"وول ستريت" لا تستطيع تحديد سعر سهم "تسلا"

لافتة تحمل العلامة التجارية لشركة تسلا مثبتة على واجهة أحد معارض الشركة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية
لافتة تحمل العلامة التجارية لشركة تسلا مثبتة على واجهة أحد معارض الشركة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بالرغم من كل الدراما وعناوين الأخبار المحيطة بإيلون ماسك، ووليدة أفكاره "تسلا"، تمَّت مكافأة المستثمرين بسخاء على صبرهم العام الجاري.

والآن مع نضج الشركة لتصبح في مصاف الشركات الممتازة مع ضمِّها لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الشهر الجاري، وما يحدث بعد ذلك، يمكن أن يتلخَّص في بعض الأسئلة البسيطة: ما نوع شركة "تسلا" بالضبط؟ وكيف يمكن تقييم السهم؟ ومع ذلك تتفاوت إجابات "وول ستريت" بشدة، فـ"غولدمان ساكس" يستهدف سعر 780 دولاراً، في حين تقيِّم "جى بي مورجان تشايس" سهمها عند 90 دولاراً.

وقال جيم تشانوس في مقابلة مع بلومبرغ العام الماضي: "إنَّه (سعر السهم) يمثِّل ما قد يرغب الناس في التصديق بأنَّ إيلون ماسك يروِّج له".

وبالطبع، فإنَّ المستثمرين الذين اقتنعوا بأفكار ماسك استفادوا من السهم بقدر أكبر بكثير من شانوس الذي قال، إنَّه قام مؤخراً بتقليص حجم استثماراته القصيرة "المؤلمة" في "تسلا"، التي حملها لخمس سنوات في شركته "كاينيكوس أسوشياتس" (Kynikos Associates).

وحقَّقت شركة صناعة السيارات الكهربائية أرباحاً لخمسة أرباع متتالية؛ إلى جانب ارتفاع سعر سهمها سبعة أضعاف العام الجاري؛ فقد حقَّق عائداً مذهلاً عند حوالي 18000% منذ طرحها الأولي للجمهور في 2010.

يتم تداول أسهم "تسلا" حالياً بسعر يزيد 1000 مرة تقريباً عن أرباحها، مقارنة بـ14 مرة فقط لشركة "جنرال موتورز "

وتطلَّع المستثمرون، الذين صدَّقوا رؤية ماسك المتعلِّقة بقلب قطاع السيارات،

ويبلغ عمره قرناً من الزمان رأساً على عقب، وتمسَّكوا باستثماراتهم على مر السنوات، إلى ما وراء مشكلات الإنتاج، وعثرات التسليم، والخسائر المتزايدة، وتحركات السهم المتقلبة، والمدير التنفيذي غريب الأطوار المستعد لتعريض نفسه للمشكلات بسبب تغريداته.

ومع ذلك، يتزايد التدقيق على الشركة التي سوف تتمتَّع بواحد من أثقل الأوزان في مؤشر "ستاندرد آند بورز S&P 500"، ويكافح المستثمرون لفهم شركة صناعة السيارات التي تتداول فوق المستويات الشاهقة بالفعل لشركات التكنولوجيا التي لديها نماذج أعمال متنوعة للغاية، ويتمُّ تداول أسهم "تسلا" حالياً بما يزيد بمقدار 1000 مرة تقريباً عن أرباحها، مقارنة بـ14 مرة فقط لشركة "جنرال موتورز "، و53 مرة لمؤشر بورصة "نيويورك فانغ بلس".

وهنا تكمن المعضلة، هل "تسلا" شركة صناعة سيارات؟ أم هي شركة تكنولوجية؟ تخطط الشركة لتسليم حوالي نصف مليون سيارة العام الجاري بارتفاع نسبته 36% عن العام الماضي، ولكنَّه أبطأ من الزيادة بنسبة 50% التي حقَّقتها في 2019، ويقدِّر المحللون في "وول ستريت" أنَّ إيراداتها سوف تنمو بنسبة 26% العام الجاري، ثم تتسارع في 2021، وتهدأ تدريجياً في 2022، ولم ترتفع تقديرات الأرباح لعام 2020 و2021 تقريباً عن مستويات العامين الماضيين.

مع ذلك يقول المحللون والمستثمرون الأكثر تفاؤلاً، إنَّ بيع السيارات ليس إلا جانباً واحداً من مساعي "تسلا" العديدة، ويقدِّر "آرك انفيستمنت ماندجمنت Ark Investment Management" مدير صناديق المؤشرات النشط، ومساهم وواحد من أشد المتفائلين بشأن الشركة، إنَّ سعر أسهم "تسلا" سيصل إلى 7000 دولار بحلول 2024، ويفترض في حساباته أنَّ "تسلا" لن تصنِّع سيارات أكثر كفاءة من السيارات التقليدية ذات محركات الحرق الداخلي؛ وإنما ستشغِّل شبكة سيارات أجرة ذاتية القيادة بالكامل.

