الفيدرالي أمام اختبار صعب ما بين التعافي والتضخم

الفيدرالي الأمريكي يتعهد بمواصلة دعم الاقتصاد
الفيدرالي الأمريكي يتعهد بمواصلة دعم الاقتصاد المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا شك أن العلاقة بين الاحتياطي الفيدرالي وسوق الأسهم في النصف الأول من عام 2020 لن تُنسى أبداً وفق ما حدث من تقلبات في الأسواق وتوالي دراماتيكي للأحداث، مما جعله عاما قابعا في الذاكرة للجميع.

وعلى الرغم من الانكماش الاقتصادي الأكثر حدة المسجل خلال الربع الثاني، شهد عام 2020 قفزات لثروات الأسر بصورة هائلة بسبب ارتفاع قيم الأصول والأسهم بصفة خاصة.

ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر، ولضخه الهائل للأموال، ودعمه لأسواق الائتمان وجميع الشركات والبلديات.

وفقًا لبيانات الفيدرالي التي صدرت الأسبوع الماضي فقد ارتقعت ثروة الأسر العام الماضي بحسب حيازات الأصول بنسبة 10% وبلغت مستوى قياسيا لتصل بنهاية العام إلى 130.2 تريليون دولار، وفقًا لتقرير جي بي مورغان الاقتصادي.

وتؤكد تلك النتائج اعتماد التوقعات المالية للأسر على السلوك المستقبلي لأسعار الأصول أكثر من اعتمادها في السابق على سلوك الادخار الشخصي.

ومع ذلك كان لمجهودات الفيدرالي تأثير أقل على الاقتصاد الحقيقي. ويرجع ذلك جزئيا إلى أن التأثير الحقيقي على الثروة كان في حالة خمول بسبب امتناع المستثمرين عن إنفاق جزء من أرباحهم لمدة عقد كامل. وكان لارتفاع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات تأثير كبير على مؤشر ناسداك المركب، والذي يسير بشكل أساسي عكس تحركات عائد السندات آجال 10 و30 عاماً، بسبب التأثير الأكبر لمعدلات الخصم المرتفعة على التدفقات النقدية المتوقعة في المستقبل البعيد.

الأمر غير العادي هو أن كلاً من S&P 500 وعائدات الخزانة لأجل 10 سنوات وصلت لأعلى مستوى في 52 أسبوعا، حيث بلغ الأخير 1.64%.

وهو ما أدى لظهور فكرة التقليل من أسهم التكنولوجيا وانخفاض عوائد السندات وهي المرة الأولى منذ 25 عاماً.

وإضافة إلى ما سابق، فإن حزمة التحفيز الأخيرة بمقدار 1.9 ترليون دولار وخطة التعافي أدت إلى الانتعاش الاقتصادي الأمريكي، علما أن الارتفاع الأساسي في السندات يعود لارتفاع نسبة الفائدة وليس تعويضات التضخم.

ومن المتوقع أن يواجه اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة والمنعقد على مدار يومين ظروفًا متغيرة بشكل كبير. من المؤكد أن لجنة الفدرالية لن تُجري أي تغييرات في السياسة الحالية، بل ستحافظ على معدل الفائدة بالقرب من الصفر ومشترياتها الشهرية الحالية من الأوراق المالية البالغة 120 مليار دولار شهرياً.

التضخم هو أكبر المخاطر

حسب استطلاع لـبنك أوف أمريكا في الشهر الجاري اعتبر 85% من مديري الصناديق بأن الخطر الأكبر على السوق يرجع للتضخم الحالي، بينما وجد 15% بأن السبب يرجع لجائحة كورونا. وشارك حوالي 220 مستجيبا بإجمالي أصول مدارة فيما بينهم تبلغ 630 مليار دولار.

كان أقل من 15% من مديري الصناديق يعتبرون أن كورونا هو الخطر الأكبر على التعافي بانخفاض بنحو النصف عن استطلاع فبراير الذي أجراه بنك أوف أمريكا.

