البرازيل تبدأ في ترويض التضخم

كان البنك المركزي البرازيلي بقيادة رئيسه روبرتو كامبوس نيتو من بين أكثر البنوك هجوميةً في العالم حيث رفع أسعار الفائدة بمقدار 325 نقطة أساس منذ شهر مارس الماضي
كان البنك المركزي البرازيلي بقيادة رئيسه روبرتو كامبوس نيتو من بين أكثر البنوك هجوميةً في العالم حيث رفع أسعار الفائدة بمقدار 325 نقطة أساس منذ شهر مارس الماضي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

رفع البنك المركزي البرازيلي أسعار الفائدة بأعلى قدر منذ ما يقرب من عقدين من الزمن ووعد بإعادة تقديم سياسة نقدية متشددة بسرعة لترويض التضخم الذي تخطى الهدف.

رفع المركزي البرازيلي يوم الأربعاء معدل الفائدة الأساسي "سيليتش" (Selic) بنقطة مئوية كاملة ليصل إلى 5.25%، متوافقاً مع توقعات الغالبية العظمى من المحللين الذين شملهم استطلاع لوكالة "بلومبرغ". كما توقع صانعو السياسة رفعاً آخر بنفس المعدل الشهر المقبل، ليتجاوز سعر الفائدة الرئيسي في النهاية المستوى "الحيادي" الذي يقدره الاقتصاديون عند 6-7%.


أزمة المياه تفاقم قنبلة التضخم الموقوتة في البرازيل

وكتبوا في بيان مصاحب لقرارهم أن "التدهور الأخير في التضخم بمكونات القصور الذاتي في لحظة إعادة فتح قطاع الخدمات، يمكن أن يؤدي إلى تدهور إضافي في توقعات التضخم". وتابعوا: "الضبط النقدي الأسرع هو الأنسب لضمان تثبيت توقعات التضخم".

كان البنك المركزي البرازيلي، بقيادة رئيسه روبرتو كامبوس نيتو، من بين أكثر البنوك هجوميةً في العالم، حيث رفع أسعار الفائدة بمقدار 325 نقطة أساس منذ شهر مارس الماضي. لكن تتصاعد ضغوط الأسعار في الوقت الذي يتراجع فيه المسؤولون المحليون عن القيود القليلة التي تم وضعها سابقاً لمكافحة فيروس كورونا، مما سيجبر صانعي السياسة على بذل جهود أقوى للوصول إلى هدف التضخم للعام المقبل.

اقرأ المزيد: في خطوة جريئة.. المركزي البرازيلي يرفع أسعار الفائدة أعلى من التوقعات

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

زاد البنك المركزي البرازيلي من سرعة وتيرة رفع أسعار الفائدة، وتعهد بزيادة أخرى بمقدار نقطة كاملة في شهر سبتمبر المقبل، للدخول في مرحلة أسعار فائدة أعلى من المستوي الحيادي بحلول نهاية الدورة.

من المحتمل أن تؤدي رسالة تشديد السياسات إلى دفع الأسواق إلى تسعير زيادة حادة في الأسعار أكثر من تلك المُضمنة حالياً في منحنى العائد. ليتفوق بذلك بشكل ملحوظ عن توقعاتنا لنهاية العام والبالغة 6.5% - وهي الآن قيد المراجعة". وفقاً لأدريانا دوبيتا، خبيرة اقتصادية مختصة بأمريكا اللاتينية.

بلغ معدل التضخم السنوي 8.59% في منتصف شهر يوليو الماضي، مقارنة بهدفي 3.75% لهذا العام و3.5% للعام المقبل. يرى المحللون الذين شملهم الاستطلاع من قبل البنك أن الأسعار ستظل أعلى من المستهدف حتى عام 2022، حتى في ظل توقعاتهم بارتفاع تكاليف الاقتراض إلى 7% بحلول ديسمبر.

أوضح صانعو السياسات النقدية في بيانهم أن الزيادات في تكلفة المعيشة كانت مستمرة. كما قامت الخدمات والسلع الصناعية الأكثر تكلفة بتغذية التضخم الأساسي، وقد يؤدي سوء الأحوال الجوية إلى زيادة الضغط على فواتير الغذاء والكهرباء.

الجفاف في البرازيل يهدد محاصيل البرتقال والقهوة عالمياً

قال جواو ليال، الخبير الاقتصادي في شركة "ريو برافو انفستمينتوس": "أظهر البنك المركزي أنه قلق بشأن التضخم في قطاع الخدمات". وأضاف "لقد أكدوا أن هناك ضغوط تضخم مستمرة قد تؤدي إلى تخطيه عن توقعات 2022. نتيجة لذلك، من المرجح أن يتم رفع معدل الفائدة الأساسي "سيليتش" ما بين 7.5% إلى 8% بحلول نهاية العام".

انتعاش "قوي"

"أضاف انتشار سلالة دلتا، المتحولة من فيروس كورونا، خطراً على التعافي الاقتصادي العالمي" وفق ما كتب أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي في تقريرهم، مشيرين إلى أن التوقعات لا تزال حميدة للأسواق الناشئة، في ضوء التحفيز النقدي والمالي.

وقالوا: "على وجه الخصوص، تطورت المؤشرات الاقتصادية البرازيلية الأخيرة بطريقة كافية". نتيجة لذلك، يقف البنك المركزي وراء تقديرات النمو التي تتوقع "انتعاشاً اقتصادياً قوياً خلال النصف الثاني من العام الحالي".

الهند أم البرازيل.. أي منهما سيكون محقاً بخصوص التضخم؟

في حين أن الفيروس لا يزال يتسبب في وفاة ما يقرب من ألف شخص في البرازيل يومياً، مقارنة بمستوى الذروة البالغ أكثر من 4200 حالة وفاة يومياً. انخفضت معدلات الإشغال في المستشفيات، حيث وصلت نسبة إشغال وحدات العناية المركزة في جميع أنحاء البلاد إلى حوالي 60-65%، انخفاضاً من أكثر من 95% في وقت سابق من هذا العام.

ارتفاع الفائدة وتضخم الديون يقرعان جرس الإنذار في الأسواق الناشئة

في الأشهر الأخيرة، تعرض صانعوا السياسات لانتقادات بسبب التباطؤ في التعامل مع ارتفاع التضخم في أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية. إلا أن قرار الأربعاء سيساعد في تعزيز مصداقيتهم، وفقاً لديفيد بيكر، رئيس الوحدة المختصة بالبرازيل في "بنك أوف أمريكا سيكيوريتيز".

قال بيكر: "إن تجاوز مستوى الحياد لسعر الفائدة سيساعد في إعادة تثبيت توقعات التضخم لعام 2022". لقد كان بياناً متشدداً، لكنه كان متوقعاً أيضاً. لقد فعلوا ما توقع السوق أنهم سيفعلونه".