أبراج نيويورك الفخمة والمخصّصة للمسنّين.. تقدِّم واقعًا جديدًا يناسب حقبة كورونا

أبراج فاخرة في نيويورك لرعاية المسنين
أبراج فاخرة في نيويورك لرعاية المسنين بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كتب: أوشرات كارمييل


مع نهاية العام، ستتوافر في مدينة نيويورك ثلاثة أبراج فاخرة للرعاية الدائمة، تزوّد المسنّين بعلاجات المنتجع الصحّي ووجبات الطعام الفاخرة وسائقي السيارات، بالإضافة إلى رعايتهم اليومية.

بُنِيَت المشاريع وفقًا لدراسة تفيد بأنّ عددًا متزايدًا من كبار السنّ الأثرياء سيدفعون مبالغ ضخمة -بدءًا مما يقارب 13,000 دولار أمريكي في الشهر في مانهاتن- للبقاء بالقرب من أولادهم الكبار في مركز حضريّ نابض بالحياة، عندما لا يعود بإمكانهم العيش بمفردهم.

"كوفيد-19" قلَب الأمر كلّه رأسًا على عقب

أصبح انتشار الفيروس الذي يؤذي المسنّين بشكلٍ خاصّ بسرعة كبيرة من خلال مرافق الرعاية بالمسنّين في كل أنحاء الولايات المتحدة، وأصبحت المناسبات الاجتماعية التي ترتبها هذه الدور في الداخل غير محتملة، مثل تذوّق النبيذ أو الاجتماعات والفاعليات البارزة الأخرى، ولم يعُد أولاد كبار السنّ بعدُ إلى مكاتبهم في وسط المدينة، حتى إنهم من الممكن أن يكونوا قد انتقلوا إلى الضواحي. ومع إغلاق برودواي، وخفض القدرة الاستيعابية لمناطق الجذب الثقافي في المدينة إلى أدنى مستوياتها، فإنّ حيوية نيويورك والإيجارات المرموقة التي تساعد على تقديمها قد وُضِعَت قيد الانتظار إلى أجل غير مسمّى.

جون كيم، محلل في "BMO Capital" يغطي شركة "Welltower"، ومطوّر مشارك في مشروع " Sunrise at East 56th" الذي من المقرر افتتاحه في نوفمبر القادم، يقول: "تحتاج نيويورك حقًّا إلى العمل بجدٍّ لينجح ذلك. أعتقد أنه سيكون من الصعب للغاية تأجيرها".

قبل الجائحة، حققت مرافق الرعاية الدائمة في مانهاتن نسبة تملُّك قياسية وصلت إلى 96 في المئة، وأتى ذلك نتيجة الطلب المقترن بفترة 15 سنة لم تُبْنَ خلالها أيّ وحدة سكنية جديدة في هذا المجال، وفقًا لمركز الاستثمار الوطني لإيواء كبار السنّ ورعايتهم.

غيّر هذا الفيروس المعادلة بشكل مفاجئ، فخلال الربع الثاني، عندما كانت نيويورك تمرّ بفترة إغلاق تامّ، انخفضت نسبة التملّك إلى 88 في المئة، وهو المستوى الأدنى منذ 2010. ومع توقّف الانتقال إلى المساكن تعذّر الاستبدال بالمقيمين الذين غادروا أو تُوُفّوا أو انتقلوا إلى مستويات أعلى من الرعاية.

لينا بيك، كبيرة المسؤولين في رابطة المنظمات غير الربحية في ميريلاند، تقول: "ممّا لا شكّ فيه أنّ استيعاب هذا المنتج الجديد قد يستغرق وقتًا أطوَل، مع الأخذ في الاعتبار الانخفاض في نِسَب التملُّك الذي تسبّب به الوباء".

إنّ أبراج نيويورك الفخمة المخصصة للمسنّين، حيث يدفع المقيمون من جيوبهم بالكامل مقابل الامتيازات والتصميم الحديث الذي ينافس أبراج الشقق الأكثر جاذبية في المدينة، شكّلت مفهومًا حديثًا في 2016 عندما أُعلن عن أول مشروعَين كاملَين. واليوم، يرى المطورون فرصة جديدة مع تراجع مبيعات الشقق الفخمة، والتغييرات في التركيبة السكانية التي تشير إلى "تسونامي فضّي" بزيادة كبيرة من المسنّين.

التواصل الإنساني

يقول بيفين ليتلهايل، مدير عام في شركة "هاينز" (Hines)، وهو مقيم في نيويورك، وشريك مع "Welltower" في مشروع "Sunrise at East 56th"، الذي ستديره "Sunrise Senior Living": "يستحقّ المسنّون الحصول على فُرَص، وألّا يشغلوا بالهم بالتفكير في مساكن لهم في ما بعد".

ووفقًا لجينيفر سلامينو، كبيرة موظفي العمليات في "Sunrise"، فإنّ افتتاح عقار كهذا خلال الجائحة يحمل معه تحدياته، ولكن يمكن أن تقلل الرعاية الدائمة من العزلة التي يشعر بها المسنّون، كون الفيروس يُبعِد الزائرين. وقالت إنه حتى الأنشطة التي يتخللها تباعد اجتماعيّ تقدّم بعض التواصل الإنساني.

