معقل "بايرن" و"شالكة".. أندية الدوري الألماني تثير شهية المستثمرين الأمريكيين

إرلينغ براوت هالاند من دورتموند في مباراة  أينتراخت فرانكفورت
إرلينغ براوت هالاند من دورتموند في مباراة أينتراخت فرانكفورت المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بدأت الأموال الأمريكية مطاردة كرة القدم الألمانية، التي فضّلت قواعد الملكية الصارمة لعقود المتفرجين على المضاربين.

واستشعاراً لفرصة الاستفادة من واحدة من أغنى بطولات الدوري في أوروبا، فإن قاعدة الجماهير التي تقاوم أحياناً الملاك الأثرياء، لم تردع رجلَي الأعمال الأمريكيين بول كونواي وجوردان غاردنر، اللذين يتطلعان إلى هذه الصفقات.

وتنصبّ اهتمامات المستثمرين الأمريكان على الأندية المنفتحة على إمكانية الاستثمار الخارجي، بما في ذلك نادي"آينتراخت فرانكفورت" ونادي "بادربورن 07".

وحتى قبل أن تغلق أزمة فيروس كورونا الملاعب وتدفع أندية كرة القدم إلى البحث عن طرقٍ لدعم مواردها المالية، كانت الأندية في ألمانيا تبحث عن طرق لبدء سدّ الفجوة المالية مع المنافسين في المملكة المتحدة وإسبانيا.

الاستثمار في "بوندسليغا"

وفي هذا السياق قال كونواي، المؤسس المشارك لشركة الاستثمار "باسيفيك ميديا غروب"، في مقابلة عبر الهاتف: "ألمانيا مثيرة لاهتمامنا من الناحية الاستراتيجية. لقد تواصلنا مع عدد من الأندية لمعرفة ما إذا كانت بيننا فلسفة مشتركة، ولمعرفة ما إذا كان بإمكاننا تقديم المساعدة".

وجدير بالذكر أن الدوري الألمانيا "بوندسليغا" هو موطن لعظماء كرة القدم على المستوى العالمي، بما في ذلك اللاعب روبرت ليفاندوفسكي، والنجوم الصاعدة من أمثال آرلينغهالاند. وتشتهر أندية الدوري الألماني، مثل"بايرن ميونخ" و"بوروسيا دورتموند" و"شالكه 04"، بقاعدة جماهيرية حماسية.

ووفقاً لشركة "ديلويت" فإن مباريات "بوندسليغا" تتمتع بأعلى متوسط حضور للمباريات من بين البطولات الخمس الكبرى في أوروبا.

ويشير كونواي إلى واقع أن الفرق في ألمانيا مناسبة تماماً للمجموعة الحالية التي بحوزة شركته من أندية كرة القدم الأوروبية ذات الدوري الأدنى، التي تديرها مع التركيز على تطوير المواهب الشابة وأسلوب اللعب الأكثر إثارة ذي المنهج الهجومي.

ويشرح قائلاً: "عديد من الفرق يلعب مع تغطية صحفية عالية، ولديهم ميزانيات متوازنة، وهم ملتزمون تجاه الشباب"، ويقول كونواي إن "باسيفيك ميديا" يمكنها تنفيذ أكثر من استثمار واحد في ألمانيا.

البحث عن التمويل الخارجي

ومن بين الأندية التي تفكّر بالمال الخارجي نادي "بادربورن 07"، حسب مصادر مطلعة على الأمر. إذ قالت هذه المصادر إن فريق الدرجة الثانية الألماني هذا قد أجرى مناقشات مع مجموعة أمريكية واحدة على الأقلّ.

وقال أشخاص مطّلعون على تفكير نادي "آينتراخت فرانكفورت"، وهو أحد أشهر الفرق في ألمانيا، إن الفريق كان يبحث أيضاً عن إمكانية لإدخال مستثمرين جدد.

وقال أحد المصادر إن النادي أجرى محادثات أولية مع مصرفيين بشأن قيمته المحتملة في أي بيع لحصة الأقلية. وقال شخص آخر إن مجلس إدارة النادي لم يتخذ قراراً رسمياً بشأن متابعة الصفقة. من جهتهم، امتنع ممثلو كل من نادي "آينتراخت فرانكفورت" ونادي "بادربورن 07" عن التعليق.

وفي العام الماضي اتصلت مجموعة مستثمرين دوليين بنادي الدرجة الثالثة "تي إس في 1860 ميونخ" بشأن شراء حصة أغلبية، وفقاً لما ذكره شخص مطّلع على الأمر.

