هل أخذ "سوفت بنك" دروساً في النشاط من "إليوت"؟

هل لدى سون معادلة استثمارية جديدة؟
هل لدى سون معادلة استثمارية جديدة؟ المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كانت الشركات الناشئة التي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار (يونيكورن) محور التركيز الحصري لـ"سوفت بنك غروب" (SoftBank Group). إلا أنَّ صناديق التحوُّط التي تحظى باهتمام الرئيس التنفيذي ماسايوشي سون، تطارد حالياً أعداداً كبيرة من الشركات الناشئة التي تتجاوز قيمتها مليار دولار، بالإضافة إلى الشركات التكنولوجية الناشئة. ولكن مع احتدام المنافسة، هل يُمكن أن تحتفظ "سوفت بنك" بتميّزها كشركة استثمارية؟ وهل يُمكنها تغيير أسلوبها الاستثماري إلى انتقاء الأسهم أو ربما حتى النشاط؟

الاستثمار في "روش"

ظهرت هذه الأسئلة عندما أصبح معروفاً أنَّ "سوفت بنك" قامت بخطوة مثيرة، تمثَّلت في تملُّكها حصَّة بقيمة 5 مليارات دولار في "روش هولدينغ" (Roche Holding)، مثلما أفادت "بلومبرغ نيوز". تعدُّ "سوفت بنك" الآن واحدة من أكبر المستثمرين في شركة الأدوية السويسرية العملاقة المنخفضة القيمة للغاية، التي يُعدُّ قسمها "جينينتيك" (Genentech) رائداً في تطوير الأدوية التي تعتمد على البيانات بمساعدة الذكاء الاصطناعي. ومع استثماراتها الأصغر في الأسهم سابقاً، يُمكن أن يصبح عملاق رأس المال الاستثماري الياباني مُحرِّكاً للسوق، وحوتاً في قطاع التكنولوجيا الحيوية الجديد. فهل هذا حقاً ما تريد أن تفعله "سوفت بنك"؟

هل من الممكن أنَّ ماسا سون يحاول أن يكون ناشطاً؟ وهل هذه تعدُّ حملة لإطلاق العنان لقيمة شركة "روش" المكبوتة؟ كان بإمكان سون الحصول على بعض النصائح من شركة بول سينغر، "إليوت مانيجمينت" (Elliott Management). وفي العام الماضي، أطلق صندوق التحوّط الناشط المهيب حملة قوية لدفع "سوفت بنك" إلى زيادة سعر سهمها من خلال مبيعات الأصول وإعادة شراء الأسهم. مع ذلك، ستُصعّب الطريقة التي تمَّ بها تأسيس "روش" الأمر على "سوفت بنك". تمتلك شركة تصنيع الأدوية هيكل أسهم من فئة مزدوجة، وتمتلك العائلات المؤسسة 50.1% من فئة التصويت، في حين تمتلك شركة "نوفارتيس"(Novartis) المنافسة نسبة الثلث.

على الأرجح تدل خطوة "سوفت بنك" على أنَّها تميل إلى استراتيجية استثمار أخرى.

ما يزال صندوق "فيجين" (Vision) الثاني لشركة سون، يحرر الشيكات إلى الشركات الناشئة يومياً، ولكنَّ صناديق التحوُّط تنتقل إلى الأسواق الخاصة بسرعة أكبر. ففي الربع الثاني، كانت شركة "تايغر غلوبال مانيجمينت"(Tiger Global Management) تعقد ما معدله 1.3 صفقة يومياً، مما جعلها أكثر أصحاب رأس المال المغامر نشاطاً في العالم، وفقاً لـ"سي بي إنسايتس" (CB Insights). وتحتل "سوفت بنك" المرتبة الخامسة، في حين تتطلَّع صناديق التحوّط الكبيرة الأخرى من أمثال شركة "ثيرد بوينت" (Third Point)، و"مارشال وايس" (Marshall Wace)، إلى شراء شركات غير مدرجة أيضاً. في واقع الأمر، هناك طلب كبير من صناديق التحوُّط، وصناديق الثروة السيادية، وصناديق المعاشات التقاعدية التي بقيت إلى حدٍّ كبير في الأسواق العامة في الماضي، إلى الدرجة التي دفعت الشركات الناشئة للاتجاه إلى بنوك "وول ستريت"، بدلاً من صناديق رأس المال الاستثماري التقليدية، لأجل عقد صفقات تمويل الوساطة.

سباحة في الاتجاه الآخر

تعدُّ صناديق التحوُّط جهات تمويل قوية، ويُمكن لأمثال "تايغر غلوبال" الوصول إلى طاولات التفاوض بشيكات بملايين الدولارات في متناول اليد، دون المطالبة حتى بمقعد في مجلس الإدارة. كل ما تريده الشركة هو أن تظهر نفسها. وإذا كانت صناديق التحوُّط تسعى إلى عبور النهر للأسواق الخاصة، فقد لا يكون أمام أكبر صندوق لرأس المال الاستثماري في العالم خيار سوى الخروج من نطاقها المريح والسباحة في الاتجاه الآخر.

هذا لا يعني أنَّ سون سيكون جيداً في الاستثمار في الأسهم. ففي العام الماضي، دخلت "سوفت بنك" في تداول أسهم التكنولوجيا الكبيرة عبر خيارات الأسهم، وحصلت على لقب "حوت ناسداك". كانت "إليوت" غير مرتاحة للغاية للجهود التي اتخذها الصندوق، بهدف استكشاف الخيارات التعويضية لكي تحميها من خسائر "حوت ناسداك" المحتملة التي تُقدَّر بمليارات الدولارات.

كان ذلك ذكياً. فقد كلَّف التداول المثير للجدل لأسهم التكنولوجيا الكبيرة المدرجة "سوفت بنك"، خسائر مشتقات وصلت إلى 2.7 مليار دولار. أنهى "إس بي نورث ستار" (SB Northstar) - وهو ذراع إدارة أصول جديد تمَّ إنشاؤه العام الماضي لتداول الأسهم المدرجة، ويملك سون نفسه ثلثه- السنة المالية المنتهية في مارس بـ 509 مليار ين (4.7 مليار دولار) من التدفُّقات النقدية التشغيلية الخارجة، التي تعود بشكل أساسي إلى الخسائر المُحقّقة في استثمارات في المشتقات. لكن لا يبدو أنَّ "سوفت بنك" تمتلك موهبة استشفاف موهبة توقيت السوق.

يُمكن أن تشعر "إليوت" ببعض الراحة من الحصة التي تبلغ قيمتها أكثر من 2.5 مليار دولار، التي تمَّ إنشاؤها في "سوفت بنك"، أو حوالي 3% من الملكية. لقد حقَّقت الشركة عائداً رائعاً بنسبة 46.6% من هذا الرهان، وهو أحد أكبر الرهانات، وفقاً لـ"بلومبرغ إنتيليجينس".

لكن ما يزال عليك أن تتساءل عن سون. لقد استثمر بشكل سيئ في "وي وورك" (WeWork)، شركة التوريد المُتعثِّرة التي تموِّل "غرينسيل" (Greensill) الناشئة، وشركة اليونيكورن "كاتيرا" (Katerra) المفلسة. فما الذي يوحي أنَّ "سوفت بنك" هي حوت التكنولوجيا الحيوية الجديد؟ وهل هي إشارة إلى أرباح كبيرة، أو مجرد فقاعة كبيرة؟