الغاز الأوروبي يتخلى عن مكاسبه بعد تصريحات بوتين عن إمداد قياسي

أسعار قياسية للغاز في أوروبا مع دخول الشتاء
أسعار قياسية للغاز في أوروبا مع دخول الشتاء المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تخلت أسعار الغاز الأوروبي عن مكاسبها ، بعد صعودها 60% خلال يومين فقط، حيث قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بلاده مستعدة للمساعدة في استقرار أسواق الطاقة العالمية.

سجلت العقود الآجلة في هولندا والمملكة المتحدة أرقامًا قياسية جديدة في وقت سابق وسط أزمة الغاز المستمرة. وكانت الإمدادات الأقل من المتوقع من روسيا سببًا رئيسيًا للأزمة ، وفقًا لبعض المسؤولين الأوروبيين.

يوضح التراجع السريع في الأسعار ، بعد أسبوع من المكاسب المستمرة تقريبًا ، التقلب الشديد في السوق حيث يستمر انخفاض المخزونات قبل الشتاء في إثارة القلق.

قال بوتين اليوم الأربعاء في اجتماع للطاقة في موسكو إن شركة غازبروم الروسية سترسل غازًا عبر أوكرانيا أكثر مما تعاقدت عليه أوروبا هذا العام. وقال إن الصادرات إلى أوروبا على مدى تسعة أشهر كانت قريبة من مستوى قياسي، ويمكن أن تصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2021 إذا تم الحفاظ على هذه الوتيرة.

كانت أسعار الغاز الأوروبية ارتفعت على مدى يومين فقط 60%، حيث انتشر تأثير ارتفاع تكاليف الطاقة في أسواق الأسهم والسندات، ودق الاتحاد الأوروبي ناقوس الخطر، قبل أن تتراجع الأسعار في تعاملات اليوم.

سجلت العقود الآجلة للغاز في هولندا والمملكة المتحدة أرقام قياسية في وقت سابق حيث أجج الارتفاع السريع لتكاليف الطاقة الضغوط التضخمية، ويغذي القلق من أن النمو الاقتصادي سيتباطأ، ما يؤدي إلى هبوط الأسهم الأوروبية.

وقال رونالد سميث، كبير المحللين في "بي سي إس غلوبال ماركيتس" (BCS Global Markets)، الذي يتوقع أن يكون الارتفاع الأخير قصير الأجل: "بالنسبة لي يبدو الأمر وكأنه ارتفاع تقليدي حاد وقصير الأجل.. أتوقع أننا سنشهد إفلاس بعض المتداولين وتصفية مراكزهم".

أصبحت أسواق الغاز والفحم العالمية شديدة المنافسة مع بدء موسم التدفئة في نصف الكرة الشمالي، وفي ظل فشل العرض المحدود في اللحاق بالطلب المتعافي. ومن المتوقع أن يكون الطقس أكثر برودة في أوروبا خلال الأسبوع المقبل، حيث من المنتظر أن تنخفض درجات الحرارة في جميع أنحاء القارة إلى ما دون المستويات العادية.

اقرأ أيضا: أوروبا تحت رحمة "الغاز الروسي" وموسكو لن تنقذها من برودة الشتاء

وكانت عدة دول أوروبية، بما في ذلك فرنسا وإسبانيا، قد دعت الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف أثر الارتفاع الفلكي لأسعار الغاز. من جانبها، تعهدت المفوضة الأوروبية للطاقة كادري سيمسون، بمراجعة قواعد السوق بحلول نهاية العام لمنع ارتفاع التكاليف من خنق الانتعاش الاقتصادي.

وخلال نقاش تناول الأزمة قالت "سيمسون" لأعضاء البرلمان الأوروبي: "لا يمكن التقليل من شأن صدمة الأسعار هذه.. إنها تضر بمواطنينا ولا سيما الأسر الأكثر ضعفاً، ما يضعف القدرة التنافسية ويزيد من الضغط التضخمي".

ومع تفاقم أزمة الغاز يوماً بعد يوم، قامت بعض الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة بإغلاق عملياتها، لأن تشغيلها أصبح مكلفاً للغاية. وفي ظل انخفاض مخزونات أوروبا إلى أدنى مستوى موسمي لها منذ أكثر من عقد، ومحدودية عمليات التسليم من روسيا، والمنافسة العالمية على الغاز الطبيعي المسال، فإن الضغط سيزداد سوءاً مع اقتراب فصل الشتاء.

اقرأ أيضا: انتهى عصر الغاز الطبيعي الرخيص مع ارتفاع الأسعار أكثر من 1000%

وقبل التراجعات، قفز السعر الفوري في مركز تداول الغاز بهولندا، المعروف اختصار بأحرف (TTF) بنسبة 40%، أي إلى مستوى قياسي بلغ 162.125 يورو للميغاوات/ساعة، بعد أن أغلق مرتفعاً 20% في اليوم السابق. وتم التداول في أمستردام عند 131.10 يورو. وارتفع المكافئ في المملكة المتحدة 39%، مسجلاً مستوى غير مسبوق قدره 407.82 بنساً للوحدة الحرارية، قبل أن يتراجع إلى 335.81 بنساً.

قال توم مارزيك مانسر، المحلل في "خدمات استخبارات السلع المستقلة" (ICIS): "هذا أمر سخيف.. يكاد يكون من المستحيل حتى تبرير أو تحديد كيف ولماذا تتحرك (الأسعار) بهذه السرعة صعوداً."

تتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن يصل معدل التضخم في منطقة اليورو تقريباً إلى 4% في المتوسط بالربع الرابع، وهو أعلى بكثير مما كان متوقعاً من قبل البنك المركزي الأوروبي في بداية العام.

وتواصل أوروبا تنافسها مع آسيا على شحنات الغاز الطبيعي المسال. وعلى الرغم من الارتفاع الهائل في أسعار الغاز الأوروبية، لا يزال المستوردون الآسيويون للغاز الطبيعي المسال على استعداد لدفع علاوة على المعيار الهولندي، بهدف جذب الإمدادات لفصل الشتاء، وفقاً لمتداولين في سنغافورة، وهو ما يعني أن أوروبا ستظل تكافح لجذب المزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال لتوفر إغاثةً للمنطقة.

اقرأ أيضا: "الشتاء قادم".. مخزون أوروبا من الغاز منخفض بشكل مخيف

أوضح المحللون في شركة "إنجي إنرجي سكان" (Engie EnergyScan) الاستشارية في مذكرة قائلين: "نحن نعيش حالياً ظروفاً استثنائية.. لم تكن سوق الغاز العالمية في وضع حيث اضطرت آسيا وأوروبا إلى التنافس بشدة على شحنة الغاز الطبيعي المسال الهامشية المتاحة، حيث كان من المفترض أن تستفيد الأخيرة من إمدادات خطوط الأنابيب المريحة".