تضارب توقعات التضخم تربك المستثمرين

الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شاهد غريغ ويلنسكي صاحب الخبرة الطويلة في تجارة السندات العديد من المراهنات على ارتفاع التضخم طول مسيرته المهنية، التي انتهت جميعها دون نتيجة في إشارة إلى ضرورة عدم الرهان على محاولات زيادة السيولة، وتحفيز التضخم التي هذا العام.

وقال ويلنسكي مدير الاستثمار في أدوات الدخل الثابت في شركة "غانوس هندرسون" في مقابلة: "كنت أدير محافظ السندات لمدَّة 25 عاماً، شهدت خلالها برامج تحفيز نقدي كبيرة جداً تزامنت مع عجز هائل ومحاولات للاحتياطي الفيدرالي لرفع توقُّعات التضخم". وأضاف: "بقدر ما أستطيع أن أرى الأسباب المنطقية لحدوث ارتفاع للتضخم هذه المرة كان بإمكاني أن أقول ذلك كثيراً على مدار 12 عاماً الماضية أيضاً".

تجسد شكوك ويلنسكي فتور المستثمرين تجاه الرهان على الانتعاش الاقتصادي السريع، وارتفاع الأسعار، وهو ما ارتبط بتباطؤ التداولات على الأسهم ذات الحساسية للأداء الاقتصادي، ومنحنيات العائد الأكثر تذبذباً وانتعاش السلع بعد ربع أوَّل ممتاز.

تخلَّف مؤشر "مورغان ستانلي" لأسهم جميع الدول "MSCI AC" عن نظرائه من المؤشرات في النمو بنحو 6% منذ 8 مارس. وتراجعت عوائد سندات الخزانة القياسية بنحو 13 نقطة أساس خلال الربع الجاري حتى مع تجاوز بيانات التضخم الأمريكية التوقُّعات. بالإضافة لما أظهره مزاد سندات الخزانة القوي الذي عقد يوم الثلاثاء، الذي شهد عودة زخم الطلب على سندات أجل 30 عاماً، والأكثر تعرُّضاً لأسعار الفائدة.

نمو مستدام

ويبقى السؤال الرئيسي الذي يواجه مديرو الاستثمارات في الوقت الحالي، حول ما إذا كان انتعاش النمو والتضخم المدعوم بالتحفيز لا سيَّما في الولايات المتحدة، يمكن أن يتوسَّع وينتقل إلى نمو مستدامٍ من شأنه أن يستمر في دفع عوائد الأسهم والسندات إلى أعلى.

وقام صندوق النقد الدولي مؤخَّراً برفع توقعاته للنمو العالمي لعام 2021 لتسجل أعلى توقُّعات خلال أربعة عقود، ولكن تبقى التوقُّعات المستقبلية بعد ذلك أقل وضوحاً.

ويصعب على المستثمرين وضع تصوُّر لمسار الأسعار بعد هذا العام في ظل التداعيات المتغيرة وغير الثابتة للإغلاق بسبب جائحة كورونا، والاختناقات المؤقتة للإمدادات، وكذلك الآثار الناتجة عن انكماش معدَّلات التضخم العام الماضي. وقد شهد المؤشر توقُّعات التضخم الأمريكي لمدَّة خمس سنوات ارتفاعاً ليسجل في منتصف مارس أعلى مستوياته منذ العام 2008.

وعقَّبت إيلاين ستوكس مديرة محفظة أدوات الدخل الثابت في شركة "لووميز سايلز": "يتعيَّن على مستثمري السندات في الوقت الحالي مراقبة معدَّلات التضخم والفائدة". وأضافت: "ستكون العوامل الحاسمة لفشل أو نجاح الاستثمار الخاص بك هذا العام".

تزامن التباطؤ الأخير مع ردِّ فعل العديد من المستثمرين الذين اتجهوا إلى خفض مراكزهم الاستثمارية بعد انتهاء موجة انتعاش اقتصادي كبيرة. فقد قام فيشال خاندوغا مدير صندوق الدخل الثابت في إيتون فانس لإدارة الاصول بخفض المراكز الاستثمارية لمحفظته في السندات الأمريكية والمرتبطة بالتضخم إلى النصف منذ بداية العام. قال خاندوغا: "شهدت توقُّعات التضخم في 2020 تذبذباً" وذلك في "ركود يشهد عملية جراحية". وأضاف: "تظهر المراكز الاستثمارية النموذجية لمرحلة ما بعد الركود بسرعة في السوق".

وعلى صعيد أسواق السلع، باتت التحوُّطات التقليدية من التضخم على وشك أن تكون أكثر تعقيداً، مما يعكسه الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط والنحاس منذ بداية العام. ويتوقَّع الخبراء الاستراتيجيون في معهد بلاك روك للاستثمار ظهور تباين داخل فئة الأصول الواحدة، نظراً لانعكاس عوامل محدَّدة مثل: مخاطر المناخ، وظهور تأثيرها بشكل كامل في التسعير.

وكتب فريق يضمُّ الخبيرة الاستراتيجية وي لي في مذكرة هذا الأسبوع: "من المرجَّح أن يكون ارتفاع أسعار النفط مؤقتاً نتيجة عودة التعافي التدريجي للاقتصاد، في حين قد تستفيد بعض المعادن من التحولات الهيكلية الخضراء لسنوات قادمة".

تحدٍ هائل

وفي الوقت نفسه لا يتفاعل مستثمرو سوق السندات مع مؤشرات التضخم بشكل طبيعي حسب التوقُّعات، فقد تراجعت سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات خمس نقاط أساس لتسجِّل أدنى مستوى لها في ثلاثة أسابيع في الوقت الذي أظهرت البيانات الصادرة يوم الثلاثاء ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة خلال مارس بأكبر قدر فيما يقرب من تسع سنوات.

وقال ويلينسكي من غانوس هندرسون "التحدي الهائل في الوقت الحالي، خاصة هذا العام، هو أنَّ جودة أي من الأرقام التي نبحث عنها تقريباً، سواء كانت أرقام التضخم قصيرة الأجل، أو أرقام النمو الاقتصادي؛ فإنَّ هذه الأشياء تتعرَّض للتشويه الشديد بسبب الاقتصاد.