القيمة السوقية لـ"تسلا" تعادل أكثر من "جنرال موتورز"، و"فورد موتور كو"، و"تويوتا موتور كورب"، و"فولكس فاغن"، و"بي إم دبليو" مجتمعين

وفي الوقت الحالي، لا تعدُّ "تسلا" أكبر شركة سيارات في العالم فحسب، من ناحية القيمة السوقية، وإنما تعادل قيمتها أكثر من "جنرال موتورز"، و"فورد موتور كو"، و"تويوتا موتور كورب"، و"فولكس فاغن"، و"بي إم دبليو" مجتمعين، وهو ما يقودنا إلى التساؤل: كيف يقيِّم المستثمرون بالضبط هذه الشركة؟ وماسك نفسه قد قال في مايو الماضي، إنَّ سعر سهم "تسلا" "مرتفع للغاية"، وحذَّر الموظفون أوائل الشهر الجاري من أنَّ السهم قد ينهار مثل كعكة تحت مطرقة ثقيلة؛ إذ استنتج المستثمرون في أي مرحلة أنَّ الشركة لا يمكنها تحقيق الأرباح التي يتوقَّعونها منها في المستقبل.

ولم تستجب "تسلا" لطلب التعليق على هذا المقال.

وفيما يلي مقتطفات محررة من مقابلات مع محللين كبيرين في "وول ستريت"حول كيفية تقييم الشركة، وهما آدم جوناس من "مورغان ستانلي"، الذي يصنِّف السهم على أنَّه مكافئ للشراء بسعر مستهدف 540 دولاراً - أي أقل بحوالي 70 دولاراً عن مستواه الحالي، وفي الوقت نفسه، يصنِّفه ريان برينكمان من "جي بي مورغان" على أنَّه مكافئ للبيع بسعر مستهدف 90 دولاراً.

إجابات آدم جوناس، المحلل لدى"مورجان ستانلي"

● كيف ترى القيمة السوقية الحالية لـ"تسلا"، وكيف تقيِّم السهم؟

تعدُّ تسلا شركة سيارات، مثل "آبل" التي هي شركة هواتف ذكية. وبما أنَّ السيارة تتصل بالانترنت، فهذا يفتح الكثير من الأسواق المحتملة التي لم تكن متاحة من قبل -ولا حتى اليوم- لشركات السيارات بالنظر إلى الطريقة التي تصمم بها الشركات سياراتها. وتنقل "تسلا" الناس من تقييم وتحليل الشركة من خلال أرقام الوحدات المباعة، وسعر السيارة إلى الأخذ في الاعتبار قاعدة المستخدم المثبتة، والبرمجيات، وخدمات المحتوى المقدَّمة لهؤلاء المستخدمين، فهي تأخذك بعيداً عن مقارنتها بشركة سيارة أخرى؛ بل ينبغي مقارنتها بشركات خدمات البرمجيات.

ومن بين السعر المستهدف 540 دولاراً. وهناك 254 دولاراً تعود إلى أعمال تصنيع السيارات الأساسية، و154 دولاراً لأعمال خدمات الشبكات، و58 دولاراً لاحتمالية أن تصبح الشركة مورداً للبطاريات، ومجموعة نقل الحركة لأطراف ثالثة، و38 دولاراً لإمكانات أعمال التنقل، ومشاركة السيارات، و25 دولاراً لأعمال التأمين والطاقة.

● هل تعتقد أن "تسلا" تستحق تقييمها الحالي أم أنَّ السهم ارتفع بحدة بشكل سريع جداً؟

من ناحية البراعة، تستحق بقدر كبير تقييمها، ولكن في ظل ندرة وجود قصص تتحرَّك بسرعة "تسلا"نفسها، ويمكن للمستثمرين الاستشهاد بها، فإنَّ السهم بالتأكيد يتداول فوق أي تقدير عادل لمحلل أو مستثمر.

وكان ينظر لـ"آبل" مراراً على أنَّها أغلى بمقدار 15 مرة عن نسبة سعر السهم إلى الربحية. والآن تراها أرخص 30 مرة عن مضاعف ربحيتها، وهذا يحدث عندما تغيِّر السياق، ونموذج أعمالك من بيع الأجهزة والمعدات، وتشمل أيضاً رواج أعمالك.

● ما هي نصيحتك للمستثمرين المترددين في شراء سهم "تسلا" قبيل ضمِّها لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"؟

أنا لم أشمل انضمام السهم إلى "ستاندرد آند بورز 500" في تقييمي على الإطلاق.

● ما هي الشركة أو الشركات التي تقدم نماذج أعمالها مثالاً جيداً للمقارنة مع "تسلا"؟

لا يمكن مقارنة "تسلا" مع شركات السيارات، بل يمكن التفكير فيها كصندوق مؤشرات مبتكر متوافق مع معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية، وحوكمة الشركات أو صديق للمناخ. ويمكن مقارنة أعمال الطاقة الخاصة بها مع شركات الطاقة الشمسية. وأما بالنسبة لأعمال السيارات، فيمكن أن تنظر إلى "آبل" عندما كانت تنمو بسرعة كبيرة أو إلى تقييم شركات الاستحواذ لأغراض خاصة (SPACs)، أما أعمال الخدمات، فيمكن مقارنتها مع شركات البرمجيات عند الطلب (SaaS).

