بعد تحذير أمريكي .. أزمة الطاقة تتفاقم في أوروبا

أبراج نقل الكهرباء بجانب محطة الطاقة التي تعمل بالغاز، والتي تديرها Uniper في إيرشينغ بألمانيا. تجاوزت العقود الآجلة المعيارية للغاز الأوروبي المتداولة في هولندا 60 يورو لكل ميغاوات/ ساعة، وارتفعت بنسبة 7.7% إلى مستوى قياسي جديد
أبراج نقل الكهرباء بجانب محطة الطاقة التي تعمل بالغاز، والتي تديرها Uniper في إيرشينغ بألمانيا. تجاوزت العقود الآجلة المعيارية للغاز الأوروبي المتداولة في هولندا 60 يورو لكل ميغاوات/ ساعة، وارتفعت بنسبة 7.7% إلى مستوى قياسي جديد المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تزداد أزمة الطاقة عمقاً في أوروبا، فقد سجَّلت أسعار الغاز والكهرباء أرقاماً قياسية جديدة بعد أن حذَّرت الولايات المتحدة من أنَّ القارة لا تفعل ما يكفي للاستعداد لما قد يكون شتاء قاسياً.

مع بقاء حوالي شهر على بدء موسم التدفئة، لا تمتلك أوروبا ما يكفي من الغاز الطبيعي في مواقع التخزين، ولا تقوم أيضاً ببناء المخزونات بالسرعة الكافية، وقال أموس هوكشتاين، مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون أمن الطاقة، يوم الجمعة، إنَّه قلق بشأن إمدادات الشتاء القادم.

أزمة الكهرباء الأوروبية تظهر فوضوية الانتقال للطاقة النظيفة

الفجوة

يتعافى الطلب على الطاقة في جميع أنحاء العالم مع إعادة فتح الاقتصادات، وعودة الناس إلى مكاتبهم، في حين يتدافع التجار لزيادة مخزوناتهم لتجنّب نقص الإمدادات الذي شهدوه الشتاء الماضي، وتعدُّ مخزونات الغاز في أوروبا بالفعل عند أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد في هذا الوقت من العام، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الكهرباء، وقالت مجموعة "غولدمان ساكس" في تقرير، إنَّ الارتفاع في أسعار الطاقة الأوروبية هو مجرد لمحة عمَّا ينتظر السلع الأخرى.

الطاقة تدفع التضخم الألماني لأعلى مستوياته منذ 2008

قال محللو "غولدمان ساكس"، ومن بينهم جيف كوري: "تقدِّم آليات تسعير الطاقة الأوروبية لمحة عمَّا ينتظر أسواق السلع الأخرى، وفي ظل اتساع العجز، واستنفاد المخزونات، سترتفع تقلُّبات الأسعار. وبالنسبة للغاز الأوروبي؛ قالوا إنَّ "تقلُّص الطلب هو الخيار الوحيد لإعادة التوازن إلى الأسواق".

تكافح أوروبا لزيادة الإمدادات في ظل محدودية التدفُّقات من ثاني أكبر مورِّد في القارة؛ النرويج، في الوقت الحالي بسبب أعمال الصيانة. وقال هوكشتاين، إنَّ روسيا، صاحبة أكبر مبيعات، "تخرج من فترة مطولة من انخفاض المعروض بشكل غير مفهوم" في وقت لا يمكن فيه زيادة شحنات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال أكثر.

قال هوكشتاين للصحفيين خلال زيارة إلى وارسو: "أقلق لأنَّني أعتقد أنَّنا لا ينبغي أبداً أن نكون في وضع نعلم فيه أنَّه لن يكون هناك أي معروض يكفي، إذا كان الشتاء بارداً".

تجاوزت العقود الآجلة المعيارية للغاز الأوروبي المتداولة في هولندا 60 يورو لكل ميغاوات/ ساعة، وارتفعت بنسبة 7.7% إلى مستوى قياسي جديد، وارتفعت العقود البريطانية للشهر المقبل بنسبة 7.1% إلى 155.89 بنساً للوحدة الحرارية البريطانية.

