أصدرت الصين مخططاً خماسياً يطالب بمزيد من التنظيم لأجزاء واسعة من الاقتصاد، ويقدم إطاراً شاملاً للحملة الأكبر على القطاعات الرئيسية، التي تركت المستثمرين في حيرة.
كشفت الوثيقة، التي أصدرها مجلس الدولة بالاشتراك مع اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي، أن السلطات ستعمل "بنشاط" على سن تشريعات في مجالات مثل الأمن القومي والتكنولوجيا والسلع الاحتكارية، وأن إنفاذ القوانين سيتزايد في قطاعات تتراوح من الغذاء والأدوية إلى البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي.
وذكرت الوثيقة أن "حاجة الناس المتزايدة إلى حياة أفضل فرضت اشتراطات جديدة وأعلى للهيكل الحكومي في ظل سيادة القانون، الذي ينبغي أن يقوم على الوضع العام ويتبنى وجهة نظر طويلة الأجل، ويكمل أوجه القصور، ويمضي قدماً إلى الأمام، ويرتقي بالهيكل الحكومي في ظل سيادة القانون إلى مستوى جديد في عصر جديد".
اقرأ أيضاً: حملة الصين على قطاع التكنولوجيا تعني صيفاً سيئاً للمستثمرين في كل مكان
وسعى المستثمرون إلى فهم الحملة التنظيمية التي زعزعت استقرار الأسواق في الأسابيع الماضية، خصوصاً بعدما منعت السلطات الأرباح في قطاع التعليم الخاص، البالغة قيمته 100 مليار دولار. وعلى مدار العام الماضي، أطلقت السلطات الصينية تحقيقات مكافحة الاحتكار في بعض كبرى شركات التكنولوجيا في الدولة، مثل مجموعة "علي بابا"، كما أجرت مراجعات أمن سيبراني لطروحات الأسهم بالخارج، وهو إجراء تسبب في مشكلات لشركة "ديدي غلوبال".
وقال غراهام ويبستر، الذي يقود مشروع "الصين الرقمية" في مركز السياسة السيبرانية بجامعة ستانفورد: "لا يمكننا استخلاص كثير من الأفكار بشأن الإنفاذ والشكل المحتمل للحملات من وثيقة واحدة أو اثنتين. يعتمد كثيرون على ما يستقر عليه البيروقراطيون ورؤساؤهم في ما يتعلق بالأولويات، شهراً بعد الآخر".
ويعدّ المخطط الصادر الأربعاء الماضي نسخة محدثة من خطة انتهت في 2020. وفي صيغة توضيحية عبارة عن سؤال وجواب، سلط المسؤولون في الوثيقة الضوء على الحاجة إلى تحديث الحوكمة الوطنية، وبناء حوكمة رقمية وزيادة المستوى العام لرضا الشعب.
ورغم أن عديداً من القطاعات جرى الحديث عنه في تصريحات سابقة، فإن إضافة المواد الغذائية والأدوية تُعَدّ أمراً جديداً، وهو ما يمكن أن يجعل المستثمرين قلقين حتى تتحدد التنظيمات الجديدة، وفقاً لغاري دوغان، المدير التنفيذي لشركة الاستثمار "غلوبال سي آي أو أوفيس" (Global CIO Office).
قال دوغان: "تعطي مدة السنوات الخمس للحملة تحديداً على الأقل للمدى الزمني لإعادة الضبط التنظيمية. ومع ذلك سيكون وقتاً طويلاً على المستثمرين ليقلقوا من التغييرات قيد الإعداد".
وكان المستثمرون يتخلصون من أسهم القطاعات التي تنتقدها وسائل الإعلام الحكومية، بدءاً من الألعاب الرقمية والسجائر الإلكترونية، وصولا إلى العقارات وحليب الأطفال. وكانت الأسهم المرتبطة بالكحول هي أحدث الضحايا يوم الثلاثاء الماضي، إذ تراجعت بعد أن دعت هيئة مراقبة مكافحة الكسب غير المشروع التابعة للحزب الشيوعي إلى الحد من شرب الكحول في الشركات، بعد قضية اعتداء جنسي على موظفي "علي بابا".
اقرأ أيضاً: هكذا يخطط الرئيس الصيني لإعادة تشكيل قطاع التكنولوجيا العملاق
وأمرت هيئة الرقابة المصرفية والتأمين في الصين الشركات والوكالات المحلية بالحد من ممارسات التسويق والتسعير غير الصحيحة، وتكثيف حماية خصوصية المستخدم، وفقاً لإشعار اطلعت عليه "بلومبرغ"، وشجعت الشركات على معالجة هذه القضايا طواعية، وقالت إن الشركات التي لن تمتثل ستواجه "عقوبة شديدة".
وانخفض سهم "تشونغ آن بي آند سي إنشورانس كو" (ZhongAn Online P&C Insurance Co) أكثر من 14%، وهو أدنى مستوى منذ 18 يناير، في حين انخفضت رائدة القطاع "بينغ آن إنشورانس" (Ping An Insurance) بنسبة 1.9%، وانخفض مؤشر "سي إس آي 300" للرعاية الصحية بنسبة 1.5%، فيما انخفض مؤشر أسهم السلع الاستهلاكية بنسبة 2.6%، وشهدت مؤشرات الأسهم القياسية في هونغ كونغ والصين انخفاضات طفيفة مقارنة بالتقلبات الشديدة الماضية.
ورحب بعض المحللين بالمخطط باعتباره محاولة من قِبل السلطات الصينية لمساعدة المستثمرين على فهم الدوافع وراء المبادرة التنظيمية.
قال مايكل نوريس، المحلل في شركة "إيجنسي تشاينا" (AgencyChina) الاستشارية، ومقرها شنغهاي: "بيان مجلس الدولة يقدم سياقاً إرشادياً لتفسير التوجهات التنظيمية الحالية.. ومن وجهة نظرنا، لا تكون مخاوف المستثمرين مدفوعة بشكل أكبر بمضمون اللوائح المقترحة، وإنما من وتيرتها ومن نقص التواصل، لذا نحن ننظر إلى هذا الإعلان على أنه يقوم بعمل أفضل في توصيل النقاط الساخنة التنظيمية المستقبلية".