كل ما أريد معرفته حقاً هو كيف سيُغيّر إيلون ماسك من تجربتي كمستخدم لـ"تويتر"
أنا أحد هؤلاء الأشخاص الذين يمكن القول إنهم "نشطاء" إلى حد ما على "تويتر"، فهو المكان الذي أتوجّه إليه سواء لجمع الأخبار أو للبحث عن مصادر أخرى من المعلومات، مثل إيجاد الأشخاص ذوي المعرفة الضخمة في الأمور الأكثر تخصصاً وعشوائية. لكن، هل يُمكن أن يكون "تويتر" أيضاً منصةً "سامة" أو "موقعاً من الجحيم" كما يراه البعض، حيث يمكنه إثارة موجة من الغضب الوهمي، أو يدفع أشخاصاً أذكياء لقضاء وقت يبدو غير نهائي على المنصة؟ حسناً، بالطبع يمكن حدوث ذلك.لكن، بالإضافة إلى ذلك، يُمكن لموقع "تويتر" أيضاً أن يكون مسلياً، فهو مليء بالنكات المُصورة "الميمز"، وألعاب الوسوم "هاشتاغ"، وبالطبع، الجانب المفضَّل بالنسبة إلي: ألعاب المرادفات والتلاعب اللفظي بالكلمات. وفيما يمكنكم الرجوع لزملائي في "بلومبرغ" لكي تفهموا الآثار المالية والسوقية المترتبة عن قيادة إيلون ماسك لـ"تويتر" ، إلا أن الأمر أكثر شخصية بالنسبة إلي: هل سيعيق ماسك حقاً تجربتي كمستخدم للمنصة؟ماسك: "تويتر" سيظل مجانياً للأفراد وبرسوم للاستخدام التجاري والحكوميمعضلة حرية التعبير وخطاب الكراهيةبما يتماشى مع طبيعة المنصة، خلق عرض ماسك البالغ 44 مليار دولار، موجة من الغضب بشكل فوري. وتمكّن التقدميون من استمرار رواج وسم (#DeleteTwitter) لفترة من الوقت. واعتبر كُثر أن تباهي ماسك بتأييده لحرية التعبير بشكل مطلق، يعني قبوله لخطاب الكراهية سواء العنصري، أو المعادي للسامية، أو المعادي لمغايري الجنس، أو المتحيز ضد المرأة، بالإضافة إلى سماحه بنشر المعلومات الكاذبة أو المضللة بكافة أنواعها.الأسوأ من ذلك هو افتراضهم، بأن ذلك سيُتيح عودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى "تويتر"، بعد أن حظره الموقع بسبب التحريض على العنف في أعقاب مهاجمة مبنى الكابيتول بتاريخ 6 يناير (يقول ترمب إنه لا يريد العودة إلى عادته القديمة بالتغريد، لنرى إلى متى يمكنه الاستمرار بذلك). أما بالنسبة لتعهدات البعض بمقاطعة "تويتر"، فإني أرى، أن هذا لن يحدث بدرجة جدِّية.فلقد شهدنا هذا الموقف سابقاً، وإن كان من الجانب المعاكس. حيث أعلنت في السنوات الأخيرة عدة حسابات للمحافظين تخليها عن "تويتر" وتحويل مناصرتها إلى منصة اجتماعية أكثر انسجاماً مع قيمها. لكنهم لم يعثروا بعد على أي شيء يمكن أن يحل محل قدرة "تويتر" على الانتشار، ونعم، لم يعثروا على بديل يوفّر حسّه المجتمعي أيضاً. لم تستطع تقديم ذلك منصة "غاب" (Gab)، أو "بارلور" (Parlor)، ولا حتى "تروث سوشيال" (Truth Social) التي أسسها ترمب.استثنائية "تويتر"من حيث المبدأ، قد يبدو تقليد "تويتر" أمراً سهلاً، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك، حيث إن المنصات التي تم إنشاؤها سواء للتماشي مع المحافظين أو التقدميين بشكل أفضل، لم تستطع أي منها أن تحافظ على استدامتها.وفي الواقع، سيتم اختبار مبدأ التأييد المطلق لحرية التعبير الذي يتحدث عنه ماسك. فيما يمكن القول إن التقدميين وسّعوا تعريف مصطلح خطاب الكراهية، ما وضع المزيد من الحواجز التعسفية حول ماهية المسموح به في الساحات العامة، وأدى ذلك بدوره إلى المزيد من الحظر التعسفي على "تويتر". لكن هل سيكون ماسك مستعداً للسماح بنشر التهديدات الحرفية؟ يمكنكم القول إني أشكك في هذا الأمر، حيث إن ماسك يدرك أنه يعمل في سوق عالمية، وربما يكون عليه التنازل أمام الجهات التنظيمية الأوروبية التي تعتبر "حرية التعبير المطلقة" مفهوماً مبهماً.