مستقبل "فوكسكون" في الولايات المتحدة قد يعني مواجهة مباشرة مع "ماسك"

"فوكسكون" تبحث عن مستقبل في الولايات المتحدة
"فوكسكون" تبحث عن مستقبل في الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
Tim Culpan
Tim Culpan

Tim Culpan is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. He previously covered technology for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مرّت أربع سنوات تقريباً منذ أن التقى "تيري غو" مؤسس مجموعة "فوكسكون تكنولوجي" (Foxconn Technology Group) مع حاكم ولاية ويسكونسن "سكوت ووكر" للتحدث عن خطط عملاق الإلكترونيات في الولايات المتحدة. ووقتها، تناول "ووكر" الطُعم وقدّم حوافز ضخمة ليحصل في المقابل على وعد ببناء مصنع شاشات تلفزيونية وتوفير آلاف الوظائف.

ولكن لم يحدث أي من هذا، ولم يُعاد انتخاب "ووكر"، كما فوّض "غو" إمبراطوريته إلى رئيس مجلس إدارة جديد؛ وبقيتْ الوعود فارغة لم تتحقق. غير أنه ما زال هناك أمل لكل من ويسكونسن والشركة التايوانية التي تشتهر بصناعة أجهزة "آيفون" (iPhones) التابعة لشركة "آبل" من أجل تحقيق النتائج ولكن يحتاج كلا الطرفين إلى دفن الماضي.

فرصة السيارات الكهربائية

الخطوة الأولى هي أن ندرك أن مصنع شاشات الكريستال السائل ليس منطقياً ببساطة، فليس لدى الولايات المتحدة خلفية في مجال تصنيع الشاشات المسطحة ولا مكان لهذا العمل ذو النفقات الرأسمالية الكبيرة والقدرة التنافسية العالية للغاية في الغرب الأوسط بأمريكا. وقد أوضحتْ في مقال سابق لماذا تُعدّ هذه الفكرة غير مجدية.

ومع ذلك، تمتلك شركة "فوكسكون" الأرض بالفعل - بعد عملية مثيرة للجدل للاستحواذ على الملكية من مواطنين محليين - وبدأت في البناء. وهي بحاجة للقيام بشيء ما ضمن مساحة الأربعة أميال مربعة التي تحتلها الآن في "ويسكونسن فالي ساينس آند تكنولوجي بارك". ولحسن الحظ، لدى "فوكسكون" رئيس مجلس إدارة جديد ذو رؤية جديدة؛ وهو يبدو حريصاً على خوض غمار مسارات جديدة. ومن بين المشاريع الجديدة التي يرسم لها "يونغ ليو" هي السيارات الكهربائية.

وقد يكون الأمريكيون غير مُجهزين لإنتاج شاشات مسطحة أو تجميع أجهزة التلفزيون؛ إلا أنهم يملكون الخبرة في مجال تصنيع السيارات، بالرغم من أن "فوكسكون" تحديداً لا تملك مثل هذه الخبرة. وبعد مرور عام على إطلاقها لمنصة "إم إتش آي" (MIH) للسيارات الكهربائية - وهي طريقة معيارية للسيارات تأمل الشركة في أن تكون مستقبل السيارات - قامت "فوكسكون" التي تتخذ من تايبيه مقراً لها بتسجيل عشرات الشركاء، إلا أنها لم تثبت في الواقع قدرتها على إنجاز المطلوب. وفي الحقيقة، تورّد الشركة بالفعل قطع غيار لشركة "تسلا"، أما الآن فهي حريصة على العمل مع العملاء لتصنيع سيارات كاملة.

تأمين سلسلة التوريد

وبشكل منفصل، أبرمت الشركة صفقة مع شركة "فيسكر" (Fisker Inc) الناشئة في مجال المركبات الكهربائية لتطوير وإنتاج 250,000 سيارة سنوياً. وهنا يأتي دور ولاية ويسكونسن؛ فبدلاً من الاستمرار في التظاهر بصنع إلكترونيات استهلاكية ذات كميات كبيرة وقيمة منخفضة في الولايات المتحدة، يجب أن تركز على منتج أكثر ملاءمة للقوى العاملة المحلية. وفي هذه العملية، توفر لنفسها الفرصة لتوظيف هذا النوع من مواهب العمل في مجال تصنيع السيارات التي تمتلكها أمريكا بوفرة، ولكن تفتقر إليها شركة "فوكسكون". كما قد تسوق لـ"آبل" التي تبحث عن جهة ما لصنع سياراتها.

ولا تعد السيارات المنتج الوحيد الذي يجب على شركة "فوكسكون" التفكير في صنعه على الأراضي الأمريكية؛ حيث توفر المخاوف المتزايدة بشأن أمان سلسلة التوريد، بما في ذلك مصدر الأجهزة التي تدخل في المنشآت الحكومية، الفرصة لتقديم مستوى أعلى من الخدمة مقارنة بمرافق الإنتاج الخارجية.

