أمريكا وأوروبا تدرسان قواعد جديدة للوساطة المالية بسبب "آركيغوس"

بنك كريدي سويس كان الأكثر تضررا من انهيار "أركيغوس"
بنك كريدي سويس كان الأكثر تضررا من انهيار "أركيغوس" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سيؤدي انهيار شركة "آركيغوس كابيتال"، والتي لم يسمع عنها سوى قلة في "وول ستريت" حتى انهيارها الشهر الماضي، إلى تغيير جزء مربح وراسخ منذ عقود في أعمال البنوك العالمية.

وبدأ المقرضان الأكثر تضرراً، "نومورا هولدينغز"، و"كريدي سويس"، في الحد من تمويل الأعمال التجارية عبر صناديق التحوّط والمكاتب العائلية.

ويبحث المنظمون الأوروبيون المخاطر التي تتعرض لها البنوك عند إقراض هؤلاء العملاء، بينما بدأت السلطات تحقيقاً أولياً في الكارثة بالولايات المتحدة.

ويمكن أن تنذر الخطوات المتخذة سوياً بدءاً من واشنطن إلى زيورخ وطوكيو، ببعض أكبر التغييرات منذ الأزمة المالية، في قطاع السمسرة الذي يعتبر أحد أعمدة الخدمات المصرفية العالمية. وتتواجد هذه الأعمال في وحدات الأسهم بالبنوك الاستثمارية الكبيرة، وتقوم بإقراض الأموال والأوراق المالية للصناديق وتنفيذ تداولاتها، ويمكن أن تكون علاقاتها حيوية للبنوك الاستثمارية.

إلا أن انهيار "آركيغوس"، مكتب عائلة تاجر صناديق التحوط السابق بيل هوانغ، أكد المخاطر التي تتعرض لها البنوك من خلال التعامل مع هؤلاء العملاء، حتى وإن كانت قروضهم مضمونة بضمانات. وكان بنك "كريدي سويس" هو الأكثر تضرراً حتى الآن حيث تم شطب 4.7 مليار دولار في الربع الأول.

وقالت مصادر مطّلعة على الخطة، إن المقرض، وهو أحد أكبر الوسطاء الرئيسيين بين البنوك الأوروبية، يفكّر الآن في القيام بتقليص كبير بأعمال ذراعه الرئيس للوساطة في الشهور المقبلة.

خسارة بملياري دولار

وبالفعل، تواصل كريدي سويس مع العملاء لتغيير متطلبات الهامش في عقود المبادلة، وهي المشتقات التي استخدمها "هوانغ" في رهاناته، ما يجعلها متطابقة مع الشروط الأكثر تقييداً لعقود السمسرة الرئيسة الأخرى، وفقاً للمصادر المطّلعة على الأمر.

وحالياً، يتحول البنك تحديداً من الهامش الثابت إلى الهامش الديناميكي، مما قد يجبر العملاء على نشر المزيد من الضمانات، ويمكن أن يقلل من ربحية بعض الصفقات.

وأفادت "بلومبرغ" يوم الثلاثاء الماضي أن "نومورا"، التي تواجه ما يقدر بنحو ملياري دولار من إخفاق "آركيغوس"، اتبعت خطى "كريدي سويس"، حيث وضعت قيوداً شملت تشديد الرافعة المالية لبعض العملاء الذين مُنحوا استثناءات لحدود تمويل الهامش سابقاً. ويقال إن هذه القيود تعتبر جزءاً من مراجعة أوسع لأعمال الوساطة الرئيسة في الشركة، والتي قد تؤدي إلى تقليص حجم الأعمال.

وقال مسؤول تنفيذي بالشركة طلب عدم الكشف عن هويته، في شهر مارس إن أكبر شركة سمسرة يابانية تدرس سبب الخسائر المحتملة رغم أنه من السابق لأوانه تحديد كيفية تأثير ذلك على الأرباح. وامتنع ممثل عن الشركة التي تتخذ من طوكيو مقراً لها عن التعليق.

قواعد جديدة

واشترى مكتب عائلة "هوانغ: حجماً كبيراً فيما لا يقل عن تسعة أسهم، ليصبح من أكبر مالكيها، عبر التمويل بواسطة رافعة مالية كانت ستصبح غير عادية حتى بالنسبة لصندوق التحوّط.

وتمكنت "آركيغوس" من وضع رهانات استثنائية الحجم باستخدام المشتقات، وتجنبت الإفصاحات المطلوبة من معظم المستثمرين، باعتبارها شركة عائلية خاصة، ثم قامت بشكل غير مرئي تقريباً، بجمع محفظة قدّرها بعض الأشخاص المطلعين على حسابات هوانغ، بما يصل إلى 100 مليار دولار.

وبينما كان لدى ممولي هوانغ أدلة حول قيام "آركيغوس" بتمويل التداولات، لم ينتبهوا إلى قيام المكتب العائلي بشراء موازي في شركات متعددة، مما زاد من الرافعة المالية على نفس تلك الأسهم القليلة، وفقاً لمصادر مطّلعة على الأمر.

وفي الولايات المتحدة، يُلمّح المنظمون بالفعل إلى الإعلان عن مجموعة قواعد جديدة، فقد أشار مسؤولو هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية إلى البنوك بأنهم يعتزمون جعل إفصاحات تداول صناديق التحوط أولوية أعلى، مع إيجاد طرق لمعالجة المخاطر والرافعة المالية.

وكتبت شيلا بير، الرئيسة السابقة لشركة "فيديرال ديبوزيت إنشورنس" Federal Deposit Insurance Corp، على تويتر: "نأمل أن يتسبب ذلك في قيام شركات السمسرة الرئيسة بالمؤسسات المصرفية الخاضعة للتنظيم، والمشرفين عليها، بإعادة تقييم علاقاتهم مع صناديق التحوط العالية الاستدانة".

وفي أوروبا، طلبت أكبر هيئة تنظيمية للبنوك من بعض المصارف الكبرى بالكتلة الأوروبية، تزويدها بمعلومات إضافية حول تعرضها لصناديق التحوط، حسبما أفادت مصادر مطّلعة على الأمر.

قلق متزايد

وبينما تعتبر عمليات التدقيق التي أجراها البنك المركزي الأوروبي على المقرضين من أمثال "دويتشه بنك " و"بي إن بي باريبا"، ممارسة معتادة بعد مثل هذه الأحداث المضطربة، إلا أنها تؤكد على قلق المنظمين، حتى وإن تجنبت معظم بنوك منطقة اليورو خسائر كبيرة.

وقالت إيزابيل شنابل، عضو مجلس الإدارة التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، في مقابلة مع "دير شبيغل" الأسبوع الماضي: "هناك حاجة للتدقيق في الأسباب التي دفعت البنوك إلى تمكين الصندوق من الاستفادة إلى هذا الحد. إنها إشارة تحذيرية إلى المخاطر الكبيرة التي تحتاج إلى تنظيم أفضل".