تتزايد المخاوف أيضاً من عدم تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم 2" في الوقت المناسب من روسيا، إذ قالت وكالة الشبكة الفيدرالية الألمانية يوم الإثنين، إنَّ أمامها أربعة أشهر لإكمال عملية التصديق.

ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية إلى مستويات مماثلة لتلك الموجودة في آسيا، مما يجعلها وجهة أكثر جاذبية لشحنات الغاز الطبيعي المسال. ومع ذلك؛ فإنَّ موسم الأعاصير في الولايات المتحدة لم ينتهِ بعد، مما يثير مخاوف بشأن صادرات الدولة مع تشكُّل العاصفة الاستوائية "نيكولاس" في جنوب خليج المكسيك، مما قد يؤدي بدوره إلى تعطيل الإنتاج.

اقرأ المزيد: تهدد إنتاج الطاقة.. ساحل تكساس يواجه عاصفة نيكولاس الاستوائية

قال أوغان كوس، العضو المنتدب والرئيس العالمي لمبادرة "إنتجريتد غاز" (Integrated Gas) في "أكسنتشر"، في مقابلة: "يحاول منتجو الغاز والتجار في أمريكا الشمالية بالفعل تجميع أكبر قدر ممكن من السعة وأحجام الغاز" استعداداً لاحتمالية الشتاء القارس. وأضاف: "حتى في سيناريو الشتاء السيئ للغاية، فإن السيناريو الأكثر ترجيحا هو زيادة أسعار إمدادات الغاز إلى أوروبا بشكل كبير".

أدى ارتفاع أسعار الغاز إلى ازدياد أسعار الكهرباء، وصعدت العقود الآجلة للكهرباء الألمانية للعام المقبل- وهي معيار قياسي لأوروبا- إلى أعلى مستوى على الإطلاق بلغ 100.10 يورو للميغاوات/ ساعة، في حين وصل العقد الفرنسي المعادل إلى مستوى غير مشهود من قبل عند 104 يورو في بورصة الطاقة الأوروبية.

تراجع الإمدادات الروسية يقفز بعقود الغاز الأوروبي لمستوى قياسي

ومن المقرَّر أن ترتفع أسعار الطاقة في إيطاليا بنسبة 40% في الربع الثالث، بعد زيادتها بنسبة 20% في الربع الثاني بسبب صعود أسعار الغاز والكربون، بحسب ما قال وزير التحول البيئي، روبرتو سينغولاني، يوم الإثنين في تقرير إخباري من وكالة "أنسا".

رياح هادئة

تواصل أسعار الكهرباء الصعود على المدى القصير، فقد أدى انخفاض طاقة الرياح في معظم أنحاء أوروبا إلى زيادة التكاليف، وأدت الحاجة الأكبر إلى أنْ تلبي محطات الوقود الأحفوري الأكثر تكلفة الطلب إلى رفع عقد اليوم التالي الألماني إلى أعلى مستوى له منذ عام 2007، وصعد ما يعادله في بريطانيا إلى مستوى قياسي بلغ 400.01 جنيه إسترليني (553 دولاراً) للميغاوات/ ساعة.

قال كوس: "سرعات الرياح المنخفضة، يبدو الأمر كأنَّنا لا نتلقى ما يكفي من الإنتاج من المصادر المتجددة في المملكة المتحدة.. والسيناريو المتوقَّع هو أن يساهم الإنتاج المتجدد بما يصل إلى 18-20% من إجمالي توليد الكهرباء، وهذا لا يحدث، على الأقل في الوقت الحاضر".

يهدد صعود أسعار الطاقة بتسارع التضخم، وإلحاق الضرر بالإنتاج الصناعي الذي بدأ يتعافى للتو من الوباء.

قال "غولدمان": "إذا كان المعروض مخيباً للآمال أكثر، وأصبح الطقس الشتوي أكثر برودة من المعتاد؛ فستشهد أسعار الغاز والطاقة الأوروبية المزيد من الارتفاع لتقنين الطلب، وبالتالي؛ كبح الإنتاج الصناعي كثيف الاستهلاك للطاقة".