أمستردام تتخذ إجراءات صارمة ضد أضواء عيد الميلاد

الأضواء المبهرة في هولندا سيتمُّ تقليصها في أعياد الميلاد
الأضواء المبهرة في هولندا سيتمُّ تقليصها في أعياد الميلاد المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا كنت من محبي زينة الميلاد، وتنتظر هذه الفترة بتشوُّق لرؤية البالونات ذات الأشكال المختلفة القابلة للنفخ، أو الأضواء الممتدة التي ترافقها الموسيقى الصاخبة، أو حتى العروض الضوئية المختلفة. فعليك البقاء بعيداً عن أمستردام، إذ يبدو أنَّ العاصمة الهولندية قد أعلنت مقاطعة زينة عيد الميلاد المبهرجة.

فمع بدء الحكومة للمشاورات العامة في نوفمبر، قد يواجه سكان أمستردام قيوداً صارمة على خياراتهم لزينة عيد الميلاد في 2021. فوفقاً للقوانين الجديدة المقترحة (سيجري تأكيدها في الربيع)، يجب أن تكون أضواء الزينة التي توضع على المباني في المدينة تستخدم %70 على الأقل من إضاءتها من الأضواء البيضاء الدافئة، ويجب أن تكون من نوع الـ"LED" فقط.

كما أنَّ هذه الأضواء، التي يُسمح بتشغيلها من الساعة السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، ومن أكتوبر حتى فبراير فقط، وفي حال كانت هذه الزينة تمتد لأكثر من مترٍ مربع أو تغطي أكثر من 10% من واجهة المبنى؛ فيجب أن تُسجَّل لدى البلدية عن طريق نموذج عبر الإنترنت.

وهذا ينطبق أيضاً على أشجار عيد الميلاد الخارجية، وشخصيات العيد المخصصة للزينة، مثل سانتا كلوز، وحيوان الرنة خاصة، فهي كلُّها بحاجة للتسجيل في البلدية أيضاً.

أكثر صرامة في وسط المدينة

وفي وسط مدينة أمستردام، وهي المنطقة التي تعرِّفها اليونيسكو كجزء من التراث الإنساني العالمي، ستكون القوانين أكثر صارمة تجاه الزينة الضوئية. إذ يتوجب أن تكون 90% على الأقل من أضواء الزينة في هذه المناطق، من أنواع الإنارة البيضاء الدافئة، ويجب ألَّا تغطِّي أكثر من 30% من واجهة أيِّ مبنى.

بالإضافة إلى ذلك، لا يجب أن تغطي الأضواء أيَّ زخرفة معمارية في المباني، ويجب أن تبقى تعكس شكل المبنى. (لعلَّه من الحكمة أنَّ المدينة لم تناقش بعد، ماذا ستكون عقوبات خرق القواعد؟ ، إن وجدت.)

هذه الإجراءات الصارمة التي تتخذها المدينة ضدَّ فرحة الميلاد المفرطة، كان سببها أجواء التسابق التي بدأت تحتدم بين المقيمين، وأصحاب المباني لوضع إنارة الزينة في السنوات السابقة. ويشرح هذه الأسباب دليلٌ نُشِر بالمدنية لتوضيح الأمور المتعلِّقة بالزينة النموذجية، وذكر ضمنه: "إنَّ الإمكانيات الفنية الخاصة بالإضاءة الاحتفالية قد زادت بشكل كبير على مدى السنوات العشر الأخيرة، وستستمر بذلك. وبالتالي؛ فإنَّّ حجم الإضاءة وعناصرها تزداد، لأنَّ التكنولوجيا المتقدمة تُمكِّن ذلك، مع وجود المزيد من العناصر المعقَّدة المتاحة بتكاليف منخفضة."

ومع وجود الأضواء الموفِّرة للطاقة وانتشارها، أصبح من الممكن خفض النفقات وزيادة إمكانية الجميع للتسابق في حجم زينة الميلاد وأضوائها. وقد ارتفع عدد الزينة الضوئية في المتاجر في أنحاء المدينة كافةً بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة. وفي ديسمبر، قد تبدو أمستردام، كأنها نسخة شتوية (أكثر مطراً وبرداً) عن "لاس فيغاس" الأميركية، وذلك في حال تُركت بلا مراقبة.

هولندا المحبة للنظام

إنَّ هذه الإجراءات الصارمة المقترحة من قبل هولندا في موسم الميلاد قد تكون بمثابة مفاجأة، كونها بلاد معروفة بتقنين كلِّ شيء. وفي حين أنَّّ أمستردام تسمح على نحوٍ شهيرٍ بأنواعٍ معينة من التصرفات العامة، إلّا أنَّ الهولنديين معروفون على نحوٍ موثَّق بحبِّهم للأمور المنظَّمة للغاية. وفي السنوات الأخيرة، سنَّت أمستردام أيضاً قوانين ضدَّ ركوب (دراجات الجعة)، ومنعت هذه السنة أيضاً الألعاب النارية الصغيرة. وفي مدينةٍ تهدف لإزالة أيَّة علامة على عدم الانضباط من وسطها، قد تبدو إدارة زينة عيد الميلاد الخطوة المنطقية التالية.

