شركات أميركية تتخوف من مداهمات تستهدف العمال المهاجرين

معظم استعدادات الشركات تهدف إلى تقليص أضرار سياسة ترمب المناهضة للهجرة غير القانونية

time reading iconدقائق القراءة - 7
متعلقات خاصة بمهاجرين في إيغل باس، تكساس في مارس الماضي - بلومبرغ
متعلقات خاصة بمهاجرين في إيغل باس، تكساس في مارس الماضي - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أمضى ستان ماريك 55 عاماً من عمره في قطاع الإعمار، وكانت أحلك أيام عمله حين دققت إدارة الهجرة والجمارك الأميركية بأوراق العاملين لديه في 2012 ليتبين أن بعض أرقام الضمان الاجتماعي الواردة في ملفاتهم غير صحيحة، أي أنهم غير مصرح لهم بالعمل، فاضطر لصرف أشخاص يعملون لديه منذ ما يزيد عن عقدين.

قال ماريك، الرئيس التنفيذي لشركة "ماريك براذرز" (Marek Brothers) في هيوستن عن عماله: "جميعهم آباء لأطفال مولودين في الولايات المتحدة ولديهم جميعاً منازل... لقد حققوا الحلم الأميركي".

مخاوف من مداهمات لأماكن العمل

يخشى ماريك أن يضطر لخوض هذه التجربة مجدداً مع عماله إن مضى الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتنفيذ سياسته المناهضة للهجرة، التي أعلنها بوضوح خلال حملته الانتخابية.

فقد تعهّد ترمب بمداهمات لأماكن العمل، وبتنفيذ عمليات ترحيل جماعية تصدياً لما وصفه بـ"أكبر اجتياح في التاريخ". كما يخطط لإعادة توماس هومان، المدير السابق لإدارة الهجرة والجمارك وأحد أشد أنصاره ولاءً، لتولي مسؤولية الحدود.

يطرح ترمب هذه السياسات على أنها وسيلة لترجيح كفة العمال الأميركيين. إلا أن العمال المهاجرين غير الموثقين يلعبون دوراً محورياً في عديد من القطاعات في الولايات المتحدة، ولعل قطاع البناء في تكساس من أكثر القطاعات اعتماداً عليهم.

يشكّل المهاجرون غير الشرعيين نحو ربع عمالة قطاع البناء في الولاية، وفقاً لمجلس الهجرة الأميركي. ورغم إدراك القطاع مدى اتساع تواجد هؤلاء العمال في صفوفه، إلا أن التحقق من وضعهم القانوني يبقى تحدياً كبيراً لأصحاب العمل. فبينما يحرص ماريك على توظيف عماله مباشرة، والالتزام بجميع الإجراءات القانونية المطلوبة، يبقى احتمال أن يستخدم بعضهم هويات مزورة وارداً، خصوصاً مع توفر هذه الهويات بسهولة عبر الإنترنت أو في الأسواق الشعبية.

من جهة أخرى، تعتمد بعض الشركات على متعهدين ثانويين لتجنب المسؤولية القانونية، وفق ما يشير إليه خبراء في القطاع. وقد انخرط كثير من عمال ماريك في هذا الاقتصاد غير الرسمي بعد التدقيق الذي أجرته إدارة الهجرة. وعلّق ماريك على نهج بعض الشركات الأخرى قائلًا: "الرسالة الضمنية هي: افعلوا ما تشاؤون، ولكن لا تخبروني".

يواجه قطاع البناء أزمة نقص الأيدي العاملة، بالتالي تشديد القيود على سوق العمل قد يؤدي إلى تأخيرات في تنفيذ المشاريع وزيادة في التكاليف، ما يفاقم أزمة الإيجارات المرتفعة، ونقص المساكن في تكساس وغيرها.

توضح لورا كولينز، مديرة مبادرة النمو الاقتصادي لـ"معهد بوش" و"جامعة سَذرن ميثوديست": "هذه ولاية شهدت نمواً سريعاً جداً خلال السنوات الماضية... نحن بحاجة إلى مزيد من العمال هنا للمشاركة في أعمال البناء".

