المصور: SeongJoon Cho/Bloomberg

قصص نجاح عائلات "تشايبول" الكورية الجنوبية تشوبها الفضائح

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تدين كوريا الجنوبية بالفضل للتكتلات العائلية الكبيرة المعروفة باسم "التشيابول"، في التحول من حالتها الاقتصادية المتواضعة إلى خامس أكبر دولة مصدرة في العالم، والتي تَساند الدولةُ منذ أمدٍ بعيد لتكون بمثابة سر "معجزتها الاقتصادية".

وتقدم شركات مثل "إل جي"، و"هيونداي" ، و"إس كيه" (SK)، و"لوتي" (Lotte)، و"سامسونغ"، أمثلة شهيرة على هذه التكتلات العائلية، وإن كانت سامسونغ الأكبر بلا منازع. ورغم ذلك فإن النفوذ الكبير لتشيابول وعلاقتها القوية بالحكومة، فضحته قضية التواطؤ الشهيرة، والتي أطاحت بكل من رئيس البلاد ومدير سامسونغ التنفيذي. في الوقت نفسه، سلطت هذه الفضيحة الضوء على هذه التكتلات في وقت كان الكثيرون يتابعون انتقال السلطة من جيل إلى آخر.. فهل حان الوقت أخيرًا للتغيير في التشيابول؟

التزاوج مع السلطة

وكان يفترض أن يمثل عام 2017 نقطة تحول في التشيابول، ولا سيما بعد صدور حكم السجن بحق رئيس شركة "سامسونغ"، إثر الفضيحة التي أطاحت برئيسة كوريا الجنوبية باك غن هي (Park Geun-hye)؛ حيث حكم على لي جاي يونغ (Jay Y. Lee) الرئيس الفعلي "لمجموعة سامسونغ" ، والذي وافته المنية مؤخرا، بالسجن لمدة 5 سنوات.

وصدر الحكم بالسجن بعد أن أدين "لي" بالرشوة في محاولة لكسب المزيد من السلطة لصالح إمبراطورية "سامسونغ" التي أنشأتها عائلته، إلا أنه استأنف الحكم وأفرجت عنه محكمة سيول العليا في فبراير 2018، بعد تخفيف الأحكام الصادرة بحقه ووقف تنفيذها، الأمر الذي أثار غضب شعبي كبير.

يشار إلى أنه سبق وأُدين عدد كبير من قادة الأعمال بمن فيهم والد "لي" بتهمة الفساد ليطلق سراحهم بسهولة فيما بعد؛ إذ واجه "لي"، الذي يشغل أيضًا منصب نائب رئيس مجموعة سامسونغ للإلكترونيات، تهمة أخرى تتعلق بدوره في دفع عشرات الملايين من الدولارات من أرباح المجموعة لخدمة أحد أصدقاء الرئيسة المخلوعة باك غن هي.

كما أُدين رئيس "سلسلة لوتي للتجزئة" (Lotte retail group) في شهر فبراير 2018 أيضًا في قضية فساد أخرى ترتبط بالرئيسة السابقة باك، وحكم عليه بالسجن 30 شهرًا، قبل أن تطلق محكمة الاستئناف سراحه بعد 8 أشهر وتوقف تنفيذ الأحكام الصادرة بحقه.

ومنذ وقت طويل والسخط العام تجاه التشيابول يتفاقم، إذ واجه 9 من قادة التشيابول في جلسة استماع عقدت عام 2016 وابلًا من الأسئلة التي طرحها المشرعون في وقت تحول فيه غضب مئات الآلاف المتظاهرين من المطالبة بالإطاحة بالرئيس صوب هذه التكتلات، وبعد مضي 16 شهرًا، حكمت المحكمة بسجن الرئيسة السابقة باك لمدة 24 سنة بعد إدانتها بجرائم عدة منها الرشوة والابتزاز واستغلال السلطة وتسريب معلومات الدولة السرية.

خلفية عن "التيشابول" وكيف ظهرت؟

تعني كلمة التشيابول في اللغة الكورية "الجماعة الثرية"، ويُعتقد بنشأتها نتيجة التأثر بما يعرف في اليابان بالزايباتسو، وهو مصطلح يحمل حروفًا صينية ويمثل التكتلات العائلية المهيمنة على اقتصاد اليابان، إلى أن قضت عليها الحكومة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية بوقت قصير، بينما وجدت كوريا في إنشاء التشيابول طريقة أساسية لتعزيز النمو الاقتصادي للبلاد.

وبعد الإطاحة بالحكومة بوقت قصير إثر الانقلاب العسكري عام 1963، قام باك تشونغ هي (Park Chung-hee) والد الرئيسة المخلوعة، بشق الطريق إلى الحداثة بالاستناد إلى مبادئ "الرأسمالية" التي سمحت للشركات التي تنتقيها الحكومة بتولي المشاريع الضخمة غالبًا من خلال قروض تدعمها الحكومة. وفي كوريا اليوم 45 تكتلاً لـ"التشيابول" وفقًا لهيئة التجارة العادلة الكورية، في وقت يمتلك أقوى 10 منها 27 بالمئة من الأصول التجارية بالبلاد.

دور عائلات التشيابول في الاقتصاد تثير جدلاً

رغم دور التشيابول الأساسي في قصة نجاح كوريا الجنوبية بالمجال الاقتصادي، إلا أن العديد من السياسيين يرون فيه نظامًا رجعيًا لا يتناسب مع اقتصاد القرن الحادي والعشرين، حيث تتداول الأسهم المرتبطة بالتشيابول بشكل أقل بكثير من نظيراتها في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان بأضعاف (في ظاهرة تعرف بالحسم الكورية)، ما يعود إلى المخاوف التي تتعلق بالمحسوبية والملكية المتقاطعة.

ويضع مواطنو كوريا الجنوبية العاديون كثيرًا من علامات الاستفهام حول تجمع الثروة في أيدي مجموعة من العائلات، وثقل ذلك على الشركات الصغيرة والناشئة، حيث لم يعد هؤلاء قادرين على غض النظر عن العلاقات غير القانونية والمشبوهة بين الحكومة ورجال الأعمال كما كانوا في السابق، حين كان التشيابول يقود النمو الاقتصادي ويخلق فرص العمل أمامهم، وفقًا لكيم سانغ جو رئيس هيئة التجارة العادلة الكورية الحالي والبروفيسور الاقتصادي سابقًا في جامعة هانسنغ (Hansung University).

ووسط الانتقادات العلنية التي شهدتها كوريا الجنوبية، دعا المشرعون والمستثمرون إلى كشف النقاب عن الملكيات المتقاطعة وتنقيح الهيكل الإداري للتشيابول.

وتحدث رئيس المحكمة كيم جين دونغ (Kim Jin-dong) بعد إدانة "لي"، في 25 أغسطس 2017، قائلا: "من المثير للصدمة أن مرض التواطؤ السياسي التجاري بين أقوى شخصية في كوريا، التي تتمثل بالرئيسة، وبين التكتلات لم يصبح جزءً من الماضي، إلى يومنا هذا من الصعب استعادة الثقة التي فقدناها".