مخلفات الفضاء تهدّد بنشوء "مناطق حظر" لا يمكن للأقمار الصناعية الوصول إليها

المصدر: وكالة ناسا
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

سلّط الصاروخ الذي أطلقته روسيا هذا الأسبوع ودمّر قمراً صناعياً متوقفاً عن العمل، الضوء على التهديد المتنامي للمخلفات الفضائية، في وقت تعدّ شركات مثل "سبيس إكس" و"بوينغ" خططاً من أجل إطلاق ما يصل إلى 65 ألف رحلة فضائية تجارية خلال السنوات المقبلة.

اقرأ أيضاً: استحواذ "فياسات" على "إنمار سات" يُنشئ أكبر شركة أقمار صناعية بالعالم

السلاح المضاد للأقمار الصناعية، كان قد حطّم قمراً صناعياً روسياً، وفتّته إلى 1500 شظية، مخلفاً حزاماً من المخلفات يدور حول الأرض بسرعة تصل إلى 17 ألف ميل في الساعة، ما دفع بمركز التحكم على الأرض إلى إيقاظ طاقم محطة الفضاء الدولية، والطلب منه إغلاق الأبواب والاحتماء بكبسولتهم الراسية في محطة الفضاء.

اقرأ المزيد: حرب الفضاء.. صاروخ "نيوترون" الجديد يشعل المنافسة بين "روكيت لاب" وإيلون ماسك

يزيد الركام الناجم عن هذا الحدث كمية الحطام الذي يسبح في الفضاء نتيجة محاولات فاشلة لإطلاق أقمار صناعية أو بسبب معززات الصواريخ أو اختبارات الأسلحة. ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه رواد أعمال في مجال التكنولوجيا، إلى جانب شركات دفاعية، عزمهم إطلاق كوكبة من الأقمار الصناعية التي ستضاف إلى نحو 4550 قمراً صناعياً متواجدة في المدار حالياً.

مخاطر حقيقية

قال براين ويدن، مدير تخطيط البرامج في مؤسسة "عالم آمن" (Secure World Foundation) التي تنشط في مجال ضمان استخدام مستدام للفضاء، إن الاختبار الروسي للسلاح المضاد للأقمار الصناعية "يزيد كلّ الأمور سوءاً".

أضاف ويدن، إن الأمر ليس مثل فيلم "الجاذبية" (Gravity)، حيث "يحدث أمر ما وفجأة ينفجر كلّ شيء"، بل أشار إلى وجود "نقطة تحوّل تبدأ الأمور عندها في التسارع"، ثمّ تتدهور البيئة الفضائية على مدى العقود التالية.

اقرأ أيضاً: "مورغان ستانلي": "سبيس إكس" ستحول إيلون ماسك إلى تريليونير

يثير مدار الأرض المنخفض، الكثير من القلق، بما أنه المكان الذي اختارته الشركات من أجل وضع أقمارها الصناعية الصغيرة الخاصة بالمراقبة والاتصالات. ويشمل ذلك شركة "سبيس إكسبلورايشن تكنولوجيز" (Space Exploration Technologies) التابعة لإيلون ماسك التي لديها بالفعل حالياً أكثر من 1700 قمر صناعي "ستارلينك" في المدار، وتعتزم الطلب من الهيئات الناظمة الإذن لإضافة 30 ألف قمر صناعي أخرى من أجل توفير خدمة الإنترنت ذات النطاق العريض من الفضاء.

تقوم لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية حالياً بدراسة مجموعة من الطلبات المقدمة من "سبيس إكس" وغيرها من الشركات المتحمسة لاستغلال فرصة انخفاض تكلفة إطلاق الأقمار الصناعية والشهية المفتوحة على البيانات. ويتميز المدار المنخفض بأنه يقدّم الوقت الفاصل الأدنى لانتقال البيانات ما بين المستخدم على الأرض والمركبة الفضائية. وكانت "بوينغ" و"كايبر سيستمز" (Kuiper Systems) التابعة لـ"أمازون" و"أسترا سبيس" (Astra Space) من بين الشركات التي قدّمت مؤخراً طلبات إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية من أجل إطلاق أكثر من 35 ألف قمر صناعي.

تزايد الحطام

اللجنة كانت قد حذّرت في العام الماضي، من أن عدد الأجسام الجديدة والحطام الناجم عن الاصطدامات في بعض مدارات الأرض المنخفضة يتجاوز العدد الذي تتم إزالته طبيعياً بفعل مقاومة الغلاف الجوي الطبيعية، وقد حددت قواعد تهدف إلى الحدّ من مخاطر الحطام المداري، مع الإشارة إلى أن اللجنة هي الهيئة الناظمة للأقمار الصناعية، بما أن هذه الأجسام تستخدم ترددات لاسلكية.

