بايدن وأزمات أمريكا الاقتصادية.. السيناريو يتكرر

الرئيس الأمريكي جو بايدن
الرئيس الأمريكي جو بايدن Ryan Collerd/Bloomberg
المصدر: رويترز
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

وكأنه على موعد مع مواجهة الأزمات الاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة، يعود جو بايدن إلى البيت الأبيض مجددا، ليقود بلاده في خضم أزمة اقتصادية طاحنة، تضررت منها غالبية القطاعات الاقتصادية، وتحول بسببها ملايين الأمريكيين لطابور العاطلين.

وتأتي عودة بايدن لرئاسة البيت الأبيض، بعدما هزم الرئيس دونالد ترامب في انتخابات، يوم الثلاثاء الماضي، في تطور من المرجح أن يثير لدى نائب الرئيس السابق مشاعر عاشها من قبل.

هل تجاوز التراجع الاقتصادي أسوأ مراحله؟

ويقول اقتصاديون ومحللون، إنه على عكس عام 2008، عندما انتخب الأمريكيون باراك أوباما رئيسا، وبايدن نائبا له في وقت كان العالم يكابد فيه أزمة الرهن العقاري، وانهيار بنك الاستثمار ليمان براذرز، فإن التراجع الاقتصادي الحالي ربما تجاوز بالفعل أسوأ مراحله.

وقال دونالد كون، الذي كان نائبا لرئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي خلال الأزمة المالية بين 2007 و2009، مستعيدا ذكريات ما حدث "كنا مازلنا نسقط في الهاوية".

وكانت تلك الأزمة أسوأ تراجع تشهده الولايات المتحدة منذ الكساد العظيم الذي حدث في ثلاثينيات القرن الماضي إلى أن طغت عليها أزمة "كورونا" الحالية.

وعندما تولى أوباما وبايدن السلطة في يناير 2009، كان معدل البطالة مازال في ارتفاع لكنه لم يصل إلى ذروته إلا بعد مضي 10 أشهر من ولايتهما الأولى عندما بلغ 10 في المئة.

ساهم بايدن، الذي أمضى أكثر من 25 عامًا في الكونجرس قبل أن يصبح نائبا للرئيس، في سن حزمة تحفيز قيتهما 800 مليار دولار، نالت انتقادات من الجمهوريين الذين وصفوها بالإسراف ومن اليساريين الذين اعتبروها ضئيلة للغاية.

معدل البطالة

وقال بايدن لرجال الأعمال في يونيو 2009، بأسلوبه الصريح، "نعلم أن بعضا من هذا المال سيُهدر"، وحثهم على قبول الحزمة.

ولم يتراجع معدل البطالة في الولايات المتحدة عن مستواه المسجل وقت انتخاب أوباما وبايدن إلا بعد مرور عام من ولايتهما الثانية.

ويعود الآن، المشهد الاقتصادي قبيحا من جديد إذ يمر الاقتصاد الأمريكي بركود وفقا للتعريف الفني وهو أصغر 3.5 في المئة عما كان عليه في بداية 2020 حتى بعدما حقق نموا قياسيا مرتفعا في الربع الثالث من العام.

ومازال ملايين الأمريكيين دون عمل، خاصة في قطاعات المطاعم والسفر والترفيه، ودون أي فرص توظيف تلوح في الأفق، كما أنه وفي أسوأ الاحتمالات، قد يؤدي التراجع الحالي إلى اتساع طبقة دنيا أمريكية يغلب عليها العاملون من النساء والأقليات.

ومازال فيروس كورونا ينتشر في معظم أنحاء الولايات المتحدة، وستؤدي مخاوف المستهلكين وإجراءات الإغلاق الجديدة إلى كبح فرص النمو الاقتصادي.

ومنذ اندلاع الأزمة الحالية، التي بدأت بإغلاقات مارس الماضي، التي فُرضت لمنع انتشار الفيروس، قدمت الحكومة الاتحادية حزم تحفيز بتريليونات الدولارات، لينخفض معدل البطالة بشدة إلى 6.9 في المئة من ذروة أبريل البالغة 14.7 في المئة، ومن المتوقع أن ينخفض المعدل أكثر خلال العام المقبل لا أن يرتفع كما في 2009.

وقال كون النائب السابق لرئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، "مازال اقتصادا ضعيفا... ستكون المشكلة هي استكمال للتعافي".

برنامج بايدن الاقتصادي

سيركز على الأرجح برنامج بايدن الاقتصادي أولا وقبل كل شيء على تجاوز البلاد لأزمة فيروس كورونا كمشكلة صحية واقتصادية، كما ستتوقف أمور كثيرة على سن حزمة إنقاذ من تداعيات الجائحة وتوزيع لقاح للوقاية من الفيروس، والذي قد يكون جاهزا في أوائل 2021.

وتسجل ولايات أمريكية عديدة أرقاما قياسية مرتفعة للإصابات الجديدة بالفيروس وتوفي نحو ستة آلاف أمريكي الأسبوع الماضي بسبب مرض كوفيد-19 الناجم عنه.

وسجلت البلاد حصيلة يومية قياسية تجاوزت 130 ألف حالة الجمعة الماضية، اليوم السابق على ظهور نتائج الانتخابات في ولاية بنسلفانيا الحاسمة التي أوصلت بايدن إلى البيت الأبيض.

وترى بيث آن بوفينو كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين لدى ستاندرد أند بورز جلوبال للتصنيفات الائتمانية، أنه سيتعين على الرئيس قيادة الشعب الأمريكي والاقتصاد ليستعيدا عافيتهما قبل التفكير في أي تغييرات هيكلية في السياسة.

وأشار زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الأربعاء الماضي إلى أنه مستعد للقبول بمشروع قانون مساعدات جديد لمواجهة أزمة فيروس كورونا خلال اجتماعات المجلس الأخيرة في ولايته الحالية قبل أداء أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب المنتخبين اليمين.

وستكون هذه الحزمة على الأرجح أصغر مقارنة بما سيسعى إليه بايدن لو استعاد الديمقراطيون السيطرة على مجلس الشيوخ في اقتراع الثلاثاء الماضي، لكنها قد تكون كافية للحيلولة دون تعثر التعافي.

وسيمهد التوصل إلى لقاح وضخ مزيد من التحفيز لتعاف أقوى في الشهور الأولى من 2021.

وقال جيسون فيرمان، الذي كان كبير المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض معظم ولاية أوباما الثانية، "قد تهب رياح سياسية

مواتية أخرى على اقتصاد يتحسن".

حد أدنى للأجور

وتتضمن خطط بايدن حدا أدنى للأجور عند 15 دولارا وزيادة دعم النقابات وتوسيع حماية العمالة المؤقتة، ووعد بأن تخلق سياساته فيما يتعلق باستخدام الطاقة الخضراء ملايين الوظائف، إلا أن بعض المحللين يشكون في ذلك.

ومن المنتظر أن يواجه برنامج بايدن، الذي وضعه ائتلاف من داعمين معتدلين وآخرين يميلون أكثر إلى اليسار تحجيما، في ظل أن الجمهوريين لن يفقدوا على ما يبدو سيطرتهم على مجلس الشيوخ.