"ذا لانسيت": تناوُل لحوم حمراء أقل يحمي صحَّتك وينقذ البيئة

استهلاك لحوم الأبقار يسهم في التأثير السلبي على المناخ
استهلاك لحوم الأبقار يسهم في التأثير السلبي على المناخ المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إنَّ زيادة عدد الأشخاص الذين يتناولون كمِّيَّة أقلّ من لحوم الأبقار، من شأنها أن تُنقِذ الأرواح، وتقللَّ من حالات الأزمات القلبية، كما قد تسهم في الحدِّ من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وذلك وفقاً لمجلة "ذا لانسيت" (The Lancet) الطبيَّة.

ومثلما حدث مع تفشي وباء "كوفيد-19"، فإنَّ أنظمة الرعاية الصحيَّة في مختلف أنحاء العالم غير مستعدَّة للتعامل مع أسوأ التأثيرات المترتبة على تغيُّر المُناخ، بما في ذلك الأمراض المرتبطة بزيادة درجة حرارة الأرض. وذلك وفقاً لما خلص إليه تقرير "العدِّالتنازلي للصحة وتغيُّر المُناخ" الذي يصدر سنويَّاً عن المجلة الطبية.

وذكر التقرير أنَّ إحدى أكثر السبُل فاعلية لمعالجة الانبعاثات يتلخَّص في الحدِّ من استهلاك اللحوم الحمراء، إذ يُعدُّ إنتاج الغذاء مسؤولاً عن ربع الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، التي تأتي غالبيتها من اللحوم ومنتجات الألبان. فقد أشار التقرير إلى أنَّ نصيب الفرد في الانبعاثات من استهلاك لحوم الأبقار ارتفع بنسبة 5.5% خلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2017.

الاستهلاك المفرِط

وقد حدَّد كُتّاب التقرير ارتفاعاً بنسبة 54% في الوَفَيَات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة بين كبار السنِّ في السنوات العشرين الماضية، فضلاً عن ارتفاع قياسيٍّ بلغ 2.9 مليار يوم إضافيٍّ من التعرُّض للموجات الحارَّة، التي تؤثر في أولئك الذين يبلغون أكثر من 65 عاماً خلال عام 2019، وهو ضِعف الارتفاع السابق تقريباً.

كما وجد التقرير أنَّ الوَفَيَات الناجمة عن الاستهلاك المفرِط للحوم الحمراء ارتفعت بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة الأخيرة، مع حدوث أغلب هذه الوَفَيَات السنويَّة التي بلغت مليون وفاة تقريباً في مناطق غرب المحيط الهادي، مثل الصين وكوريا وأستراليا.

ويقول إيان هاملتون، المدير التنفيذي لـ"لانسيت كاونت داون"، وهي الدوريَّة التي تتناول مجموعةً واسعةً من القضايا التي تربط بين تغيُّر المناخ والصحَّة: "من المهمِّ حقاً أن نضع في الحسبان إنتاج واستهلاك الانبعاثات بالطريقة نفسها التي نراعي بها القطاعات الأخرى". وقال هاملتون متابعاً: "إنَّ تصدير الانبعاثات إلى البلدان الأخرى التي تشتريها بكميات كبيرة، يترتب عليه مخاطر تتصلُّ بتغيير النظام الغذائي".

ازداد التوجُّه في السنوات الأخيرة نحو النظُم الغذائية القائمة على النباتات في العديد من الدول الغربية، وذلك لأسباب بيئية وصحِّيَّة. وقد دفع ذلك شركات مثل "Unilever Plc" إلى تقديم منتجات بديلة للحوم والألبان للعملاء. وذكر التقرير أنَّه في حين يوجد تحسُّن شامل في الأنظمة الغذائية في أوروبا، ويرجع ذلك جزئياً إلى الشعبية المتزايدة للنباتيّة، فإنَّ المنطقة لا تزال تحوي 3.4% من جميع الوَفَيَات الناجمة عن استهلاك اللحوم الحمراء.

وتُعَدُّ هذه الورقة البحثية نتاج تعاون بين خبراء من أكثر من 35 مؤسَّسة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، وبقيادة كلِّية لندن الجامعية. وقد تضمَّن البحث تحليل تأثيرات تغيُّر المناخ في الصحَّة والخدمات الصحّية، وهو ما يفيد بأنَّ جميع الدول ستتأثر بتغيُّر المناخ، بصرف النظر عن ثرواتهم. وكان نصف الدول التي شملها الاستطلاع، قد أفادت بوجود خُطَط وطنيَّة للصحة والمناخ ضمن استراتيجياتهم.

كذلك فإنَّ ارتفاع درجات الحرارة يؤثِّر في الإنتاجية، لا سيَّما بالنسبة إلى أولئك الذين يعملون في الهواء الطلق في المناطق النامية. وقد وجد البحث أنه أُهدِر 302 مليار ساعة من العمل، 40% منها في الهند، بسبب ارتفاع درجات الحرارة. كما تؤدي الحرارة والجفاف أيضاً إلى ازدياد حرائق الغابات، وتشهد الولايات المتحدة واحدة من أكثر الزيادات في أعدادها.

وقال البروفسور هيوغ مونتغومري، وهو الرئيس المشارك في "لانسيت كاونت داون" ومدير معهد الصحة البشرية والأداء في كلية لندن الجامعية: "ينتج عن تغيُّر المناخ تحدٍّ قاسٍ من شأنه أن يوسِّع التفاوت الصحي القائم بين البلدان حتى داخلها، تماماً كما حدث مع وباء (كوفيد-19)، فإنَّ كبار السنِّ عُرضة للخطر بشكل خاصٍّ. أمَّا أولئك الذين يعانون من حالات مَرَضية كانت قائمة مِن قبلُ، بما في ذلك الربو والسكَّري، فيكونون عُرضةً لخطرٍ أكبر".