أغارول.. طموحات ملياردير السلع الهندي تصطدم بتكلفة التمويل

الملياردير الهندي أنيل أغاروال
الملياردير الهندي أنيل أغاروال المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

وسّع رجل الأعمال "أنيل أغاروال" نشاطه بشكل فائق السرعة، ليتحول من مجرد تاجر لخردة المعادن إلى ملياردير في مجال السلع، وذلك من خلال تبني بعض عمليات الاستحواذ الجريئة، بالإضافة إلى الكثير من الديون. والآن، تخضع هذه الاستراتيجية التي اتبعها أغارول لعقود، لاختبار من نوع آخر. حيث تُعقّد تكاليف الاقتراض المتزايدة جهود الملياردير لإتمام صفقة استحواذ على إحدى أكبر الشركات المتداولة، لضمها لإمبراطورتيه الممتدة حول العالم.

وتُسلط معركته - للسيطرة على شركة "فيدانتا"– الضوء على العقبات التي يتعرض لها أباطرة المال المثقلون بالديون في الهند وحول العالم. خاصة بعد ارتفاع أسعار الفائدة من أدنى مستوياتها التاريخية ومكافحة الشركات العائلية لهياكل العقود المعقدة.

وتعد المخاطر كبيرة بالنسبة لرجل الأعمال أغاروال، الذي جمعت شركته القابضة حوالي 7 مليارات دولار من الديون، ويواجه سوق سندات أقل تقبلاً بكثير مما كانت عليه في أوائل عام 2020. ومن شأن الفوز بالسيطرة الكاملة على الميزانية العمومية الغنية بالنقد في "فيدانتا"، أن يساعد أغاروال على الوفاء بهذه الالتزامات.

لكن المساهمين في "فيدانتا" رفضوا بالفعل عرض شراء مقدم من أغاروال. ويتم الآن تداول سهم الشركة بسعر أعلى بنسبة 40%، من سعر عرض الاستحواذ الذي قدمه الملياردير الهندي، ليستحوذ على عُشر أسهم الشركة في يناير الماضي. ما يشير إلى أنه سيتعين عليه تحسين عرضه لتأمين الصفقة.

وفي نفس الوقت يفند الملياردير أغاروال، الذي يشغل رئيس مجلس إدارة "فيدانتا"، الادعاءات الصادرة من صندوق تحوط -يقع في لندن- والتي تقول بأن القروض التي قدمتها "فيدانتا" إلى شركة أغاروال القابضة تمثل "تحويلاً غير لائق للقيمة". وقالت فيدانتا أن القروض التي تم الكشف عنها في إفصاحات البورصة تعكس نهجها المنضبط لإدارة الخزانة وتخصيص رأس المال.

وتم تداول سهم فيدانتا مؤخراً عند حوالي 226 روبية مقارنة بـ 160 روبية، وهو السعر الذي قدمه أغاروال في عرض الاستحواذ. ما يدل على حاجة الملياردير الهندي لتعديل عرضه لإتمام الصفقة.

ويقول شريرام سوبرامانيان، العضو المنتدب ومؤسس شركة الاستشارات "إنغورفن" أن أسهم "فيدانتا" لم تتعرض للانهيار لدرجة تُمكّن المستثمرين من شراء حصص الأقلية بتكلفة منخفضة.

ورفض كل من ممثلي شركة "فيدانتا ريسورسز"، وهي الشركة التابعة لأغاروال، و"فيدانتا المحدودة" المدرجة في البورصة، التعليق على مزاعم صندوق التحوط أو على العرض المُقدم. وتمتلك شركة "فيدانتا ريسورسز" صافي ديون يبلغ 7 مليار دولار، وفقاً للشركة وتقييم "ستاندرد آند بورز" المنشور في يناير.

صندوق جديد

وحتى في الوقت الذي يحاول فيه أغاروال زيادة سيطرته على "فيدانتا"، فإن لديه أمور أخرى تتصدر جدول أعماله. حيث يباشر رجل الأعمال في إنشاء صندوق بقيمة 10 مليارات دولار مع شركة الاستثمار المباشر الخاصة "سينتركوس"، ومقرها لندن، والتي ستركز على إيجاد صفقات جديدة لإمبراطوريته ضمن ما تقوم به الحكومة الهندية من تصفية أصول حكومية بقيمة 2.1 تريليون روبية (28.7 مليار دولار).

وأجرى أغاروال مع شركة الاستثمار المباشر "سينتركوس" تحالفا بصفته الشخصية، مستقلاً عن شركة "فيدانتا ريسورسز" الخاصة به، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. ورفضت "فيدانتا" تقديم تفاصيل عن الصندوق.

