محللون: التضخم الأمريكي سيبقى مرتفعاً في يوليو مع زيادة الأسعار

زيادات تكلفة الإنتاج مدفوعة بأزمات سلسلة التوريد التي أدت لارتفاع أسعار السلع الأساسية والضغط على شحن البضائع
زيادات تكلفة الإنتاج مدفوعة بأزمات سلسلة التوريد التي أدت لارتفاع أسعار السلع الأساسية والضغط على شحن البضائع المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قفزت على الأرجح أسعار المستهلكين الأمريكيين مجدداً في يوليو مع القليل من العلامات على أن الأسر - المدعومة بمدخرات وباء كورونا - تتردد في دفع المزيد مقابل البضائع والخدمات.

ويتوقع الاقتصاديون أن تُظهر البيانات، المقرر صدورها اليوم الأربعاء، ارتفاعاً بنسبة 0.5% في مؤشر الأسعار الاستهلاكية، ورغم أن ذلك سيُشكِّل تباطؤاً عن الشهر السابق، فإنه سيترك معدَّل التضخم السنوي الرئيسي عند 5.3% أي بالقرب من أعلى مستوى في 13 عاماً الذي سُجل في يونيو.

اقرأ أيضاً: محمد العريان: التضخم لن يكون مؤقتاً

تمرير زيادة التكاليف للمستهلكين

إلى متى سيستمر التضخم؟ أصبح ذلك سؤالاً رئيسياً حول تعافي الولايات المتحدة، ومحور مناقشات خطط الإنفاق لحكومة بايدن والجدول الزمني للاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية.

وقد يستغرق الأمر العديد من الشهور الإضافية من البيانات لتسوية تلك المجادلات، لكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن الشركات الأمريكية لا تزال تتمتع بالكثير من القوة التسعيرية، وتمكَّنت الشركات، التي تضطر لدفع المزيد مقابل المدخلات سواء مواد أو عمالة، من تمرير تلك التكاليف بقدر كبير إلى عملائها.

وقال تيم كوينلان، كبير الاقتصاديين في "ويلز فارغو آند كو": "المستهلكون خلال الصيف الجاري بمثابة متلقين للأسعار... وأعتقد أن الناس يقولون فحسب: لا يهم سندفع مقابله عندما يحين موعد الدفع ونضعه على البطاقة في الوقت الحالي".

"لا مقاومة"

تعود العديد من الزيادات في التكلفة التي تواجه الأعمال التجارية إلى مشكلات سلسلة التوريد التي لها تأثير عالمي بطبيعتها - مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وأزمة شحن البضائع.

لكن القدرة على تمرير هذه التكاليف الأعلى تعتمد على الطلب - الذي يختلف من دولة لأخرى - والذي يبدو قوياً بشكلٍ خاص في الولايات المتحدة.

وقال الاقتصاديون في معهد التمويل الدولي في مذكرة الأسبوع الماضي، إن ارتفاعات هامش الربح هناك "تجاوز بكثير ما يحدث في بقية العالم".

الطلب مستمر

كانت برامج التحفيز الأمريكية أكبر مما كانت عليه في معظم البلدان الأخرى، وأعيد فتح الاقتصاد بشكلٍ أسرع، ويُقدر أن الأسر قد جمعت حوالي 2 تريليون دولار من المدخرات الإضافية - وكثير منها جمع ثروة من الطفرات في أسواق الإسكان والأسهم.

وفي اجتماعات مناقشة نتائج الأعمال عبر الهاتف، أشار العديد من المديرين التنفيذيين إلى قدرتهم على رفع الأسعار بدون إضعاف الطلب من قبل المستهلكين الأمريكيين.

وقالت "تشيبوتل ميكسيكان غريل"، التي رفعت أسعار قائمتها أوائل العام الجاري، إن الشركة "لم تواجه مقاومة تذكر"، وتتوقع صانعة الأجهزة المنزلية، "ويرل بول"، أن تحافظ على طلب "صحي" حتى بعد رفع أسعارها بنسبة 12%، حسبما قال مديرها المالي، جي بيترز، في مقابلة الشهر الماضي.

ورغم أن المدخرات الوفيرة أثناء وباء كورونا تساعد في دعم الطلب في الوقت الحالي، فإن التوقعات طويلة الأجل للإنفاق قد تعتمد على ما إذا كانت الأجور في الولايات المتحدة سترتفع بقدر صعود الأسعار أم لا.

زيادة الأجور

وفي إطار التدافع للاستجابة لإعادة فتح الاقتصاد، تدفع العديد من الشركات أكثر، ورفع العمالقة بدءاً من "ماكدونالدز" إلى "أمازون دوت كوم" الأجور أو قدموا مكافآت لمرة واحدة أو كليهما، وقال 27% من أصحاب الأعمال الصغيرة إنهم يخططون لزيادة حزم الأجور في الأشهر الثلاثة المقبلة.

ووفقاً لأحد المقاييس التي يتابعها الكثيرون، ارتفعت الأجور والرواتب بنسبة 3.2% في الربع الثاني مقارنة بالعام السابق - وهي أسرع وتيرة منذ 13 عاماً.

لكن هذه النسبة لا تزال غير كافية لتعويض القفزة الأكبر في تكلفة المعيشة.

الأجر الحقيقي

وجدت دراسة حديثة لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن العاملين في أغلب القطاعات الأمريكية يحصلون على أجر أقل من ديسمبر 2019 عند تعديله حسب التضخم.

وكتب الاقتصاديان جيسون فورمان، وويلسون باول الثالث: "زادت حزم الأجور الحقيقية بشكل كبير في الأشهر الستة الأولى من الوباء عندما انخفضت الأسعار بينما استمرت التعويضات في النمو... لكن منذ ذلك الحين، كان نمو الأسعار أسرع من نمو الأجور، وبالتالي انخفض الأجر الحقيقي".

ويعد التراجع في القوة الشرائية للأجور عاملاً يمكن أن يُخفِّض الطلب الاستهلاكي الأمريكي، وارتفاع أسعار المنازل هو عامل آخر.

زيادة الأسعار لا تمنع الإنفاق

وارتفعت الإيجارات في عقود الإيجار الموقعة حديثاً بنسبة 14.6% في يونيو مقارنة بالعام السابق، وهي أعلى نسبة على الإطلاق، وفقاً لشركة استشارات العقارات "ريال بايدج"، وقد يكون التأثير كبيراً نظراً لأن المسكن يشكل حوالي ثلث مؤشر أسعار المستهلك.

وهناك القليل من المؤشرات على أن المستهلكين بدؤوا يشعرون بنوع من الضغط من التضخم.

وفي استطلاع يوليو الذي تجريه جامعة ميشيغان، كانت نسبة المستجيبين الذين قالوا إن الوقت الحالي سيئ لشراء السلع المنزلية المعمرة بسبب ارتفاع الأسعار التي تُعدّ الأكبر منذ عام 1980.

لكن معظم البيانات تشير إلى الاتجاه الآخر، ووجدت مؤسسة "ذا كونفرنس بورد" أن عدد الأمريكيين الذين يخططون لشراء سيارات ومنازل وغيرها من المواد باهظة الثمن خلال الأشهر الستة المقبلة قد ازداد في يوليو - رغم أن هذه الأشياء أصبحت أكثر تكلفة.