الاقتصاد البريطاني ينكمش 2.9% في أول شهر بعد "بريكست"

سيدتان في أحد شوارع لندن شبه الخالية من المتسوقين. لا يزال من المرجح أن يترك الوباء آثاراً على الاقتصاد البريطاني، مع وجود تداعيات بالنسبة لقضايا البطالة والزيادات الضريبية في نهاية المطاف أو خفض الإنفاق اللازم لإصلاح أوضاع المالية العامة.
سيدتان في أحد شوارع لندن شبه الخالية من المتسوقين. لا يزال من المرجح أن يترك الوباء آثاراً على الاقتصاد البريطاني، مع وجود تداعيات بالنسبة لقضايا البطالة والزيادات الضريبية في نهاية المطاف أو خفض الإنفاق اللازم لإصلاح أوضاع المالية العامة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انكمش الاقتصاد البريطاني بمعدَّلٍ أقل من المتوقَّع خلال فترة الإغلاق بسبب فيروس كورونا في يناير 2021، مدفوعاً بنمو مفاجئ في قطاع الإنشاء، ونشاط أقوى في قطاع الصحة.

وقال مكتب الإحصاءات الوطنية في بريطانيا، إنَّ الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 2.9%، مقابل توقُّعات الاقتصاديين بحدوث انكماش بنسبة 4.9%.

وساعد النمو في قطاعي الإنشاء والصحة على تخفيف وتيرة انكماش بنسبة 40.7% في الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي في يناير، أوَّل شهر كامل بعد خروج بريطانيا من التكتل (بريكست).

وتشير البيانات إلى أنَّ حملة التلقيح السريعة التي يقودها رئيس الوزراء بوريس جونسون ضد فيروس كوفيد-19 تساعد في تعزيز الاقتصاد بالإضافة إلى تغذية التفاؤل بأنَّ القيود سيتمُّ رفعها مع حلول منتصف 2021.

وسيغذي ذلك قرار بنك انكلترا الأسبوع المقبل بشأن ما إذا كانت لندن بحاجة إلى مزيد من التحفيز للتعافي من أكبر ركود منذ ثلاثة قرون.

وقال جوناثان أثو، نائب رئيس مكتب الإحصاءات الوطنية في بيان يوم الجمعة: "الزيادات في الخدمات الصحية عبر طرح اللقاح وزيادة الاختبارات، عوَّضت جزئياً الانخفاضات في الصناعات الأخرى".

تراجع التجارة مع الاتحاد الأوروبي

مثَّلت التجارة عائقاً كبيراً للاقتصاد، وانخفضت الصادرات البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 40.7% في يناير 2021 على أساس شهري، في حين انخفضت الواردات من الاتحاد بنسبة 28.8%.

وكانت أكثر الواردات تضرُّراً من الاتحاد الأوروبي، هي الآلات، ومعدات النقل، وخاصة السيارات، والمنتجات الطبية والصيدلانية.

وقال جوناثان أثو نائب رئيس مكتب الإحصاءات الوطنية: "انخفضت الواردات البريطانية من الاتحاد الأوروبي، والصادرات إليه بشكل ملحوظ في يناير، ومن المرجَّح أن يكون ذلك نتيجة عوامل مؤقتة". وأضاف: "تشير نتائج استطلاعات الرأي التي أجريناها في الوقت المناسب والمؤشرات الأخرى إلى أنَّ التجارة بدأت تتعافى في نهاية الشهر".

وقالت الحكومة البريطانية، إنَّ إحصاءات التجارة لا تعكس مجمل العلاقات التجارية بين بروكسل ولندن بعد (بريكست).

وألقى بيان باللوم على مجموعة فريدة من العوامل، بما في ذلك عمليات التخزين التي قامت بها الشركات في 2020، وعمليات الإغلاق بسبب كورونا في جميع أنحاء أوروبا، وعمليات تكيُّف الشركات مع العلاقات التجارية الجديدة، التي جعلت تراجع التبادل التجاري مع بروكسل حتمياً.

والاقتصاد البريطاني حالياً أقل بنسبة 9%، مما كان عليه في فبراير 2020 قبل تفشي وباء كورونا.

اللقاحات تعزز توقعات النمو

ويقول دان هانسون، المحلل في "بلومبرغ إيكونوميكس": "نتوقَّع أن ينتعش الاقتصاد البريطاني في الأشهر القليلة المقبلة بفضل نجاح برنامج التطعيم، مما يساعد الحكومة على إزالة القيود. ولا يزال من المتوقَّع أن ينكمش الاقتصاد في الربع الأول، ولكن من المحتمل أن يمثِّل يناير أدنى نقطة مع بيانات أكثر تشير إلى أنَّ التعافي بدأ في فبراير".

وقدَّم نشاط العمل الصحي والاجتماعي أكبر دفعة للنمو في يناير. كما حقق قطاعا العقارات والاتصالات العقارية نموَّاً في يناير.

وانخفضت الفئة التي تشمل مصففي الشعر، والخدمات الشخصية الأخرى بنسبة 21% تقريباً، مما يعكس القواعد التي أغلقت الكثير من النشاط في تلك القطاعات.

وانكمش التصنيع والخدمات في يناير، لكنَّ صناعة البناء سجَّلت مكاسباً، بعد أن ارتفع الإنتاج بنسبة 0.9% على أساس شهري.

وكان قطاع الإنشاء أكبر عائق بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في ديسمبر 2020، عندما سجَّلت معظم قطاعات الاقتصاد الأخرى معدَّل نمو.

وانخفض قطاع الخدمات بنسبة 3.5%، أقل مما توقَّعه الاقتصاديون، مدفوعاً بقطاعي الإقامة، والخدمات الغذائية، والتعليم، إذ انخفض الناتج 28% و16.3% على التوالي.

توقُّعات النمو

وفي الوقت الحالي، يتوقَّع مكتب مسؤولية الميزانية، الجهة الحكومية المعنية بالتوقُّعات، انخفاضاً بنسبة 3.8% في الإنتاج خلال الربع الأول، يليه انتعاش سريع إلى مستويات ما قبل كوفيد في الربع الثاني من العام المقبل، أي قبل ستة أشهر مما كان متوقَّعاً في نوفمبر 2020.

وكان بنك انكلترا أكثر تفاؤلاً، إذ توقَّع العودة إلى المستويات التي كان عليها الاقتصاد في نهاية عام 2019 مع حلول بداية عام 2022 بعد زيادة بنسبة 14% في الناتج خلال 2021، على الرغم من أنَّ المحافظ أندرو بيلي قال في وقت سابق من الشهر الجاري، إنَّ المخاطر على الاقتصاد تتجه للتراجع.

ولا يزال من المرجَّح أن يترك الوباء آثاراً على الاقتصاد، مع وجود تداعيات بالنسبة لقضايا البطالة، والزيادات الضريبية في نهاية المطاف، أو خفض الإنفاق اللازم لإصلاح أوضاع المالية العامة.

وفي ظلِّ السيناريو الرئيسي الذي وضعه مكتب مسؤولية الميزانية، فقد ينخفض الناتج بنحو 3% على المدى المتوسط مقارنة بالمستوى الذي يمكن أن يحققه في حال عدم تفشي وباء كورونا. ويقدِّر بنك انكلترا تراجع الاقتصاد بحوالي 1.75% على المدى الطويل.