ويقوم الملياردير بسلسلة من عمليات الاستحواذ المماثلة منذ عشرين عاماً، حيث قام بشراء وتوسيع شركات المعادن التي كانت الحكومة الهندية تبيعها كجزء من برنامج سحب الاستثمارات في ذلك الوقت. وعلى مدار الوقت، اكتسب الرجل شهرة في التوسط في الصفقات الصعبة. ويبلغ أغاروال من العمر 67 عاماً، ويبلغ صافي ثروته الآن حوالي 2.6 مليار دولار، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.

تقلبات السلع

وفي عام 2001، وعند محاولته الاستحواذ على شركة للألومنيوم، وكان التمويل صعباً حينها. باشر أغاروال ما أطلق عليه فيما بعد حملة علاقات عامة واصفا الصفقة بأنها واحدة من أكبر الصفقات في الهند، وداعياً مناقصات من بنوك مختلفة للدخول فيها. وسرعان ما نجح بالحصول على تمويل أكثر من اللازم.

وأصبحت شركة "فيدانتا ريسورسز" أول شركة هندية تُدرج في بورصة لندن في عام 2003، على الرغم من أن أغاروال امتلكها منذ ذلك الوقت كشركة خاصة له. وقال أغاروال في حدث قامت ببثه شركة إعلامية هندية في عام 2016، أنه عندما أراد تعيين الرئيس السابق لشركة "BHP Billiton" لإدارة ورئاسة أعماله، قام بالتناوب معه بين لندن وأكسفورد.

وقال سانجيف باسين، مدير في شركة إدارة الاستثمارات (IIFL) في مومباي عن أغاروال: "هو لديه طريقة خارقة للالتفاف حول الشركات والمعادن هي موطن قوته".

لكن العام الماضي جلب لأغاروال سلسلة من التحديات الجديدة. نظراً لأن الوباء أدى إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية في عام 2020، وأدى إلى انخفاض أسعار النفط إلى ما دون الصفر. وتوقعت شركة "كريديت سايتس" للأبحاث أن السندات في شركة "فيدانتا ريسورسز" القابضة قد تكون قيمتها قريبة من الصفر في حالة التخلف عن السداد.

وكان المحللون على قناعة بأن هناك مخاوف بشأن قدرة "فيدانتا ريسورسز" على الوصول إلى السيولة في وحداتها الهندية التي تدر الأموال. ولكن الأمور تحسنت منذ ذلك الحين، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى التأرجح الصعودي في السلع.

وساعدت السندات الخاصة التي أطلقتها الشركة القابضة بشهر ديسمبر، في تمويل عرض مناقصة للأوراق المالية المستحقة في عام 2021، ما أدى إلى التخلص من مخاطر إعادة التمويل الرئيسية. وإن كان ذلك على حساب تكاليف الاقتراض الأعلى بكثير، حيث اضطرت الشركة إلى دفع حوالي %13.9 مقابل بيع السندات التي جمعت مليار دولار، وهو أكبر مبلغ تدفه الشركة على أي من سنداتها الدولارية العامة القائمة.

وسجلت "فيدانتا" أفضل ربح لها في نحو ثلاث سنوات، عن الربع المنتهي في ديسمبر الماضي. وكان ذلك مدعوما بانتعاش سوق السلع، وقامت مؤسسة الهند للتصنيف والبحوث الشهر الماضي بتعديل نظرتها للشركة إلى مستقرة من سلبية. ويُقيّم سند "فيدانتا ريسورسز" بنحو 96 سنتاً على الدولار، ارتفاعاً من 33 سنتاً تقريباً في مارس من العام الماضي.

تقلّب الأسواق

وأصدرت شركة "فيدانتا ريسورسز" سندات بقيمة 1.2 مليار دولار في فبراير، مما جذب طلباً قوياً من المستثمرين. وقد يسمح ذلك للشركة باستخدام العائدات لشراء المزيد من الأسهم في "فيدانتا، وكذلك سداد الديون الحالية. قالت وكالة موديز لخدمات المستثمرين المحدودة في فبراير أن فيدانتا ريسورسز لديها الآن نقود كافية لتستمر خلال العام، لكنها أشارت أيضاً إلى المخاطر المتبقية، لا سيما (وبشكل خاص) على صعيد السيولة، حيث تواجه الشركة القابضة تحديات في إعادة تمويل آجال استحقاق الديون القادمة.

ولدى فيدانتا ريسورسز الآن 3.3 مليار دولار مستحقة بين أبريل 2021 وسبتمبر 2022، وستتم تغطية 65% فقط منها من خلال توزيعات الأرباح من وحداتها، وفقاً لتقرير موديز. في الوقت نفسه ترتفع أسعار الفائدة وسعر سهم فيدانتا في مسيرة صعوديه ثابتة. وهذه الخلفية تجعل من الصعب على "أغاروال" الاستحواذ على الأعمال المدرجة.

وقال سوبرامانيان إن "هناك دورة صعوديه جارية سواء من حيث دورة السلع الفائقة أو الاتجاه الصعودي العام لسوق الأسهم، لذلك لا أعتقد أن المستثمرين سيحرصون على البيع".