سنة جيدة لصناديق التحوط.. لكن هذا ليس كافياً

دمية تزين شاشة جهاز كمبيوتر لأحد المتداولين
دمية تزين شاشة جهاز كمبيوتر لأحد المتداولين المصدر: بلومبرغ
Mark Gilbert
Mark Gilbert

Mark Gilbert is a Bloomberg Opinion columnist covering asset management. He previously was the London bureau chief for Bloomberg News. He is also the author of "Complicit: How Greed and Collusion Made the Credit Crisis Unstoppable."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بالرغم من غموضها الدائم كونها أذكى أركان التمويل؛ فإن صناعة صناديق التحوط كانت تمر في مرحلة انكماش في السنوات الأخيرة مع الإحباط الذي أصيب به المستثمرون بسبب العائدات المخيبة للآمال، فبدأوا التوجه بشكل متزايد نحو البدائل الأقل كلفة لإدارة أموالهم. في هذا العام، لم تؤدِ التقلبات التي عزَّزها وباء كوفيد 19 في الأسواق إلى تغيير هذه الصورة. فأرقام شهر نوفمبر تشير إلى أنَّه حتى عندما يقوم منتقو الأسهم بعمل جيد؛ فإنهم لا يزالون غير قادرين على التغلب على الأسواق التي يُقاس أداؤهم مقابلها.

ليس الموضوع في أنَّ هذا العام لم يكن جيداً. فقد نشرت صناديق التحوط أفضل أداء جماعي شهري لها منذ ست سنوات، وحقَّقت عائدات وصلت إلى 5.5% تقريباً وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ. ويشار إلى أنَّ أفضل الاستراتيجيات المتوفرة أداءً في الشهر الماضي، وتسجيل صناديق التحوط المعطَّلة منذ وقت طويل لمكاسب من رقمين؛ لم يتمكن بعد من اللحاق بالعائدات المتوفِّرة من مؤشرات الأسهم الرئيسية.

على أنَّ الصورة على المدى البعيد أكثر قتامة. إنَّ متوسط عائدات صناديق التحوط لهذا العام أقل من 6%، بالمقارنة مع أكثر من 14% لمؤشر "إم إس سي آي" العالمي، والعائد الأفضل من 16% لمؤشر "إس أند بي 500" العالمي.

أوقات صعبة

بالطبع، هناك بعض الفائزين الكبار في مجتمع صناديق التحوط. وقد كسبت "بالياسناي" لإدارة الأصول 30% في أول 11 شهراً من العام، كما أوردت بلومبرغ نيوز في الأسبوع الماضي، مقتبسة عن أشخاص مطَّلعين على الأمر. كما حصد المليارديران كريس روكوس، وألان هوارد مكاسب كبيرة مع اضطراب الأسواق الذي تسبَّب به فيروس كورونا في وقت سابق من هذا العام.

لكنَّ بعض أكبر الأسماء في الصناعة عانت من أوقات صعبة هذا العام. إذ تراجعت صناديق التحوط الرئيسية في "ريسناسيانس تكنولوجيز"، التي أسسها جيك سيمونز، وراي داليو بريدجووتر أسويستسز بحوالي الخمس هذا العام. وعانت صناديق أخرى من انتكاسات.

كما جنى سعيد حيدر أكثر من 25% في مارس، عندما تسبب الوباء في انهيار أسواق الأسهم العالمية، لكنَّه خسر في صندوق التحوط الكلي الخاص به (جوبيتير) 23.5% في الشهر الماضي، كما أورد زميلي في "بلومبرغ نيوز نيسان كومار" في الأسبوع الماضي.

يكمن التحدي أمام المستثمرين في تقرير ما إذا كان تخصيص رأس مال لصندوق التحوط مماثلاً لأيَّة استراتيجية، تتضمَّن اختيار مدير أموال فعال، ومن المستحيل معرفة أي صندوق سيكون الفائز مسبقاً. إذ لا يمكن اعتبار الأداء السابق ضمانة لنجاح مستقبلي بأي حال من الأحوال.

ولهذا كان المستثمرون يتجنَّبون هذا القطاع، وسحبوا مبلغاً صافياً وصل إلى 42.4 مليار دولار بين شهري أبريل ويونيو، وذلك للربع التاسع على التوالي من تدفق السيولة إلى خارج الصناديق، كما تظهر البيانات التي جمعتها مؤسسة الأبحاث "إي فيستمينت".

وتراجع المبلغ الإجمالي الذي تديره الصناعة إلى أقل من 3 تريليون دولار لأول مرة منذ عام 2014.

ونتيجة لذلك، تغلق شركاتٌ أكثر من التي تفتح أبوابها طوال ثمانية أرباع متتالية، وفقاً للأرقام التي جمعتها "هيدح فند ريسيرش". وانسحب في النصف الأول من هذا العام مديرو أموالٍ من هذا المجال، بأكثر من ضعفي من بدأوا النشاط فيه؛ إذ قامت 483 صندوقاً بتسييل أموالها في مقابل 213 مشروعاً جديداً.

السيولة النقدية

أما هؤلاء الشجعان، بما يكفي للانضمام إلى الجولة، فإنَّهم يجدون أنَّ الأعمال أقل ربحية مما كانت عليه في الماضي. ويستمر المستثمرون في تخفيض الأجور التي يرغبون بدفعها مقابل الامتيازات المشكوك فيها للتحوط على السيولة النقدية في صناديق التحوط. فالأيام المزدهرة لـ" اثنين وعشرين" كرقم متعارف عليه للأجور قد ذهبت، وهي تعني 2% من إجمالي الأصول المدارة كرسوم، إلى جانب 20% من أي أرباح يتمُّ تحقيقها، بلا رجعة بالنسبة للصناعة ككل. وفي الربع الثاني، تراجع متوسط رسوم الإدارة في هذه الصناعة إلى 1.37%، في حين تراجعت رسوم الحوافز إلى 16.37% ، ليصل كلاهما إلى أدنى حدٍّ لم يسجَّل من قبل، وفقاً لأرقام "إتش إف آر".

ويجادل مشجعو المديرين النشطين في السنوات الأخيرة في أنَّ المكاسب ذات الاتجاه الواحد لأسواق الأسهم، قد حيَّدت من قدرتهم على توليد أرياح كبير. ومع الاضطرابات الكبيرة التي أحدثها فيروس كورونا في الأسواق، فقد ارتفع متوسط قيمة مؤشر "في آي إكس" لتقلبات الأسهم أكثر من الضعف عن العام الماضي، مما يعني أنَّ عام 2020 كان ينبغي أن يكون عام التألق.

نظراً لاستمرار الأداء الباهت لصناديق التحوط، ينبغي أن تستمر الداروينية المالية في التقليل من حجم صناديق التحوط، وهذا ما تفعله فعلاً.