كارثة لقاح "أسترازينيكا" الأوروبي تتفاقم مع زيادة حالات التعليق

قارورتان من لقاح "أسترازينيكا" وجامعة أكسفورد المضاد لكورونا
قارورتان من لقاح "أسترازينيكا" وجامعة أكسفورد المضاد لكورونا المصور: أنتوني ديفلين - بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يزداد كابوس اللقاح الأوروبي التابع لشركة "أسترازينيكا بي إل سي" سوءاً، بعدما وقف عدد من البلدان استخدام اللقاح بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، إذ دفع مزيد من التأخير في التسليم، الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى تخزين الجرعات التي حصلوا عليها بالفعل.

واستجابت 10 دول على الأقلّ من بينها إيطاليا والنرويج، بعد أن أثارت النمسا، ولاحقاً الدنمارك مخاوف بشأن الآثار الجانبية المحتملة من جرعتين، في حين قالت السلطات التنظيمية للأدوية في أوروبا إنه لا شيء يشير إلى وجود مشكلات، فقد أدى ذلك إلى سلسلة من حالات التعليق امتدت حتى تايلاند.

وظهر الذعر الصحي على خلفية مزيد من مشكلات الإمداد، واصطدمت جهود شركة الأدوية لتعويض النقص في الاتحاد الأوروبي من خلال الحصول على جرعات من أماكن أخرى بالحائط، إذ تحمي الحكومات في جميع أنحاء العالم إمداداتها الخاصة.

ورفضت الولايات المتحدة الضغط لمشاركة الجرعات، واحتفظت بمخزونها من لقاح "أسترا"، على الرغم من أن اللقاح غير مصرح باستخدامه حتى الآن.

مشكلات التصنيع تظهر

وأبقت التطورات السريعة شركة "أسترا" في قلب عاصفة سياسية في أوروبا، بعد أسابيع من ظهور مشكلات التصنيع لأول مرة بين الجانبين، وفي غضون ذلك يتخلف الاتحاد الأوروبي أكثر عن المملكة المتحدة والولايات المتحدة في عمليات التطعيم، مما يخلق أزمة سياسية لقادة الكتلة.

وإضافة إلى الإنتاجية المنخفضة التي تبلغ أقلّ مما هو مخطط له، لا يزال أحد المصانع في هولندا ينتظر الموافقة التنظيمية لتوزيع اللقاح. يصنع الموقع، الذي تملكه الشركة المصنعة "هاليكس" (Halix)، مادة تصنيع لقاح "أسترا"، ويشكل جزءاً من سلاسل التوريد في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

وقال متحدث باسم "أسترا" إن الجدول الزمني لاعتماد اللقاح يتماشى مع الخطط الأصلية، ولم يكن له أي تأثير على عمليات التسليم في الاتحاد الأوروبي، فيما لم تردّ شركة "هاليكس" على طلب للتعليق بعد ساعات العمل العادية.

وتعني المشكلات المختلفة أن شركة "أسترا" ستكون قادرة فقط على تقديم نحو 100 مليون جرعة للاتحاد الأوروبي في النصف الأول من العام، حسبما ذكرت الجمعة، أي نحو ثلث الكمية المخطط لها أصلاً، ومن المقرر تسليم 30 مليون جرعة بحلول نهاية هذا الربع من العام، والربع المقبل.

واستجابت إيطاليا بالفعل بإجراء مباشر، مستفيدةً من إجراء جديد للاتحاد الأوروبي لمنع شركة "أسترا"من شحن بعض الجرعات إلى أستراليا، فيما ألمح رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي يوم الجمعة إلى أنه سيفعل ذلك مرة أخرى إذا اضطُرّ إلى ذلك.

قال دراغي: "لقد حصل الاتحاد الأوروبي على تعهدات واضحة من شركات الأدوية، ونتوقع احترامها. لقد اتخذنا بعض القرارات القوية ضد الشركات التي أخّرت عمليات التسليم، وسنواصل ذلك".

