أصحاب متاجر فرنسية انتقلوا للإنترنت للتغلب على كورونا فقرروا البقاء هناك

التجارة الإلكترونية أنقذت المتاجر في مدينة "أنجيه" الفرنسية أثناء إغلاقات كورونا
التجارة الإلكترونية أنقذت المتاجر في مدينة "أنجيه" الفرنسية أثناء إغلاقات كورونا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قبل عامين، حصل التجار في مدينة "أنجيه" الفرنسية على منحة لإنشاء منصة تسوُّق عبر الإنترنت تهدف إلى التنافس مع أمثال شركة "أمازون.كوم إنك". خططوا في البداية للافتتاح في مطلع عام 2021، ولكن عندما أجبرت عمليات الإغلاق الصارمة جراء تفشي وباء فيروس كورونا المحلات التجارية في جميع أنحاء فرنسا على إغلاق أبوابها العام الماضي، جرى الإسراع ببدء الخدمة - وهو ما وفَّر شريان حياة للاقتصاد المحلي، ومنح تجار التجزئة في مدينة "أنجيه" ميزة على المنافسين في أماكن أخرى من البلاد.

يقول نائب رئيس البلدية ستيفان بابريتز: "أدرك رجال الأعمال أنَّهم بحاجة إلى تبني التجارة الإلكترونية". تابع: "مع وباء كوفيد، حدث ذلك أسرع مما توقَّعه أي شخص".

ازدهار البيع عبر الإنترنت

منذ افتتاحه في أبريل 2020؛ حقَّق موقع "أنجيه شوبينغ" مبيعات تزيد على مليون يورو (1.2 مليون دولار)، واستمرت في الازدهار حتى مع تخفيف عمليات الإغلاق.

يقدِّم التجار البالغ عددهم 180 تاجراً 90 ألف سلعة، بداية من العطور ومستلزمات الحيوانات الأليفة، و وصولاً إلى فساتين الزفاف، ورسومات "مانجا" الكرتونية.

في حين انخفضت المبيعات قليلاً بعد إعادة فتح المحلات التجارية، يقول التجار،

إنَّ الموقع ساعدهم في جذب عملاء جدد، بما في ذلك بعض الذين لم يزوروا متاجرهم مطلقاً، ولكنَّهم عثروا على موقع "أنجيه شوبينغ " أثناء الجائحة.

قالت لورانس كولين، التي تدير متجر "ريفر وودز"، وهو متجر للملابس النسائية في وسط مدينة "أنجيه" التي تعود للعصور الوسطى: "إنَّه حل جيد للأشخاص الذين يبحثون عن منتج معين أو الذين ليس لديهم الوقت للحضور بأنفسهم" . تمثِّل المبيعات عبر الإنترنت حالياً حوالي 20% من نشاطها، ارتفاعاً من صفر قبل جائحة كوفيد.

إقبال متزايد

مع تزايد عدد الأشخاص الذين يتسوَّقون عبر الإنترنت، أراد العديد من تجار التجزئة المحليين الانتقال إلى التجارة الإلكترونية لتوسيع قاعدة عملائهم، بما يتجاوز أولئك الذين قد يتجوَّلون في طرق وأزقة المدينة التي يبلغ عدد سكانها 150 ألف نسمة في وادي لوار.

لكن القليل منهم كان لديه الوقت أو المعرفة الرقمية لبناء مواقعهم الخاصة وصيانتها، وقد شعروا بالضيق تجاه الشروط التي تطلبها شركة "أمازون"، إذ تصل الرسوم والعمولات إلى ما مجموعه خُمس مبيعاتهم. تتقاضى منصة "أنجيه شوبينغ" رسوماً بنسبة 5%، وخفَّضت ذلك إلى الصفر أثناء فترة الإغلاق، وذلك بفضل الدعم الحكومي.

تواصلت جمعية تجار محليين مع سلطات المدينة والسلطات الإقليمية للمساعدة في عام 2019، ووافقوا على تقديم 252 ألف يورو على مدى أربع سنوات لتمويل المنصة.

جرى التعاقد مع شركة "ويشي بام" (Wishibam)، وهي شركة استشارية في باريس، ساعدت مراكز التسوُّق الفرنسية في تطوير مواقع التجارة الإلكترونية، لإنشاء السوق وإدارتها.