إجابات ريان برينكمان، المحلل لدى "جى بي مورجان"

● كيف تنظر إلى "تسلا" كشركة وكيف تقيم السهم؟

في النهاية تساوي الاستثمارات القيمة المخفضة للتدفُّقات النقدية المستقبلية، وعندما حاولنا عكس منظور القيمة السوقية الحالية لـ"تسلا" لنرى الافتراضات التي تتضمَّنها القيمة، وجدنا أنَّها تحتاج تحقيق إيرادات وهوامش أرباح يصعب تصورها. ويبلغ التقييم الحالي للشركة ضعف تقييم "تويوتا"، و"فولكس فاغن" مجتمعتَين. وقد باعت هاتان الشركتان 22 مليون سيارة العام الماضي، وولدتا 40 مليار دولار من الأرباح قبل الفائدة والضرائب. إذاً، هل ستنمو "تسلا" لشيء قريب من ضعف أرباح أكبر شركتي سيارات في العالم اليوم مجتمعتين؟ ربما احتسب المستثمرون مثل هذا النمو في أسعار الأسهم.

- لدينا سعر مستهدف 90 دولاراً للسهم الذي لا يزال يضمن لـ"تسلا" قيمة سوقية أكبر من "جنرال موتورز"، ويبدو هذا المستوى منخفضاً فقط؛ بسبب مقارنته بالسعر الحالي للسهم.

- تبيع "جنرال موتورز" اليوم 6 ملايين سيارة، في حين تبيع "تسلا" 500 ألف سيارة، ومع ذلك، هناك تصورات أني أملك نظرة صارمة بشأن الشركة، ولكن أعتقد أنَّ وجهة نظري صارمة فقط نسبة إلى النظرة الحماسية الفائقة التي لدى السوق للشركة.

هل تعتقد أن "تسلا" تستحق تقييمها الحالي أم أنَّ السهم ارتفع بحدة بشكل سريع جداً؟

- من الواضح أنَّ السهم ارتفع بحدَّة بشكل سريع جداً، وأعتقد أنَّ هذه الشركة ستكون أكبر بكثير في المستقبل. ولكن عليها أن تنمو بقدر أكبر بكثير لكي تبرر سعر سهمها الحالي.

- يتعين على المستثمرين الاستعداد لانخفاض في سعر السهم بدلاً من صعوده، وهذا يمكن أن يحدث حتى في حالة نمو الشركة بقدر أكبر بكثير، وتحقيقها لأرباح أكثر بكثير. وذلك يعود إلى أنَّ الأمر لا يتعلَّق بقدرة الشركة على النمو بضعفين أو ثلاثة، وإنَّما ستحتاج لأن تقوم بما هو أكثر من ذلك بكثير.

● ما هي نصيحتك للمستثمرين المترددين في شراء سهم "تسلا" قبيل ضمها لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"؟

- سأطلب منهم إلقاء نظرة على الأسس من خلال العمل على معرفة كيف وصل السعر إلى المستوى الحالي، وأن يحاولوا التفكير في تقديرات أحجام الوحدات والإيرادات وهوامش الأرباح المستقبلية المتضمنة في سعر السهم بالفعل. وأن يسألوا أنفسهم: هل هذه الافتراضات معقولة وممكنة حقاً أم لا؟ وإذا وجدوا أنَّها ممكنة؛ عليهم شراء السهم فوراً بمستواه الحالي. ولكن ربما عندما يقومون بالتحليل أولا سيتوصلون -كما توصَّلت أنا- إلى أنَّ تقييم السهم أصبح منفصلاً تماماً عن الأسس. وعلى الأقل ينبغي أن يفهم المستثمرون المحتملون الجدد في "تسلا" أنَّ هناك حمى مضاربة في الوقت الحالي، وأنَّ السهم متأثِّر بشدة بالمشاعر والعوامل النفسية، وبالتالي هو معرَّض أن يكون شديد التقلب.

● ما هي الشركة أو الشركات التي تقدم نماذج أعمالها مثالاً جيداً للمقارنة مع "تسلا"؟

- فيما يتعلَّق بما سيصبح عليه شكل هذه الشركة في المستقبل، ما أزال أراها شركة سيارات في الأساس، وإن كانت شركة تحصل على حصة ضئيلة من إيراداتها من أسواق نهائية إضافية ذات إمكانات نمو أسرع. ومن منظور سوق السيارات، فقد تقترب من حجم وربحية "دايملر"، و"بي إم دبليو" في العقد المقبل. لكن هذا لا يعني أنَّها ينبغي أن تتداول عند مضاعفات ربحية "دايملر" أو "بي إم دبليو" في الوقت الحالي، بالطبع بالنظر إلى نموها الأسرع، وخيارات السوق النهائية الإضافية.