إيلون ماسك يراهن بـ44 مليار دولار على مستقبل حرية التعبيركذلك، نشر المعلومات الخاطئة أو المضللة تمثل معضلة أخرى في هذا الموضوع. ففي حين يصعب إلى حد كبير تقييم مدى دقة الخطاب السياسي، ستكون منصة "تويتر" بغنى عن تحديد ما إذا كانت علاجات كورونا المنزلية المزعومة ترقى إلى مستوى المعلومات المضلّلة. وفي المجتمع المنقسم الذي نعيش فيه، تنتشر خلافات واسعة النطاق، ونعم، يأتي هذا في بعض الأحيان مع عواقب مأساوية (بما فيها ما يقرب من مليون حالة وفاة بكوفيد في الولايات المتحدة). لكن بالنظر إلى العثرات المتعددة التي ارتكبتها مراكز السيطرة على الأمراض والسياسيون خلال فترة الوباء، قد لا يكون انتهاج "تويتر" لحرية التعبير "المطلقة" أمراً سيئاً فيما يتعلق بالأسئلة عن السياسات المتبعة حيال المرض.مع ذلك، قد لا ينتهي الأمر ببعض اليمينيين - رغم تشجيع البعض منهم - بالشعور بالحماس حيال قيادة ماسك لـ"تويتر". حيث تعهد ماسك "بتوثيق حسابات كافة البشر" وأفصح عن رغبته في المزيد من الشفافية والمساءلة للمنصة والمستخدمين على حدٍ سواء. وإذا صحّ ذلك، فإنه قد يساعد في التخلص من برامج الروبوتات الوفيرة القادمة من الخارج، وممن يستخدمون أسماء مستعارة من جميع الأطراف. لكن بصراحة، يبدو أن هناك أعداداً متزايدة من الأشخاص "الوطنيين" ممن يفتحون نقاشات في مواضيع لا تؤول إلى أي مكان.إصلاح "تويتر"ما هي الأشياء الأخرى التي يجب أن يهتم بها إيلون بأسرع ما يمكن، لجعل تجربة "تويتر" أفضل؟على رأس قائمتي يوجد إصلاح خوارزمية "تويتر" المتزعزعة (سياسياً ربما)، والتي تجعل المنصة غير قادرة على التمييز بين السخرية، والأذى الحقيقي. وبدلاً من تعلّم تمييز الاختلاف بين الأمرين، وجدت "تويتر" أنه من الأسهل تعليق حسابات المُسيئين (أو تطبيق خاصية "حظر الظل" التي تكبح وظائف الحساب)، عادة بدون تقديم تفسير أو سبب معقول. وأكثر من التساؤل حول حرية التعبير، هذا الأمر يسيء إلى الأمريكيين في موضوع تتقاطع بها الإجراءات القانونية مع خدمة العملاء.أيضاً، هناك بالطبع خاصية تعديل التغريدة. ألا يتعين على "تويتر" أن يدرك أننا في عام 2022، وأن الوقت قد حان لإتاحة خاصية التعديل بعد 16 عاماً؟ لا يوجد شيء أكثر إحباطاً من نشر تغريدة ثم اكتشاف خطأ مطبعي أحمق بها. وبموجب القواعد الحالية، لا يوجد خيار آخر في هذه الحالة سوى الحذف وإعادة النشر. إن فكرة أن التعديل قد يكون ضاراً بسبب احتمالية تحرير تغريدة بعد تلقيها الكثير من "الإعجابات"، هي فكرة سخيفة حقاً. لقد نجا "فيسبوك"، بل وازدهر، بسبب إتاحة التعديل. وتتضمن مواقع مثل "ياهو نيوز" تعليقات القراء حيث يُمكن للمُعلّق تعديل نصه خلال 5 دقائق من نشره، قبل أن يصبح جزءاً من سلسلة التعليقات للأبد. كما تستطيع منصة "تويتر" فعل نفس الشيء، وربما تضيف علامة "مُعدّلة" لتوضح أن التغريدة تم تعديها.توقعاتي: تعديلات ماسك على "تويتر" ستكون أقل بكثير مما يفترضه سواء اليسارين أو اليمينين. ماسك في النهاية هو رجل أعمال، وقد استثمر 44 مليار دولار في الصفقة (نصفها من جيبه تقريباً). فلماذا يحوّل "تويتر" إلى شيء يصعب التعرف عليه إلى الدرجة التي تُفقده هويته التي اشتراها؟ على العكس من ذلك، ستُحسّن "التعديلات على التغريدات" من تجربتي الشخصية بالتأكيد، ويمكن القول إنها ستُحسّن تجربة كل من يواصل التفاعل مع المنصة.بقلم: Robert Litan![إيلون ماسك - المصدر: غيتي إيمجز](https://assets.asharqbusiness.com/images/articles/280x212/4-3/6a7156c2-e7e6-4a08-9ec3-099dbf927d4c.jpg)
هل يمكن استخدام احتياطيات روسيا الخارجية لدفع تعويضات الحرب؟
يتابع مليارات البشر حول العالم بلا حول ولا قوة، تسارع الغزو الروسي لأوكرانيا في أسبوعه الثالث، مستمراً في قتل المزيد من الأبرياء كل يوم، ومدمراً البنية التحتية في جميع أنحاء البلاد، ومجبراً ملايين اللاجئين على النزوح إلى البلدان الأوروبية المجاورة.لكن، هناك خطوة إيجابية ينبغي على الولايات المتحدة والدول ذات التفكير المماثل أن تبدأ في اتخاذها فوراً، لضمان أن تتحمل روسيا على الأقل مسؤولية تكلفة المساعدة الإنسانية والتعويضات وإعادة الإعمار في نهاية المطاف، ألا وهي: استخدام احتياطيات النقد الأجنبي الروسية الموجودة في البنوك المركزية خارج البلد، والتي جمدتها الحكومات.