"أمازون" تنتصر في معركة امتدت لسنوات حول سحابة البنتاغون

المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يستطيع آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون دوت كوم"، أن يحتفل بتحقيقه فوزاً واحداً على الأقل خلال أوَّل أسبوع له على رأس هرم الشركة العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية.

تقسيم العمل

يوم الثلاثاء، حقَّقت الشركة التي تتخذ من سياتل مقرَّاً لها، انتصاراً – حتى الآن - عندما أعلن البنتاغون أنَّه سيفسخ عقداً بقيمة 10 مليارات دولار، كان قد منحه لشركة "مايكروسوفت" في عام 2019، وتقسيم العمل بين عملاقي التكنولوجيا.

أمَّا شركة "أمازون ويب سيرفيسز" (Amazon Web Services)، وهي الوحدة السحابية التابعة لـ"أمازون"، التي خسرت مكانتها كمرشح أوَّل بعد حملة ضغوط ساخنة من قبل المنافسين، فستتمُّ دعوتها الآن لتقديم عرض إلى وزارة الدفاع للفوز بجزء من عقد سحابة جديد تُقدَّر قيمته بمليارات الدولارات. وسيتمُّ منح العقد المنقح، الذي يطلق عليه اسم "القدرة السحابية المشتركة للمحاربين" (Joint Warfighter Cloud Capability)، لعدد من المورِّدين على مدى خمس سنوات.

من جهته، صرَّح البنتاغون أنَّه سيتواصل أيضاً مع شركات الخدمات السحابية الأخرى مثل: "آي بي أم"، و"أوراكل"، و"ألفابت" المالكة لـ"غوغل"، على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة، لتحديد ما إذا كانت مؤهَّلة للتنافس على العقد الذي يتوقَّع البنتاغون أن يكون بمليارات الدولارات، برغم أنَّه لم يحدد بعد الحد الأقصى لمبلغ العقد.

العودة إلى الملعب

في هذا السياق، قال ستان سولواي، الذي كان نائب وكيل وزارة الدفاع في عهد الرئيس بيل كلينتون، وهو الآن رئيس شركة "سيليرو ستراتيجيز" (Celero Strategies) للاستشارات في العاصمة واشنطن: "يمكن تصنيف هذا الحدث على أنَّه فوز لشركة (أمازون)، لأنَّه يعيدها إلى الملعب. لكن بالنسبة لكلا الشركتين، عليهما الآن أن تتنصرا على أرض الواقع".

ما من شكٍّ في أنَّ قرار البنتاغون بتقسيم العمل بين الخصمين يُعدُّ انتصاراً غير متوقَّع لشركة "أمازون"، التي عانت من خسارة محرجة في عام 2019 عندما اختارت وزارة الدفاع شركة "مايكروسوفت" لتنفيذ المشروع المربح، مع أنَّه كان من المتوقَّع على نطاق واسع أن تحصل "أمازون" على العقد، لأنَّها سبق أن فازت بالفعل بصفقة سحابة مع وكالة الاستخبارات المركزية في عام 2013، كما حصلت على تصاريح أمنية فيدرالية رفيعة المستوى.

ويمثِّل الإعلان يوم الثلاثاء أيضاً هزيمة غير عادية للبنتاغون، الذي سعى في البداية إلى اختيار شركة واحدة فقط لتكون بمثابة مستودع البيانات الأساسي للخدمات العسكرية في جميع أنحاء العالم. وقد قُدِّرت قيمة عقد "سحابة البنية التحتية المشتركة للدفاع المؤسسي" - الذي يُعرف اختصاراً باسم "جيدي" (JEDI) مستحضراً بذلك الصور من فيلم "حرب النجوم" - بما يصل إلى 10 مليارات دولار على مدى عقد من الزمن.

وزارة الدفاع قالت، إنَّها بحاجة إلى اعتماد الخدمات السحابية التجارية، إذ تتمُّ استضافة قوة الحوسبة والتخزين في مراكز البيانات البعيدة التي تديرها شركات خارجية، لمنحها ميزة تكتيكية في ساحة المعركة، إلى جانب تعزيز استخدام التقنيات الناشئة.

لكن منذ البداية، واجه المشروع معارضة شرسة من كلٍّ من شركات "أوراكل"، و"مايكروسوفت"، و"آي بي إم"، التي جادلت بضرورة تقسيم الصفقة بين عدة مورِّدين لزيادة أمان البيانات، وتعزيز ابتكار السوق.

دعوى "أوراكل"

علاوةً على ذلك، رفعت شركة "أوراكل" دعوى قضائية تطعن فيها في استبعادها من عملية الشراء، مدَّعيةً أنَّ متطلَّبات عقد البنتاغون كانت ضيقة للغاية، وأنَّ المنافسة غير نزيهة بشكل قاتل، بسبب تضارب المصالح مع "أمازون". كما استأنفت شركة "أوراكل" الأحكام ضدها في تلك الدعوى أمام المحكمة العليا الأمريكية.

