خاص
بنوك

الفائدة المدفوعة مقدماً ملاذ بنوك مصر لحفظ حصتها من كعكة الودائع

time reading iconدقائق القراءة - 10
مواطن يحمل أوراقا نقدية من الجنيه المصري للشراء في سوق المنيرة للمواد الغذائية في حي إمبابة بالجيزة، مصر، يوم السبت 7 يناير 2023.  - المصدر: بلومبرغ
مواطن يحمل أوراقا نقدية من الجنيه المصري للشراء في سوق المنيرة للمواد الغذائية في حي إمبابة بالجيزة، مصر، يوم السبت 7 يناير 2023. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

أشعلت الفائدة المدفوعة مقدماً الصراع بين البنوك في مصر، من أجل دعم محفظة ودائعها الدولارية أو بالعملة المحلية من جهة، ولسحب السيولة الوفيرة بالأسواق من جهة أخرى بما يُسهِم في كبح التضخم في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.

أصدر البنك العربي الأفريقي الدولي في مصر الليلة الماضية شهادة ادخار لثلاث سنوات موجهة إلى الأفراد بعائد تراكمي 40% يُصرَف مقدماً. وسبقه قبل يوم كل من "بنك مصر" و"البنك الأهلي المصري"، أكبر مصرفين حكوميين في البلاد، بطرح شهادات استثمار دولارية جديدة تُصرف فوائدها التراكمية لثلاث سنوات بعائد إجمالي 27% مقدماً بالعملة المحلية. وسبق كل هذه البنوك في أبريل بنك التنمية الصناعية بإصداره شهادة ثلاثية بعائد 39% يُصرَف مقدماً.

آلن سانديب، رئيس البحوث في "نعيم المالية"، يرى أن ما تفعله البنوك، من دفع مسبق للفائدة، ما هو إلاّ "أداة تسويقية للحفاظ على حصتها السوقية من الودائع والزبائن". معتبراً أنه "إذا نظرنا إلى الفائدة على أساس سنوي (لشهادة العربي الأفريقي) فسنجد ببساطة أنها 13.3% سنوياً".

يأتي تهافت البنوك المصرية على طرح شهادات بعائد تراكمي يُصرَف مقدماً، قبل أسبوع واحد من الاجتماع الخامس هذا العام للجنة السياسة النقدية في مصر لمناقشة أسعار الفائدة، في وقتٍ رفع فيه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الفائدة مساء أمس بواقع 25 نقطة مئوية إلى نطاق 5.25%-5.5%.

كان البنك المركزي المصري أبقى سعر الفائدة عند 18.25% في اجتماع يونيو، بعد أن رفعها في مارس الماضي 200 نقطة أساس للمرة الأولى خلال العام الجاري، وبـ800 نقطة أساس العام الماضي، سعياً لامتصاص موجة التضخم، ومن أجل جذب استثمارات الأجانب بالعملة الصعبة إلى أدوات الدَّين الحكومية، بعد أن خرج من السوق نحو 22 مليار دولار عقب الأزمة الروسية-الأوكرانية.

هل تكبح جماح التضخم؟

حسن الصادي، أستاذ اقتصادات التمويل في جامعة القاهرة، يعتبر الشهادات الجديدة "آلية تسويق مستحدَثة تتّبعها البنوك لترويج منتجاتها لمن لا يتمتعون بمعرفة مالية كافية، بهدف إغرائهم بمعدلات فائدة قد تبدو مرتفعة، لكنها في حقيقة الأمر لا تفوق العوائد الحالية، بل تقلّ عنها، لكي تجذب مدخراتهم إلى القطاع المصرفي، وتقليل السيولة في الأسواق، ضمن محاولة محكوم عليها بالفشل لكبح جماح التضخم".

قفز التضخم في مدن مصر، على أساس سنوي، خلال يونيو الماضي إلى 35.7% من 32.7% في مايو، تحت ضغوط رفع الحكومة لأسعار السولار، وشح العملة الصعبة اللازمة للاستيراد، وعودة تكدس البضائع في الموانئ.

الصادي أضاف أن الشهادات المدفوعة مقدماً ستقلّل أحجام السيولة في السوق، لكنها "لن تحلّ أزمة التضخم، بل ستزيد حدتها، لأن القوة الشرائية ستقلّ، في حين سيتمسك المنتجون والتجار في المقابل بتحقيق قيمة الأرباح عينها عن طريق رفع الأسعار لتعويض النقص في الطلب. ولعل ظاهرة "أوفر برايس" (Over Price) لكثير من المنتجات أكبر دليل على ذلك، وفي ظل غياب الرقابة على الأسواق".

تدوير العوائد

أحمد شوقي، الخبير المصرفي، ينوّه بأن اتجاه البنوك إلى طرح شهادات بعائد تراكمي يُدفَع مقدماً يهدف إلى "امتصاص السيولة من السوق، خصوصاً من العملة الصعبة. كما سيمكّن العائد العملاء من شراء شهادات جديدة أو دولار من السوق".

تُتداوَل العملة المصرية في السوق الرسمية عند 30.95 جنيه للدولار، في حين تراوحت في تداولات السوق الموازية خلال آخر أسبوعين عند نحو 38-39 جنيهاً للدولار.

من أجل توفير سيولة دولارية، عملت مصر خلال الفترة الماضية على بيع بعض أصولها للمستثمرين، ونجحت في جمع ما يصل إلى 1.9 مليار دولار، وهي تأمل في جمع مليار دولار أخرى من بيع أصول جديدة خلال الفترة القليلة المقبلة، حسب تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.

المصريون في الخارج

تشهد الآونة الأخيرة طرح الحكومة المصرية للعديد من المبادرات الهادفة إلى تشجيع المصريين في الخارج على تحويل أموالهم إلى البنوك المصرية، لكن حنان حافظ، المواطنة المصرية التي تعيش وتعمل في الصين، تقول: "عندما اشتريت شهادات ادخار صادرة عن بنوك مصرية في 2022 لم أكن أعلم حينها أنها ستكون بفائدة صفرية في ظل أرقام تضخم تقارب 40%، بالتأكيد الجميع سينتظر ولن يتسرع في الدخول إلى الاستثمار بالشهادات الجديدة".

تُظهِر أحدث بيانات للبنك المركزي المصري أن تحويلات المصريين في الخارج تراجعت 26% لتسجل 17.5 مليار دولار في أول 9 أشهر من السنة المالية 2022/2023.

يبلغ سعر الفائدة الحقيقي في مصر (معدل الفائدة الاسميّ مطروحاً منه معدل التضخم) سالب 17.45%، وفق أحدث بيانات.

بدروها، تصرّح أسماء عبد اللطيف، الموظفة بإحدى الشركات العقارية في الخليج: "عندما اشتريت شهادات ذات عائد 20% قبل فترة، تَعرَّض الجنيه وقتها لتخفيض إضافي في قيمته مقابل الدولار، وأصبحت الفائدة الحقيقة بالسالب، لذا، فالانتظار هو سيد الموقف حالياً قبل أي قرار استثماري قد أتخذه".

تصنيفات

قصص قد تهمك