ولن تفعل التطورات الأخيرة كثيراً لتشجيع (الناس) على الحصل على لقاح "أسترا" في الاتحاد الأوروبي، الذي واجه بالفعل مشكلات في الأسابيع الأخيرة في ضوء معدلات الفاعلية المتفاوتة، والافتقار المحتمَل إلى الحماية من الفيروسات المتحورة الجديدة، بجانب التساؤلات حول فاعليته لدى كبار السنّ. وحتى وقت قريب كان عدد من البلدان قصر استخدام اللقاح على أولئك الذين تقلّ سنّهم عن 65 عاماً.

في استطلاع أجرته شركة "يوغوف" (YouGov) في 7 مارس الجاري، كانت التصورات في دول الاتحاد الأوروبي حول سلامة اللقاح من شركة "أسترا" وجامعة أكسفورد أقلّ بالمقارنة بلقاحات من شركة "فايرز إنك" وشريكتها "بيوإنتك إس إي" وشركة "موديرنا إنك"، وعلى العكس من ذلك رأي البريطانيون لقاح شركة "أسترا" الأفضل من حيث السلامة بين الثلاثة.

وقد يؤدي تعليق الاستخدام إلى إضافة مزيد من الآراء السلبية، على الرغم من التوجيهات الصادرة عن وكالة الأدوية الأوروبية، إذ بلغ عدد الحوادث المبلغ عنها حوالي 30 من مجموعة مكونة من نحو 5 ملايين شخص، ليس أكبر مما كان سيحدث بشكل طبيعي في هذا الحجم من السكان، وفقاً للهيئات التنظيمية والعلماء.

وقال ستيفن إيفانز، الأستاذ في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي: "المشكلات الحقيقية مع الجرعة نادرة جداً، وتتعلق دائماً بالتلوث بالبكتيريا أو الجزيئات الفيزيائية" مثل الزجاج الذي اكتشفه المصنع. "وقف الاستخدام مؤقتاً في هذه الحالة لا يستند إلى أدلة".

وقالت "أسترا" إن تحليل بيانات السلامة لأكثر من 10 ملايين سجلّ لم يُظهِر أي دليل على زيادة خطر الإصابة بالانسداد الرئوي أو تجلط الأوردة العميقة في أي فئة عمرية أو جنس أو مجموعة أو دولة.

تنامي النزعة القومية الوبائية

وأصبح لقاح "أسترا" رمزاً لتنامي النزعة القومية الوبائية، إذ تتسابق الدول لتطعيم السكان في أسرع وقت ممكن. وطلبت الولايات المتحدة بالفعل ما يقرب من لقاحات كافية من الشركات المصنعة الثلاث بإذن من إدارة الغذاء والدواء لتطعيم سكانها البالغين على جرعتين.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الأربعاء: "سنبدأ التأكد من رعاية الأمريكيين أولاً، لكننا سنحاول بعد ذلك مساعدة بقية العالم".

وبالعودة إلى أوروبا، أمضى الاتحاد الأوروبي معظم الأسبوع الماضي في حرب كلامية أخرى مع المملكة المتحدة بعد أن اتهمت بريطانيا بمنع صادرات اللقاح.

وصدّر الاتحاد الأوروبي نفسه ملايين الجرعات، على الرغم من أن لديه أيضاً ضوابط يمكنه استخدامها لضمان احترام شركات الأدوية للعقود.

وقال مارك إكليستون تورنر، المتخصص في القانون والأمراض المعدية في جامعة كيلي بإنجلترا: "أعتقد أن في الأمر مفارقة لا تُصدَّق، إذ يشتكي الاتحاد الأوروبي من أن الدول الأخرى ذات نزعة حمائية"، وأضاف: "في بداية هذه الجائحة كانوا يشيرون إلى هذا اللقاح باعتباره منفعة عامة، ثم سعوا لشراء أكبر عدد ممكن من الجرعات ووضع ضوابط على الصادرات".