في هذا السياق، قال كين غلوك، رئيس مكتب "أوراكل" في واشنطن، معلِّقاً على قرار البنتاغون إنهاء صفقة "سحابة البنية التحتية المشتركة للدفاع المؤسسي"، وبدء عقد جديد: "نحن راضون تماماً".

منذ أن تمَّ تصميم المشروع للمرة الأولى في عام 2017، نما السوق السحابي بشكل أكثر تنافسية، مما أعطى البنتاغون خيارات إضافية على صعيد المورِّدين.

ففي عام 2017، استحوذت "أمازون" على 51.8٪ من سوق البنية التحتية السحابية، تلتها "مايكروسوفت" بنسبة 13.3٪، ثم مجموعة "علي بابا غروب هولدينغ" بنسبة 4.6٪، و"غوغل" بنسبة 3.3٪، وفقاً لتحليل من شركة الأبحاث "غارتنر" (Gartner).

وجدت "غارتنر" أنَّه بحلول عام 2020، انخفضت حصة "أمازون" في السوق إلى 40.8٪، في حين نمت حصة "مايكروسوفت"، و"علي بابا"، و"غوغل" بالإضافة إلى ذلك؛ بدأت "مايكروسوفت" في اللحاق بركب شركة "أمازون" في الحصول على تصاريح الأمن الفيدرالية، مما يمنحها القدرة على استضافة البيانات الحكومية الأكثر حساسية.

الجدير بالذكر أنَّه بعد فوز "مايكروسوفت" المفاجئ بعقد "سحابة البنية التحتية المشتركة للدفاع المؤسسي" في أكتوبر 2019، رفعت "أمازون ويب سيرفيسز" دعوى قضائية تؤكِّد أنَّ وزارة الدفاع تجاهلت تكنولوجيا "أمازون" الفائقة، ومنحت العقد لشركة "مايكروسوفت" برغم "إخفاقاتها الرئيسية" في الامتثال للمتطلَّبات. كما ارتكب البنتاغون هذه الأخطاء بسبب التدخُّل غير اللائق من جانب الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي اعتبر المؤسس المشارك لشركة "أمازون" جيف بيزوس - الذي يمتلك صحيفة واشنطن بوست - "عدوه السياسي"، وفقاً لدعوى "أمازون" القضائية.

في هذا الصدد، نفت وزارة الدفاع أن تكون السياسة قد أثَّرت في عملية اتخاذ القرار بمنح "مايكروسوفت" الصفقة.

تدخل سياسي

وفي وقت سابق من هذا العام، قال مسؤولو البنتاغون، إنَّهم قد يفسخون العقد في حال رفضت محكمة المطالبات الفيدرالية الأمريكية، ردَّ مزاعم "أمازون" بأنَّ التدخل السياسي من جانب ترمب كلَّف الشركة خسارة صفقة السحابة المربحة.

وقد رفضت القاضية باتريشيا كامبل سميث في شهر إبريل طلباتٍ من الحكومة و"مايكروسوفت" لردِّ جزء من دعوى "أمازون"، الأمر الذي سمح باستمرار التقاضي.

وفي الواقع، يؤدي إلغاء مشروع "سحابة البنية التحتية المشتركة للدفاع المؤسسي" أيضاً إلى تبرير موقف "أمازون" وقرارها اتهام ترمب علناً بالتدخل غير العادل في عملية الشراء.

من جانبه، قال جاسي من شركة "أمازون" في مؤتمر صحفي ضمن فعاليات مؤتمر عملاء الشركة في عام 2019: "عندما يكون لديك رئيس يرغب في أن يُشارك بشكل علني حالة ازدرائه لشركة وقائد تلك الشركة، فإنَّه يجعل من الصعب حقاً على الوكالات الحكومية، بما في ذلك وزارة الدفاع، اتخاذ قرار دون أن تخاف من الانتقام".

الأثر المالي

بالإضافة إلى ذلك؛ قال المحللون، إنَّ الأثر المالي لصفقة "سحابة البنية التحتية المشتركة للدفاع المؤسسي" على شركة "أمازون" كان محدوداً، بسبب الحجم الهائل لأعمال العقود الحكومية الفيدرالية، وحكومات الولايات التي تتجاوز "سحابة البنية التحتية المشتركة للدفاع المؤسسي"، إذ حققت "أمازون ويب سيرفيسز" أرباحاً بلغت 48.6 مليار دولار خلال 12 شهراً التي انتهت في مارس. ومع ذلك، تؤكِّد الشركة أنَّها لا تخطط للتراجع عن متابعة أعمال البنتاغون، وقالت في هذا السياق: "نتطلَّع إلى مواصلة دعم جهود التحديث والتجديد التي تبذلها وزارة الدفاع، وبناء الحلول التي تساعد في إنجاز مهامها الحساسة".