الأسواق تستعد لطفرة جديدة في أسعار الألمنيوم بسبب نقص المعروض

العالم يشهد عصراً جديدا لمعدن الألمنيوم
العالم يشهد عصراً جديدا لمعدن الألمنيوم المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتجه معدن الألمنيوم نحو تحول مُزلزل، حيث تبدأ تخمة المعروض طويلة الأمد في التلاشي، مما يمهد الطريق لنقص المعروض منه وارتفاع الأسعار الذي يمكن أن يستمر لسنوات.

من المتوقع أن يرتفع الطلب على خلفية الاستثمار في مجال تغير المناخ، واتخاذ الصين، التي تمثل أكثر من نصف الإنتاج العالمي، إجراءات صارمة ضد أعمال الصهر لتقليل التلوث وتحقيق الأهداف الخضراء.

وتعني هذه القوى مجتمعة أن العرض الزائد الذي سيطر على السوق والأسعار المقيدة لأكثر من عقد من الزمان في طريقها للاختفاء، مما يجعل المشترين يستعدون لعصر جديد من الندرة وارتفاع التكاليف.

اقرأ المزيد: الإمارات العالمية للألمنيوم تُرجّح ارتفاع الأسعار في 2021

ويعد الألومنيوم أحد أهم العناصر المستخدمة يوميا، بداية من تغليف منتجات المواد الغذائية وعلب البيرة إلى أجهزة "أيفون" والسيارات، وبالتالي فإن ما يحدث في الأسواق له آثار على التضخم ونفقات المستهلكين.

قفز سعر الألومنيوم بالفعل بنسبة 27% إلى حوالي 2500 دولار للطن هذا العام، وهو ثاني أفضل أداء بعد القصدير في بورصة لندن للمعادن. تعد شركة "غولدمان ساكس" من بين أولئك الذين يتوقعون المزيد من المكاسب في المستقبل، حيث تضع تقديرات أسعار قياسية تتجاوز 3000 دولار بحلول أواخر العام المقبل.

على المدى القصير، فإن انتعاش الاقتصاد العالمي بعد وباء فيروس كورونا، والطلب في قطاعي السيارات والبناء، سيؤديان إلى تآكل في المخزون، لكن بعدما كان العرض في الماضي مواكبا للطلب الإضافي، فقد يتغير ذلك بمجرد بدء تخفيضات الإنتاج الصينية، مما يترك السوق في عجز كبير بحلول عام 2024، وفقا لشركة "ترافيجورا غروب" (Trafigura Group) التجارية العملاقة.

وقال فيليب مولر، رئيس تجارة الألمنيوم في شركة "ترافيجورا": "يتطلب الأمر تغييرا كبيرا في التفكير - فقد رأى البعض شراء الألمنيوم على غرار شراء البقالة في السوبر ماركت.. لن تعمل الأمور بنفس الطريقة بعد الآن".

ولا يواجه المعدن وحده مشكلات قصيرة الأجل، حيث أدى الجمع بين الطلب المتزايد والعرض المحدود بعد الاضطراب الناجم عن وباء مرض كوفيد -19 إلى قلب العديد من أسواق المواد الخام، وهي جميعا أمور تغذي مخاوف التضخم العالمية التي انتشرت في بعض الزوايا هذا العام.

الموقف الصيني

تعد تحركات الصين جوهرية بالنسبة للألمنيوم، حيث بدأت حكومة بكين في اتخاذ إجراءات صارمة عام 2017، وقامت بالحد من قدرة الصهر عند 45 مليون طن سنويا، ثم حطمت تحديدها لاحقا لأهداف لانبعاثات الكربون أي توقعات بأن صانعي السياسات قد يخففون القيود على هذا القطاع.

قالت أليسون لي، الرئيسة المشاركة لأبحاث المعادن الأساسية في شركة "ماي ستيل" (Mysteel)، عبر الهاتف من شنغهاي: "الحكومة جادة هذه المرة.. الآن لدى الصين مهمتها الخاصة بتحقيق حياد الكربون، ونعتقد أنها ستلتزم بهذا الحد".

اقرأ أيضا: "روسال" الروسية توقف تمويل مصنع للألمنيوم في كنتاكي الأمريكية

سيصل الإنتاج الفعلي إلى حوالي 40 مليون طن في الصين هذا العام، لذلك لا يزال لدى المنتجين مجال لتعزيز الإنتاج في الوقت الحالي، وفقا لشركة "غولدمان ساكس". لكن من المرجح أن يصل القطاع إلى الحد الأقصى بحلول عام 2024، ومن ذلك الحين ستنتقل السوق الصينية إلى مرحلة العجز.

