أسرة في هونغ كونغ تتقدم على مؤشر الأثرياء بصفقة عقارية

دوغلاس وو
دوغلاس وو تصوير: برنت لوين / بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قبل تسعة أشهر، استطاع دوغلاس وو، تعزيز ثروة عائلته بقيمة 3.2 مليار دولار بين عشية وضحاها من خلال كشف النقاب عن خطط للاستحواذ على إمبراطورية "ويلوك أند كومباني" العقارية في هونغ كونغ، وتحويلها من كيان مطروح للتداول العام إلى كيان خاص. والآن أصبح هذا القرار الأكبر في المسيرة المهنية لسليل الأسرة الثرية، صاحب الـ 42 عاماً، الذي ظهر أكثر حكمة من أيِّ وقت مضى.

ولم يؤدِ شراء دوغلاس وو، لشركة "ويلوك أند كومباني" إلى رفع تقييم الشركة التي كانت مثقلة لفترة طويلة فقط، بل حوَّل تركيزها أيضاً، الذي كان منحصراً في العقارات السكنية إلى مجالات أخرى. وتمَّ تمويل عملية الاستحواذ جزئياً من خلال حصص عائلته في عدد من الشركات العاملة بالتجارة، والبيع بالتجزئة، التي عانت أكثر من غيرها من تبعات الوباء، والاحتجاجات المناهضة للحكومة في هونغ كونغ.

وربما تكون هذه الخطوة بداية لتوجه أوسع من جانب "وو " لإعادة إدارة ثروة عائلته، وذلك بحسب ما ذكره بنغ تشيان، مدير "مركز تانوتو" لدراسات الأعمال العائلية الآسيوية وريادة الأعمال في "جامعة هونغ كونغ" للعلوم والتكنولوجيا.

وبلغت القيمة الصافية لثروة عائلة "وو" ما قيمته 20.2 مليار دولار ضمن قائمة أثرياء آسيا التي استعرضها مؤشر بلومبرغ للمليارديرات لهذا العام، بزيادة قيمتها 3.5 مليار دولار عن تصنيف يوليو 2019.

وبالرغم من عدم اطلاعه على أي خطط خاصة لشركة "ويلوك"، قال بنغ، الذي التقى "وو" ضمن فعاليات المكتب العائلي في هونغ كونغ: "الخصخصة ستساعد العائلة على إعادة هيكلة أعمالها، وتنويع أصولها في المستقبل".

وفي حين أنَّ قلَّة يتوقَّعون أن ينهي "وو" تركيز عائلته على سوق العقارات الأغلى في العالم، فقد سهلت عملية الاستحواذ العائلية من تحرير الأعمال من تدقيق صغار المساهمين. وتعدُّ تلك العملية واحدة من 26 مليار دولار على الأقل من عمليات خصخصة الشركات التي أعلنت عنها العائلات المسيطرة، وأطراف أخرى على مستوى العالم هذا العام.

تاريخ ثروة العائلة

هذه ليست المرة الأولى التي تتبع فيها عائلة "وو" تحولاً استراتيجياً، فجدُّ دوغلاس لوالدته باو يو كونغ، جنى ثروته الأولى في صناعة الشحن البحري. وكان يُعرف باسم "ملك السفن" في هونغ كونغ، إذ كان قد سيطر في وقت ما على أكبر أسطول شحن بحري مملوك بشكل مستقل في العالم.

واستطاع باو أيضاً تحقيق قفزة في مجال العقارات في أواخر السبعينيات من خلال شراء حصة 10% في شركة "هونغ كونغ أند كولون وارف" من لي كا شينج، الذي كان يعدُّ أغنى رجل في المدينة.

وتولى بيتر، والد وو، إدارة الأعمال العائلية في النهاية. وذلك حتى عام 2014، حين سلَّم زمام الأمور إلى ابنه دوغلاس، الذي تخرج من "جامعة برينستون"، وعمل مع مجموعة "يو.بي.إس"، ولديه شغف خاص تجاه الرياضات المائية.

وقال هاو جاو، مدير مركز "إن.أي.إف.أر" العالمي لأبحاث الأعمال التجارية العائلية في "جامعة تسينغهوا": "لقد أظهرت العائلة قدرة قوية على التكيف مع الاتجاهات العالمية".

وعلى عكس والده، الذي خاض حملة فاشلة ليصبح أوَّل رئيس تنفيذي لـ "هونغ كونغ" قبل نقل تبعية المدينة من المملكة المتحدة إلى الصين في عام 1997، تجنَّب دوغلاس الشهرة، فلم يسبق له إجراء مقابلة إعلامية خارج المظهر المعتاد في المؤتمرات الصحفية للشركة. ورفض ممثله الصحفي التعليق على هذا الأمر. ومع ذلك، لم يشكل انعزاله بعيداً عن العامة حاجزاً أمام ترك بصمة كبيرة على أعمال العائلة.