وتضيف سلامينو: "لدينا طاقم كامل لتقديم الطعام، وطاقم يدير شؤون المنزل، وبواب موجود على مدار الساعة، وستكون هناك ممرضات متوافرات على مدار الساعة أيضًا"، مشيرة إلى أنّ بعض الأنشطة، كالمشاريع الفنية، يمكن القيام بها في غرفة المقيمين، فـ"عندما تكون في المنزل بمفردك، بعض الناس ليس لديهم حتى مساعد صحيّ في المنزل، إنهم حرفيًّا بمفردهم".

لم يُفصِح الشركاء عن عدد الشقق التي أُجِّرَت من بين الـ151 شقة الموجودة في المبنى، ولكنهم قالوا إنّ 95 في المئة من الاستفسارات كانت صادرة عن سكان من مدينة نيويورك يعيشون أساسًا بالقرب من المبنى. وتبدأ الإيجارات الشهرية من 13750 دولارًا أمريكيًّا للرعاية الدائمة، و21000 دولار أمريكيّ للوحدات السكنية المخصصة للعناية بالذاكرة.

الأمان من الفيروس

ستوجِّه بروتوكولات "كوفيد" الحياةَ في أبراج المسنّين على الجانب الشرقي العلوي في مانهاتن، في المستقبل المنظور. وقد ركّبت شركة المستثمرين في مجال الرعاية الصحية "Omega" ومساكن المسنّين "Maplewood" أجهزة تنقية الهواء ومطهرات بالأشعة فوق بنفسجية في برجهما الذي يسمّى "Inspir". كما سيُفحَص المقيمون يوميًّا للكشف عن الأعراض، وسيرتدون الكمامات في المساحات المشتركة. أمّا المناسبات، كصفّ الكوميديا الارتجالي أو جولة إرشادية في الأحياء، فستُنظَّم عبر الإنترنت.

ينتظر العقار، الذي يَعِد بوجود مرافق تقدّم كوكتيلات مميزة ومسرح وخدمة سائق مرسيدس، تلقي الموافقة النهائية مِن قِبل قسم الصحّة الحكومية، وقد يُفتتَح بحلول أول نوفمبر. ويقول غريغ سميث، الرئيس التنفيذي لمساكن المسنّين " Maplewood"، إنّه دُفِعَت ودائع لـ75 وحدة سكنية من أصل 215 وحدة سكنية في "Inspir". وتعاقد الشركاء في ما بينهم للحصول على موقع لمشروع ثانٍ في مانهاتن، كما أنهم يسعون إلى القيام بمشروعٍ آخر في لندن. ويضيف سميث: "ما زلنا متفائلين بالأسواق المدنية بشكل كبير".

وأُعيد في بروكلين، ابتكار برج تاريخه يقارب القرن، وحُدِّث ليصبح منزلًا للمسنّين في "Watermark" في بروكلين هايتس، ويتضمن العقار معرضًا فنيًّا، ومسبحًا مدفَّأً، ومكتبة مغطاة بألواح خشبية، وحانة. كما تحوّلت قاعة الرقص من أيام العقار السابق الذي كان فندقًا إلى مطعمٍ يسمّى "the W Room"، وسيكون في الموقع مخزن نبيذ متوافر للمالكين.

كذلك سيُخصَّص ما يزيد بقليل على نصف الوحدات السكنية الـ275 في المشروع، الذي طوَّرته "كايني أندرسون" للعقارات و"Tishman Speyer" ومجتمعات التعاقد "Watermark" للمسنّين الذين بإمكانهم العيش بشكل مستقلّ. وقال أحد المتحدثين إنه سيُقسَّم ما تبقّى من الوحدات السكنية بين الرعاية الدائمة ورعاية الذاكرة بإيجارات تصل إلى 20000 دولار شهريًّا. وابتداءً من الأسبوع الماضي، أُجِّرَ نحو 20 في المئة للمقيمين. ويُذكر أن العقار فتح أبوابه بداية شهر أكتوبر.

يقول جيفري لانغباوم، محلل في "Bloomberg Intelligence" ويختص بتغطية صناديق الاستثمار العقاري، بما في ذلك "Welltower"، إنه في حين أنّ الجائحة تضع تحدياتٍ جديدة لعقارات المسنّين الفاخرة، تبقى تكاليفها الباهظة العائق الأكبر أمام نجاحها. ولكن، قد يتضّح أنّ هذا الأمر يشكّل عامل جذبٍ للمبيعات، فيقول إنه بينما ترتاح العائلات من جديد لوضع أحبائهم في الرعاية الدائمة، فمن المتوقع أنهم يبحثون عن مرافق وإن كانت مكلفة إلا أنه تتوافر لديها الموارد اللازمة لتأمين إجراءات الحماية من الفيروسات. ويضيف: "الأشخاص القادرون على تحمّل هذه التكاليف سينظرون إلى هذه المرافق الفاخرة والمدارة بشكل جيّد والأكثر فاعلية على أنها مكان أكثر أمانًا لذويهم".