تفاؤل بخطط "بايدن" لزيادة إنتاج الاقتصاد الأمريكي المتراجع منذ عقود

الرئيس الأمريكي جو بايدن
الرئيس الأمريكي جو بايدن المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

"اختيار التوقيت المناسب ليس كل شيء، لكنَّه بالتأكيد عامل مساعد"، هذه المقولة تنطبق عندما يتعلق الأمر بجهود الرئيس جو بايدن لعكس التراجع المستمر منذ عقود في ديناميكية الاقتصاد الأمريكي.

وفي حين قد تسفر جهود بايدن عن نتائج محدودة إلا أنَّ توقيت تلك الجهود يدفع بعض الاقتصاديين إلى التأكيد على أنَّ الولايات المتحدة في طريقها لتحقيق نمو مستدامٍ وقوي.

وبعد أكثر من عام من فرض قيود على أنشطة الأعمال والتباعد الاجتماعي بهدف إبطاء انتشار كوفيد- 19، تستعد الشركات لزيادة نشاطها، كما يحرص الموظفون على العودة إلى مقار عملهم، فيما يمكن أن يمثِّل بداية فترة ممتدة من تسارع الإنتاجية والتوسع في توظيف القوى العاملة.

وقال روبرت غوردون الأستاذ في جامعة نورث وسترن ومؤلف كتاب "صعود وسقوط النمو الأمريكي" في العام 2016: "نحتاج للإسراع من أجل اللحاق بالركب" بعد مرور عقد من تباطؤ وتيرة نمو الإنتاجية.

خطط بايدن لإنعاش النمو

نجح بايدن بالفعل في تمهيد الطريق لتسارع نمو الاقتصاد خلال العامين الحالي والمقبل عن طريق خطة الإنقاذ الأمريكية التي ضخَّت 1.9 تريليون دولار في جيوب الناس.

ولكن تزداد صعوبة تحقيق الأهداف التي يحاول بايدن تحقيقها من حزمتيه التاليتين من رفع قدرة الاقتصاد على النمو لمدى أطول دون التسبب في زيادة معدلات التضخم بشكل كبير.

زاد الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بمعدل 2% في المتوسط سنوياً منذ عام 2000 مقارنة بمتوسط نمو سنوي 3.3% خلال السنوات العشرين السابقة، وهو ما يصعب تحقيقه خلال الفترة المقبلة في ظلِّ التركيبة السكانية التي يغلب عليها كبار السن، ولكن تبقى هناك قدرة على زيادة ذلك المتوسط في حالة تمَّ تطبيق السياسات المناسبة.

وتهدف "خطة الوظائف الأمريكية" الخاصة ببايدن، البالغة قيمتها 2.25 تريليون دولار بشكل أساسي إلى زيادة معدل نمو الاقتصاد على المدى الطويل من خلال زيادة الإنفاق بشكل كبير على البنية التحتية، وتعزيز الإنتاج، وزيادة تغطية إنترنت النطاق العريض، وتحسين وسائل النقل.

فرض العمل

وتركِّز "خطَّة العائلات الأمريكية" المرتقبة على زيادة فرص العمل للمواطنين، وخاصة النساء، وتمكينهم من العمل عن طريق زيادة تمويل رعاية الأطفال، والتعليم، والبرامج الحكومية الأخرى.

ومن المقرر أن يتمَّ تمويل الخطتين بفرض مزيد من الضرائب على الشركات والأثرياء، وهو ما يرى بعض الاقتصاديين أنَّه سيؤدي إلى تباطؤ النمو، في حين يبقى الأمل في تعزيز الاستثمار والتوسع في التوظيف بما يسمح في النهاية بتعويض ذلك التباطؤ الناتج عن زيادة الضرائب.

ويمثِّل زيادة معدل نمو الاقتصاد الهدف الأسمى والداعم الرئيسي لتعزيز الاقتصاد، مما يعني ازدهار مستوى معيشة المواطنين، وزيادة معدلات التوظيف، وتحقيق المزيد من أرباح الشركات.

كما تدعم زيادة معدل النمو واضعي السياسات، وتمكِّنهم من إدارة الديون الفيدرالية الضخمة بشكل أفضل بدعم من الإيرادات الضريبية التي ستنتج عن زيادة النمو، كما يمنح الاحتياطي الفيدرالي مساحة أكبر للسماح للاقتصاد بالنمو بشكل أسرع، وخفض معدلات قبل تشديد السياسة النقدية.

