طغت مساعي تطعيم مليارات الأشخاص في عام واحد على البحث عن علاجات ضد "كوفيد-19" التي تتقدم بخطى متمهلة، لكن عديداً من طرق العلاج الجديدة يشكّل مصدراً للأمل.
بناءً على جميع بيانات التجارب السريرية المتاحة، توصي منظمة الصحة العالمية "بإعطاء الكورتيكوستيرويدات بشكل روتيني" للمرضى الذين يعانون من "شكل حادّ أو حرج" من كوفيد.
يقلل هذا العلاج الوفيات بين هؤلاء المرضى، وربما أيضًا خطر وضعهم على أجهزة التنفس الصناعي، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فهو يمكّن من محاربة الالتهابات التي ترافق الأشكال الحادَّة للمرض.
وتوصي المنظمة بأن يتلقى هؤلاء المرضى "كلًا من الكورتيكوستيرويدات ومضادات الإنترلوكين-6".
يثبّط توسيليزوماب (الذي يُباع تحت اسم أكتمرا ورو-أكتمرا اللذين تنتجهما شركة روش) وساريلوماب (الذي يُباع تحت اسم كفزارا الذي تنتجه سانوفي)، المطور في الأصل لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، المناعة. وهما يحاربان، مثل الكورتيكوستيرويدات، جموح الجهاز المناعي الذي يبدو أنه مصدر الأشكال الحادة من كوفيد.
يعد هذا الدواء الذي يُعطى عن طريق الحقن مفيداً بشكل أساسي للمرضى الذين يعانون ضعفاً في جهاز المناعة ولا يكون التطعيم لديهم فعالاً. أعدته شركة التكنولوجيا الحيوية ريجينيرون مع مختبرات روش.
وتكمن العقبة الرئيسية أمام استخدامه في ارتفاع كلفة الجرعة الواحدة التي تبلغ ألفَي دولار، وفقًا لمنظمات غير حكومية، وهو ما تأمل منظمة الصحة العالمية خفضه.
ومن بين أكثرها تقدمًا دواء مولنوبيرافير (المنتج بالشراكة بين شركة التكنولوجيا الحيوية ريدجباك بايوتيرابوتيكس، ومختبر MSD).
ما زال الدواء يخضع لتجارب على المرضى (سواء في المستشفى أو لا) وكذلك للوقاية لدى أشخاص كانوا على اتصال مع مصابين. ومن المتوقع أن تُعرف نتائج التجارب بحلول نهاية السنة.
تعمل شركة "أتيا فارماسوتيكالز للتكنولوجيا الحيوية" ومختبر روش على تقييم فاعلية علاج مماثل يسمى "AT-527"، كما تعمل شركة "فايزر" على تطوير دواء يجمع بين جزيئين أحدهما ريتونافير المستخدم على نطاق واسع ضد فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (الفيروس المسبب لمرض الإيدز).
أكدت إخصائية الأمراض المعدية كارين لاكومب خلال مؤتمر صحفي عقدته مؤخراً وكالة الأبحاث الفرنسية للأمراض المعدية الناشئة، أن سوقَ مثلِ هذه العلاجات "الفعالة التي يسهل تناولها لعلاج الأشكال المبكرة من كوفيد، ستكون هائلة على الأرجح".
ولكنها نبهت إلى أن من الضروري "اتخاذ الحيطة والحذر" إزاء التصريحات المدوية أحيانًا الصادرة عن شركات الأدوية، وانتظار نتائج التجارب الإكلينيكية على المرضى.
ويعود ذلك بشكل خاصّ إلى أن الأدوية المضادة للفيروسات عموماً لم تكن مقنعة جداً حتى الآن في علاج "كوفيد-19".
تطور شركة "غلاكسوسميثكلاين" أحدها، وهو سوتروفيماب الذي صنفته في نهاية يونيو المفوضية الأوروبية كواحد من أكثر خمسة علاجات واعدة.
الآخر يُدعى AZD7442، وهو مزيج من الأجسام المضادة أعدته شركة "أسترازينيكا" التي كشفت النقاب عن النتائج الأولية لتجاربها في نهاية أغسطس. وتقول شركة الأدوية إنه يمكن أن يكون فعالًا في الوقاية من كوفيد لدى المرضى الذين تعد حالتهم الصحية هشة.
كما تعمل شركة "كسينوتيرا" الفرنسية على نوع آخر من الأجسام المضادة الصناعية يُسمَّى "الأجسام المضادة متعددة النسيلة". ويقوم منتجها "XAV-19" على أجسام مضادة من الخنازير عُدلت لتتوافق مع الجسم البشري، وهذا الدواء في المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية.
منذ بداية ظهور الوباء، بدّد عديد من العلاجات الأمل. هذا ما حدث مع دواء هَيدروكسي كلوروكين (الذي روّجه الباحث الفرنسي ديدييه راول)، وريمديسفير (الذي اعتُبر في البداية واعداً جداً)، والإيفرمكتين ومزيج لوبينافير-ريتونافير (واسمه التجاري كالتيرا) المستخدم ضد فيروس الإيدز.
بمرور الوقت، أوصت منظمة الصحة العالمية بعدم استخدامها لعلاج كوفيد. تشترك هذه الأدوية في أنها صُمّمت في البداية لاستخدام آخر، ولكن اختُبرت ضد هذا المرض الجديد في ما يُسمَّى "إعادة توضيع" أو استخدام دواء ما لعلاج مرض آخر غير الذي أُعِدّ في الأصل لمحاربته.
أوضحت كارين لاكومب أن "إعادة توضيع دواء ما هي ما نفعله بشكل عاجل في بداية انتشار الوباء". ولكن باستثناء الإنترلوكين-6، خيّبَت كل هذه الأدوية أمل العلماء، وهو ما يبين "محدودية" إعادة توضيع أو إعادة استخدام دواء ما في رأيها.
أضافت: "هذا ما يجعلنا ندخل حقبة علاجية مختلفة من خلال تطوير عقاقير خاصة بمحاربة سارس-كوف-2"، الفيروس المسبب لكوفيد.