وسعياً منها لتحقيق الذوق الرفيع والتناسق، تقدِّم المدينة أمثلة عديدة عمَّا تريده وما لا تريده في وسط المدينة، إذ ستكون القوانين صارمة للغاية. ويقول الدليل الإرشادي (مرفقا بصورة)، إنَّ الزينة أدناه لا تمتثل للقوانين الجديدة في ثلاثة أمور: أولاً، إنَّ غالبية الأضواء ليست من نوع الأبيض الدافئ، كما أنها تغطي أكثر من 30% من الواجهة، ولا تبرز معالمها.

ثم يضع الدليل نموذجاً آخر، ويشرح أنَّ الزينة على هذا المنزل أفضل، ولكن لا تزال تشوبها بعض الشوائب؛ لأنَّ الأضواء قريبة من اللون الأبيض الدافئ (التي تبدو كالأصفر الباهت فعلياً) بما يكفي لتحظى بالقبول، وهي معلَّقة بطريقةٍ تكمِّل الواجهة، ولا تغطي أكثر من 30% منها. إلا أنَّ الزينة المرفقة باللون الأبيض الساطع (النجوم المضاءة) تطرح مشكلة، إذ تبدو عشوائية على نحوٍ يضيِّع معالم البناء، كما تغطي إحداها أحد الشرفات.بشكلٍ جزئي.

ثم يضيف الدليل الإرشادي، زينة تتماشى مع الإرشادات، مما يدلُّ على أنَّه من الممكن اتِّباع القوانين، وابتكار زينة جذَّابة في الوقت عينه. على سبيل المثال، تضع واجهة هذا المتجر الزينة، إلا أنها تحترم معالم المبنى، وتستخدم عناصر معتدلة إلى حدٍّ ما من الأضواء.

وفي الوقت عينه، في زينة الشوارع يُسمح أن تكون الزينة مسرفة للغاية، بما أنَّ الأضواء البيضاء تسود، والألوان الإجمالية المستخدمة تقتصر على خمسة ألوانٍ فقط.

قيود أوروبية وأمريكية

وتعدُّ القيود الرسمية المفروضة على زينة الميلاد ليست غريبة كلياً عن الولايات المتحدة وأوروبا، لا سيَّما في السنوات الأخيرة، إذ يستغل المزيد من مالكي المنازل التكنولوجيا لابتكار زينة ضوئية وصوتية مدهشة على نحوٍ متزايد.

وتمَّت إزالة بعضها بعد أن اشتكى الجيران من زحمة السير الخانقة الناتجة عن المتفرِّجين، في حين واجه آخرون اعتراضاتٍ بسبب الذوق والاستخفاف. وقد تمَّ تقليص بعض الزينة الضخمة على نحوٍ شهير في الأحياء للحدِّ من زائريها هذه السنة لأسبابٍ مرتبطة بكوفيد.

لكنَّ قانون التطابق الجمالي الجديد في أمستردام مختلفٌ قليلاً. خاصة بالنسبة إلى محبِّي بريق عيد الميلاد، فقد تبدو القوانين الجديدة بمثابة التعبير الأسمى عن غضب البلدية، ووفق خطةٍ تبدو كأنّها محاكة من قبل شخصية أحد الشخصيات الشريرة في فيلمٍ عن عيد الميلاد. ومما لا شكَّ فيه أنَّ ردَّة الفعل هذه كانت شائعة بين الهولنديين على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ قام بعض المعلِّقين بتسمية المدينة بأسماء مختلفة تشير إلى "مبالغة" هذه القوانين. وأشار آخرون إلى أنَّ الخطط قد تتسبب بمشكلةٍ لمنطقة الأضواء الحمراء في أمستردام.

ومع ذلك، فقد قدَّمت المدينة خططها الجديدة كقوانين تخفيفية، وليس تشديداً للقواعد الحالية. إذ تتطلّب الزينة المعروضة حالياً من قبل الأعمال التجارية، وما إلى هنالك، أو في الشوارع تصاريح يتعيَّن تقييمها من قبل المدينة. وهذه الخطط الجديدة تستبدل هذه التصاريح بتسجيلٍ بسيطٍ عبر الانترنت، فيتمُّ نشر القواعد الجديدة ليصبح بالتالي التقييم الفعلي للزينة غير ضروريٍّ. وفي حين يبدو ذلك منطقياً، إلا أنَّه يغفل فكرة أنَّ منازل الأفراد الخاصة ستشملها هذه القوانين للمرَّة الأولى.

وربما يكون من غير المفاجئ أن تقوم مدينة تاريخية تعتمد على السياحة، ومعروفة أساساً بأبنيتها الشبيهة بكعك الزنجبيل، للقيام بالأفضل لسكانها وزوارها هذا الشتاء. لكنَّ إجبار المقيمين على التقيد بنسب اللون في أضواء زينتهم الميلادية قد يبدو بمثابة تجاوز بيروقراطي في غير أوانه. ولا عجب إذاً بأنَّ الكثير من الأشخاص في هولندا يشبِّهون أعضاء المجلس المحليِّ بشخصية عيد الميلاد الأقل شعبية "سكروج".