ويمكن أن تكون ولاية ويسكونسن موقعاً للمصانع الآمنة والمخصصة لعملاء محددين - سواء كانوا مدنيين أو دفاعيين - حيث يخضع الوصول لرقابة صارمة ويقتصر على الموظفين الذين تم فحصهم من قبل وكالات الأمن المناسبة. ونظراً لأن شركة "فوكسكون" تتمتع بخبرة في جميع مراحل التصنيع، بدءاً من المكونات والرقاقات، ووصولاً إلى التجميع النهائي، فقد تقدم أنواع ضمانات الأمان غير المتوفرة من خلال سلسلة المقاولين من الباطن.

بالطبع لن يكون هذا رخيصاً؛ فلا يقتصر الأمر على ارتفاع تكلفة العمالة الأمريكية، بل ستزيد قلة الموردين المحليين من التكاليف - والتي قد تنخفض بمرور الوقت مع قيام المزيد من البائعين بإنشاء متاجر قريبة. ومع ذلك، إذا كانت الحكومة الأمريكية جادة في إعادة سلسلة التوريد إلى الوطن، فستحتاج إلى بذل جهد كبير لتحقيق ذلك.

مجالات أخرى

والمجال الثالث الذي يستحق الاستكشاف هو "الحوسبة الكمية". فحتى الآن، ما زلنا في المراحل الأولى من فهم كيفية تصميم أجهزة الكمبيوتر وتنفيذها في هذا العصر الجديد. وفي حين تستخدم الإلكترونيات الحالية النظام الثنائي - كل جزء من البيانات هو مجرد 1 أو 0 - يستخدم الكم حالة مجمعة حيث يمكن للبت (يسمى الكيوبت) أن يكون 1 و0 في وقت واحد أو يكون متداخلاً. وفي حال أتى البحث بثماره، فقد نكون على أعتاب موجة جديدة من قوة الحوسبة غير العادية التي يمكن أيضاً أن تجعل الأنظمة الحالية قديمة.

وقد يستغرق الأمر عقداً قبل أن ننتج مثل هذه الأجهزة، كما أن "فوكسكون" ليست بأي حال من الأحوال في طليعة العلوم الأساسية، ولكن سيرغب الباحثون والعلماء الذين يقودون هذا المجال في صنع أجهزة كمبيوتر في مرحلة ما؛ وسيعطي القرب من مركز الابتكار في الولايات المتحدة الشركة فرصة أفضل لقيادة سباق الأجهزة هذا.

علاوةً على ذلك، قد لا تكون هذه المفاتيح بهذه البساطة؛ فلدى شركة "فوكسكون" عقد مع شركة "ويسكونسن إيكونومك ديفلوبمنت " (Wisconsin Economic Development Corp) - وكالة التنمية الاقتصادية في الولاية - لصنع شاشات في صفقة تشكل العمود الفقري للحوافز التي كان من المقرر إعطاؤها. وفي الواقع، يعيد الفريقان التفاوض حالياً على الشروط اعترافاً بحقيقة أن المبادئ التي تقوم عليها ويسكونسن غير مفعلة، وسيكون من حق الحكومة المحلية أن تكون متشككة في تعاقداتها.

وأفضل خطوة لشركة "فوكسكون" هي أن تكون صريحة وشفافة؛ فهي تحتاج إلى الاعتراف بكونها أخطأت فيما يخص الشاشات، وأن تشرح الأساس المنطقي الأصلي وراء التفكير في أنها يمكن أن تنجح، ومن ثم تحديد سبب اعتقادها أن هذه الخطط الجديدة ستكون مناسبة بشكل أفضل.

كما يتعين عليها الاعتراف بأنها قد تفشل؛ فالسيارات تُشكل مجالاً صعباً، وهناك فرصة غير معدومة لانهيار مشروع السيارات، في حين أن الوظائف في مجال التصنيع الآمن أو الحوسبة الكمية قد تكون نادرة أو غير مستقرة. وبالنظر إلى الإخفاقات السابقة وعدم اليقين المستقبلي، فمن الأفضل أن تخفض "فوكسكون" مطالبها التحفيزية - ما يصل إلى 4 مليارات دولار من الحوافز بموجب الخطة الحالية - وتأخذ حزمة أكثر تواضعاً، أو حتى لا شيء على الإطلاق.

من جانبها، يجب على الحكومة – من خلال وكالة التنمية – أن تفاوض بجدية أكبر بشأن الحزمة الجديدة، مع توفير قدر أكبر من المرونة. وفي الواقع، فلا شيء مما يريده أي من الطرفين من هذه العلاقة مضمون - سواء أكان ذلك حصصاً وظيفية أو أرقاماً للإنتاج - ومع ذلك يحتاج كلاهما إلى مساحة للمجازفة وارتكاب الأخطاء.

وقد حان الوقت لولاية ويسكونسن ولشركة "فوكسكون" للبدء من جديد والتطلع إلى مستقبل أكثر واقعية.