صحراء رقمية

قالت شارلوت جورنو بار، الرئيسة التنفيذية لشركة "ويشي بام"، إنَّ تجار التجزئة في "أنجيه" كانوا يعملون في "صحراء رقمية". بالنسبة للعديد من أصحاب المتاجر، كانت التجارة الإلكترونية "معقَّدة للغاية".

أنشأت شركة "ويشي بام" نظاماً يتيح للتجار الدخول إلى قاعدة بيانات واسعة من السلع ذات العلامات التجارية حتى يتمكَّنوا من تحديد الصور، وأوصاف المنتجات التي سيجري نشرها على الموقع بسرعة.

يمكنهم أيضاً الوصول إلى الأدوات الرقمية لتتبُّع المبيعات والمخزون، ومقارنة أسعارهم بأسعار بائعي التجزئة الآخرين عبر الإنترنت. ويتجنَّبون عناء التعامل مع عمليات التسليم والإرجاع، التي يجري تعهيدها لمصادر خارجية من المتعاقدين.

تقدِّم السوق الرقمية كل شيء؛ بدايةً من الأحذية الرياضية إلى الشوكولاتة المصنوعة يدوياً، وصولاً إلى زجاجات "كوانتروا"، وهو مشروب كحولي برتقالي يجري تقطيره في ضواحي المدينة.

يمكن للعملاء الذين يتصفَّحون الموقع اختيار متجرهم المفضَّل بحسب الترتيب الأبجدي، أو البحث في فئات مقسَّمة بدايةً من الأزياء إلى الطعام ومنتجات التجميل.

تقول كاثرين سابلي، مديرة متجر للتذوق يبيع حوالي 10 سلال هدايا شهرياً إلى الأشخاص من خارج المدينة الذين يتوقَّفون أثناء زيارة مدينة "أنجيه": "الآن، لدي عملاء من جميع أنحاء فرنسا".

تجارب غير ناجحة

على عكس برنامج "أنجيه"؛ تعثَّرت بعض الجهود الأخرى لإنشاء منصات التجارة الإلكترونية أثناء الجائحة. في مدينة نانت، التي يبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة على بعد حوالي 50 ميلاً إلى الغرب من مدينة "أنجيه"؛ تبرَّعت السلطات المحلية بأكثر من 630 ألف يورو العام الماضي مقابل موقع إلكتروني يُنظر إليه على نطاق واسع على أنَّه فاشل. عرض التجار المترددون عدداً قليلاً نسبياً من السلع للبيع، مما أدى إلى إبعاد المتسوِّقين.

على النقيض من ذلك؛ جعل موقع "أنجيه شوبينغ" التواصل مع أصحاب المتاجر أولوية. يشجِّع الشركات المحلية على رفع ملفات تعريف وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، ويدير صفحة فيسبوك نابضة بالحياة، إذ تنشر مقابلات فيديو مع التجار في متاجرهم، وتقدِّم عروضاً ترويجية لقضاء العطلات والمناسبات الخاصة.

لا يمكن للمنصة عبر الإنترنت أن تتطابق مع تجربة زيارة متجر في مبنى تاريخي، أو تذوق الشوكولاتة، أو الـ"تشاركوتيري"، أو استنشاق عينات من العطور التي يقدِّمها صاحب متجر. و مايزال ولاء العملاء يمثِّل تحدياً، إذ يتنقل المتسوِّقون عبر الإنترنت عادةً من موقع إلى آخر سعياً وراء أفضل الأسعار، مع إيلاء اهتمام ضئيل لأيِّ شيء آخر.

لكنَّ منصة "أنجيه شوبينغ" أظهرت أنَّه حتى صغار تجار التجزئة يمكنهم العثور على مكانة مربحة في التجارة الإلكترونية، كما يقول دومينيك جازو، صاحب متجر للسلع الرياضية ورئيس اتحاد التجار المحليين. أوضح غازو: "كنَّا نطير معصوبي العينين في البداية". تابع: "ولكن شيئاً فشيئاً، نكتشف نموذج أعمال جديد ما يزال قيد التطوير".