قلق من ارتفاع الأسعار

ربما تسود تفاعليات مشابهة في قطاع الزراعة أيضاً، وهو أحد القطاعات الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على عمال مهاجرين غير موثقين، وقد يتعرض لمداهمات واسعة.

توفر الحكومة الأميركية تأشيرات خاصة تتيح للعاملين في القطاع الزراعي دخول الولايات المتحدة خلال موسم الحصاد ثم العودة إلى بلدانهم. لكن توظيف هؤلاء العمال صعب ومعقد، خاصة بالنسبة لصغار المزارعين.

إلى ذلك، يعرب بعض الناشطين المدافعين عن حقوق المهاجرين عن قلقهم من أنه بينما قد لا تطال المداهمات العمال الذين يحملون تأشيرات، فإن عمليات الترحيل الجماعية قد تثير مخاوف العمال الموسميين، وتثنيهم عن القدوم إلى الولايات المتحدة بشكل قانوني.

قد يؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف المواد الأساسية على الأميركيين الذين يدلون بأصواتهم بناء على مخاوفهم من التضخم. وفي هذا السياق، يقول دانتي غالييزي، الرئيس والمدير التنفيذي للرابطة الدولية للمحاصيل في تكساس: "إذا لم يأت هؤلاء العمال، فإن بعض أنواع الفاكهة والخضار المفضلة لديكم ستصبح أغلى، أو قد يصعب الحصول عليها... في جميع الأحوال، الأمر غير مقبول".

بدأت الشركات في إعداد استراتيجياتها للدفاع عن عمالها. قالت تشيلسي كرايمر، منسقة الحملات في تكساس لصالح مجلس الهجرة الأميركي غير الربحي، إن الشركات في الولاية تعمل على توعية الناس حيال الخيارات المتاحة أمامهم، وأهمية التحرك بسرعة. وقد نصحت العمال بالتقدم للحصول على الجنسية فوراً إذا كان ذلك ممكناً، أو بتجديد تأشيرات العمل في أسرع وقت. وأضافت: "هنالك الكثير من العمل لمحاولة تقليص الأضرار".

خوف المهاجرين

من جانب آخر، بدأت بعض الشركات التي تواجه خطر التعرض لمداهمات في مكان العمل بالتعبير عن مخاوفها للمشرعين خلف أبواب مغلقة، وفقاً لما ذكره خوان كارلوس سيدرا، مدير التحالف الأميركي للأعمال والهجرة في تكساس.

وقال: "هذا ما وعدت به حملة ترمب الانتخابية، وسيضطر للإيفاء به إلى حد ما". لكن سيدرا وخبراء آخرين يعتقدون أن موجات الترحيل الجماعي باهظة التكلفة، ويستبعدون أن يمضي ترمب في تنفيذها بالقدر الذي تحدث عنه.

لكن هذا لا يقلل من مخاوف المعرضين للخطر. فمن الولايات الحدودية إلى عمق البلاد، يشعر المهاجرون واللاجئون بالقلق من تداعيات خطط ترمب المناهضة للهجرة.

قال كينغسلي، وهو طالب لجوء نيجيري طلب عدم كشف عن اسمه بالكامل خوفاً على سلامته، إنه منذ وصوله إلى نيويورك في سبتمبر وهو يتجول في الشوارع بحثاً عن أي عمل. رغم أن خياراته تظل محدودة حتى يصبح مؤهلاً للحصول على إذن عمل، إلا أنه يواصل بحثه حتى يعيل زوجته وطفله ووالديه المسنين في نيجيريا.

اليوم هو يخشى من أن سعيه الذي دام نحو سنتين من أجل الوصول إلى الولايات المتحدة قد يذهب هباءً. قال إن ترمب "يريد الأفضل لمصلحة أميركا، ولكنني أريده أن يفهم أن الكثير ممن عبروا الحدود نحو البلاد، لم يفعلوا ذلك لمجرد رغبتهم في ترك بلادهم، بل أغلبهم يقومون بذلك لأنهم يهربون من ظروف قد تكلفهم حياتهم".

تصنيفات

قصص قد تهمك