ويتوقَّع خبراء اقتصاديون استطلعت بلومبرغ آراءهم أن ينمو الاقتصاد بنسبة 6.3%، هذا العام بدعم من حزم المساعدات الحكومية الضخمة، وأسعار الفائدة التي انخفضت لمستويات قياسية. كما يروا وجود مؤشرات على زيادة الإنتاجية نتيجة التغيرات التي لحقت بطبيعة أنشطة الأعمال بسبب الوباء، مثل التسويق عبر الإنترنت، وزيادة الأتمتة.

قال مارك هوبلامزيان رئيس مجموعة فنادق "حياة" في حديث لبلومبرغ في وقت سابق من الشهر: "أفضل ما تحقَّق العام الماضي تغيُّر طريقة العمل، وأعتقد أنَّها تسير بشكل أسرع، وستكون أكثر قدرة على التكيف والتركيز على النمو في كلِّ منعطف"، وأضاف: "ستستمر تلك التغيرات في خلق قيمة مضافة بمرور الوقت".

خطة الإنفاق لتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي

يقول مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في "جي بي مورغان"، إنَّ زيادة الإنفاق أحد أبرز التطورات المشجِّعة بشكل خاص. فقد زادت الشركات من إنفاقها الاستثماري على شراء وسائل الإنتاج بنسبة 25.4% في الربع الرابع بدعم من نمو الاقتصاد بنسبة 68.2% في الأشهر الثلاثة السابقة، التي أعقبت خمسة انكماشات ربع سنوية متتالية بعد الركود الذي شهده الربع الثاني من العام الماضي مع توقُّف الاقتصاد.

وتوقَّعت شركة الاستشارات العالمية " ماكينزي" في تقرير صدر الشهر الماضي يتكون من 108 صفحة تسارع معدل نمو الإنتاجية السنوية بمقدار نقطة مئوية واحدة على مدار السنوات الأربع المقبلة، بما يعادل نحو ضعف متوسط ​​الزيادة التي شوهدت خلال التوسع الذي أعقب الأزمة المالية العالمية.

ساعدت خطة إنقاذ بايدن في توليد طلب قوي، إذ ترى ماكينزي أنَّه ضروري لإقناع الشركات بإنفاق المزيد على عملياتها وعمالها.

ماذا يقول خبراء الاقتصاد في بلومبرغ؟

"الركيزة الأساسية للنجاح تتمثَّل في التغلب على العقبات التي تعرقل نمو الإنتاجية، التي لم يكن القطاع الخاص قادراً عليها أو غير راغب في معالجتها".

كارل ريكادونا،ويلينا شولياتيفا، وأندرو هوسبي، وإليزا وينجر.

دعم إنتاجية الاقتصاد الأمريكي

إنَّ خطة الرئيس لزيادة الإنفاق بشكل كبير على البنية التحتية من الطرق، والجسور، وإنترنت النطاق العريض سوف تدعم زيادة إنتاجية الاقتصاد، على الرغم من ترجيح أن يكون تأثيرها ضئيلاً.

ويتوقَّع تحليل لبلومبرغ إيكونوميكس إمكانية رفع معدل النمو على المدى الطويل بنحو 0.1% في ظل توفير 2.2 مليون من فرص العمل خلال فترة ضخِّ الاستثمارات.

كما يتوقَّع مارك زاندي كبير الاقتصاديين في "موديز للأبحاث" أن تعزز خطة العائلات الأمريكية المقرر الكشف عنها الأسبوع المقبل معدل نمو الاقتصاد الأمريكي وزيادته بنسبة 0.1 نقطة مئوية على المدى الطويل. وأضاف أنَّ التأثير قد يكون صغيراً، لكنَّه إيجابي.

لا يشعر الجميع بالتفاؤل بشأن آفاق الاقتصاد الأمريكي طويلة المدى، فقد بلغ متوسط توقُّعات صانعي السياسة النقدية بالاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي لمعدل النمو المحتمل للاقتصاد 1.8%. كما يتشكك أيضاً مستثمرو سوق السندات، ويواصلون شراء سندات الخزينة بعوائد أقل بكثير من معدل التضخم.

في المقابل أعرب دانييل سيشل المسؤول السابق في الاحتياطي الفيدرالي عن تفاؤل حذر، إذ يتوقَّع أستاذ الاقتصاد في كلية ويلسلي زيادة معدل نمو الاقتصاد إلى 2.25% سنوياً بفضل الابتكارات والتغييرات في ممارسات العمل التي تمَّت قبل وأثناء الوباء.

كما قال سيشل: "توقيت حزمة البنية التحتية جيد بالفعل"، وسوف يساهم في زيادة معدلات النمو.