وقال المصدر إن هذا الاتحاد المالي لم يتوصل إلى اتفاق مع المستثمر الرئيسي للنادي، وهو رجل الأعمال الأردني حسن عبد الله إسميك.

ورفض ممثل نادي "تي إس في 1860 ميونخ" التعليق حول هذه الأنباء، وأحال الأسئلة إلى إسميك. ولم تنجح محاولات الوصول إلى إسميك عبر "تي إس في 1860 ميونخ" وعبر شركة أخرى يمتلكها.

وحول الدوري الألماني كسوق، قال غاردنر، وهو مدير تنفيذي أمريكي لكرة القدم ولديه استثمارات أقلية في "سوانزي سيتي" البريطاني، وفي نادي "دوندالك" الأيرلندي، وهو مساهم بأغلبية في "إف سي هيلسينغور" الدنماركي: "كثيرون، وأنا من بينهم، يرون ألمانيا سوقاً غير مستغَلَّة، ويُحتمل أن تكون مربحة".

الأزمة الناجمة عن كوفيد

حقّقَت الأندية في أكبر قسمين في الدوري الألماني إيرادات بنحو 4.5 مليار يورو (5.3 مليار دولار) خلال موسم 2019-2020، أي أقل بـ5.7% من العام السابق، وفقاً لأرقام من الدوري الألماني لكرة القدم. وحذّرَت الهيئة الرياضية الألمانية من أن التأثير في الموسم الأخير سيكون أكثر وضوحاً نتيجة إغلاق الملاعب المستمرّ.

وحول الوضع الراهن قال دانيال إرد، وهو محامٍ في شركة "بينسنت ماسونز" التي تتخذ من ألمانيا مقراً لها: "سيكون لكوفيد تأثير على هيكل ملكية الأندية الألمانية على المدى الطويل، وفي النهاية لن يجدوا حلّاً طويل الأجل بعيداً عن الاستثمار الخارجي".

من جهته، رفض ممثل الاتحاد الألماني التعليق.

الأندية للجماهير

جدير بالذكر أنه منذ عام 1998 منع ما يسمى بقاعدة "50+1" المستثمر التجاري من امتلاك أكثر من 49% من أسهم التصويت في أي نادٍ ألماني.

ويرجع الفضل إلى هذا المرسوم في إبقاء فواتير الأجور وأسعار التذاكر في البلاد منخفضة مقارنة بالدوريات الأوروبية الكبرى الأخرى، تلك الدوريات التي ضخّ فيها المستثمرون فاحشو الثراء الملايين لشراء اللاعبين، لكنهم أشرفوا على ارتفاع التكاليف بالنسبة إلى الجماهير.

وحول ذلك قال تيلو زينغلر، مؤسس نادي مشجعي "بوروسيا دورتموند" الرسمي في الولايات المتحدة: "يربط نموذج قاعدة (50+1) صناعة كرة القدم قليلاً بالجماهير العادية من خلال نظام مملوك من قبل العضوية، فأنا كمشجع يمكنني أن أقول رأيي".

لكنّ بعض الجهات يشذّ عن القاعدة، مثل نادي "فولفسبورغ" الذي يملكه عملاق السيارات "فولكس واجن"، ونادي"باير 04 ليفركوزن" المملوك لمجموعة "باير" للأدوية. فهذه الأندية معفاة من قاعدة "50+1" لأن أصحابها استثمروا باستمرار على مدى أكثر من عقدين.

مثال آخر هو "نادي هوفنهايم"، الذي كان مالكه الملياردير ديتمار هوب، وهو المؤسس المشارك لشركة "ساب إس إي"، لطالما كان يشكّل قوة مثيرة للانقسام في كرة القدم الألمانية. ويُعَدّ ظهور نادي "آر بي لايبزيغ"، بدعم من شركة "رد ﺑﻮل" المتخصصة في مشروبات الطاقة، مثالاً حديثاً على التحول عن ثقافة ما يسمى "المشجعون أولاً" التي أدّت إلى تسمية مشجعي الأندية المنافسة لهذا النادي بالنادي "البلاستيكي". لكن هذه المقاومة للملاك الأكثر ثراءً لا تردع الأمريكيين الأثرياء.

ويختم غاردنر بقوله: "عموماً، تُدار الأندية الألمانية بشكل جيد، ومدعومة تجارياً بشكل جيد، ولطالما كان المستثمرون الانتهازيون حريصين على دخول مجال كرة القدم الألمانية".