نشهد أي تحسن ملحوظ في أنشطتنا المتعلقة بنقل الركاب.

- 10 مارس: يصعب التنبؤ أو الربط بين بدء تنفيذ برامج التطعيم في أسواقنا الرئيسية وتخفيف محتمل في قيود السفر مستقبلاً.

موقف معقد

تأتي تداعيات جائحة كورونا مباشرة بعد عام 2019 الذي شهدت فيه الشركة ظروفاً صعبة، والتي تأثرت خلالها بالاضطرابات السياسية في هونغ كونغ وقطع بعض الطرق المؤدية إلى المطار، الأمر الذي أصاب العمليات بالشلل. كذلك أدت الاضطرابات إلى تغيير الإدارة العليا حيث تولى أوغسطس تانغ منصب الرئيس التنفيذي، كما أصبح هيلي رئيساً لمجلس الإدارة.

ولم تستهل الشركة العام الحالي بشكل أفضل من السابق على الرغم من تسارع طرح اللقاح والحديث عن انتهاء المرحلة الأسوأ من الوباء، حيث يستمر اغلاق مطار هونغ كونغ أمام السفر الدولي بسبب متطلبات الحجر الصحي الإلزامي لمدة 21 يوماً للمقيمين العائدين من الخارج وعدم السماح لغير المقيمين خارج الصين وماكاو وتايوان من دخول المدينة.

ويتعقد الموقف بالنسبة لـ"كاثي" بعد إصدار قانون يفرض على طاقم الرحلات الجوية العزل الصحي ما يضيف نحو 300–400 مليون دولار هونغ كونغ إلى إنفاقها الشهري.

ونقلت "كاثي" بضع مئات من الركاب فقط في 28 ديسمبر الماضي، ما يمثل أدنى مستوياتها التشغيلية والتي تزامنت مع أعياد الميلاد التي عادة ما تكون مزدحمة. حيث لم تنقل الشركة بشبكتها الدولية المترامية التي وصلت إلى حالة مزرية، سوى 490 مسافراً فقط في ذلك اليوم.

وقالت الشركة في بيان الأربعاء الماضي، إنه منذ بداية الوباء انخفضت إيرادات نقل الركاب في كاثي إلى ما يتراوح حول 2–3% من مستويات العام 2019.