سنغافورة تسعى لسدِّ ثغرات بالتدقيق المالي لحماية "التمويل الأخضر"

سنغافورة
سنغافورة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في أعقاب سلسلةٍ من الفضائح لاحقت الشركات في سنغافورة، بحسب أكبر مسؤول مصرفيٍّ هناك، باتت البلاد تحتاج لرفع معايير التدقيق والمحاسبة للمساعدة في تعزيز مصداقية المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.

وقال رافي مينون، وهو رئيس "السلطة النقدية في سنغافورة "، التي تعرف بكونها المنظِّم المالي في البلاد: "كانت هناك عدة إخفاقات ناتجة عن ثغرات في نظامَي المحاسبة والتدقيق، وبعض الأنشطة الاحتيالية التي لا يمكن اكتشافها بسهولة، لذا فإنَّ الأمر بحاجة لمعالجة".

وبالرغم من تحسُّن مستوى إفصاح الشركات في سنغافورة خلال العام الحالي، لا تزال الدولة متأخرة عن دول الجوار، مثل ماليزيا وتايلاند، وفق تقرير نشرته "جمعية مستثمري الأوراق المالية بسنغافورة" في أكتوبر.

وذكر تقرير آخر صادر عن "التحالف العالمي للاستثمار المستدام" أنَّ الامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمية، أصبح مسألة وجودية للشركات، في ظلِّ ارتفاع الاستثمار المستدام في الأصول إلى أكثر من 30 تريليون دولار.

وحازت سنغافورة على نصيبها من فضائح الشركات البارزة في الأعوام الأخيرة، مثل شركة معالجة المياه "Hyflux" المدينة بنحو 2.8 مليار دولار سنغافوري (2.1 مليار دولار)، لحوالي 34 ألف بنك ومستثمر بالتجزئة، وشركة "Noble Group Holdings" لتجارة السلع الأساسية التي لا تزال تخضع للتحقيق بسبب ممارساتها المحاسبية، كما يواجه تاجر النفط المضطرب "هين ليونغ" اتهاماتٍ بالتزوير، وإخفاء الخسائر.

وفي إشارة للاعتراف بضرورة رفع معايير التدقيق في العديد من الأماكن، قال مينون في مقابلة: "عندما يقول أحد المدققين إنَّ هذا الأمر يتماشى مع المعايير المحاسبية، يظلَّ هناك نطاق واسع لما هو مقبول"، موضِّحاً أنَّ زيادة مستوى الدقة يعدُّ تحدياً كبيراً.

قواعد صارمة

وذكر مينون أنَّ سنغافورة لديها قواعد صارمة للغاية بشأن متطلبات إدارة الشركات، مثل الحد الأدنى من عدد المديرين المستقلين، ونظم الإفصاح، وقوانين الفصل بين الإدارة والملكية.

وتعمل "الهيئة التنظيمية للمحاسبة" على إدخال تعديلاتٍ على قانون الشركات، يتضمن مراجعةً لقضايا عدة، تتعلَّق بأنماط الشركات الحالية، والتقارير المالية، وحماية مصالح المساهمين.

ومن المقرَّر أن تعمل الذراع التنظيمية لشركة "بورصة سنغافورة" أيضاً على تعزيز سلطات إنفاذ القانون لردع سوء سلوك الشركات.

وفي الوقت نفسه، تسعى سنغافورة جاهدةً لتصبح مركزاً للتمويل الأخضر، فقد كشفت السلطة النقدية في سنغافورة "MAS" مؤخراً عن برنامج منح يستهدف تعزيز الوصول إلى القروض الخضراء المرتبطة بالاستدامة، إلى جانب برنامج الحوافز الذي طُبِّق في يونيو 2017 للمساعدة في مراجعة النفقات الخارجية لمصدِّري السندات الخضراء.

السندات الخضراء

أظهرت بيانات صادرة في مارس عن السلطة النقدية في سنغافورة "MAS" أنَّ الدولة الآسيوية أصدرت سندات خضراء بقيمة تزيد عن 6.5 مليار دولار سنغافوري (نحو 4.9 مليار دولار) منذ إطلاق برنامج الحوافز.

وبحسب البيانات التي تتبعتها "بلومبرغ"، تضاعف حجم إصدارات السندات الخضراء في سنغافورة ثلاث مرات تقريباً، ليصل إلى مليار دولار هذا العام، مقارنةً بـ 341.8 مليون دولار العام الماضي.

وقال العضو المنتدَب مينون، إنَّ البنك المركزي في سنغافورة يعمل مع شركات تصنيف ائتماني، وخبراء لإصدار اعتمادات، وبالتالي؛ ضمان التزام الشركات التي تجمع الأموال من التمويل الأخضر، بتعهداتها لتحقيق الاستدامة.

المعايير الإقليمية

وأضاف رئيس السلطة النقدية في سنغافورة "MAS": أنَّه "من المحبط للغاية الافتقار لوجود تفاهم مشترك لما يشكل منتجاً أخضر، أو عملية خضراء، ولكن هناك جهود تحدث الآن لتحقيق درجة معينة من الاتساق".

وتابع: "أعتقد أننا سنحصل على معايير إقليمية متناسقة عبر المناطق على الأقل، وليست متطابقة تماماً، ولكنها ستراعي الخصائص والظروف الإقليمية".

وأوضح أنَّ سنغافورة تعمل على اكتساب خبرة في عمليات التحقُّق والاعتماد للتأكُّد من تلبية الشركات للمعايير العالمية الجيدة، التي قد تؤدي إلى خلق مزيد من الوظائف في هذا المجال، مضيفاً: "نحن بحاجة إلى بناء نظامٍ بيئيٍّ كاملٍ للتمويل الأخضر".