محمد العريان: "أوميكرون" يعيد إحياء مخاوف الركود التضخمي في الولايات المتحدة

رجل يرتدي قناع الوجه في محطة هيثرو 2 في لندن، إنجلترا. بعد اكتشاف سلالة "أوميكرون".
رجل يرتدي قناع الوجه في محطة هيثرو 2 في لندن، إنجلترا. بعد اكتشاف سلالة "أوميكرون". المصدر: غيتي إيمجز
Mohamed El Erian
Mohamed El Erian

Mohamed A. El-Erian is a Bloomberg Opinion columnist. He is the chief economic adviser at Allianz SE, the parent company of Pimco, where he served as CEO and co-CIO. He is president-elect of Queens' College, Cambridge, senior adviser at Gramercy and professor of practice at Wharton. His books include "The Only Game in Town" and "When Markets Collide."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ربما تؤدي الأنباء الاقتصادية وتلك المتعلقة بظهور سلاسة جديدة من فيروس كورونا "أوميكرون" الأسبوع الماضي إلى إعادة إحياء السرديات المرتبطة بالخطر الذي تسبب في إحداث قلق لدى صانعي القرار وجميع الأسواق المالية تقريباً: وهو شبح الركود التضخمي في الولايات المتحدة، ذاك الخليط القبيح المكون من عنصري تضخم الأسعار بطريقة متزايدة وهبوط النمو.

رغم ذلك، فإن سلوك هذا الخطر في غضون الشهور القليلة القادمة هو أمر غير مؤكد تماماً، حتى وإن كان ذلك لا يعود إلى عنصر التضخم، الذي يُعد استمراره في مساره الصاعد مسألة تكاد تكون مؤكدة. يدور السؤال الأبرز حول عنصر النمو.

الركود التضخمي.. حديث الساعة في أسواق المال

عنصرا المعادلة

من الممكن أن تتعرض محركات القطاع الخاص الرئيسية لرياح معاكسة أكثر، على الرغم من أنها مازالت تمتلك القدرة بشكل مستقل على الإبحار في موجة من الاضطرابات الناجمة عن كورونا، إلا أن تتصاعد المخاطر بسبب احتمالات حدوث خطأ في تحديد السياسة النقدية وتشديد أكثر للظروف المالية في الأسواق.

في أعقاب حدوث صدمة ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بدرجة هائلة ومفاجئة تفوق نسبة الـ 6%، قفز مقياس نفقات الاستهلاك الشخصي الأسبوع الماضي الخاص بمؤشر التضخم الأساسي، والذي يعد المقياس المفضل بالنسبة لـ"الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي" ليصعد بـ 4.1%، وهو معدل مرتفع لم يتحقق منذ عقود.

اقرأ المزيد: التضخم الأمريكي يترسخ بأعلى ارتفاع للأسعار منذ 1990

لطمة "أوميكرون"

في هذه الأثناء، تلقت رؤية النمو عدة لطمات من وباء كوفيد، بداية من قرارات الإغلاق في عدة دول أوروبية. وجاءت تلك القرارات مع وجود مخاوف متعلقة بفيروس B1.1.529، وهو نوع من سلالة فيروس كوفيد أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية اسم "أوميكرون". وصفت منظمة الصحة العالمية أوميكرون يوم الجمعة الماضية بأنه "فيروس متحول من النوع المثير للقلق" جراء ارتفاع مخاطر الإصابة وتمتعه بالقدرة على تخطي الحماية الناجمة عن الحصول على اللقاح. وفرضت عدة دول، تشمل الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة، قيوداً على أنشطة السفر للرحلات القادمة من عدة دول في الجنوب الأفريقي.

استجابت الأسواق فوراً. هبطت الأصول ذات المخاطر، وتضمن ذلك الخسائر الشديدة في أسواق الأسهم في كافة أنحاء دول العالم. صعد مؤشر التقلبات أو (VIX)، والذي يُنظر له في الأغلب باعتباره "مؤشر الخوف"، بنحو 9 نقاط ليتجاوز مستوى الـ 27 نقطة في الجمعة الماضية. هبطت أسعار النفط الخام بأكثر من 10%. في الوقت نفسه، تراجعت العائدات على السندات الحكومية الأمريكية، وانخفضت سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بمقدار 16 نقطة أساس، مسجلة أكبر تغير في العائد خلال يوم واحد منذ العام الماضي.

اقرأ المزيد: داوجونز يفقد 1000 نقطة... الأسهم الأمريكية تعمق خسائرها في ظل مخاطر فيروس "أوميكرون"

واكبت تحركات الأسواق التي جاءت بطريقة حادة الهبوط في الديناميكية الاقتصادية على نحو شامل والتناوب الجزئي لعودة الأنشطة للعمل من المنزل جراء الاضطرابات المرتبطة بوباء مرض كوفيد. ويُنظر لذلك أيضاً على أنه إشارة لانخفاض في معدل تضخم الأسعار، بحسب التحرك الفوري في مقاييس السوق لرؤية التضخم.

الحذر واجب

يقترح تحليلي الاقتصادي أن التوصل لاستنتاجات من خلال قراءات السوق الحالية، وربطها بالرؤية الاقتصادية، لابد أن تتم بطريقة حذرة نوعاً ما، وخصوصاً تلك التي تتعلق بمعدلات التضخم.

وفقاً لما أكدت عليه البيانات الصادرة خلال الأسبوع الماضي، تواصل محركات التضخم العالي والمستمر التوسع، وهو ما يرجح استمرار الصعود في غضون الشهور القادمة. فعلياً، تواصل نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية مسيرتها لتبلغ 4.5% مع حلول نهاية العام، هذا في حال أنها لم تحقق مستويات أعلى. وسيعزز ذلك نمو الأجور، والتي - علاوة على الاضطرابات المتواصلة في سلاسل الإمداد والتي تفاقمت على المدى القصير جراء تداعيات تراجع الإنتاج وتفشي "أوميكرون" - ستؤدي إلى زيادة معدلات التضخم خلال العام القادم.

محمد العريان: على "الفيدرالي" الاعتراف بأن التضخم ليس مؤقتاً

تتزايد الغيوم حول توقعات النمو المستقبلية. ففي ظل استمرار تمتعهما بميزانيات عمومية قوية، فإن وجود قطاعي استهلاك الأسرة والشركات بما لديهما من قوة يعتبر كافياً لتدعيم النمو ليتجاوز صدمة موجة أخرى من وباء كوفيد، شريطة ألا يتعرضوا لرياح معاكسة ضخمة ذات صلة بالسياسة النقدية والسوق.

وهنا يكمن الخطر الأكبر في خطأ من جانب السياسة النقدية جراء استمرار قراءة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لديناميكيات التضخم بشكل خاطئ. من شأن خطأ من هذا النوع أيضاً أن يعزز تقلبات السوق ويؤدي إلى تشديد الظروف المالية، وهو ما يعني تسارع الانكماش الاقتصادي.

"غولدمان ساكس" ترسم 4 سيناريوهات لتأثير "أوميكرون" على الاقتصاد العالمي

بينما يعد من السابق لأوانه النظر للركود التضخمي على أساس أنه السيناريو الرئيسي، إلا أن أهميته كخطر ثانوي تتصاعد مع بروز مخاوف حديثة ناجمة عن وباء كوفيد. فعلاً، تحركت الأسواق لتسعير عنصر تباطؤ النمو، بيد أنها ما زالت بعيدة عن تسعير خطر التضخم.