أماّ بعض المناطق الأخرى، فهي تحتوي على ما يكفي من الحطام المداري، ما يدفع بعض المحللين للقول إنها شارفت بالفعل على بلوغ مرحلة خارجة عن السيطرة، حيث يستمر الحطام بالتزايد بشكل لا متناه.

قال جوناثان ماكداول، عالم الفضاء في مركز الفيزياء الفضائية لدى معهد بحوث هارفرد وسميثسونيان: "نحن في مرحلة تحوّل في استخدام البشر للفضاء". وأضاف: "نرى عدداً متنامياً من الأقمار الصناعية التي تتعرض للضرر بفعل اصطدامها بالحطام المداري، وفي بعض الحالات، تتعرض الأقمار الصناعية للدمار".

بحسب تعداد صادر عن "اتحاد العلماء المعنيين" (Union of Concerned Scientists) في الأول من سبتمبر، بلغ عدد الأقمار الصناعية في المدار 4550، بينها 3790 في المدار المنخفض للأرض.

كانت الشركة المشغلة للأقمار الصناعية "فياسات" (Viasat) قد حذّرت من مخاطر التكتلات الكبرى، مشيرةً إلى ارتفاع خطر تعرّض بعض الأقمار الصناعية على الأقل للفشل حين تكون آلاف المركبات الفضائية في المدار.

قال جيم برايدنستين، عضو مجلس إدارة "فياسات"، والإداري السابق في "ناسا" للمشرعين في جلسة لمجلس الشيوخ الأمريكي الشهر الماضي، إنه مع وجود أساطيل ضخمة في المدار "يُتوقع حصول ارتفاع دراماتيكي في الاصطدامات الفضائية، ينجم عنها المزيد من المخلفات الفضائية".

تعقّب المخلّفات

وفقاً لوكالة "ناسا"، تتعقّب وزارة الدفاع الأمريكية أكثر من 27 ألف قطعة حطام مداري. وتحتوي المدارات القريبة من الأرض على كمية من المخلفات الصغيرة جداً، بما لا يمكن تعقّبها، ولكن كبيرة بما يكفي من أجل تهديد المركبات الفضائية من صنع البشر والمهمات الروبوتية.

قالت "ناسا" في بيان صادر في 15 نوفمبر، إن طاقم محطة الفضاء الدولية احتمى ثلاث مرات خلال مرور حقل الحطام الناجم عن الضربة الموجهة للقمر الصناعي الروسي "كوسموس 1408".

كانت "ناسا" قد أزاحت بالفعل مكان محطة الفضاء الدولية قبل أسبوع فقط من الضربة الصاروخية التي شنّتها روسيا يوم الإثنين، من أجل تفادي الارتطام بحطام خلّفه اختبار قامت به الصين أدى إلى تحطيم قمر صناعي مختص بالأرصاد الجوية في عام 2007. مع العلم أن محطة الفضاء الدولية كانت قد قامت بـ29 مناورة لتجنب الحطام الفضائي منذ عام 1999، بينها ثلاث مناورات في عام 2020، بحسب بيان نشرته "ناسا" عبر الإنترنت في 26 مايو.

يذكر أن "ناسا" كانت قد حدّدت إرشادات راسخة من أجل تفادي الحطام الفضائي. وفي العادة تكون المناورات صغيرة وتستخدم فيها الدافعات الروسية في محطة الفضاء، أو أنظمة الدفع في إحدى المركبات الراسية التي تقلّ الركاب من الأرض.

كذلك، حذّر علماء الفضاء من أن الحطام الفضائي قد يسبب مشكلات لشركة "سبيس إكس" التابعة لماسك. وقال ماكداول: "ثمة خطر حقيقي في الأسابيع المقبلة بأن تتم خسارة بعض الستارلينكس بسبب ارتطام الحطام بها". ولم تردّ "سبيس إكس" على طلب التعليق من خلال رسالة إلكترونية، فيما رفض ممثل لـ"بوينغ" التعليق أيضاً على الخطر الذي قد يواجهه أسطول الشركة.

أشار ماكداول إلى أن الدول تواجه صعوبات في التوصل إلى طرق للتخفيف من الحطام الفضائي عبر اعتماد طرق مثل استخدام الألواح المغناطيسية من أجل التقاط الأقمار الصناعية أو استخدام الحراب والشبكات في مرحلة الاختبار. وقد اقترح التركيز على إزالة القطع الأكبر التي يمكن أن تسبب في نهاية المطاف العدد الأكبر من الشظايا. وقال: "في مرحلة ما، علينا البدء في تنظيف كلّ هذا".