بريطانيا تصل متأخرة إلي سوق السندات الخضراء المصدر: بلومبرغ

السندات الخضراء تشعل المنافسة بين بريطانيا وأقرانها الأوروبيين

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تكافح المملكة المتحدة أقرانها الأوروبيين، بعد الدخول المتأخر إلى سوق الديون الخضراء المزدهر، الأمر الذي يقوِّض طموحات لندن، لتصبح رائدة عالمياً في مجال التمويل البيئي.

وتعتزم الحكومة البريطانية بيع أوَّل أصولها الخضراء هذا الصيف، وهو الوقت الذي ستتمتَّع فيه ألمانيا بمنحنى عائد كامل من الديون المقدَّمة للمستثمرين. ويمكن أن تتفوَّق إسبانيا عليها أيضاً في طرحها الأولى للسندات الخضراء، بعد أن سجَّلت إيطاليا رقماً قياسياً في طرحها الأولى هذا الشهر، في حين تعدُّ فرنسا المُصدِّر الأكبر لهذا النوع من السندات.

وقالت كلير جونز، رئيسة الاستثمار المسؤول لدى شركة الاستشارات "لين كلارك آند باهوك": "يجب على الحكومة التأكُّد من أنَّ هذه العملية ليست غسلاً أخضر للمستثمرين والمستهلكين".

ومن المفترض أن تكون مبيعات السندات الخضراء ركائز أساسية في خطَّة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لتعزيز أوراق الاعتماد البيئية للبلاد قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في اسكتلندا في نوفمبر المقبل. وفي الوقت ذاته، هناك عديد من المستثمرين، لا يزالون غير مدركين التفاصيل الأساسية لهذا الطرح.

ومن المقرَّر أن تصل مبيعات السندات الخضراء في المملكة المتحدة إلى 15 مليار جنيه إسترليني (21 مليار دولار) في عام 2022، أي حوالي نصف ما تملكه فرنسا بالفعل.

ولم يقدِّم مكتب إدارة الديون في البلاد علامات بشأن توقيت أو استحقاق السندات الأولية، في حين أنَّ وزارة الخزانة البريطانية لن تصدر أي تفاصيل حول إطار العمل حتى يونيو، ويمكن أن تؤدي هذه القواعد إلى استئناف إصدار أوسع نطاقاً للديون المقوَّمة بالجنيه الاسترليني، التي لا تشكِّل حتى الآن سوى 6% من المبيعات القياسية من الديون الأخلاقية في أوروبا لهذا العام.

وصول متأخر

كانت السندات الخضراء، التي تُموِّل المشاريع البيئية، عنصراً أساسياً في الأسواق الأوروبية منذ أعوام حتى الآن، بعد أن أصبحت بولندا أوَّل دولة تُشرِّع في بيعها في عام 2016. وارتفع الإصدار العالمي من السندات الخضراء ليتجاوز حاجز التريليون دولار مع تقدُّم مكانة التغيرات المناخية في أجندة السياسات، وتحفيز المستثمرين للاندفاع نحو الأصول البيئية، والاجتماعية، والحوكمة.

ومن جانبها، لم تُبدِ المملكة المتحدة أي علامات تدل على أنَّها في عجلة من أمرها للانضمام، برغم كونها موطناً لمجموعة من الصناديق ذات التفكير الأخلاقي.

وفي العام الماضي، قال روبرت ستيمان، رئيس مكتب إدارة الديون في المملكة المتحدة، إنَّ المستثمرين بحاجة لإبداء استعدادهم لدفع المزيد، وإلا ستكون خطوة إصدار السندات الخضراء خطوة رمزية، وسينتهي الأمر بتحميل دافعي الضرائب تكاليف أكثر من السندات الخضراء القياسية. ومنذ ذلك الحين، تمكَّنت العديد من الدول والشركات من خفض تكاليف التمويل الخاصة بها باستخدام الديون المستدامة.

تغيَّر الوضع في نوفمبر عندما أعلن وزير المالية البريطاني ريشي سوناك عن خطط لتشييد "منحنى أخضر" للمساعدة في تشجيع التدفُّقات المالية المستدامة، وتوسيع الريادة العالمية لبلاده في مجال التمويل الأخضر، لكنَّ القيام بذلك يتطلَّب بيع سندات عديدة بآجال استحقاق مختلفة، فألمانيا، على سبيل المثال، لديها بالفعل سندات خضراء لأجل 5 أعوام و 10 أعوام، وتعتزم إصدار سندات لأجل 30 عاماً في الأشهر المقبلة.

ويقول سيمون بوند، مدير الصندوق في شركة "كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنت" الذي حثَّ الحكومة على اتباع المبادئ حالياً، والموضوعة من قبل الرابطة الدولية لسوق رأس المال:

وجهة نظرنا واضحة، وهي أنَّ السندات الخضراء بحاجة لاستهداف طلب مؤسسي طويل الأمد

خيبة أمل

يُذكَر أنَّه سيكون هناك أيضاً سندات خضراء بريطانية لمستثمري التجزئة، لكنَّ المشكلة الطارئة التي قد تظهر هي إيجاد مشاريع كافية مؤهَّلة لاحتضان كلِّ هذه الأموال.

ولم يقدِّم بيان الميزانية، الذي ألقاه سوناك مؤخَّراً أمام مجلس العموم، سوى القليل من النقدية الجديدة للمشاريع الخضراء، وبالتالي شعر المدافعون عن البيئة بخيبة أمل كبيرة بسبب الافتقار للإنفاق المعلن لخفض الانبعاثات.

وقال أجاي غامبير، كبير الباحثين في معهد غرانثام لتغيّر المناخ في "إمبريال كوليدج لندن"، إنَّ: "بند التدابير الخضراء في الميزانية كان ضعيفاً، فقد شعرت، وكأنَّه ليس هناك أي هدف لتحقيق الانبعاثات الصفرية، أو حالة طوارئ مناخية معلنة في المملكة المتحدة". وأضاف: "لم تظهر الميزانية الموضوعة، وكأنَّها ستفي بالغرض في دفع عجلة التسارع نحو الانبعاثات الصفرية بأيِّ شكل من الأشكال".

وفي الوقت الحالي، ينصب تركيز مديري الأصول المهتمين على التأكُّد من استيفاء أي سندات لمعايير صارمة، مع تخصيص العوائد للمشاريع ذات الأثر الحقيقي. ويأتي ذلك وسط مخاوف متزايدة في السوق بشأن "الغسل الأخضر"، إذ يمكن أن تكون هناك فوائد مبالغ فيها. وكان المسؤولون في وزارة الخزانة البريطانية قد التقوا بالمستثمرين لتقييم آرائهم في الخطوات المتخذة نحو الإصدار الأخضر.

وقالت آشلي هاميلتون كلاكستون، رئيس الاستثمار المسؤول في "رويال لندن أسيت مانجمنت"، التي تحدَّثت إلى مسؤولين حكومين الشهر الماضي : "في ظلِّ السندات السيادية، من الصعب للغاية أن نفرض حاجزاً على الأصول، علماً أنَّ الذي كنَّا نعزز الاتجاه إليه؛ هو المزيد من اليقين بشأن ما سيقومون بتمويله. سنشعر بخيبة أمل حقاً، إذا تمَّ الإعلان عن السندات الخضراء لمجرَّد إعادة تمويل الأصول الحالية".