داود لـ"الشرق": الدعم النقدي بديل أفضل لتنويع اقتصادات الخليج وتحقيق العدالة

كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة لدى بلومبرغ مع الإعلامية صبا عودة
كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة لدى بلومبرغ مع الإعلامية صبا عودة المصدر: الشرق
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

رأى كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في بلومبرغ د. زياد داود أنَّ خيار توفير الدعم النقدي للمواطنين سيسهِّل على الحكومات الوصول إلى مرحلة التنويع الاقتصادي، وتخفيض اعتمادها على النفط والغاز، وسيسهم بتحقيق عدالة اجتماعية واقتصادية في مجال توزيع الثروة النفطية، كما سيكون له دور في رفع مستوى الإنتاجية في سوق العمل، وتعزيز تنافسية الصادرات.

ورأى داود في مقابلة عبر قناة "الشرق للأخبار" مع الإعلامية صبا عودة، أنَّ تنويع اقتصاد دول الخليج يُحتِّم على الحكومات تغيير الآلية التي تعتمدها في توزيع الثروة النفطية، عبر الانتقال من خلق فرص عمل في القطاع العام، التي تتصف عادةً بأجور عالية مقابل إنتاجية ضعيفة، إلى حلٍّ أفضل يقوم على توفير دعم نقدي غير مشروط بشكل شهري للمواطنين كافةً، وهذا الاقتراح ينضوي على ميزتين؛ أولاً: يخلق عدالة اجتماعية واقتصادية في توزيع الثروة النفطية، وثانياً: يساعد حكومات الخليج على تنويع اقتصاداتها، والخروج من الاعتماد الكبير على النفط.

زيادة الإنتاجية في سوق العمل

بحسب داود، تتمثَّل مصادر تمويل هذا الدعم النقدي في تخفيض بند الأجور بالميزانية العامة، واستبداله بدعم نقدي للمواطنين البالغين، أو من خلال تخفيض الدعم على السلع، والخدمات، والطاقة،.

وقال، على سبيل المثال، فإنَّ تخفيض بند الأجور في ميزانية المملكة العربية السعودية البالغ 131 مليار دولار إلى النصف تقريباً من شأنه توفير 400 دولار شهرياً بشكل متساوٍ لكلِّ مواطن سعودي.

وبيَّن داود أنَّ الدعم النقدي سيُساهم في خلق فرص عمل جديدة خارج قطاع النفط والغاز، وعزَّز رأيه هذا بالإشارة إلى أنَّ تقليل فرص العمل في القطاع الحكومي سيدفع المواطنين إلى البحث عن فرص عمل في القطاع الخاص، وبرغم تدني الأجور في القطاع الخاص، لكنَّ المواطن سيقبل بها لأنَّها ليست دخله الوحيد.

ووجد داود أنَّ هذا الدعم النقدي سيحدث تأثيراً إيجابياً على رفع الإنتاجية في قطاعات مختلفة، إذ سيساهم من جهة في إطلاق القدرات الإنتاجية، والطاقات الإبداعية للمواطنين في أعمال ذات إنتاجية عالية، ومن جهة أخرى سيكسر حاجز خوفهم، ويُشجعهم على البدء بأيِّ عمل حر كان يصعب عليهم الشروع به في السابق، باعتبار أنَّه غير مضمون، وينضوي على مخاطر عدَّة.

تعزيز تنافسية الصادرات

وأفاد كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة لدى بلومبرغ أنَّ زيادة الإنتاجية، وتقليل الأجور من شأنها تخفيض تكلفة إنتاج وأسعار السلع والخدمات في الخليج، مما سيرفع من قدرتها التنافسية مقارنةً بمثيلاتها في أسواق أخرى، وسينتج عنها انخفاض اعتماد الحكومات على الواردات في مقابل زيادة الصادرات غير النفطية، وهذا هو التعريف الأساس لتنويع الاقتصاديات لحكومات الخليج.

الاعتماد على النفط لا يزال كبيراً.

ولفت إلى أنَّ الحكومات لجأت في العام الماضي مع انخفاض أسعار النفط دون 20 دولاراً للبرميل إلى تخفيض موازناتها، وتقليل عدد الوظائف في القطاع الحكومي، وبالتالي، تقليل اعتمادها على النفط، ولكن مع ذلك يبقى هذا الاعتماد مرتفعاً، والتحرُّر منه يكون عبر الدعم النقدي الذي سيساعدها في هذا الاتجاه.

وفي هذا المجال، أكَّد داود أنَّ النفط والغاز لا يزالان يسيطران على دخل حكومات الخليج، وبرغم أنَّ الضريبة التي فرضتها دول الخليج قلَّلت إلى حدٍّ كبير من الاعتماد في الإيرادات على النفط كمورد أساس، لكنَّ الصادرات لا تزال تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز.

وأشار إلى أنَّ قيمة الدعم النقدي ستختلف من دولة إلى أخرى بحسب ثروتها النفطية وعدد المواطنين فيها، لافتاً إلى أنَّ تأثير انخفاض أسعار النفط على قدرة الدول في توفير الدعم النقدي سيكون بمستوى الصعوبة ذاتها في تمويل بند الأجور بالموازنة.

وعبَّر عن أمله في أن تصل الحكومات إلى مرحلة تنويع اقتصاداتها قبل الوصول إلى سيناريو انخفاض أسعار النفط.

حل مشكلة سوق العمل

ورأى داود أنَّ الدعم النقدي سيساهم في حلِّ مشكلة سوق العمل في الخليج والاعتماد على العمالة الأجنبية، وانخفاض معدَّلات الإنتاجية، وغياب التنافسية في السلع والخدمات المنتجة في الخليج، وسيساهم بالتالي في تحفيز أرباب العمل على توظيف المواطنين عوضاً عن الاعتماد على الأجانب أصحاب الأجور المرتفعة، وفي الوقت نفسه شدَّد على صعوبة الاستناد إلى تجربة محدَّدة في تنويع الاقتصاد والاستفادة منها في دروس محددة، نظراً لغياب تجارب تاريخية في هذا المجال،