صفقة الاستحواذ الجديدة

يقول باتريك وونغ، المحلل لدى "بلومبرغ إنتليجنس"، إنَّ توقيت صفقة الاستحواذ الخاصة، التي قدَّمت علاوة نسبتها 52% وارتفاعاً بنسبة 40% في أسهم "ويلوك" يوم إعلانها، يبدو مناسباً بشكل خاص.

وتمَّ تمويل الصفقة بمزيج من النقد، ومن خلال بعض أسهم "ويلوك" في وحدتين مدرجتين أخريين؛ تركزان في المقام الأول على العقارات المكتبية، ومساحات البيع بالتجزئة.

وبعد الاستحواذ، انخفضت حصص "ويلوك" في تلك الشركات- "ويلوك هولدينجز" " و "وارف للاستثمار العقاري" من 70% إلى 50%.

وتتكوَّن حيازات "ويلوك" الأخرى في الغالب من مشاريع تطوير عقاري وأراضٍ. ويضيف وونغ، إنَّ الأسرة انتهى بها الأمر بدفع نحو 8 مليار دولار هونغ كونغي "مليار دولار أمريكي" نقداً للحصول على الملكية الكاملة لأراضي البنوك السكنية التابعة للشركة، التي قد تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار هونغ كونغي.

وحافظ سوق العقارات السكنية في هونغ كونغ على مرونة ملحوظة هذا العام، إذ سجلت أسعار المنازل ارتفاعاً طفيفاً، في حين انخفضت أسعار العقارات المكتبيةن ومساحات البيع بالتجزئة بأكثر من 6% و 2% على التوالي، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة من إدارة التصنيف والتقييم في المدينة.

ويقول المشككون إنَّها مسألة وقت فقط، قبل أن تنهار أسعار المنازل، بالنظر إلى أنَّ هونغ كونغ غارقة في أعمق ركود لها على الإطلاق ويفرُّ منها عدد متزايد من السكان للإفلات من قبضة الصين المشدَّدة على المدينة.

سوق العقار في المدينة

ومع ذلك، أعربت شركة العقارات "ويلوك" بالإضافة لشركات أخرى في السوق عن تفاؤلهم إزاء التوقعات طويلة الأمد. وتعتمد هذه النظرة المتفائلة، وما يرافقها من تحقيق المكاسب على خطة الصين لجعل هونغ كونغ جزءاً محورياً من مشروع "منطقة الخليج الكبرى"، وهي محاولة بناء مجموعة من المراكز التكنولوجية والمالية التي تشبه وادي السيليكون على طول الساحل الجنوبي للبلاد.

وتمتلك شركة "ويلوك" ثاني أكبر أرض سكنية خاصة بالبنوك في هونغ كونغ، وذلك بعد شركة التطوير العقاري "صان هانغ كاي".

ويمكن أن تجتذب المساكن الفاخرة في "كاي تاك"، وهي مشروع تطوير جديد في موقع المطار القديم بالمدينة، حوالي 25 ألف دولار هونغ كونغي لكلِّ قدم مربع 1) قدم مربع = 0.9 متر مربع)، وفقاً لـ "بلومبرغ إنتلجينس".

وتعدُّ هذه القيمة أعلى بنسبة 60% من المتوسط في هونغ كونغ، وثلاثة أضعاف السعر المتوسط للسكن في باريس، بحسب بيانات جمعتها مجموعة " CBRE ".

وجدير بالذكر أنَّ كاي تاك هو المكان الذي ستركِّز عليه "ويلوك" في المستقبل، وفقاً لعرض تقديمي للشركة في مارس، فقد استحوذت على خمسة مواقع هناك، بما في ذلك موقع بقيمة 6.9 مليار دولار هونغ كونغ، حصلت عليه في فبراير 2019 من مجموعة "إتش إن إيه" المثقلة بالديون، ويهدف المشروع إلى بناء منازل فاخرة بجوار المنطقة التجارية الثانية المخطط لها في المدينة. وسرعان ما أطلقت الشركة أوَّل مشاريعها في المنطقة العام الماضي، وتخطِّط الآن لسبعة مشاريع أخرى قيد الإنشاء.

ويضيف جيريمي تشينغ، الباحث في مركز الأعمال التجارية العائلية التابع للجامعة الصينية في هونغ كونغ: "الهيكل الجديد للعائلة يوفِّر مرونة للأعمال"، متابعاً: "ربما أدَّت الحركة الاجتماعية السابقة والوباء الحالي إلى زيادة اتجاه العائلة إلى إجراء المزيد من المراجعات، وإعادة التنظيم الاستراتيجي.