اقرأ أيضاً: وزير المالية الروسي: فقدنا السيطرة على نصف الاحتياطي النقدي للبلادوفقاً لأحدث البيانات التي قدمها البنك المركزي الروسي، في 30 يونيو 2021، بلغ إجمالي احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية 585 مليار دولار. لكن، لن يكون كل هذا متاحاً للدفع مقابل الأضرار، وذلك لأن روسيا تحتفظ بجزء كبير من إجمالي الاحتياطيات في الذهب محلياً (22%)، وكمية كبيرة من الرنمينبي في الصين (14%)، وبعضها في المؤسسات الدولية (5%). وعند طرح هذه المبالغ، يتبقى حوالي 350 مليار دولار من "الاحتياطيات المتاحة" للتوزيع، وتمتلكها في الغالب فرنسا (12%) وألمانيا (10%) واليابان (10%) والولايات المتحدة (7%)، والباقي مبعثر بين العديد من الدول الأخرى.اقرأ المزيد: بدء العد التنازلي لتخلف روسيا عن دفع مستحقات ديونهاالتعويض بموجب القانونفي الماضي، دُفعت التعويضات بعد انتهاء الأعمال العدائية من قبل الدولة المعتدية مثل ألمانيا في أول حربين عالميتين. أما الآن، فتعني حقيقة أن العديد من البلدان لديها بالفعل سيطرة على حيازات روسيا من العملات الأجنبية، فعلياً، أن تعويضات الغزو الأوكراني ممولة مسبقاً من قبل روسيا نفسها، وهذا ظرف فريد من نوعه. لكن هناك أساساً في القانون الدولي، يمكّن الدول التي تحتفظ بهذه الاحتياطيات من توجيهها لدفع التعويضات.ارتكبت روسيا على نطاق واسع ما يعتبره قانون الولايات المتحدة "ضرراً متعمداً": العنف غير المبرر، والذي يتطلب على الأقل أن يدفع المعتدي تعويضات عن المعاناة البشرية والوفيات وخسائر الممتلكات. وفي ديسمبر 2005، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يؤكد وجود تباين في تفسير الضرر المتعمد، وأكدت على الحق في تقديم تعويضات لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بموجب القانون الدولي.قرار الأمم المتحدة ليس ملزماً، وإنما يكلف الدول الأعضاء بإنشاء "برامج وطنية للتعويضات وغيرها من المساعدات للضحايا في حالة عدم قدرة الأطراف المسؤولة عن الضرر الذي لحق بها على الوفاء بالتزاماتها أو عدم رغبتها في ذلك". ومن الآمن أن نراهن على أن روسيا، لن تكون راغبة في الوفاء بهذه الالتزامات. لذا فإن أفضل ما يمكن أن تفعله الدول الأخرى التي تمتلك احتياطيات روسية، هو تطبيق مبدأ التعويضات، من خلال الاتفاق على خطة مشتركة.تحالف دوليمن الناحية النظرية، ستتمتع التعويضات والمساعدات الأخرى لأوكرانيا بأكبر قدر من الشرعية الدولية إذا كانت تدار من قبل الأمم المتحدة، رغم عدم وجود سابقة مماثلة لدى الأمم المتحدة. لكن حتى لو قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة -التي وجهت انتقادات لروسيا بالفعل لغزوها أوكرانيا- بإنشاء مثل هذا البرنامج، فإن روسيا، وربما الصين، ستستخدم حق النقض ضده في مجلس الأمن.مع ذلك، يمكن لتحالف من الدول الراغبة، إنشاء فريق عمل خاص بالتعويضات لتصحيح الأخطاء الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها روسيا في أوكرانيا. ومن الجانب المثالي، يفترض أن تكون فرق العمل، هيئة جديدة صغيرة نسبياً، وتتصرف بذكاء بقيادة أسماء معروفة دولياً تتمتع بسمعة جيدة في النزاهة، مثل الراحل كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة الحائز على جائزة نوبل للسلام، ويجب أن يعمل بها خبراء من البلدان التي تمتلك بنوكها المركزية احتياطيات من العملات الأجنبية الروسية، إلى جانب آخرين من القطاعين غير الربحي والخاص، ويفضل أن يكونوا من ذوي الخبرة الحكومية. كما يجب أن يشارك في الفريق، ممثلو الحكومة الأوكرانية.بقلم: Robert Litan![التعويضات الروسية عن أضرار الحرب في تزايد - المصدر: أ.ف.ب](https://assets.asharqbusiness.com/images/articles/280x212/4-3/089a7b7c-268c-45f0-926a-5846b2d8fa65.jpg)