لاعبو أسواق الأسهم غير منزعجين من ارتفاع عائدات السندات

ارتفاع العوائد على السندات لم يزعج مستثمري الأسهم بعد
ارتفاع العوائد على السندات لم يزعج مستثمري الأسهم بعد المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تسبب ارتفاع العائد على السندات في الآونة الأخيرة في نوبة تقلبات، لكنه لم يدفع المحترفين في سوق الأسهم إلى الهرب بعد.

ويقول بعض أكبر مديري الصناديق في العالم إن الأسهم يمكن أن تواصل الصعود بالتزامن مع ارتفاع عائدات السندات الحكومية، لأن السوق تركز بدلا من ذلك على قوة الانتعاش الاقتصادي والأرباح.

وفي استطلاع غير رسمي أجرته "بلومبرغ نيوز" شمل أكثر من 50 لاعب في السوق، قال معظم المستجيبين، بما في ذلك "ستيت ستريت غلوبال أدفيزرز" (State Street Global Advisors)، و"جى بي مورغان "، إنهم يراقبون وتيرة الصعود في العائدات وأسبابها، بدلا من انتظار مستوى معين قد يمثل نقطة تحول للأسهم، ويرى هؤلاء المستثمرون أنه كلما تمسكت البنوك المركزية بالسياسات الميسرة، تزداد احتمالات استمرار الاتجاه الصعودي للأسهم.

وقال هيو جيمبر، استراتيجي الأسواق العالمية في "جى بي مورغان" في لندن إنه: "في غياب أي تحول في تفكير البنوك المركزية، لا نعتقد أن العائدات سترتفع إلى مستوى يضر بشكل عام بالأسهم.. وفي حال التزم الفيدرالي بتقديم إرشادات توجيهية، واحتفظ بهدوئه واستعداده للتعامل مع أي ارتفاع مؤقت في التضخم، لا أرى بيئة تصعد فيها العائدات بطريقة تسبب مشكلة للأسهم".

رهانات التعافي

وساعد ارتفاع عائدات السندات الحكومية خلال الشهر الماضي في خروج المستثمرين من القطاعات الأكثر صعودا في السوق مثل الأسهم الدفاعية والتكنولوجية ما قاد إلى تراجع بنسبة 11% في مؤشر "ناسداك 100"، ومع ذلك، فإن مبادرات التطعيم في الاقتصادات الرئيسية والرهانات على تعافي النمو الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي تملأ مستثمري الأسهم بالثقة في أنهم سيواصلون جني المكاسب رغم ارتفاع أسعار عائدات السندات.

وفي نفس الوقت، أدى الارتفاع في العائدات والصعود بأكثر من 70% في الأسهم من أدنى مستويات الوباء إلى جعل مديري الأموال أكثر انتقائية، وقالت صناديق مثل "مانولايف انفستمنت مانجمنت" Manulife Investment Management، وذراع إدارة الأصول في "إتش إس بي سي" "رغم أن الوقت الحالي ليس الوقت المناسب للخروج من الأسهم، فإن موجة البيع في السندات ستسرع التحول من أجزاء النمو ذات التقييمات الأعلى في السوق إلى الأسهم الأرخص المتأخرة التي يمكن أن تستفيد من التعافي الاقتصادي".

القطاع الأفضل

ويقول ديف كينغ، مدير محفظة من بوسطن في "كولومبيا ثريدنيدل انفستمنت إنه: "إذا كانت العائدات ترتفع من نطاق طبيعي، لأصبحت أسهم التكنولوجيا بخير، ولكن لا يكون الأمر كذلك عندما تكون التقييمات في المستوى الذي كانت لديه"، وأوضح أن إعادة فتح الاقتصادات المحتملة، التي تتزامن مع ارتفاع العائدات وغيره من العوامل، أمور إيجابية للأسهم التي لم يحبها الناس كثيرا العام الماضي، سواء البنوك أو الطاقة.

