المستثمرون في تركيا يفقدون الاستمتاع بالاكتتابات مع تلاشي جنون الأسهم

قاعة التداول في بورصة اسطنبول في تركيا
قاعة التداول في بورصة اسطنبول في تركيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في ذروة جنون التداول اليومي في تركيا، انشغل عثمان سكمان بفتح أكبر عدد ممكن من حسابات الوساطة، حيث أقنع مهندس الكمبيوتر البالغ من العمر 23 عاماً نحو 18 من أصدقائه وأفراد عائلته بتجميع أموالهم معاً للحصول على فرصة أفضل في الاكتتابات الأولية العامة، والاستفادة من الحد الأقصى من الأسهم في أيامها الأولى؛ حيث ضاعف استثماره الأولي بأكثر من ثلاثة أضعاف، والذي كان بمبلغ 5,000 ليرة تركية (580 دولاراً أمريكياً) من مدخراته الدراسية على مدار تسعة أشهر.

ولكن في الآونة الأخيرة، بدأت الصفقات في التقلب، ووجد مستثمرون مثل سيكمان أنه يمكن للأسهم أن تنخفض بالسرعة التي ترتفع بها. حيث يشير المستثمرون المحترفون إلى القرار المفاجئ الذي اتخذه الرئيس رجب طيب أردوغان بإقالة رئيس مصرفه المركزي في شهر مارس، وعزمه على خفض أسعار الفائدة، على أنهما السبب وراء إضعاف الحماس في السوق. أما بالنسبة للأفراد فعادة ما يكون الأمر أبسط من ذلك: فالسوق لم يعد يرتفع كما كان في السابق.

تراجع الليرة

في هذا الصدد، قال سيكمان "التداولات تراجعت، والليرة تراجعت، والأسواق قاسية؛ وليس من السهل كسب المال عندما يتحول المد".

في حين أن التداول اليومي يمثل اتجاهاً كبيراً على مستوى العالم، فإن سوق تركيا يتميز بالطريقة التي استحوذ بها مستثمرو التجزئة على الاكتتابات الأولية العامة وأمطروا السوق بصفقات مضاربة صغيرة، غالباً لشركات تقل قيمتها عن 500 مليون دولار.

هذا هو السبب في انفصال الاكتتابات الأولية العامة، لبعض الوقت، عن السوق الأوسع والأكثر رسوخاً. وما يزال مؤشر الأسهم التركية المدرجة مؤخراً مرتفعاً بنحو 41% في عام 2021، إلا أن المقياس تراجع بنسبة 20% عن ذروة أبريل. كما انخفض مؤشر بورصة اسطنبول 100 القياسي، الذي يفضله المستثمرون المؤسسيون، بأكثر من 8% هذا العام، وهو من بين الأسوأ أداء على مستوى العالم. في غضون ذلك، تراجعت الليرة التركية بنسبة 15% مقابل الدولار هذا العام، وهو أكبر انخفاض في الأسواق الناشئة.

علاوةً على ذلك، يقول المتداولون إن المضاربة على الاكتتابات الأولية العامة لا تستحق المخاطرة إن لم تكن مكسباً مضموناً. وفي هذا السياق، طُرحت الشركة المنتجة للطاقة "أيدم إنرجي" (Aydem Enerji)، وشركة النقل "توركس توريزم" (Tureks Turizm) للاكتتاب العام في أبريل؛ ومنذ ذلك الحين، انخفضت كلتاهما بأكثر من 20%.

من جانبه، قال كريم كابلان، 35 عاماً، الذي يملك متجراً للبقالة في إسطنبول، والذي انخرط أيضاً في الاكتتابات الأولية العامة الجديدة: "انتهت الفورة؛ ولم تعد الاكتتابات الأولية العامة ممتعة بعد اليوم".

نتيجة لذلك، يظهر عدد أقل من الأشخاص المهتمين بالاكتتابات الأولية العامة. حيث قدّم ما متوسطه 45 ألف متداول عروضاً للصفقات الأخيرة، مقارنة بمتوسط ​​500 ألف بين يناير ونهاية أبريل، وفقاً لحسابات بلومبرغ المستندة إلى بيانات بورصة اسطنبول. كما انخفض عدد حسابات تداول الأسهم المحلية في مايو للمرة الأولى منذ 18 شهراً على الأقل، وفقاً لإحصاءات مركز الإيداع المركزي للأوراق المالية في تركيا.

إرجاء اكتتابات

تُفكّر بعض الشركات مرتين قبل طرح أسهمها للاكتتاب العام. وقد أجّلت شركة السكر "قيصري سكر" (Kayseri Seker)، وشركة المنسوجات "إسبر سنتيتك" (Isbir Sentetik)، وشركة توليد الطاقة "إزدمير إنرجي" (Izdemir Enerji) مؤخراً خطط طرح أسهمها للاكتتاب العام.

في هذا الصدد، قال أتيلا كوكسال، رئيس جمعية محو الأمية المالية (Financial Literacy Association) في تركيا: "اختفى السحر وبدأ الواقع. حيث لم يكن من الطبيعي أن يزيد الطلب على الاكتتابات الأولية العامة 50 ضعفاً؛ وفي الواقع، كان الجميع يعلم أن هذا سيكون مؤقتاً". وفي بعض الحالات، كان الطلب أعلى من ذلك، إلا أنه تقلص عن المستويات التي شهدها شهر مارس؛ حيث أظهرت الإيداعات التنظيمية أن الاكتتاب على الصفقات الأخيرة تم مرة أو مرتين في الغالب، ويرجع الفضل في ذلك إلى المستثمرين المؤسسيين المحليين إلى حد كبير.

وبالنسبة لسكمان، فإنه لم يتخلَّ عن التداول؛ حيث علّم نفسه التحليل الفني، ويحلم ببدء عملية تعدين العملات الرقمية بمجرد أن يوفر المال الكافي لشراء المعدات.