يمكن للمنتجين في أماكن أخرى أن يساعدوا في سد الفجوة، لكن الأسعار ستحتاج إلى الارتفاع على نحو كبير لجعل الاستثمار مجديا، نظرا لارتفاع تكاليف الامتثال البيئي. وتقدر شركة "ترافيجورا" أن الألمنيوم يحتاج للوصول إلى 3500 دولار خلال العام المقبل لمنع النقص، بالنظر إلى التأخر الزمني لبناء أفران صهر جديدة.

وتشهد سوق التعاقدات الفورية فوضي بسبب وجود اختناقات لوجستية، وتكاليف شحن مرتفعة، بالإضافة إلى الضرائب والرسوم الجمركية التي تلعب دورا أيضا في الوقت الحالي. وقد تقلص شركة " يونايتد كو روسال إنترناشيونال" (United Co. Rusal International PJS)، أكبر منتج للألمنيوم خارج الصين، من الشحنات بسبب ضريبة روسية جديدة على الصادرات.

شهدت علاوة فروق القيمة ارتفاعا مذهلا، وهي القيمة التي يتعين على الشركات دفعها علاوة على أسعار بورصة لندن للمعادن للحصول على المعدن، مما يعني أن المشترين يواجهون بالفعل أسعارا شبه قياسية للمنتجات المتخصصة مثل قضبان الألمنيوم.

أزمة العلب

تواجه الأسواق أيضا نقصا في علب الألمنيوم، ويرجع السبب في ذلك جزئيا إلى التحول نحو تناول الطعام في المنزل أثناء الجائحة. ونتيجة لذلك، اضطرت الشركات إلى الاستيراد من شرق آسيا وأمريكا الجنوبية في وقت ارتفعت فيه أسعار الشحن، مما زاد من التكاليف.

قال جون هايز، الرئيس التنفيذي لشركة "بول كورب" "Ball Corp" لصناعة العلب، في مؤتمر عبر الإنترنت للأرباح في شهر مايو الماضي: "إن تعقيد سلسلة التوريد في جلب العلب من جميع أنحاء العالم شديد، وذلك ليس فقط من منظور التكلفة".

وبالنسبة لأولئك الذين يعتمدون على اضطرابات السوق التي تثبت أنها مؤقتة، فإن الأخشاب توفر بعض الأمل، فبعدما ارتفعت الأسعار إلى مستوى قياسي في شهر مايو، على خلفية طفرة بناء المنازل في الولايات المتحدة، تتراجع الأسعار الآن بسرعة نحو مستويات ما قبل الجائحة.

اقرأ أيضا: مكاسب صنّاع الصلب الأمريكيين تدفع المستثمرين للتفكير بأسعار الذروة

في المقابل لا يري روب فان غيلز، الرئيس التنفيذي لشركة "هاميرير ألمنيوم إنداستريز" (Hammerer Aluminium Industries)، التي يقع مقرها في النمسا، أي توقف للألمنيوم حتى الآن، حيث يشتري العملاء منتجاته المتخصصة رغم وجود أسعار شبه قياسية.

ومثل كثيرين في القطاع، اضطر فان غيلز إلى إجراء تخفيضات كبيرة في عدد الموظفين والإنتاج عندما وقعت الجائحة، لكن المصانع عادت الآن بكامل طاقتها، كما أن الطلبات لم تكن بهذه القوة من قبل.

قال "غيلز" عبر الهاتف: "سلسلة التوريد بأكملها تعاني من ضيق شديد، من البداية إلى النهاية". تابع: "لقد خلق هذا الوضع حيث ارتفعت فروق القيمة، لأن الوفرة غير موجودة".

ويمكن أن تتفكك الزيادة في فروق القيمة للألومنيوم بسرعة إذا بدأ طلب المستهلك النهائي في التراجع، وسيكون قطاع البناء هو القطاع الرئيسي الذي يجب مراقبته، وفقا لفان غيلز.

اقرأ أيضا: كيف حققت صناديق التحوط مكاسب ضخمة من قراءة أسواق السلع المتذبذبة؟

لكن في الوقت الحالي، تزدهر المبيعات. ويمكن للطلب المتزايد من قطاع الطيران الخامل إلى حد كبير، بالإضافة إلى التحولات البيئية طويلة الأجل، أن يقدما المزيد من الدعم عندما تبدأ زيادة الطلب بعد بدء وباء مرض كوفيد -19 في الانحسار في مناطق أخرى.

قال مولر: "يوجد هنا سوق في صالح البائعين ". تابع: "إذا نظرت إلى السنوات العشر القادمة، فإننا في مرحلة انتقالية هائلة في سوق الألمنيوم".