ويعد قطاع الطاقة الأفضل أداء في مؤشر "إم إس سي آي وورلد" العام الجاري، مرتفعا بنسبة 30%، يليه قطاع الشركات المالية بمكاسب نسبتها 14%، بينما تكتسي القطاعات الدفاعية وتلك الأكثر اعتمادا على الفائدة مثل السلع الاستهلاكية الأساسية والمرافق باللون الأحمر.

وشهدت الأسهم المفضلة للمستثمرين خلال الوباء أسابيع قاسية في الفترة الماضية، وانخفضت "تسلا" بنسبة 36% من ذروة يناير قبل أن تعوض بعض خسائرها الأسبوع الماضي، حتى إن عملاقة السوق "آبل"، صاحبة أكبر سهم أمريكي، عانت من هبوط بنسبة 19% من أعلى مستوى وصلت إليه.

خطورة حركة التصحيح

وقد تمثل هذه البيئة تحولا أيضا عن الأسهم الأمريكية إلى الأسهم العالمية الأخرى مثل أوروبا والأسواق الناشئة التي لديها تعرّض أكبر لقطاعات القيمة، وبعد أن تأخر عن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" خلال ارتفاع العام الماضي من أدنى مستويات مارس، يتفوق "ستوكس يوروب 600" على المؤشر الأمريكي حتى الآن في 2021.

ويقول جوست فان ليندرز، استراتيجي استثمار من أمستردام لدى "كمبين كابيتال ماندجمنت" "إن خطورة حركة تصحيح في سوق الأسهم بقيادة العائدات تعد الأعلى في أوجها في الولايات المتحدة.. فقد تعافى الاقتصاد الأمريكي بوتيرة أسرع من الأوروبي، كما تمت الموافقة على حزمة تحفيز مالي رئيسية أخرى، وتبدو الضغوط التضخمية في أوروبا عند حدها الأدنى، ومن المنظور الاستراتيجي، تبدو أسهم النمو أكثر عرضة للخطر من أسهم القيمة، وهو أيضا ما يعني أن أوروبا قد تستفيد أكثر من الولايات المتحدة".

التوازن الصعب

وأشار المستثمرون الذين يراقبون عن كثب وصول عائد سندات الخزانة لمستوى يمكن أن يضر بقوة بالأسهم العالمية وهو نسبة تتراوح بين 2% إلى 3% لسندات أجل 10 سنوات.

وقال مارك هايفل، مدير الاستثمار في "يو بي إس غلوبال ويلث ماندجمنت": "من الأهمية أن نتذكر أن ارتفاع العائدات تاريخيا كان يتزامن مع صعود الأسهم لأن كلاهما مدفوع بالنمو، ونعتقد أن هذا هو الحال هذه المرة أيضا".

ولكنه أضاف أنه إذ لم يصاحب صعودَ العائد فوق 2.25% أو 2.5% تحسنٌ في آفاق نمو الأرباح على المدى البعيد وانخفاض في علاوة المخاطر، فستكون تقييمات الأسهم الحالية مهددة.

وأظهر التوقف في موجة بيع السندات في منتصف الأسبوع الماضي إمكانية عودة الأسهم وقطاعات النمو سريعا إلى الارتفاع، وصعد مؤشر "ناسداك 100" يوم الثلاثاء الماضي بنسبة 4% في أكبر قفزة منذ نوفمبر، وفي إشارة على أن الشهية على أسهم التكنولوجيا لا تزال قوية.

وقال نايثن ثوفت، مدير توزيع الأصول العالمية من بوسطن لدى "مانولايف انفستمنت ماندجمنت": "إذا كانت الزيادة في عائدات السندات سريعة جدا أو كبيرة للغاية، فسيكون ذلك سلبيا لتقييمات الأسهم، أما إذا كانت متوازنة ومتواضعة، فإن الأسهم ستتكيف بشكل جيد، خاصة إذا كان السبب في ارتفاع الفائدة هو النمو الأفضل وليس فقط التضخم الأعلى".