وفي مارس كان التضخم الأعلى من المتوقع هو أكثر المخاطر المذكورة، عند 37% وجاءت نوبة القلق في سوق السندات في المرتبة الثانية بنسبة 35%.

وتعني توقعات التضخم الأعلى عوائد سندات أعلى. كما أن نوبة قلق على غرار عام 2013 مدفوعة بتوقعات تشديد السياسة النقدية والتي ستؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة في السوق.

يتوقع 93% من المستطلعين - وهو أعلى مستوى على الإطلاق- ارتفاع معدل التضخم خلال العام المقبل وهذه علامة على انتعاش الاقتصاد في رحلة خروجه من الركود.

ويتوقع 91% من المستثمرين أن يتحسن الاقتصاد خلال العام المقبل، وقال 48% إننا في "انتعاش على شكل حرف V".

لكن عوائد السندات المرتفعة تعني ارتفاع تكاليف الاقتراض للشركات والمستهلكين. ويمكن أن يعيق ذلك، الانتعاش الاقتصادي ويؤثر على أرباح الشركات. بالإضافة إلى ذلك فإن استخدام معدل خصم أعلى لتقييم الأسهم ينتج عنه قيمة حالية أقل. وعندما تولد سندات الخزانة فائقة الأمان عائدًا مناسبًا بدرجة كافية تكون هناك منافسة أكبر مع الأسهم في محافظ مديري الصناديق.

ارتفاع العائد على الخزانة الأمريكية لمدة 10 سنوات

لم يعتقد أحد أن المعدلات عند 1.5% من شأنها أن تتسبب في تصحيح الأسهم بنسبة 10% على الأقل، لكن الانتقال من 1.5% إلى 2% أمر بالغ الأهمية؛ حيث يعتقد 43% من المستثمرين الآن أن مستوى العائد على سندات الـ 10سنوات قد يرتفع إلى 2% التي ستؤدي إلى تصحيح بنسبة 10% في الأسهم.

لكن ديناميكيات السوق تغيرت مع ارتفاع عائدات السندات. حيث فاقت الأسهم والقطاعات الأكثر توجهاً نحو القيمة أداء أسهم النمو بسهولة هذا العام مع تدفقات نقدية أقل في الوقت الحالي في ظل معدل خصم مستقبلي أعلى.

ويرى نحو 52% من المستطلعة آراؤهم أن أسهم القيمة ستتغلب على أسهم النمو خلال العام الجاري.

ودعّم تأكيد توقعات النمو الاقتصادي وتسريع طرح اللقاحات في الولايات المتحدة من أداء الأسهم الدورية في قطاعات مثل البنوك والطاقة والسلع - على حساب القطاعات التي برزت بسبب الوباء.

ويظهر الاستطلاع تعرضا كبيرا للسلع، والصناعة، والبنوك، والسلع التقديرية، والأسواق الناشئة مقارنة بالسنوات العشر الماضية عندما كان المستثمرون يشترون بكثافة في القطاعات الدفاعية مثل النقد والرعاية الصحية والسلع الأساسية والمرافق.

زاد مديرو الصناديق مخصصاتهم لقطاعات مثل الطاقة والبنوك في شهر مارس، مع الحد من شراء أسهم التكنولوجيا مما ساهم في أن يكون في أدنى مستوى له منذ يناير 2009. ولكن لا يزال يلاقي زيادة في الوزن مقابل معايير مديري الصناديق الاستثمارية، ومع ذلك، على أي حال، لا يزال في التناوب الجاري بالأسواق متسعًا للصعود.

والسؤال الآن هو هل سيفي باول بوعوده في الحفاظ على فائدة متدنية لفترة أطول أم سيجبره التضخم على التدخل للتحكم في منحنى العائد على المدى القصير وموازنته مع عائد المدى الطويل من خلال برنامج شراء السندات بقيمة 120 مليار دولار شهرياً، أم سيترك السفينة حتى ترسو للبدء في التدخل وهو ما يعني زيادة أكبر في عمليات بيع السندات وارتفاع العائد مع تراجع الدولار وأسهم التكنولوجيا.